حزمة تحديات.. المركزي: إلزام البنوك تطبيق معيار يربط المعالجة المحاسبية بأنشطة إدارة المخاطر

يعتزم مصرف قطر المركزي إلزام البنوك العاملة في قطر تطبيق المعيار الدولي الجديد رقم (9) وهو معيار يربط المعالجة المحاسبية بأنشطة إدارة المخاطر ومن المقرر ان يحل المعيار (9) محل المعيار الدولي (39) ويلزم المعيار الجديد البنوك بتكوين مخصصات احترازية للخسائر المتوقعة على جميع موجودات البنك الائتمانية المنتظمة عند نشأتها وخلال مراحل عمرها المختلفة، حيث من المقرر تطبيق معايير المخصصات اعتباراً من بداية عام 2018، مع الالتزام بقواعد التحول لتطبيق المعيار وأثرها على الإفصاحات الخاصة بالبيانات المالية للبنوك في 31-12-2017، وعلى القيد الافتتاحي في 1 يناير 2018 من خلال الأرباح المدورة. وتقدير مخاطر الموجودات المالية لدى البنوك عبر الفترات الزمنية المتعاقبة على مستوى كل بنك وعلى المستوى المجمع للجهاز المصرفي.

ووفق تعميم المركزي الصادر في فبراير الماضي فإنه ينبغي على جميع البنوك إعداد التقرير الأول عن تصنيف الموجودات الائتمانية المنتظمة لديها ما بين المرحلتين الأولى والثانية والمخصصات الاحترازية المقدرة لها وفقاً للنماذج والتعليمات المرفقة، على أن يتم تزويد المصرف المركزي بهذا التقرير في موعد أقصاه الأول من سبتمبر 2017، وعلى البنوك البدء في إعداد هذا التقرير اعتباراً من تاريخ هذا التعميم على أن يتم تحديث الأرصدة والتبويب وفقاً للبيانات المالية المجمعة المراجعة كما في30-6-2017 كما ينبغي على البنوك أن تولي بالغ اهتمامها عند إعداد هذا التقرير الأول ومراعاة الدقة والمهنية والشفافية في إعداده مع مصادقة مجلس الإدارة عليه بالنسبة للبنوك الوطنية، والمركز الرئيسي بالنسبة لفروع البنوك الأجنبية. وفي ضوء دراسة نتائج هذا التقرير الأول سيقدر المصرف المركزي مدى الحاجة إلى إدخال المزيد من الإيضاحات والتعليمات الإرشادية أو وضع حدود دنيا للتحوط للمخاطر الائتمانية أو أي متطلبات إشرافية أخرى، كما سيحدد المصرف المركزي المواعيد الدورية لتزويده بهذا التقرير وأي تقارير وإبلاغات لازمة أخرى.

وأكد مراقبون، أن المعايير الجديدة التي يعتزم المركزي تطبيقها، تهدف لرفع مستويات الأمان والوصول لمستوى أعلى لقوة الملاءة المالية للبنوك والقدرة على مواجهة المخاطر المحتملة، مشيرين إلى ان المخصصات تعتبر اجراء احترازيا يقوم به البنك لمواجهة المخاطر المحتملة مثل مخاطر السوق والائتمان والتركز الائتماني والعقار والأسهم والتعثر والتقلبات وهي تمثل حماية للمؤسسات المالية من أي هزات محتملة غير أنهم قالوا إن تطبيق المعيار الجديد سيجعل البنوك أكثر حذراً في منح الائتمان درءاً للمخاطر وتحوطاً من الانكشاف عليها الأمر الذي سيقيد نمو الائتمان. لافتين إلى أن البنوك المحلية ستواجه تحديات في تطبيق هذا المعيار المحاسبي تتمثل في: إجراء تعديلات على الأنظمة المحاسبية لدى البنوك للتكيف مع المعيار الجديد إلى جانب إعادة تصنيف بعض الأدوات المالية وإعادة تصنيف شرائح ديون الأوراق المالية حيث يربط المعيار الدولي الجديد الأنظمة المحاسبية بأنظمة إدارة المخاطر وهو ما يعني تعزيز استراتيجية التحوط لدى البنوك.

وفي التفاصيل يرى المحلل المالي احمد ابراهيم الشيب، أن تطبيق مصرف قطر المركزي لأحدث المعايير المالية والمحاسبية على المستوى العالمي يمثل خطوة جيدة، للحماية من المخاطر من جهة وزيادة الثقة في الجهاز المصرفي من جهة أخرى، مشيراً إلى ان المعايير الجديدة تأثيرها ينبع من زاويتين، الأولى على الودائع والثانية على القروض، فمن حيث الودائع ستعزز ثقة المودعين في البنوك لأنها تحمل ضمانات اكثر وحماية أوفر من السابق، كما انها ستؤدي لتشديد شروط الاقتراض مما يمثل حماية للبنوك من أي مخاطر تتعلق بعدم ايفاء المقترضين بالتزاماتهم المالية.

وتوقع الشيب، أن يكون للمعايير والتعليمات الجديدة تأثير كبير على القطاع المصرفي في قطر حيث سيؤدي تطبيق المعيار الجديد إلى حذر أكبر في الاقراض لدى البنوك لافتا إلى أن المعيار يستهدف تبويب وقياس وتقويم الموجودات والمطلوبات المالية والمشتقات، لافتاً إلى أن تعليمات مصرف قطر المركزي ستؤثر على جميع المؤسسات المالية وليس الجهاز المصرفي فحسب، فتمتد إلى صناديق الإقراض والاستثمار في أدوات حقوق الملكية والديون.

وأشار إلى ان المعيار الدولي الجديد (9) هو معيار يربط المعالجة المحاسبية بأنشطة إدارة المخاطر كما انه يعزز عمليات القياس، ويعمل بشكل أساسي على قياس الموجودات المالية والمطلوبات المالية؛ كما انه يمضي نحو بناء نموذج جديد يقضي بتكوين مخصصات خسائر القروض على أساس خسائر الائتمان المتوقعة؛ مما يعتبر خطوة متقدمة التنبؤ بما يمكن حدوثه مستقبلاً، وبالتالي التحوط لأي مخاطر محتملة، وهو الامر الذي يعزز من جانب آخر متطلبات الإفصاح المتعلقة بالأدوات المالية.

وأوضح الشيب ان المركزي عمل على تمهيد الخطوات للفترة المقبلة لتطبيق المعايير، حيث اعطى البنوك مهلة لتوفيق اوضاعها.

ولفت إلى ان هناك عددا من التغييرات التي أدخلها المعيار المعدل، ولكن التغيير الأكثر أهمية هو طريقة «حساب مخصصات خسائر القروض»، مبيناً ان الطريقة الجديدة تتجاوز حساب المخصصات لكل خسارة على حدة، وإنما تمضي نحو أخذ أكثر على أساس المخاطر، مثل – المخصصات لخسائر القروض والاستثمارات التي سيكون على أساس الخسائر المتوقعة كلياً، مما يعني حوجة المؤسسات المالية إلى تطبيق المزيد من الحكم في التنبؤ بالمستقبل.

وأضاف ان هناك تحديات تواجه تطبيق المعيار الدولي الجديد 9 وتتمثل في: سرعة التنسيق بين الوحدات المصرفية للبنوك فضلاً عن الاعتماد على بيانات تاريخية وتوقعات محتملة وهي تحديات مازالت قائمة.

حزمة تحديات 

ومن جهته قال المحلل المالي أحمد عقل، أن تطبيق المعيار الدولي الجديد رقم (9) والذي سيحل محل المعيار الدولي (39) يزيد من مناعة البنوك وتحوطها امام المخاطر مشيراً إلى ان مصرف قطر المركزي سباق في كل ما هو جديد وجيد للحماية من المخاطر وتعزيز الثقة، ويعمل لرفع مستويات الأمان بغرض الوصول لمستوى أعلى وقوة اكبر للملاءة المالية للبنوك والقدرة على مواجهة المخاطر إن وجدت.

وأضاف: يلاحظ ان مصرف قطر المركزي بعد بروز الضغوطات المصرفية والازمات المالية في الفترة من 2002 إلى 2009، فإنه بدأ في اتخاذ حزمة تدابير مهمة وأساسية لمواجهة تحديات اعمال الصيرفة وأزمات النفط، ولذا ظهرت نتائج تلك التدابير لاحقا لتنعكس ايجاباً على البنوك القطرية في أزمة تراجع اسعار النفط الاخيرة حيث ما زال وضع البنوك قوياً من حيث السيولة والتي تشهد توسعاً متنامياً في الائتمان والتسهيلات وخطوط التمويل.

وأشار عقل إلى ان المخصصات هي اجراء احترازي تقوم به البنوك لمواجهة أخطاء أو اخطار محتملة وغير محتملة وتهدف إلى حماية البنوك والمؤسسات المالية من المخاطر غير المتوقعة مثل: عدم قدرة العملاء على سداد التزاماتهم المالية من القروض وكتقلب اسعار العملات بل حتى انخفاض قيمة الاصول وغيرها.

وأشار إلى أن المعايير الجديدة المرتقبة تعزز ثقة المساهمين في المؤسسات المصرفية، كما تعمل على جذب الودائع عبر زيادة ثقة المودعين الامر الذي يمكن البنوك من توفير السيولة والوفاء بالتزاماتها.

غير ان عقل لفت إلى ان البنوك المحلية ستواجه تحديات في تطبيق هذا المعيار المحاسبي تتمثل في: إجراء تعديلات على الأنظمة المحاسبية لدى البنوك للتكيف مع المعيار الجديد إلى جانب إعادة تصنيف بعض الادوات المالية وإعادة تصنيف شرائح ديون الاوراق المالية لافتا إلى أن المعيار الدولي الجديد يربط الأنظمة المحاسبية بأنظمة إدارة المخاطر وهو ما يعني تعزيز استراتيجية التحوط لدى البنوك.

وأضاف عقل أن البنوك عقب تطبيق المعيار المحاسبي الجديد ستتجه للتشدد في منح الائتمان تحوطاً للانكشاف على المخاطر الامر الذي يؤشر إلى إمكانية تباطؤ نمو التسهيلات الائتمانية محليا عقب تطبيق المعيار الجديد.

نمو الائتمان

وفي ذات السياق يقول المحلل المالي محمد سالم الدرويش، إن المعايير الجديدة مهمة وتمثل نقلة هامة للجهاز المصرفي في قطر، وهي تساعد على فهم التسلسل التاريخي للأعمال المصرفية ومستجداتها بل التنبؤ بما يحدث مستقبلاً.

واضاف؛ عملية اعداد التقارير المالية الجديدة المزمع تطبيقها، تتطلب من إدارة المخاطر المصرفية إعادة تعريف عملية الرصد للمخاطر المحتملة مستقبلاً، مثل الخسائر التي يتوقع حدوثها، والظروف والمتغيرات الجيوسياسية والملاءة المالية وكذلك المتغيرات الاقتصادية المحلية والاقليمية والدولية.

وتوقع الدرويش، مواكبة جميع البنوك لأعمال الصيرفة الدولية، من حيث تحديث بنية البيانات التحتية وأنظمتها ومنهجيات وأدلة عمليات وتقنيات تقييم المخاطر والسياسات المحاسبية، الامر الذي يتطلب رفع قدرات العاملين ومهاراتهم ومواكبتهم لمستجدات العمل المصرفي على المستوى الدولي، خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع العملاء المودعين والمقترضين.

ويرى الدرويش أن أهم الجوانب في السياسات المالية الجديدة تتمثل في تعزيز المخصصات لمواجهة خسائر القروض إذا حدثت، مبيناً أن ثمة تخوفا ينبع من ان الاوضاع الجديدة ربما تحد من التوسع في القروض وهو الامر الذي ربما ينعكس على ربحية البنك، لجهة ان عمل البنوك اساساً يقوم القروض.

تعليمات إرشادية 

وتنص «التعليمات الإرشادية لتطبيقات المعيار الدولي للتقارير المالية رقم (9) بشأن التبويب والقياس والتقويم المحاسبي للموجودات والمطلوبات المالية والمشتقات، الصادرة عن مصرف قطر المركزي في فبراير الماضي، على تطوير أنظمة البنوك واستحداث أنظمة جديدة لتقييم الأصول، والتطبيق على البنوك وفروعها وشركاتها بالداخل والخارج، وإعطاء مهلة للبنوك حتى نهاية العام لتوفيق اوضاعها كما تضمن التعميم الجديد تعليمات إرشادية للبنوك لتطبيق المعايير الجديدة، وتحديد متطلبات المرحلة الانتقالية التي تسبق التطبيق والتي تمتد حتى نهاية العام.

وتشمل التعليمات الإرشادية الجديدة قسمين رئيسيين: ويتناول القسم الأول: متطلبات التصنيف والقياس للموجودات والمطلوبات المالية والمشتقات، والتعليمات بهذا القسم مطلوب تطبيقها من قبل البنوك التقليدية فقط، أما البنوك الإسلامية فعليها الاستمرار في العمل بمعايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية وفقا لتعليمات المصرف المركزي باستثناء أي أمور لم تغطها معايير الهيئة فيتم الاحتكام فيها للمعايير الدولية.

فيما تناول القسم الثاني: الخسائر الائتمانية المتوقعة، والتعليمات بهذا القسم مطلوب تطبيقها من جميع البنوك التقليدية والإسلامية، وينبغي تطبيق هذه التعليمات لدى كل بنك وطني على المستوى الفردي للبنك في قطر وعلى مستوى كل فرع خارجي للبنك وكل شركة تابعة له داخل أو خارج قطر ثم على المستوى المجمع لمجموعة البنك، وفي حالة تعذر تطبيقه بشكل مستقل على فرع خارجي أو شركة تابعة بالخارج بسبب تعارض هذه التعليمات مع المعايير الرقابية والمحاسبية المطبقة في البلد المضيف، فينبغي على البنك حصر الفروقات المترتبة على اختلافات المعايير المطبقة والأخذ بالتقديرات الأكثر تحوطاً وتسجيل الفروقات الناتجة عن ذلك في سجلات البنك في قطر لينعكس أثرها على البيانات المالية المجمعة للبنك مع بيان ذلك لمصرف قطر المركزي.

السابق
برنت تحت 56 د/ب قبيل انعقاد اجتماع كبار المنتجين
التالي
رابطة رجال الأعمال القطريين و”الفيصل” القابضة: التحدي الحقيقي بمرحلة بعد المونديال 2022