الدوحة – بزنس كلاس:
يشهد العالم ارتفاعاً كبيراً في تدفقات السيولة، فبعد عامين من تراجع تدفقات رؤوس الأموال العالمية، توجه المستثمرون في عام 2017 إلى الأصول المعرضة للمخاطر في الاقتصادات المتقدمة والناشئة
جاءت معظم تلك الاستثمارات الأجنبية في شكل تدفقات رأسمالية «تشمل الأسهم وسندات الدين والاستثمارات الأخرى، وهي في الأساس معاملات مصرفية»، وهذه الشهية المتصاعدة تجاه المخاطر مدفوعة ببيئة الاقتصاد الكلي الداعمة، المتمثلة في تسارع النمو العالمي على نطاق واسع، وانخفاض أسعار الفائدة، وتراجع قيمة الدولار، سنسلط الضوء فيما يلي على العوامل الرئيسية الثلاثة التي أدت إلى ارتفاع التدفقات الرأسمالية العالمية حتى الآن في عام 2017، كما سنناقش التوقعات بالنسبة لعام 2018.
وجاء في تقرير «QNB» الأسبوعي، أن المستثمرين من منطقة اليورو والولايات المتحدة يشكلون الغالبية الساحقة من التدفقات الخارجة العالمية لرؤوس الأموال الأجنبية في 2017، كما كان عليه الأمر دائماً، وقد ارتفع إجمالي تدفقات رؤوس الأموال إلى ما يفوق 2.2 تريليون دولار أميركي في النصف الأول من 2017 على أساس سنوي، مقارنة بـ 0.7 تريليون دولار أميركي خلال كامل 2016.
ففي منطقة اليورو، من المتوقع أن تظل السياسة النقدية مخففة حتى العام المقبل، مما يبقي على أسعار الفائدة في المنطقة سلبية، ويدفع المستثمرين إلى الخارج بحثاً عن الربح، ونتيجة لذلك، ستكون منطقة اليورو مصدراً رئيسياً لرؤوس الأموال نحو العالم هذا العام، كما كانت عليه في 2016.
تشديد
وفي الولايات المتحدة، كانت تدفقات رؤوس الأموال قوية أيضاً، رغم أن بنك الاحتياطي الفيدرالي ظل يشدد السياسة النقدية بشكل تدريجي، فقد كان ارتفاع النمو، وزيادة قيمة عملات خارج الولايات المتحدة محفزاً للمستثمرين لوضع رؤوس أموالهم في الخارج، وبالتالي، فإن الولايات المتحدة -مثل منطقة اليورو- ستشهد ارتفاعاً في صافي التدفقات الخارجة لرؤوس الأموال في 2017.
شهد مجال السيولة العالمية تغييراً مهماً، تمثل في تراجع هروب رؤوس الأموال من آسيا، وبالتحديد من الصين، وكانت موجات هروب رؤوس الأموال من هونج كونج وسنغافورة وكوريا الجنوبية والصين مرتفعة في 2016، حيث بلغت 700 مليار دولار أميركي، وقد عكس ذلك بصفة رئيسية تباطؤ النمو في الصين، مما دفع المستثمرين إلى تحويل رؤوس الأموال إلى الخارج، وقد تباطأ هروب رؤوس الأموال إلى 549 مليار دولار أميركي على أساس سنوي في النصف الأول من 2017، مع هدوء حدة المخاوف بشأن تعثر النمو في الصين -وما لذلك من تأثير سلبي على المنطقة- وأيضاً بسبب تشديد الضوابط على رؤوس الأموال في الصين.
تحول
ومستقبلاً، نرى أن هذه الأنماط قد تتغير في 2018، مع التحول في مشهد الاقتصاد الكلي العالمي، ففي الصين، تتجه سياسة الائتمان نحو التشديد، ويتوقع للنمو أن يتباطأ في 2018، وفي الوقت نفسه، يخطط بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة، وتقليص حجم ميزانيته العمومية، كما يخطط البنك المركزي الأوروبي للبدء في خفض برنامجه الخاص بالتيسير الكمّي.
ومن المرجح أن تقود هذه التطورات إلى زيادة في تدفقات رؤوس الأموال الخارجة من آسيا، في الوقت الذي ستستقر فيه التدفقات الخارجة من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، وبالرغم من ذلك، فإن من المرجح أن تظل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو أكبر مصدر للسيولة العالمية في 2018.