تُدشِّن الآلاف من النساء الجزائريات حملاتٍ تطالب بقَبولِ لباس البحر “البكيني” اجتماعياً، والسماح بارتدائه على شواطئ الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، تحدياً لآخرين يدَّعون أنَّ تلك الملابس لا تتناسب مع العادات المحلية لبلدهم.
وقالت سارة، 27 عاماً، وهي مُؤسِّسَةُ مجموعة مُغلَقة على موقع “فيسبوك” للمطالبة بارتداء البكيني، لصحيفة “الجزائر”: “يجب ألا يُنظر للسباحة بلباس البحر على الشاطئ باعتبارها عملاً مُشيناً وصادماً”.
وبدأت سارة إنشاء المجموعة، التي تضم أكثر من 3200 عضو، بعد زيارتها وعائلتها إلى الشاطئ في يونيو/حزيران الماضي، عندما شعرت بترويعٍ شديد لارتدائها زي البحر، خوفاً من تعرُّضها للاعتداء اللفظي أو الجسدي، بحسب ما ذكرته صحيفة “تلغراف” البريطانية، الخميس 3 أغسطس/آب 2017.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحملة جاءت كرد على شباب “متمسكين بالتقاليد”، نشروا صوراً لنساء يرتدين “البكيني” على الشبكات الاجتماعية، مُوجِّهين إليهن تُهمةَ “التصرُّف بما يُعارض قيمنا الاجتماعية”.
يُذكَر أنَّ عضوات تلك المجموعة تجمَّعن لأول مرةٍ على أحد الشواطئ في 5 يوليو/تموز الماضي، الموافق يوم الاستقلال الجزائري. وتواجدت نحو 40 امرأةً، ولكن بعد ثلاثةِ أيامٍ وصل العدد إلى 200 امرأة.
وقالت سارة: “إنَّ الهدف من تلك الحملة ليس إحداث ضجَّة أو حتى إشعال عناوين الصُحف، بل من أجل تغيير المجتمع جذرياً ولكن بلُطفٍ”. وأضافت: “لا يُمكِن تحقيق ذلك إلا إذا اعتاد الناس على رؤية الشيء الذي مازالوا يعتبرونه محظوراً. لا نريد تغيير رؤيتهم للأشياء، فقط نريد غرس فكرة التسامح وقَبول الآخرين”.
ولا يوجد في الجزائر قانون يحظر ارتداء البكيني، لكنَّ هناك ضغطاً اجتماعياً هائلاً لعدم ارتدائه.
تضييق بسبب البوركيني
وتأتي معارضة جزائريين للبكيني باعتباره رمزاً للقيم والمفاهيم “الغربية”. ويرى بعضهم أنَّ موقفهم تعزِّزه محاولات العام الماضي، 2016، لقيام فرنسا بحظر ارتداء “البوركيني” الذي يُغطِّي معظم الجسم.
وتتعرض نساء مسلمات في فرنسا إلى مضايقات حال ارتدائهن للبوركيني، فقد أجبر منتجع سياحي بمدينة مارسيليا، جنوبي فرنسا، سيدة مسلمة على دفع تكاليف تنظيف حمام السباحة الخاص بالمنتجع، على خلفية قيامها بالسباحة فيه مرتدية “البوركيني”.
وذكرت منظمة “متحدون ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا” (خاصة)، في بيان، أن الواقعة المناهضة للمسلمين في المنتجع السياحي، بدأت حين طالب أحد العاملين في المكان جميع النزلاء بمغادرة حمام السباحة عندما نزلت إليه السيدة المسلمة وهي ترتدي “البوركيني”.
ونقلت المنظمة الفرنسية، الأربعاء الماضي، عن السيدة (لم تكشف عن اسمها) قولها بأن “مالك المنتجع هاتف زوجها لمطالبته بدفع نحو 581 دولاراً لتنظيف حمام السباحة”.
ونهاية العام 2016، ألغت المحكمة الإدارية بمدينة “ليل” أقصى شمالي فرنسا قرار بلدية المدينة حظر ارتداء لباس البحر “البوركيني”، والمعروف أيضاً بـ”المايوه الشرعي”،
لتسير بذلك على منوال مجلس الدولة الفرنسي، الذي علق، مؤخراً، قرار حظر مماثلاً في بلدية جنوبي البلاد.
وفي تطور ملفت بالسعودية، ذكرت “تلغراف” أن الوريث الجديد للعرش في المملكة السعودية، محمد بن سلمان، أعلن عن خططه لتخصيص منتجعٍ شاطئ البحر الأحمر يُسمح فيه للنساء بارتداء البكيني بدلاً من إجبارهن على الاحتشام.
وأضافت الصحيفة أن بن سلمان أدرك أن الزُوَّار الأجانب، على الأرجح، لن يأتوا إلى شواطئ تضع قوانين تُجبر النساء على ارتداء “العبايات”، لذا صرَّح بأنَّ المنتجع “سيكون محكوماً بقوانينَ تتفق مع المعايير الدولية”.
يُذكر أنَّ النساء السعوديات محظورٌ عليهن القيادة أو السفر بدون إذنٍ من أحد الأقارب من الذكور، ومُجبراتٌ على تغطية أجسامهن وشعرهن عند الخروج من المنزل.