الدوحة – بزنس كلاس:
بدأ تركيز الحكومة القطرية والقطاع الخاص على دعم التوجه نحو توطين الصناعات في قطر يؤتي ثماره مع اعلان عن إطلاق نحو 50 مصنعاً جديداً في مجالات صناعية مختلفة في النصف الثاني من العام الحالي 2018، باعتبار الصناعات الصغيرة والمتوسطة العمود الفقري لأي نهضة صناعية تنشدها الدول. وفي قطر أصبح هذا القطاع رافداً أساسياً ولعب دوراً كبيراً في التنمية الاقتصادية وتعزيز خطط التنويع الاقتصادي للدولة بعيداً عن عائدات النفط والغاز. وتتمتع قطر بالعديد من مقومات الصناعة مثل وجود رأس المال الكافي وتمتع الاقتصاد القطري بمرونة قوية استطاعت من خلاله قطر الاستفادة من عوائد القطاع النفطي في العديد من المشاريع وإنشاء شركات تنتج مواد أولية ساعدت قطر على تخطي أزمة الحصار، وأصبحت هذه الشركات الوطنية العملاقة أساساً قوياً للصناعات القومية بالدولة.
شهدت المصانع المحلية نموا ملموسا خلال الستة أشهر الأخيرة في العام 2017، إذ بلغ معدل نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة الصناعية 13% والتي بدأت الإنتاج منذ الحصار ولفترة الستة أشهر الماضية، ليرتفع عددها من 268 إلى 305 مصانع، تعادل معدل نمو 14.7% لعام كامل يمتد من مايو 2016 إلى مايو 2017، بارتفاع من 226 إلى 265 مصنعا للفترة المذكورة.
ويتوقع أن يشهد العام الحالي 2018 نموا متزيدا في أعداد المصانع المحلية نتيجة توجه غالبية رجال الأعمال إلى الاستثمار في المجال الصناعي تلبية لحاجة السوق المحلي، ومن المتوقع أن يصل عدد المصانع الجديدة التي سيتم افتتاحها في العام 2018 إلى ما يقارب 50 مصنعا بحسب توقعات وزارة الطاقة والصناعة والتي حصلت عليها «لوسيل».
وجاءت ميزانية العام بزيادة نحو 19.1% في قطاع المواصلات والبنية التحتية لتصل إلى نحو 42 مليار ريال، الأمر الذي من شأنه أن يعزز الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
واستحوذ قطاع الرياضة والمشاريع المرتبطة ببطولة كأس العالم 2022 على مبلغ 11.2 مليار ريال وذلك لاستكمال الإنشاءات في الملاعب التي ستستضيف المباريات والتي تتضمن ملعب لوسيل وملعب مؤسسة قطر وملعب الريان وملعب الوكرة وملعب الخور.
وقال سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة، وزير الطاقة والصناعة، إن عدد المصانع التي دخلت مرحلة الإنتاج خلال الأشهر الستة الماضية في الدولة بلغ ضعف ما كانت عليه في الأشهر الستة المناظرة.
وأضاف سعادته في تصريح صحفي أن الفترة الحالية يشهد فيها اقتصاد الدولة نموا على مستوى مختلف القطاعات وعلى رأسها القطاع الصناعي، وذلك إثر الحصار الجائر الذي فرضته ثلاث دول خليجية على الدولة، مشيرا إلى وجود مؤشرات تدل على نهضة القطاع الصناعي رغم ظروف الحصار الظالم المفروض على قطر.
ولفت إلى أن الاهتمام بقطاع الصناعة انعكس على نسخة معرض «صنع في قطر 2017»، حيث زاد حجم المساحة المخصصة للمعرض من 15 ألف متر مربع إلى 30 ألف متر مربع، كما تضاعف عدد العارضين مقارنة بالنسخة السابقة، مبينا أن الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمواجهة الحصار لم تحد من آثاره فحسب، بل أسفرت عن نهضة صناعية قطرية، أصبحت تنافس على مستوى العالم في الجودة والأسعار، ومشيرا إلى الدعم الذي قدمته الدولة في هذا التوجه، وما شمله من تسهيلات وتشريعات، سعيا إلى الاعتماد على النفس في جميع المجالات.
صناعة السجاد
وبين أحمد محمد الكواري صاحب مصنع الخليج للسجاد، أن صناعة السجاد تجد إقبالاً في قطر وخاصة أنهم يعتبرون المصنع الوحيد الذي يعمل في صناعة السجاد الفاخر، مما يضع تحدياً كبيراً أمامهم في تطوير هذه الصناعة مستقبلاً.
وشدد الكواري على ضرورة التوسع في هذه الصناعة خاصة في ظل الحصار المفروض على قطر، معتبراً أن خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الذي ألقاه خلال الأزمة يمثل دافعاً كبيراً لتطوير هذه الصناعة والتوسع فيها محلياً وإقليمياً.
وعدَّدَ الكواري فوائد هذه الصناعة في التنمية الوطنية والإضافة التي يمكن أن تمثلها للاقتصاد، خاصة أنها تلبي طلب شريحة كبيرة من العملاء في قطر من خلال تصميمات مختارة لكافة الأذواق.
وثمَّنَ الكواري الدور الكبير الذي تقوم به الدولة لأصحاب الصناعات الصغيرة والمتوسطة من توفير الأراضي وإمداد الكهرباء والمعارض وتوفير بيئة جاذبة ومحفزة للاستثمار المحلي وتعزيز مشاركتهم في المعارض المحلية والإقليمية والعالمية.
والدعم الجمركي من خلال إعفاءات المواد وغيرها من دعم غرفة قطر، لافتا إلى أن العام الحالي سيشهد إنشاء العديد من المصانع المحلية الجديدة في العديد من المجالات الصناعية.
المشاريع الكبرى
ويبلغ عدد المنشآت الصناعية في قطر نحو 712 منشأة، في نحو 6 مناطق صناعية، بإجمالي استثمار يفوق 70 مليار دولار بعد أن كانت نحو 11 مليار دولار قبل عقد من الزمان.
ومن المتوقع أن يبلغ عدد المنشآت الصناعية نحو 1000 منشأة خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وعودة لموازنة العام الحالي التي أجيزت في الأيام الماضية، نجد أن مخصصات الباب الرابع (المشروعات الرئيسية) بلغت 93.0 مليار ريال، مقابل 93.2 مليار ريال في موازنة السنة المالية 2017.
ويستحوذ الباب الرابع على أكبر حصة بنسبة 45.8% من إجمالي المصروفات، حيث يستمر التركيز على استكمال الإنشاءات في المشاريع الكبرى في قطاعات الصحة والتعليم والمواصلات، بالإضافة إلى المشاريع المرتبطة باستضافة كأس العالم 2022.
وقد بلغت مخصصات القطاعات الرئيسية وهي الصحة والتعليم والمواصلات 83.5 مليار ريال، وهو ما يمثل 41% من إجمالي مصروفات الموازنة العامة.
ومن المتوقع توقيع عقود مشاريع جديدة بقيمة إجمالية تبلغ 29.0 مليار ريال خلال العام 2018، ما سيعزز النمو في القطاعات غير النفطية، حيث تتضمن عددا من مشاريع الطرق وتطوير ميناء الدوحة القديم ومشاريع صحية وتعليمية.
صناعة الألمونيوم
وقال الدكتور محمد الزبن نائب المدير العام لمصنع (Gwalls) العامل في مجال البيوت الجاهزة والديكورات والبناء الأخضر، لـ«لوسيل»، إن الصناعات الوطنية في قطاع المباني الخضراء والبيوت الجاهزة تضاهي الإنتاج المستورد، مشيرا إلى أن الحصار رفع من قيمة المنتج الوطني وبين جودته للمستهلك المحلي.
وبين الزبن أن مجموعة الشركات التي تعمل في هذا المجال تغلب على الحصار من خلال الأسواق البديلة والدور الكبير الذي لعبه ميناء حمد في فتح خطوط تجارية بديلة مع العالم، الأمر الذي عمل تسهيل دخول البضاعة وبأسعار قليلة.
وأكد الزبن إلى أن الصناعة الوطنية لعبت دوراً كبيراً في مشاريع البنية التحتية الخاصة بالتحضير لبطولة كأس العالم قطر 2022، حيث يتم تأمين كافة أعمال الفايبر والألمنيوم والعوازل لمشاريع كأس العالم من المصانع الوطنية، إضافة لتأمين حاجة المولات والمحلات التجارية المحلية.
وبين أن المنتج الوطني أثبت جودته بثلاثة أضعاف مقارنة بالمواد الأولية التي تأتي من الخارج وتلبي خطوط الإنتاج حاجة السوق أولا بأول.
الصناعات الدوائية
ويعد قطاع الصناعات الدوائية من الصناعات الإستراتيجية القوية للأمن الاقتصادي الوطني ويعمل هذا القطاع ويصدر منتجات لدول مثل الأردن والسودان وليبيا واليمن وسوريا بالإضافة إلى لبنان وإثيوبيا وحصلت بعض المصانع على شهادات لتصدير منتجاته إلى أوروبا. وصممت المنطقة الاقتصادية لتوطين العديد من الصناعات مثل البتروكيماويات والصناعات البلاستيكية والورقية والدوائية وغيرها.
وتدعم المنطقة الصناعية العديد من الحوافز التي تقدمها قطر من الحوافز الجمركية مدعومة بخدمات البنية التحتية مثل الكهرباء والصرف الصحي والغاز ومجمع للخدمات المساندة لتقديم الخدمات الأخرى.
وقال الدكتور أحمد حمد الحسن المهندي – رئيس مجلس إدارة شركة قطر الحياة للصناعات الدوائية، إنهم استطاعوا خلال السنوات الماضية تأسيس مصنع أدوية ولعب دوراً كبيراً في ظل الأزمة الخليجية الحالية ويتوسع باستمرار. وبين المهندي أن هدف مصنع قطر الحياة هو توفير الأدوية لقطر والعالم، من خلال جهود كبيرة ودعم كبير من الدولة، مبيناً أهمية هذه الصناعة في نقل التكنولوجيا والمعرفة وإضافة حقيقية للصناعات الوطنية.
وكشف الدكتور المهندي عن خطة توسعية لمصنع قطر الحياة بإنتاج أدوية جديدة لنحو 40 منتجا في المرحلة الأولى ويعملون على تسجيل نحو 10 أدوية من المرحلة الثانية.
مشدداً: ما فقدناه من الأدوية من دول الحصار سيتم إنتاجها في قطر خلال الفترة المقبلة.
ودعا الدكتور المهندي لأهمية الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص لضمان تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتحفيزها لتكون إضافة حقيقية للصناعات الوطنية والاقتصاد.
وبين أن نجاح الصناعات الصغيرة والمتوسطة يرفع من قيمة الميزان التجاري للدولة من خلال تصديرها للخارج بعد أن يكتفي السوق المحلي.
وأعلن المهندي عن إنتاج أحد الأدوية ويسمى (QVY) هذا الشتاء كآخر المنتجات الوطنية في مجال الصناعات الدوائية، معتبراً إياه فخراً للصناعة المحلية ويتم إنتاجه 100% في قطر، متوقعاً أن ينتشر في الصيدليات والمستشفيات.
أعمال الطرق
وأكد عادل عبدالرزاق حيدر الشريك بمصنع إكسل للصناعات المعدنية لـ«لوسيل» على أهمية وجود المعارض الصناعية لنقل وتبادل الخبرات بين المشاركين، مشيراً إلى أنهم بدأوا في تغطية كافة الاحتياجات المطلوبة في الصناعات المعدنية.
وبين حيدر أن الصناعات الوطنية تدخل بشكل كبير في إمدادات المواد المتعلقة بأعمال الطرق وأصبح مصنعهم متخصصا في هذا المجال مثل علامات الطريق وتأثيث الطرق تشمل حتى مقاعد الجلوس على الطرق وصناديق البريد كلها أصبحت تصنع محلياً.
وقال حيدر إن رعاية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى لمعرض صنع في قطر يمثل دفعة كبيرة وتشجيعاً للصناعات الوطنية لتنمو وتتطور بالشكل الذي يلبي طموحات البلاد وتدعم الاقتصاد الوطني.
وقال: «إذا دعم رأس الهرم الصناعة المحلية يعني نجاحها بشكل لا يدع مجالاً للشك». ويبلغ العدد الإجمالي للمصانع المحلية في الدولة نحو 730 مصنعا موزعة على ست مناطق صناعية وتبلغ استثماراتها نحو 260 مليار ريال، والمتوقع أن يشهد العام الجاري تأسيس وإنشاء من 50 إلى 60 مصنعا محليا بمختلف المجالات الصناعية التي تلبي حاجة السوق المحلي.
وفاز نحو 63 مصنعا بالمرحلة الأولى من مبادرة «امتلك مصنعا خلال 72 ساعة» التي أطلقتها اللجنة التنسيقية لإدارة النافذة الواحدة بقيمة إجمالي استثمارات حوالي 2.5 مليار ريال وذلك في القطاعات الثمانية التي شملتها المبادرة.
صناعة الورق
أكد عدنان اشكناني صاحب مصنع المتكاملة للمنتجات الورقية أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة تشكل العصب الرئيسي لاقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، لافتا إلى أن العديد من الدول النامية والناشئة لن يكون لها حضور كبير على الساحة العالمية إلا بعد اللجوء والتركيز على الصناعات الصغيرة والمتوسطة، إذ إنها الأساس في التوظيف ودعم الصناعات الأخرى خاصة الكبرى.
وبين أن دول الخليج اعتمدت في السابق على صناعة النفط كمصدر للدخل إلا أنه يجب أن يكون هناك توجه نحو الصناعات الصغيرة والمتوسطة لتكون رافدا ومساندا للمصانع والصناعات الكبرى.
وأشار إلى أن الحوافز التي قدمتها الحكومة مؤخرا للقطاع الصناعي تعبر عن الدعم اللامحدود للصناعة الوطنية ومن ضمنها الصناعات الصغيرة والمتوسطة، لافتا إلى أن ذلك الدعم سيشكل دافعا للصناعات الصغيرة والمتوسطة داخل الدولة في السنوات المقبلة.
وأوضح أن الطموح لدى الصناعات المحلية خلال الفترة الحالية بوعد قطع شوط كبير في تطوير المنتجات أن يكون هناك دعم للوصول المنتجات الوطنية إلى أسواق الدول الشقيقة وفتح أبواب التصدير من أجل ضمان استمرار الصناعة الوطنية لسنوات، بالإضافة إلى السير قدما في تطوير المنتجات والسلع.