الدوحة – بزنس كلاس:
رجح بنك قطر الوطني في تحليله الأسبوعي أن تستمر الأسواق الناشئة في وضعها كأثر الاقتصادات الواعدة في المدى الطويل، حيث من المتوقع أن تشهد الهند والصين ودول جنوب شرق آسيا الوتيرة الأسرع للنمو في حصة الفرد من الدخل بحلول عام 2030، كما أنه من المنتظر أن يتسارع نمو نصيب الفرد من الدخل في أمريكا اللاتينية وأفريقيا جنوب الصحراء لكن بوتيرة أبطأ مقارنة بالاقتصادات الآسيوية.
وأفاد البنك في تحليله الصادر اليوم بأن الأسواق الناشئة ظلت منطقة الاستثمار المفضلة للمستثمرين الدوليين منذ فترة طويلة، فقد كان النمو السريع خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وخاصة في ما يعرف ببلدان “بريكس” (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) قد أدى إلى جذب استثمارات أجنبية ضخمة، والتي ساعدت بدورها في تحقيق مزيد من النمو في هذه الاقتصادات، غير أن الأزمة المالية العالمية وبطء الانتعاش الذي أعقبها كان لهما تأثير سلبي كبير على تدفقات الاستثمار إلى الأسواق الناشئة، ويشير التفاؤل الحذر حيال التوقعات المستقبلية للاقتصاد العالمي في الوقت الحالي إلى إمكانية تسارع الاستثمار ات الأجنبية مجددا في الأسواق الناشئة.
وأشار البنك في تحليله إلى أنه إذا كان هناك تساؤل موجه للمستثمرين حول ماهية الأسواق التي ينبغي الاستثمار فيها، فإن الإجابة تكمن في أن الهند والصين وجنوب شرق آسيا هي الأسواق التي تتمتع بأكبر قدر من إمكانيات النمو على المدى الطويل.
وأوضح البنك أن توقعاته بأن تشهد أسواق الهند والصين وجنوب شرق آسيا نموا على المدى الطويل، تستند على تحليل مقارن للنمو في مناطق الأسواق الناشئة الرئيسية على المدى الطويل حتى عام 2030، حيث قام البنك في هذا الإطار بتصميم نموذج لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي المحتمل لدول جنوب شرق آسيا، وأفريقيا جنوب الصحراء، وأمريكا اللاتينية، والصين والهند، خاصة وأن نمو نصيب الفرد من الدخل هو المعيار المفضل لإجراء المقارنات عبر البلدان لأنه يأخذ في الاعتبار محركات النمو الاقتصادي وكذلك حجم ونمو السكان، فضلا عن أن البلدان ذات النمو السكاني المرتفع ستحتاج إلى المحافظة على معدلات أعلى من النمو الاقتصادي لأجل توليد فرص عمل جديدة وتحسين مستويات المعيشة.
وأشار البنك إلى أن النظرية الاقتصادية تفسر عملية النمو في المدى الطويل بوصفها نتيجة للتغيرات في ثلاثة عوامل رئيسية هي: عدد السكان الذين هم في سن العمل، وإجمالي رأس المال، والإنتاجية، لافتا (البنك) إلى أن نموذجه ينظر في التوقعات المرتبطة بهذه العوامل الثلاثة لغرض تقدير نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على المدى الطويل في مختلف المناطق.
ونوه البنك إلى أن منطقة جنوب شرق آسيا هي المنطقة الوحيدة التي يتوقع أن ينمو إجمالي رأسمالها بوتيرة أسرع في الأعوام العشرة من عام 2020 إلى 2030، ويعكس ذلك على الأرجح التوقعات باستمرار الاستثمار في تطوير البنية التحتية، في حين أن المناطق الأخرى هي إما أكثر تقدما أو متأخرة كثيرا في دوراتها الاستثمارية، ومن المتوقع أيضا أن ينمو إجمالي رأس المال في الصين بمعدل أبطأ من ذلك بكثير خلال العقد القادم، مما سيؤدي إلى تراجع نصيب الفرد من الدخل بالمقارنة مع العقد السابق، ولكن بالإجمال، ينبغي أن يظل نمو نصيب الفرد من الدخل عاليا حيث سيبلغ 7.1 بالمائة في المتوسط، مدعوما بتباطؤ وتيرة النمو السكاني وارتفاع الاستهلاك من قبل العدد الهائل من السكان بسبب عملية إعادة التوازن الاقتصادي بعيدا عن الاستثمار.
أما الهند، فمن المتوقع أن تحقق أفضل أداء، وقد يساعدها على ذلك مزيج من الارتفاع في الإنتاجية نتيجة الإصلاحات الداخلية التي يجري تنفيذها حاليا، ومثل الصين، ستستفيد الهند من تباطؤ النمو السكاني وارتفاع الاستهلاك بسبب نمو ثروة العدد الكبير من سكانها.
وشدد البنك على أن هذه التوقعات والنتائج توضيحية وتعكس ما يتم معرفته اليوم ولا يأخذ النموذج الذي صممه البنك في الاعتبار عوامل دورية قصيرة الأجل مثل التغييرات في السياسات الاقتصادية أو الاجتماعية، فهو يركز فقط على الاتجاهات الهيكلية التي ثبت أنها تدفع النمو على المدى الطويل.
واختتم البنك تحليله بالإشارة إلى أنه من الواضح أن آسيا ستظل أكثر منطقة واعدة فيما يتعلق بارتفاع نصيب الفرد من الدخل.. وأنه وبشكل عام، من المتوقع أن تظل الأسواق الناشئة قوية على المدى الطويل وينبغي أن ينعكس ذلك إيجابيا على مزاج المستثمرين.