جوزيه مورينيو… نوكيا في عصر الآيفون

 

ما سبب معاناة مورينيو؟
“ذلك السؤال ليس له معنى، من الواضح أن الفوز هو الأساس، أكره الخسارة كلاعب وكمدرب. إذا سألت أي شخص عاقل، سيقول لك الانتصار هو الأهم”، جزء قديم من تصريحات جوزيه مورينيو، ردا على مطالبات إعلامية باللعب الجمالي، في مباريات الدوري الإنجليزي خلال عام 2015. وبعد مرور قرابة الثلاث سنوات، تغير جوزيه كثيراً، ليطالب بالاحترام من الجميع، بعد أن خسر بالثلاثة أمام توتنهام على أرضه ووسط جماهيره بالأولد ترافورد. أصبح البرتغالي مدانا رغم أنفه، لأنه وضع كل شيء في يد النتائج، التي أنصفه سابقاً، وخسفت به مؤخراً، سواء خلال ولايته الثانية رفقة تشيلسي، أو مع اليونايتد في الوقت الحالي.

 

في كتابه “الرجل الخاص”، تحدث الصحافي دييجو توريس عن أبرز 7 نقاط يهتم بهم مورينيو، للفوز في المباريات، وكانت كالتالي:
1- المباراة يفوز بها الفريق الذي يقوم باقل عدد من الاخطاء.
2- تنتصر الكرة للفريق الذي يتسبب بأخطاء في منطقة الفريق المنافس وليس في منطقته.
3- خارج الملعب بدلا من الحديث بإيجابية عن نقاط قوة المنافس، فمن الافضل التركيز على أخطائه.
4- كل من لديه الكرة من المرجح ان يرتكب خطأ، إما بالتمرير أو فقدانها.
5- كل من يبتعد عن امتلاك الكرة يقلل من امكانية ارتكاب خطأ.
6- من لديه الكرة لديه الإحساس بالخوف.
7- كل من لا يكون كذلك، يكون الأقوى.
مورينيو قاريء جيد للمستقبل، إنه لا يعرف الغيب ولا يجيد الكف، لكنه بارع بحق في توقع منافسه، يؤكد فيتور بايا هذه الكلمات بتصريح مهم، نقلها جوناثان ويسلون في مقالة قديمة. يقول الحارس،”أتذكر جيداً حادثة ضد بنفيكا، كان يعدنا دائما لما بعد تسجيل هدف في شباكهم، قال لنا أننا سنسجل أولاً، وسيقوم مدربهم، وقتها كان خوزيه أنطونيو كاماتشو، بإحداث بعض التغييرات، مع اللعب بتكتيك مغاير. وهذا ما حدث بالفعل، لذلك كنا نعرف خطواتهم قبل أن يقومون بها داخل الملعب”.

كل ما سبق شاهده الجمهور في فترة بورتو، تشيلسي الألفية، إنتر، السنوات الأولى في مدريد، لقد كان مورينيو فتاكاً على الصعيدين الفني والتكتيكي، بعيداً عن حروبه الإعلامية ودهائه النفسي، الذي جعله ينقل اللعبة من الملعب إلى دكة البدلاء، ووضع نفسه كأحد أبرز النجوم “السوبر ستار”، الذين ينافسون اللاعبين الكبار على الحملات الإعلانية والعقود التجارية، لكن ما بعد 2012 يختلف جذرياً عن ما قبلها، لقد تغير مورينيو بوضوح، لم يعد ذلك الرجل الخاص أو حتى السعيد، سواء على المستوى التدريبي، أو حتى على صعيد الـ “Mind Games” التي صنع منها شهرة قياسية.
المدرب مثل اللاعب، عليه ألا يقف عند حد معين، ميسي بكل ما يملك من موهبة، يتدرب يومياً على تعديل “ديفوهاته”، لقد أصبح أفضل مسدد للركلات الحرة، رونالدو أيضا مع كبر سنه وقلة حركته، تحول إلى رأس حربة صريح داخل الصندوق. كما يفعل هؤلاء اللاعبين، فإن المدراء يجب عليهم تطوير أفكارهم. لا يتعلق الأمر بالأسلوب، الأقرب إلى الخط الأحمر، بل بالأنظمة والخطط وإستراتيجية اللعب، وهذا ما ينقص مورينيو.

 

 

لا يتعلق الأمر بخطته الدفاعية، بالعكس الدفاع اختيار مثل النجوم، ويجب أن يُحترم من باب أن الغاية تبرر الوسيلة. ليس مطلوب من المدرب أن يلعب بأسلوب هجومي لا يناسبه، ولا يفتح خطوطه أثناء المرتدات، لكنه أيضا يجب أن يفكر ليلا ونهارا في كيفية تطوير قدراته، وتعديل أفكاره، وتطويرها بسبب ظهور استراتيجيات جديدة. لم تعد مرتدات مورينيو هي الأساس، هناك الضغط العكسي لكلوب، وأسلوب تقليل الفراغات من دون الكرة الذي يطبقه سيميوني، ليسحب البساط دفاعيا من تحت أقدام مورينيو، ويسبقه بخطوة بل خطوات في عالم التكتيك الدفاعي.

مورينيو وكأنه تليفون قديم في زمن الجوالات الحديثة المتطورة، وقف به الزمان عند حد معين، لذلك تأخر بعض الشيء خططيا وتكتيكيا مقارنة بغيره، لكن المشكلة الأخيرة أنه بدأ يفقد بريقه أيضا في عالم المؤتمرات الصحفية، نتيجة تناقضه في بعض التصريحات، كحديثه عن حاجته إلى الاحترام بسبب فوزه بثلاث بطولات بريمرليج، رغم أنه لم يحترم أحد حينما كان يفوز، والدليل سخريته من فينجر ورانييري وكونتي وكلوب وجوارديولا في أوقات متفرقة، ليسقط البرتغالي في فخ الكرة الحديثة وتطرفها المبالغ فيه، من خلال الآراء الحادة يميناً ويساراً، وربط كل شيء بالنتيجة، الفائز في السماء والخاسر تحت سابع أرض، إنها المعضلة التي قام المدرب نفسه بتسويقها سابقا، ليشرب من نفس الكأس المر الآن.

 

احمد مختار

السابق
نجم منتخب ألمانيا سافر إلى المونديال بـ”نرجيلة”
التالي
مشكلة صلاح مع اتحاد الكرة تتفاقم وتصل إلى تهديده بوالدته