تضاعف أرقام الإنتاج المحلي دليل واضح.. قطر تسير بالاتجاه الصحيح

الدوحة – قنا

تولي دولة قطر، بتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى “حفظه الله ورعاه” أهمية كبيرة للقطاع الزراعي باعتباره القطاع المنوط به تحقيق الأمن الغذائي، ولكونه أحد أهم أولويات الدولة خلال الفترة الحالية والمقبلة.

ونتيجة لهذا الاهتمام المتزايد، حقق القطاع الزراعي في قطر بشقيه النباتي والحيواني قفزات كبيرة على طريق التنمية المستدامة وتحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة بعد أن تم تخصيص دعم سنوي لهذا القطاع قدره 70 مليون ريال على مدى السنوات الخمس المقبلة، بهدف تحفيز الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي وتسويق المنتجات الزراعية.
وترتكز الاستراتيجية الزراعية بدولة قطر على التوسع في المنتجات الزراعية مثل الخضروات والتمور واللحوم الحمراء والدواجن والبيض، والأسماك والألبان والأعلاف الخضراء، مع مراعاة المحافظة على الموارد الطبيعية في البلاد والعمل على حسن استغلالها، مما أدى إلى تضاعف الإنتاج المحلي من الخضروات واللحوم والأسماك والدواجن وبيض المائدة وأعلاف الحيوانات بما يزيد عن 400 بالمائة خلال عام واحد، كما أولت الدولة أهمية خاصة للرقابة على الأغذية من الناحية الصحية والنوعية، بما يضمن رفع مستوى جودة وسلامة المنتجات الغذائية.
وفي هذا السياق، قال سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني الوكيل المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية بوزارة البلدية والبيئة ، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن أحدث الإحصاءات تظهر التطور الكبير في الإنتاج الزراعي، ومن ذلك زيادة مساحات البيوت المحمية المبردة من 49 هكتارا عام 2017 إلى 73 هكتارا في عام 2018، وبالتالي ارتفعت كميات إنتاجها من الخضروات من 4814 طنا العام الماضي إلى 6500 طن العام الحالي.
وأضاف “كما زادت مساحات البيوت المحمية غير المبردة من 200 هكتار عام 2017 إلى 220 هكتارا في العام الجاري، وهو ما أدى بدوره إلى زيادة إنتاجها من 17 إلى 20 ألف طن، في حين ارتفع إنتاج الخضروات في الأراضي المكشوفة من 33 ألف طن عام 2017 إلى 36 ألف طن عام 2018”.
وفيما يخص انتاج الألبان ومشتقاتها، فقد وصل، وفقا لآخر الإحصاءات، خلال هذا العام إلى 500 طن في اليوم، تغطي نسبة 83 بالمئة من الاستهلاك المحلي، مقابل إنتاج 154 طنا في اليوم عام 2017 ، بنسبة اكتفاء ذاتي تمثل 24 بالمائة .
وبالنسبة للدواجن الطازجة، أوضح سعادة الشيخ فالح بن ناصر آل ثاني أن الإنتاج منها قبل الحصار وصل إلى 30 طنا في اليوم بنسبة اكتفاء ذاتي قدرها 50 بالمائة، بينما وصل الآن إلى 59 طنا، تغطي نسبة 98 بالمئة من الاستهلاك المحلي .
كما شملت الزيادات الملحوظة في الانتاج الزراعي، بشقيه النباتي والحيواني، كذلك بيض المائدة حيث ارتفع الإنتاج من 11 طنا عام 2017 تمثل 14 بالمئة من الاكتفاء الذاتي إلى 19 طنا تمثل 24 بالمئة من الاكتفاء الذاتي .
وبالنسبة لإنتاج الأسماك، فقد بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي حاليا منه 80 بالمائة، ويتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 90 بالمائة خلال عامين ، مع توفر خطط زيادة الإنتاج، فضلا عن مشاريع الاستزراع السمكي ، ومنها مشاريع الأقفاص العائمة.
وتؤكد هذه النسب المرتفعة في الإنتاج الزراعي القطري، أن الوضع الراهن من السلع والمنتجات الزراعية الأساسية مطمئن للغاية، مع وجود خطط طموحة لزيادته في الكثير منها ، ليصل إلى مائة في المائة في غضون الأشهر الستة المقبلة، في إطار استراتيجية القطاع الزراعي بوزارة البلدية والبيئة.

وفي إطار جهود الدولة وتوجهاتها للعمل على مساعدة المنتج الزراعي القطري وحل المشكلات التي تواجهه، تم التنسيق والتعاون بين وزارتي البلدية والبيئة، والاقتصاد والتجارة لإطلاق برنامج جديد لتسويق الخضروات القطرية في المجمعات الاستهلاكية يسمى “مزارع قطر”، وتقوم فكرته على إتاحة الفرصة للمزارع القطري لعرض إنتاجه المحلي من خضروات الدرجة الأولى القطرية في المجمعات الاستهلاكية بجودة عالية وبأسعار مناسبة للمستهلك دون وسيط، ودون دفع المزارع لأي عمولات مالية نظير ذلك، على ان يتم بيع هذه الخضروات بالمجمعات بنظام المفرق ” بالوزن” ، علما أنه تم تدشين البرنامج خلال شهر مارس الماضي في أربعة مجمعات استهلاكية بالدولة هي “الميرة”، “اللولو”، “كارفور” ، و”التموين العائلي”.
وقد حقق البرنامج خلال الفترة من 15 إلى 31 مارس الماضي مبيعات كبيرة وغير مسبوقة للمزارعين المشاركين فيه، مقارنة بأي برنامج تسويقي آخر، حيث تم خلال النصف الثاني من الشهر المذكور فقط، تسويق كمية من الخضروات القطرية بلغت مليونا و209 آلاف كيلوغرامات، وهي أكبر كمية تم تسويقها في جميع البرامج التسويقية لوزارة البلدية والزراعة خلال هذه الفترة .
وتوضح آخر إحصاءات القطاع الزراعي بوزارة البلدية والزراعة أهمية الخضروات المسوقة في برنامج “مزارع قطر”، حيث تم خلال النصف الثاني من شهر مارس 2018 تسويق انواع متعددة من الخضروات للمجمعات الاستهلاكية المشاركة في البرنامج.
كما مثلت الخضروات القطرية التي سوقت في المجمعات الاستهلاكية المشاركة ببرنامج “مزارع قطر”، نسبة 64 بالمئة كمتوسط لجميع انواع الخضروات المعروضة بالمجمعات الاستهلاكية مقابل نسبة 36 بالمائة فقط للخضروات المستوردة، علما أنه قبل البرنامج كانت نسبة الخضروات المحلية بالمجمعات لا تتجاوز 5 بالمائة.
ويؤكد سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني الوكيل المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية بوزارة البلدية والبيئة، في تصريحاته لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أنه رغم قصر المدة التي عمل خلالها برنامج “مزارع قطر” إلا أنه حقق العديد من المكاسب لكل من المنتج والمستهلك على حد سواء.
وأوضح أنه من أهم هذه المكاسب إثبات قدرة الخضروات المحلية على منافسة نظيرتها المستوردة، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات المجمعات الاستهلاكية، بعد أن كانت الخضروات المستوردة هي المسيطر الرئيسي على السوق، وهو الأمر الذي يفتح المجال أمام زيادة الانتاج من الخضروات القطرية، حيث ان مشاكل التسويق تعتبر هي أهم المعوقات التي تقف أمام زيادة انتاج المزارع القطرية .
ولفت سعادته الى انه من بين المكاسب تأهيل عدد كبير من المزارع القطرية الذي وصل الى ” 105 ” مزارع تستطيع توريد انتاجها من الخضروات بجودة عالية الى المجمعات الاستهلاكية وبشكل يومي، كما قام العديد من المزارع بشراء سيارات نقل مبردة لنقل الإنتاج للمجمعات الاستهلاكية ، وهو ما ينعكس بشكل ايجابي على انخفاض نسبة الفاقد والتالف من الخضروات المحلية لأقل حد ممكن .
وأضاف انه من بين المكاسب التي تحققت أيضا من برنامج “مزارع قطر” وجود تحسن ايجابي في أسعار مزاد الخضروات لبعض الانواع وخاصة الطماطم ، مشددا على أنه مع استمرار البرنامج بشكل منظم سيصبح نقطة انطلاق هامة لمنع تحكم الوسطاء وتحقيقيهم لمكاسب كبيرة على حساب كل من المنتج الزراعي والمستهلك.
وحقق البرنامج مكسبا آخر مهما تمثل في وجود أثر إيجابي كبير على اسعار المستهلك ،حيث لوحظ حدوث انخفاض واضح في اسعار الخضروات المستوردة المعروضة بالمجمعات الاستهلاكية، بسبب منافسة الخضروات المحلية لها ، لتصل قيمة هذا الانخفاض الى اكثر من 50 بالمائة لبعض انواع الخضروات المستوردة، ما يؤكد دور المنتج المحلي في ضبط اسعار السوق .
كما أسهم البرنامج في توفير خيارات المنتج المحلي والمستورد امام المستهلك بالمجمعات لتقرير حاجته ، بدلاً من وجود الخضروات المستوردة فقط ، وهو ما يصب في صالح الانتاج المحلي والذي اصبح له جمهور كبير من المستهلكين .
ومن المكاسب الحيوية والمهمة لبرنامج “مزارع قطر ” تراجع نسبة المستورد من الخضروات في المجمعات الاستهلاكية، حيث انخفضت نسبة مبيعات المستورد في بعض المجمعات الاستهلاكية لأكثر من 90 بالمائة، وهو ما يساهم بفعالية في زيادة الانتاج المحلي ، وبالفعل كما توضح الإحصاءات الزراعية القطرية، فقد ساهم البرنامج في تشجيع المزارع القطرية لزراعة عروات اضافية بعد تحسن الاسعار، ووجود منفذ تسويقي مناسب لتسويق انتاجهم .

وتضطلع البحوث الزراعية بدور مهم وكبير في تطوير وزيادة الإنتاج الزراعي، لذلك تحرص وزارة البلدية والزراعة على إنشاء وتطوير المراكز البحثية المتخصصة في هذا المجال حيث انتهت من إنشاء ثلاثة مراكز بحثية تهتم بتطوير الأبحاث الخاصة بالإنتاج الحيواني والسمكي وطائر الحبارى، بما يسهم في جودة وزيادة الإنتاج وتعزيز الأمن الغذائي والتوسع في استخدام تكنولوجيا التلقيح الاصطناعي.
وفي هذا الصدد تم الانتهاء من إنشاء مركز الأبحاث المائية في رأس مطبخ بمنطقة الخور، وافتتاح محطة الإنتاج الحيواني بالشيحانية في أبريل الماضي ووضع التصاميم الخاصة بمركز البحوث والإرشاد الزراعي بمنطقة “المزروعة” حيث سيتم البدء في إنشاء المرحلة الأولى منه عام 2019 ، علاوة على العمل لتفعيل التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتبني قطر لنهج متكامل شامل للتنمية المستدامة.
كما تحرص الوزارة على اقامة وتنظيم الفعاليات الزراعية المحلية والدولية، ومن ذلك معرض قطر الزراعي الدولي الذي أقيمت دورته السادسة في مارس الماضي بمركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات، بهدف تسليط الضوء على الابتكارات الحديثة في التقنيات الزراعية ووضع خارطة الطريق التي تحقق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة وتوسيع والفرص الاستثمارية في المجال الزراعي وكل ما يتعلق به.
وعادة ما يقدم المعرض فرصا مثالية للمتخصصين في هذه الصناعة تمكنهم من استكشاف نطاق واسع من المعدات والتقنيات والمنتجات الزراعية بالإضافة إلى مقابلة كبار صناع القرار والتعرف على أفضل الممارسات التي تقام طيلة أيام المعرض، ومنها مؤتمرات تخص الأمن الغذائي والقوانين البيئية وغيرها، في وقت تحرص فيه وزارة البلدية والبيئة على تكريم المزارع والمزارعين القطريين المنتجين في قطاعات الثروة السمكية والحيوانية والمهتمين بالبيئة لتحفيزهم وغيرهم لزيادة الإنتاج والتوسع فيه بشتى أصنافه، مع تقديم الدعم لهم ماديا أو عبر المعدات والبذور والأدوية التي يحتاجها المزارعون حسب رغبة كل منهم.
وفي إطار جهود تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات والسلع الزراعية، تتبنى الوزارة العديد من المبادرات الهادفة في هذا الخصوص مثل طرح المشاريع الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي عن طريق توفير الفرص لمستثمري القطاع الخاص في المجال الزراعي ومن ذلك طرح أربعة مشاريع استراتيجية كبيرة لإنتاج الخضراوات بمساحة قدرها مليون متر مربع للمشروع الواحد.
كما تشمل هذه المبادرات كذلك طرح عدد من المشاريع الاستثمارية لإنتاج الأعلاف الخضراء بمياه الصرف الصحي المعالج، وذلك للمحافظة على المياه الجوفية وعدم استنزافها، وطرح مشروع جديد لاستزراع الأسماك بالأقفاص العائمة بطاقة إنتاجية قدرها 2000 طن من الأسماك سنويا، وغير ذلك من المشاريع المشابهة والمبتكرة في مجال الأمن الغذائي على طريق تحقيق الاستراتيجية الوطنية الشاملة للأمن الغذائي .
كما تضطلع وزارة البلدية والبيئة بمسؤولية تنمية الموارد الطبيعية لزيادة الإنتاج وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، مع المحافظة علي البيئة القطرية وتنميتها بصورة مستدامة، سيما وأن التنمية المستدامة هي نتاج لسياسات وخطط تقوم على أسس علمية مدروسة ، يتم على ضوئها اتخاذ القرارات السليمة التي تشجع مسيرة التقدم الاقتصادي مع المحافظة على الموارد الطبيعية ، في وقت ترتكز فيه الاستراتيجية الزراعية على زيادة نسب الاكتفاء الذاتي وإنتاج السلع الزراعية التي تتمتع فيها الدولة بميزة نسبية مثل الخضراوات واللحوم الحمراء والدواجن والبيض والاسماك، مع الأخذ بعين الاعتبار الاستغلال المستدام للموارد الطبيعية.
لذلك كله، وبالرغم من ظروف الحصار الجائر، فقد حقق القطاع الزراعي القطري بفضل الاهتمام المتزايد من الحكومة الرشيدة ، قفزات كبيرة في سبيل تغطية متطلبات السوق المحلي في القطاعات النباتية والحيوانية والسمكية والوصول إلى معدلات مرتفعة من الاكتفاء الذاتي.

السابق
كيم كاردشيان تكسر التقاليد داخل البيت الأبيض خلال اجتماعها مع ترامب
التالي
الدولة  “التي دمرها أهلها” دون عاصمة وجميع سكانها مصابون بالسكري.. هنا التفاصيل