علي راشد المري، حمد جابر المري وصالح راشد المري، اختلفت الأسماء والفاجعة واحدة، فهؤلاء تربطهم علاقة دم، وأيضا تربطهم ذات الفاجعة على حد وصفهم. فقد أقبل علي راشد، حمد جابر وصالح راشد، لمقر اللجنة في تمام الساعة 12 بعد منتصف الليل، محملين بالهموم، وبالحيرة، يتمنون أن يجدوا ضالتهم لدى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، من خلال تقديم شكوى للإدارة القانونية باللجنة، بهدف رفع قضية وبالتالي الحصول على تعويضات مالية جراء ما أسفرت عنه الإجراءات التعسفية من خسائر فادحة على المستوى المالي والمعنوي، لافتين لـ”الشرق” إلى أنَّ مصير حلالهم من رؤوس الإبل ورؤوس الشاة التي تقدر بالملايين بات مجهولاً، لاسيما وأنَّ حلالهم يرعى في المملكة العربية السعودية في الإحساء تحديداً….
وأكدوا أنَّ الحلال له قرابة الأسبوع بدون ماء ولا عشب، كما أنَّ هناك 4 من العمالة البنجلادشية الذين يقومون على رعاية الحلال بات من الصعب التواصل معهم، أو حتى إرسال تحويلات مالية، كما أنَّ التعامل بالعملة القطرية بات ممنوعاً، لافتين إلى أنَّ ما لا يقل عن عاملين ستنتهي تأشيرة دخولهم مما سيكبد أرباب العمل خسائر فوق خسائرهم، لأن من الصعب أن يدخلوا إلى الأراضي السعودية لإخراج عمالتهم.
ومن جانبه تحدث حمد المري بكل حرقة وحسرة على حلاله، قائلاً “إنَّ كل بدوي يدرك ما الذي تعنيه رؤوس البعير ورؤوس الشاة، فهي أحد أهم استثمارات البدو في منطقة الخليج، والمنطقة العربية، وهي تساوي أعتى الاستثمارات كالعقارات وغيرها، فعندما أعلم أنَّ الحلال الخاص بي بات من الصعب استرداده، فهذا يعني أنَّ هناك خسائر مالية فادحة ستسقط على رأسي وعلى رأس كل من له استثمار على الأراضي السعودية”.
استقطاعات الزكاة لا تكفي
وأشار علي المري إلى أنَّ الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل أغلب القطريين يشترون رؤوس الإبل والشاة من السعودية، وترعى في السعودية، ولكن كأصحاب حلال كل يقوم بمتابعة إبله بتوفير من يقوم على رعايتها، فإلى هنا الأمر طبيعي، إلا أنَّ المشكلة الحقيقية تكمن في أنَّه لا يوجد بالنسبة له سند ملكية للإبل سوى استقطاعات الزكاة على حلاله، الأمر الذي يستعصي عليه أن يحصل على حلاله، فالسلطات السعودية أمرَّت بأن من لم يتوافر سند ملكية أو شراء لن يعتد به في أحقية صاحب الحلال باسترداد حلاله وسيعتبر من ضمن الثروة الحيوانية السعودية، فهذه من إحدى الطامات كما عبر السيد علي المري، ولا يعلم ما هو الحل!!.
“شيابنا” غير مصدقين
وأضاف علي المري قائلاً “إنَّ لنا أيضاً كبار السن اعتادوا في نهاية كل أسبوع أن يسافروا ليتابعوا حلالهم، وليطمئنوا عليه، ومن جراء الأزمة أصبح من الصعب أن يدخلوا الأراضي السعودية، الأمر الذي أثر عليهم سلباً، والبعض من كبار السن تدهورت صحتهم لهذا السبب، فاعتادوا من طفولتهم إلى أن وصلوا إلى الشيخوخة على الحلال ومتابعته والاطمئنان عليه، أقسم أن البعض منهم تدهورت حالته الصحية، كما أن أغلبهم غير مقتنعين أن هناك قرارات سياسية حالت بينهم وبين حلالهم، فمثل هؤلاء “الشيبان” من سيعوضهم!! ”
في كل بين قطري مأساة
وأمنَّ من جانبه ابن عمهما صالح المري على ما ذكراه قائلاً “إنَّ القرار السياسي خلق في كل بين قطري وخليجي مأساة، وحزناً لا ينتهيان، فحتى مع حل الأزمة وفك الحصار، من الذي سيعوضنا عن الخسائر المالية التي نخسرها في نفوق شاة أو واحد من رؤوس الإبل، فالجميع يعلم في منطقة الخليج ما الذي تعنيه رؤوس الإبل والشاة للبدوي، فهي استثماره ورأس ماله!!، لماذا تخلط الأوراق ببعضها البعض، لماذا تتداخل الشؤون السياسية بالشؤون الاجتماعية في مجتمعات تربطها ذات الثقافة، وذات اللغة، ونفس الدين، لا أظن أن هناك خاسراً ورابحاً في الأزمة، بل الجميع خاسر، والجميع تكبد خسائر مالية ونفسية لها بداية ولكن لا نهاية لها”.
البعض جمدت أرصدته
وخلال الحديث تدخل علي المري قائلاً “إنَّ لنا أهلاً وأقرباء جُمدت أرصدتهم في البنوك السعودية، وأصبح من الصعوبة بمكان أن يستردوا أموالهم، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا التعسف؟، ولماذا هذه القرارات الجائرة على الشعب القطري؟، ما هو الهدف من هذه الضغوط؟، أعتقد أننا جميعنا ندرك بدولة قطر أنَّ الهدف هو الضغط على حكومة الدولة، ولكن نحن سنقف بالمرصاد لكل من يريد أن ينال من قيادة دولة قطر، فتعلمنا من صاحب السمو سمو الأخلاق، والترفع عن سفاسف الأمور، وألا ننزلق بالوحل كغيرنا من الذين أساءوا ولم يعتبروا لا لعشرة أو جيرة أو أخوة”.
قطر تعاملت بأخلاقها
واختتم أبناء العمومة حديثهم متمنين أن تسير الأزمة في طريق الحل، وأن تعود المياه إلى مجاريها، كما لابد أن تُنحّى الحياة الاجتماعية للشعوب عن القرارات السياسية، وهذا الأمر متبع في دولة قطر، فلم يتم رصد أي مواطن خليجي من دول الحصار تعرض للانتهاك، أو أجبر على مغادرة الأراضي القطرية، أو أجبر على تقديم استقالته، بل الجميع في قطر يحيون بأمن وأمان واستقرار، والجميع يمارس حياته بدولة قطر دون أية ضغوط، فكان من واجب الدول الثلاث أن تتعامل على نفس المقدار، وبذات الأخلاق، ولكن للأسف القرارات كانت مجردة من الرحمة، والإنسانية، ولا تمت للجيرة وعلاقة النسب والمصاهرة بأدنى صلة.