حصلت على صواريخ قصيرة المدى.. قطر تفتح باب الصين!

ترجمة وإعداد: سليمان حسون

نشرت صحيفة The Lowy Interpreter الأسترالية مقالاً عن قطر بعد مضي عام على الحصار الجائر الذي حاولت بعض دول الخليج ومصر فرضه عليها. وقالت الصحيفة بأنه مضى أكثر من عام على قيام كل من البحرين والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر. وقادت كل من السعودية والإمارات المقاطعة من خلال حصار شامل ضد قطر براً وبحراً وجواً ما أدى لتحجيم قدرة الدوحة على التواصل مع العالم (خصوصاً في الأيام الأولى للحصار).

علاقات متوترة قبل الأزمة.. الأسباب والتداعيات

لقد كان التوتر سمة العلاقات لعقود بين محور السعودية الإمارات وقطر نتيجة سياسة قطر الخارجية وسياساتها الاقتصادية أيضاً. منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، اتبعت قطر نهجاً  مستقلاً في سياساتها الخارجية المتعددة المحاور والاتجاهات، لتقيم الدوحة توازناً بين علاقاتها الإقليمية والدولية مع مجموعة كبيرة من حلفاء السعودية وكذلك خصومها.

من جهة، تملك قطر علاقات أقل ما يقال عنها بأنها مميزة مع الولايات المتحدة والقوى الأوروبية، مستضيفة قاعدة أمريكية استراتيجية فيما تلعب بنفس الوقت دوراً محورياً في الحرب ضد ما يعرف بـ “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) في المنطقة. ومن جهة أخرى، اعتماد قطر في بناء اقتصادها على مصادر الغاز الطبيعي يجعلها ملزمة بأن تتبنى مقاربة اقتصادية وسياسية دقيقة تجاه جارتها إيران التي تتقاسم معها أكبر حقل غاز طبيعي في العالم.

اتساع الهوة

لكن الهوة بين قطر وجيرانها الخليجيين اتسعت، وربما بما يتجاوز مرحلة إمكانية إصلاحها، نتيجة الانقسامات الحادة التي حدثت في مواقف تلك الدول خلال وبعد قيام ظاهرة الربيع العربي. ففيما يكافح محور السعودية الإمارات للحفاظ على (واستعادة) الأنظمة القائمة  قبل 2011 إضافة لتشجيع الثورات المضادة ودعمها (كما حدث في مصر)، احتضنت قطر موجات الثورة العربية ووظفت قوتها الناعمة، قناة الجزيرة لدعم حركة الشعوب العربية في مصر وليبيا وفلسطين وسوريا وتونس.

من جانبها، رأت السعودية في الربيع العربي تهديداً وجودياً للتركيب السياسي الإقليمي وقامت (وما تزال) بمساعدة الإمارات بدعم ما بات يعرف بالثورات المضادة من أجل إعادة فرض الأنظمة التي كانت قائمة قبل 2011. وقد بدأت بهذا التوجه عملياً منذ 2014.

في ذلك العام أيضاً، قامت البحرين والسعودية والإمارات بسحب سفرائها مع الدوحة لفترة وجيزة بسبب سياسات قطر الداعمة لثورات الربيع العربي. ورغم أن ذلك الخلاف تم احتوائه خلال فترة وجيزة، إلا أن قطر اتبعت سياسة قوية بشكل ملفت في تنويع علاقاتها الدولية سواء على صعيد الدبلوماسية أو الاقتصاد في إجراء استباقي استراتيجي بوجه أي توترات مستقبلية مع جيرانها الأكبر والأكثر قوة مثل السعودية والإمارات.

استثمارات في كل الاتجاهات

وأشارت الصحيفة إلى أن قادة قطر عرفوا كيف يستفيدوا ويوظفوا عائدات صندوق الثروة السيادي الخاص بدولتهم، وذلك بإقامة شبكة استثمارات اقتصادية في اوروبا وأمريكا الشمالية. لكن في 2014، بدأت قطر بتنويع استثماراتها الخارجية بتوظيفها في الأسواق الصاعدة. ومنذ ذلك الحين، استثمرت الدوحة مليارات الدولارات في الصين واليابان وكوريا الجنوبية ودول الآسيان والهند وروسيا الاتحادية.

وربما كان أبرز هذه التوجهات الاستثمارية اتجاه قطر نحو السوق الصينية الضخمة من خلال تعزيز وتعميق التعاون الثنائي في المجال الاقتصادي مع الصين وفي غير المجال الاقتصادي أيضاً.

باتجاه الصين.. فتح أبواب جديدة بعد 2014

وذهبت الصحيفة إلى أن قطر وبعد شهور فقط من اضطراب علاقاتها مع جيرانها في 2014، خصص صندوق الثروة السيادي القطري 10 مليار دولار أمريكي للاستثمار في الصين في القطاع الصحي والبنية التحتية والعقارات. ثم قام الصندوق باستثمار 616 مليون دولار في واحد من أكبر متاجر التجزئة الصينية الفاخرة وأعلن نيته لاستثمار ما بين 15 – 20 مليار دولار أخرى في قطاع العقارات والبنية التحتية في السنوات الخمسة المقبلة. ويأتي هذا بعد استثمار رئيسي بقيمة 2.8 مليار دولار في المصرف الزراعي الصيني في الاكتتاب الأولي على أسهم البنك منذ 2010.

قطر ترحب بالصينيين

وقالت الصحيفة بأن الدوحة اتخذت خطوة إضافية أخرى في إطار تعزيز علاقاتها مع بكين من خلال إصدار قرار تعفي بموجبه الصينيين من الحصول على تأشيرة دخول مسبقة إلى قطر وقامت بمنح حاملي الجنسية الصينية إقامة دائمة في قطر. كما قامت قطر بإطلاق مركز تبادل العملات الوحيد في المنطقة مع مصرف الصين المركزي واستضافت مركز تسوية وتظهير للعملة الصينية الرينمبي (العملة الوطنية للصين). ويعتقد أن المركز مفيد جداً لتفعيل التجارة الإقليمية بين منطقة الخليج وآسيا، حيث شهدت التجارة عبر الحدود والاستثمار بالرنمينبي نمواً كبيراً في الآونة الأخيرة.

الطاقة.. قطر وأمن الصين الاقتصادي

لكن أهم مجالات التعاون بين قطر والصين كانت في مجال الطاقة، حيث تلعب قطر دوراً مركزياً في أمن الطاقة الصينية, وهنا تكمن الأهمية الاستراتيجية للدور القطري في الاقتصاد الصيني حيث ستعزز إمدادات الغاز القطري المسال التي لم تنقطع مرة واحدة والتي تتزايد كل يوم لتغذية الطلب المتزايد على الطاقة في الصين.

وتعتبر قطر ثاني أكبر مزود للغاز الطبيعي المسال إلى الصين، مزودة بكين بأكثر من 20% من حاجاتها، حيث تمتلك شركة قطر للبترول ، شركة النفط والغاز المملوكة للدولة، مشاريع مشتركة مع العديد من الشركات الصينية ، بما في ذلك مشاريع التنقيب والإنتاج والتكرير في قطر والصين.

.

التبادل التجاري

من جانب آخر، أظهرت إحصاءات التبادل التجاري بين البلدين،  زيادة في حجم التجارة بين قطر والصين بنسبة 45 في المائة في الربع الأول من عام 2018 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2017. وتجاوزت الصين الولايات المتحدة لتصبح أكبر مصدر للسلع والخدمات لقطر في عام 2018 ، في حين أن صادرات قطر إلى ارتفعت الصين بأكثر من 60 في المائة. كما ارتفعت حصة الصين من إجمالي تجارة قطر بنسبة 27 في المائة خلال الفترة نفسها. علاوة على ذلك ، تشارك الصين على نطاق واسع في ازدهار البنية التحتية في قطر ، حيث تلعب دوراً أساسياً في بناء ملعب لوسيل لمونديال قطر لكرة القدم 2022 ، وميناء حمد البحري في الدوحة ، وغيرها من أعمال البنية التحتية في جميع أنحاء البلاد.

قطر تشتري صواريخ صينية

وتقول الصحيفة بأن قطر توسع علاقاتها الثنائية مع بكين في المجال الأمني والعسكري أيضاً، آخذين بعين الاعتبار حصول قطر بصفقة لم يُعلن عنها على صواريخ صينية قصيرة المدى من طراز SY 400 في العام الماضي 2017.

وتوقعت الصحيفة أن تتعمق العلاقات القطرية الصينية أكثر خلال الفترة القادمة من خلال شبكة قائمة على التعاون بمجالات الطاقة والاستثمار والتعاون الأمني والعسكري بين الطرفين. وهذا جزء من سياسة قطر في التحوط الاستراتيجي وتعزيز العلاقات مع قائمة متنوعة من الحلفاء خارج مجلس التعاون الخليجي الذي يبدو ممزقاً أكثر بكثير مما كان عليه قبل إعلان الحصار ضد قطر.

 

بقلم: أنس قطيط..  باحث في مركز الدراسات العربية والإسلامية في الجامعة الوطنية الأسترالية

المصدر: The Lowy Interpreter استراليا

السابق
معجزة قطر
التالي
منتجو النفط.. عين على السوق وأخرى على عصا «ترامب»