الدوحة – وكالات – بزنس كلاس:
لعل أحد اسوأ أوجه الحصار الجائر على دولة قطر تجلى بحالة الطلاب القطريين الذين كانوا يدرسون في جامعات دول رباعي الحصار. حيث قامت تلك الدول بدون أي واعز من ضمير بتدمير مستقبل أولئك الطلاب الجامعيين بطريقة بشعة لأنها ببساطة لم عجزت عن جعل الدوحة ترضخ لإملاءاتها وتتنازل عن سيادتها، فكان أن اتجهت لتصب جام حقدها على طلبة وثقوا بها وظنوا أن الدراسة والتحصيل العلمي لا علاقة له بالأجندات السياسية لدول تمارس السياسة بطريقة الانتقام من الضعيف عندما لا تجرؤ على رفع النظر بوجه القوي!
غاب حلم التخصص، ضاعت أموالي، ذهبت طموحاتي أدراج الرياح، دُمرت سنوات عمري، اليوم بِتُّ بلا شهادة جامعية، ولا إثبات درجات أو مقررات يوثق حياتي الجامعية، وأجهل مصير شقتي وسيارتي بإمارة دبي.
أسرتي تعاني بصمت، بهذه العبارات المؤلمة يلخص الطالب عبدالله رحلته الدراسية بجامعة دبي، ويقول: عندما بدأت أزمة 2014 بسحب السفراء من قطر، حاولت جاهداً أن أنهي دراستي دون تأخير لأتمكن من التخرج، وها قد تخرجت فعلياً ولم يتبق لي سوى حفل التخرج، فوقعت أزمة 2017، وفوجئت باسمي مدرجاً في كشف الراسبين مع أنني كنت من الناجحين، وما حدث قد حدث.
ويحكي قائلاً: أنا خريج تخصص علاقات عامة وإعلان بجامعة إماراتية، وقد اجتزت سنوات الدراسة، وتخرجت، ويفترض أن أنهي أوراقي للتخرج خلال الأشهر الحالية، فسافرت للعلاج في الخارج، وسمعت بفرض الحصار على قطر، فاتصلت بالجامعة ففوجئت بعدم الرد عليّ، والغريب أنّ أساتذة المقررات عملوا لي (بلوكات) على هاتفي المحمول.
وسارعت بالدخول على الموقع الإلكتروني للجامعة، وعملت نسخا مصورة عبر الجهاز، والتي لا تفيد ولا تنفع؛ لأنها بدون توقيع ولا تصديق الجهات المختصة بالإمارات.
ويضيف: إنني ترددت في الاتصال بالجامعة خلال الحصار، خوفاً من إلغاء قيدي كما فعلوا مع طلاب قطريين زملائي، وفوجئت برسوبي في مادة مناهج بحث التي كنت ناجحاً فيها قبل سفري للعلاج، وبهذا الأسلوب تأخر تخرجي، وضاعت سنوات تخصصي.
ومما زاد من قلقي أنّ صديقاً لي كان يدرس بدبي سافر للكويت لكي يحضر شهادته الجامعية بعدما اتفق مع زميل له إحضارها له، ولكنها للأسف ليست مصدقة ولا موثقة، وكأن سنوات العمر ذهبتً هدراً.
وعن انعكاس حالته على أسرته، قال عبدالله: عشت في صدمة لم أفق منها لليوم، لأنني طالب من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأُعاني من مشكلة مرضية في يدي اليمنى، وحتى قبل الحصار كنت أطلب من الجامعة مراعاتي كطالب ذوي احتياجات خاصة، ولكن طلبي لم يجد اهتماماً.
وعلى الرغم من العروض المغرية للدراسة في بلدان عدة، ووالدي طلب مني الالتحاق بجامعة أوروبية، ولكنني فضّلت دبي لقربها من أسرتي أولاً، ولأنني أعمل ولا أريد ترك عملي، وكنت أراها بلدي الثاني.
أما أسرتي، فهي تعاني بصمت، وتحاول أن تشعرني بالفرحة لتخرجي، فقد اشتروا لي هدايا، وكتبوا لي بطاقات تهنئة لتخرجي، ويعاملونني كخريج، إلا أنني أعتبر نفسي لم أحقق شيئاً، بعدما حطموا مستقبلي.
هذه صورة واقعية لانتهاك دول الحصار حقوق الطلاب في الحصول على التعليم، حيث تشير التقديرات الدولية إلى أنّ 195 انتهاكاً للحق في التعليم الجامعي وقعت لطلاب بدول الحصار، من بينها 120 انتهاكاً في الإمارات، و27 مخالفة بالبحرين، و48 انتهاكاً بالسعودية، وقدمت حوالي 183 شكوى لطلاب ضد جامعات السعودية والبحرين والإمارات، في حين أحيلت شكاوى طلاب بلغت 239 لجامعة قطر للنظر في إمكانية إلحاقها بالتخصصات المتاحة ، ويقرب من 5306 حالات لطلاب جامعيين ودراسات عليا تعرضوا لانتهاكات في التعليم، من بينهم دارسو دورات تدريبية وبعثات دراسية.
عائلتي تحفزني للبدء من جديد
ومن جانبه، يقول السيد أحمد الجابر طالب علم الاجتماع بجامعة دبي: لقد أصيبت أسرتي بمتاعب نفسية جراء ما تعرضت له من مضايقات من جامعة دبي، وعندما فرض الحصار عدت إلى الدوحة على أول رحلة بالطائرة، واليوم أحاول البحث عن حلول لدراسة التخصص الذي أهواه وهو علم الاجتماع، فقدمت بجامعة قطر طلبي وأفادوني أنّ هذا التخصص للطالبات، فغيرت تخصصي إلى الخدمة الاجتماعية، وما زلت أنتظر فرج الله.
ويضيف: أحلم بدراسة تخصص يعنى بالشؤون الاجتماعية مثل علم الاجتماع أو الخدمة الاجتماعية، وأجد نفسي بالعمل مع كبار السن والعجزة وذوي الإعاقة، واصفاً حالته بعد 60 يوماً من الحصار بأنه في حالة نفسية متعبة.
شطب قيد ابنتي
يقول أبو خالد: ابنتي تدرس تخصص علاقات عامة بجامعة الشارقة، وهي في السنة النهائية للتخرج، وموعد انتهاء جامعتها في شهر ديسمبر المقبل، وعندما أمضت إجازتها الصيفية بالدوحة وسط الأسرة، فوجئت بفرض الحصار، وأرسلت لها الجامعة رسالة إلكترونية على بريدها الشخصي بشطب قيدها الجامعي، وحاولت إرسال من يستلم كشوف درجات مقرراتها الجامعية، رفضت التعامل مع أحد.
وقد لجأت للجنة التعويضات لتسجيل وضعها الجامعية وشكواها، أملاً في الوصول لحل مناسب، مضيفاً أنه قدم أوراق ابنته لجامعة قطر للالتحاق بالتخصص الذي درسته، فأفادوها بأنّ الجامعة ستدرس أحوال الطلاب المتضررين ، وسيتم حذف ساعات دراسية مكتسبة من سنوات دراستها بالشارقة، وهذا سيتسبب في تأخير تخرجها.
أكد مواصلة جامعة قطر ووزارة التعليم تلقي الطلبات …
د. الخنجي:توفيق أوضاع جميع الطلاب المتضررين من الحصار الخريف المقبل
كشف الدكتور خالد الخنجي نائب رئيس جامعة قطر لشؤون الطلاب، أن الجامعة ستقوم بدراسة جميع الطلبات المقدمة من الطلاب القطريين المتضررين من الحصار خلال فصل الخريف، لتوفيق أوضاعهم ودمجهم بالكليات حسب تخصص كل طالب لتمكينهم من استكمال دراستهم عقب تعرضهم للفصل التعسفي من قِبل الكليات والجامعات التي كانوا يتلقوا تعليمهم بها في دول الحصار تحديداً السعودية والإمارات.
وأضاف د. الخنجي خلال لقاء تلفزيوني على قناة الريان الفضائية، أن جامعة قطر بالتعاون مع وزارة التعليم والتعليم العالي تقوم بجهود كبيرة لحصر جميع الطلاب القطريين الذين كانوا يدرسون في جامعات دول الحصار وتم فصلهم عقب الأزمة، حيث تستقبل الجامعة الآن الطلاب لتقوم بعمل ملف خاص لكل منهم لمعرفة وضعهم الدراسي والتخصصات والمواد التي يدرسوها، وإمكانية استكمال دراستهم بالجامعة، حرصاً من الدولة على مستقبل هؤلاء الطلاب.
جدير بالذكر أن جامعة قطر قد أعلنت يوليو المنصرم، أنها تعكف على إعداد آلية لاستيعاب الطلبة القطريين الذين كانوا يدرسون لدى جامعات دول المقاطعة، وتضرروا بفعل الإجراءات التي اتخذتها تلك الدول ضد الدوحة. وذكرت الجامعة، في بيان لها، أن قطاع شؤون الطلاب يقوم بدراسة حالات الطلبة المتضررين من دول المقاطعة، بالتعاون مع الشؤون الأكاديمية بالجامعة، وبالتنسيق مع وزارة التعليم والتعليم العالي، لإيجاد حلول تتماشى مع المصلحة العامة للجامعة والطلبة.
لجنة مشتركة بين الوزارة وجامعة قطر للنظر في طلبات المتضررين ..
المحمدي: 190 طالباً وطالبة طُردوا من جامعات دول الحصار
كشف السيد حسن المحمدي مدير إدارة الاتصال والعلاقات العامة بوزارة التعليم والتعليم العالي عن أعداد الطلبة القطريين الحاصلين على البعثات التعليمية من الوزارة بدول الحصار، حيث بلغت أعدادهم 190 طالبا وطالبة تم طردهم من جامعات دول الحصار وتقدموا بشكاوى للجنة الوطنية لحقوق الإنسان.
وأشار إلى أن الوزارة قامت بتشكيل لجنة مشتركة بينها وبين جامعة قطر للنظر في مستقبل هؤلاء الطلبة وتم التواصل مع جميع الكليات بالدولة ومنها كلية المجتمع، حيث يتم دراسة كافة الحالات والاطلاع على أوراقهم، والتي رفضت دول الحصار تسليمها لهم بناء على الوضع السياسي الراهن. لافتاً إلى أن الوزارة تعمل جاهدة على إعادة طلبة الابتعاث الخارجي للجامعات المحلية، وذلك لإكمال المرحلة الدراسية. مؤكداً أن جامعة قطر هي نقطة الاتصال الرئيسي بين الوزارة والطلبة المبتعثين، إلى أن تقوم دول الحصار بتسليم أوراق الطلبة الرسمية التي تثبت التحاقهم بالجامعات.