أكد تقرير لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن أنه فيما تعمل الولايات المتحدة وشركاؤها الخليجيون على تكثيف مشاوراتهم لعقد قمة أمريكية- خليجية ، يبدو أن كافة الأطراف تعمل على التكيف مع أهداف جديدة ومشهد استراتيجي متغير سيما في مواجهة الانقسامات المستمرة بين الشركاء الأساسيين لواشنطن السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى ، في حين تبرز الولايات المتحدة استعدادها لإبداء المزيد من المرونة في ما يتعلق بطلب ترامب بتسوية أزمة الخليج .
وأضاف التقرير الذي أعدته الباحثة كريستين سميث ديوان أن الولايات المتحدة تدرس حسب عدد من الأخبار إمكانية تشكيل منظومة أمنية جديدة تطلق عليها تسمية تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي تضم الأردن ومصر إلى جانب دول الخليج وفي وجه هذه التحديات، يقوم مجلس التعاون الخليجي بالتكيف من خلال تقبل هذه الشراكات الفرعية والتحالفات التي تتخطى الحدود الإقليمية.
الشراكات الجديدة
وأوضح التقرير أن كلا من الإمارات والسعودية، اللتين تعززان شراكتهما وتنسقان إجراءاتهما لتحقيق مجموعة من الأهداف السياسة الخارجية والأهداف المحلية على الصعيد الإقليمي، تتضمن هذه الإجراءات مقاطعة قطر دبلوماسيًا واقتصاديًا في خطوة مبدِلة للأوضاع ومنسَقة من خلال أربع دول، بما فيها البحرين ومصر. كما أن الإمارات والسعودية تضطلعان بالأدوار الرئيسية في التحالف العسكري الذي يشارك في القتال في اليمن. وفي حين أن أهداف سياساتهما تختلف عن بعضها البعض، خصوصًا في اليمن، كما أن الإمارات تدعم من مجموعة من الإجراءات المثيرة للجدل متخذة من قبل القيادة السعودية، من ضمنها التدابير العقابية التي تبنتها المملكة مؤخرًا ضد كندا على خلفية تغريدة نُشرت على موقع تويتر تنادي بالإفراج عن ناشطين في حقوق الإنسان.
واعتبر التقرير أن انعكاس التنسيق الموسع بين السعودية والإمارات على المصالح الإستراتيجية لدول الخليج والشرق الأوسط على نطاق أوسع ، حيث استهدفت قطر بالحصار ، فيما اضطرت دول أخرى إلى التكيف مع الوضع والالتزام بالعمل عبر المؤسسات الإقليمية والدولية. وذكر التقرير أن الكويت حاولت التوسط لحل الأزمة الخليجية في قمة مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر من العام 2017، إلا أن محاولتها في الوساطة لم تأت بالنتائج المرجوة ، مما دفع أمير دولة الكويت صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح إلى الدعوة إلى تشكيل لجنة لتعديل النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي في ما يتعلق بتسوية النزاعات الداخلية.
وواصل التقرير مع استمرار الانقسامات ضمن مجلس التعاون الخليجي، تسعى دول الخليج العربية وراء طموحات وروابط إستراتيجية ما بعد منطقة الخليج. فالإمارات و السعودية وقطر نقلت شراكاتها إلى البحر الأحمر والقرن الأفريقي. وتتطلع عمان والإمارات إلى المحيط الهندي لتوسيع عمقها الاستراتيجي. وهناك تحديات أخرى متعلقة بالسياسة الخارجية سيما الجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب ، توجه تشكيل ائتلافات رسمية جديدة وتحالفات مقترحة. ولهذا السبب تدرس الولايات المتحدة إمكانية تشكيل تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي الجديد الذي سيربط دول مجلس التعاون الخليجي بالأردن ومصر.
وقد طرحت فكرة حلف الناتو العربي هذا أولًا من قبل مسؤولين سعوديين قبل زيارة ترامب للرياض في مايو من العام 2017، وكانت مرتبطة بالأساس بـ التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الناشئ، الذي يضم دولًا غير عربية ذات أغلبية سنية مثل باكستان. و من المرجح أنه سيتم تقديم هذا المقترح خلال القمة المفروض أنها ستعقد بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي. فيما ستعقد القمة في منتصف أكتوبر،وتحذر مصادر حكومية أمريكية وخليجية من أن أجندة القمة وجدولها الزمني ما زالا قيد التداول. وسيتم إرسال الجنرال المتقاعد من مشاة البحرية الأمريكية أنتوني زيني قريبًا إلى منطقة الخليج لإجراء مشاورات في هذا الإطار.
أهداف القمة
وأورد التقرير إن مجلس التعاون الخليجي، الذي يواجه انشقاقات جديدة وشراكات ثنائية وتحالفات إقليمية جديدة، يبدي مرونة في محاولة للمحافظة على الدعم المقدم له وعلى دوره المهم الذي يضطلع به رغم عجز مجلس التعاون الخليجي في حل الأزمة الخليجية داخله حيث اتخذ قرار وضع تسوية النزاعات القائمة على سكة منفصلة تحت رعاية الكويت، مع مواصلة العمل الجماعي على بعض المسائل الأخرى. وتجتمع عدة مجموعات عمل ضمن مجلس التعاون الخليجي منذ فترة بحضور كافة أعضائها الست، مع مجموعات العمل التابعة لمجلس التعاون الخليجي المعنية بالدفاع ضد الصواريخ البالستية والأمن البحري، و سيكون هناك اجتماع يعقد قريبا لتمهيد الطريق للقمة المحتملة بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي.
واختتم التقرير أن أشكال التعاون والنزاع المتغيرة ضمن منطقة الخليج تعتبر جزءًا من انتقال تاريخي أوسع، أما الواضح فهو استعداد عدة دول خليجية للعمل بصورة مستقلة أكثر عن الولايات المتحدة والافتراق عن شركائها الخليجيين التقليديين من أجل تحقيق مصالحها وطموحاتها. ويساهم في تعزيز هذا الاتجاه انفتاح الولايات المتحدة وحماسها لجهة اضطلاع شركائها الخليجيين بمسؤولية أكبر عن أمنهم. وإذا عقدت القمة المرتقبة بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي هذا الخريف، من المتوقع أن توضح كيف تتم إعادة التفاوض على هذه التحالفات والمصالح المتنافسة أحيانًا وإعادة تشكيلها سعيًا وراء نظام جديد في الخليج والشرق الأوسط.