الدوحة – بزنس كلاس:
رأى بنك قطر الوطني أنه منذ شهر فبراير من العام الجاري أصبحت تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة أكثر تقلبا في ظل ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، وذلك رغم ارتفاعها في عام 2017 عندما كانت مدعومة بقوة النمو العالمي والرغبة القوية لدى المستثمرين في المخاطرة.
ولفت البنك في تحليله الصادر أمس السبت إلى أن علامات الضغط الأولية بدأت في الظهور بشهر فبراير من العام الجاري مع بيانات معهد التمويل الدولي التي أوضحت وجود تدفق شهري لرؤوس الأموال الخارجة من الأسواق الناشئة للمرة الأولى منذ نوفمبر 2016.
وأشار إلى أن أحد المحركات المهمة لانعكاس وجهة تدفق رؤوس الأموال كان هو الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة الأمريكية، وخاصة عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، مما زاد من الجاذبية النسبية للاستثمار في سندات الحكومة الأمريكية بدلا عن أصول الأسواق الناشئة.
ونوه البنك إلى أنه وبعد فترة من الإحجام الشديد عن المخاطر ة في شهر فبراير ، فقد استقرت تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة إلى حد ما في شهر مارس وفقا للبيانات الأولية الصادرة من معهد التمويل الدولي، لكن تشير أحدث البيانات اليومية المتاحة من المعهد إلى أن انسياب تدفقات رؤوس الأموال قد عكس وجهته مرة أخرى في منتصف أبريل مع اختراق عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات لحاجز 3 بالمائة للمرة الأولى خلال أكثر من أربع سنوات، حيث يقدر إجمالي تدفقات رؤوس الأموال الخارجة من الأسواق الناشئة منذ 16 أبريل بنحو 5.6 مليار دولار ، موزعة بالتساوي بين الأسهم والسندات.
وأفاد بنك قطر الوطني بأن جزءا من الارتفاع في عائدات سندات الخزينة الأمريكية لأجل 10 سنوات يرجع إلى استمرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة وتقليص حجم ميزانيته العمومية، كما يعود الارتفاع جزئيا إلى الاتساع المتوقع حدوثه مستقبلا في العجز المالي الحكومي بعد الإعلان عن التخفيضات الضريبية مؤخرا، وما ينطوي عليه ذلك من إمكانية إصدار مزيد من السندات الحكومية.
وأشار بنك قطر الوطني في تحليله إلى أنه وحسب تقديرات معهد التمويل الدولي، فإن زيادة بمقدار 100 نقطة أساس في أسعار الفائدة للمدى القصير في الولايات المتحدة ستؤدي إلى تقليص 43 مليار دولار أمريكي من تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة خلال العام الجاري، كما أنه حتى الآن، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بزيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة مرة واحدة هذا العام بمقدار 25 نقطة أساس، ويتوقع بنك الاحتياطي رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ثلاث مرات خلال 2018.
وأوضح البنك أنه في مناخ يشهد ارتفاع أسعار الفائدة، فمن المرجح أن يركز المستثمرين اهتمامهم على الأسس الاقتصادية للأسواق الناشئة، وخصوصا ارتفاع وتصاعد مستويات الدين في ظل زيادة تكلفة خدمة الديون، وفي المجموع، سيحين أجل استحقاق ما تتجاوز قيمته 900 مليار دولار أمريكي من سندات الأسواق الناشئة قبل نهاية عام 2018.
ووفقا للبنك فمن المرجح أيضا أن يتم النظر إلى بعض اقتصادات الأسواق الناشئة التي تعاني من اتساع عجز الحساب الجاري وارتفاع معدلات سداد الديون في العام الحالي، على أنها أسواق عالية المخاطر للاستثمار، ولذلك يحتمل أن تجتذب هذه الاقتصادات تدفقات رأسمالية أجنبية أقل في الفترة المتبقية من 2018، وبناء على هذا المعيار، يرجح أن تكون بعض الأسواق الناشئة أكثر عرضة للتحولات المفاجئة في مزاج المستثمرين.
وأشار إلى أنه رغم أنه من الواضح أن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية يؤثر سلبا على التدفقات الرأسمالية الواردة إلى اقتصادات الأسواق الناشئة، إلا أن البيئة الايجابية للنمو العالمي، والتي لا تزال داعمة لشهية المخاطرة، تخلق إلى حد ما نوعا من التوازن، فبدلا من حدوث هروب شامل لرؤوس الأموال من كافة الأسواق الناشئة في الفترة المتبقية من 2018، من المرجح أن يلجأ المستثمرون إلى التمييز بين الدول بناء على أسسها الاقتصادية مع ارتفاع تكلفة إعادة تمويل أو سداد الديون في ظل ارتفاع أسعار الفائدة العالمية.
كما أنه من المرجح أن تتفوق الاقتصادات التي تتميز بأسس اقتصادية متينة، بما في ذلك ارتفاع أو تسارع معدلات النمو وانخفاض نسب الاعتماد على الاقتراض (في القطاعين الحكومي والخاص)، نسبيا في قدرتها على اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية، وخلافا للوضع الذي كان يستفيد فيه الجميع من تحسن الأوضاع القائمة، سيتفاوت تأثير العوامل الإيجابية على مختلف الاقتصادات الناشئة.