تصاعدت بشكل حاد مؤخراً.. قطر: الوقوف بوجه المتعدين على أملاك الدولة

الدوحة – وكالات:

شهدت الشهور القليلة الماضية تصاعد حالات التعدي على أملاك الدولة والتي تتصدرها إقامة بيوت البر أو توسعة المزارع، إضافة إلى قيام البعض بتسوير الأراضي الفضاء دون أن يكون لديهم أي سندات ملكية أو حيازة قانونية لها.

وتشمل تلك التعديات استغلال الأراضي الفضاء الواقعة وتحويلها إلى مواقف للسيارات أو سكن غير مرخص لعمال المنازل أو لإنشاء حدائق خاصة على أملاك الدولة.

وأكّد خبراء قانونيون ورجال أعمال ومواطنون أن تساهل بعض البلديات مع حالات التعدي على أملاك الدولة ساهم في زيادة حجمها، محذرين من عدم تفعيل القانون الذي يتضمن غرامات وعقوبات رادعة تصل إلى الحبس 6 أشهر.

ودعوا لتشديد الرقابة وعدم التهاون مع المخالفين وتطبيق القانون على الجميع دون استثناءات أو مُحاباة على حساب المنفعة العامة للدولة.

وأكّدوا أن الدولة أولت اهتماماً كبيراً لقضية حماية أملاكها، حيث صدر قرار أميري بإنشاء لجنة لحماية أملاك الدولة، لافتين إلى أن تلك اللجنة تقوم بالأمور التنفيذية الخاصة بتطبيق قانون أملاك الدولة العامة والخاصة والسهر على حماية هذه الأملاك في مواجهة كل من تسوّل لهم أنفسهم التعدي عليها.

وأشاروا إلى أن أملاك الدولة تعتبر من المرافق الحيوية التي تخدم الدولة والمواطنين بصفة عامة والتي يحصل من خلالها المواطنون على خدمات سواء طرقاً أو مستشفيات أو حدائق أو مساجد وغير ذلك.

ونوهوا بوضع المشرّع عقوبات رادعة بحق مرتكبي جرائم الاعتداء على أملاك الدولة تصل إلى الحبس لمدّة لا تزيد على 6 أشهر، أو بغرامة لا تتجاوز 6 آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من تعدّى على أملاك الدولة العامة أو الخاصة أو وضع اليد عليها أو استعملها أو انتفع بها بأي وجه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بالمخالفة للأوضاع والشروط المقرّرة بالقوانين واللوائح التنفيذية التي تنظّم طريقة التصرف في هذه الأموال واستغلالها.

خليفة السيد:

حملات مكثفة لإزالة تعديات البر

قال الكاتب والباحث في الموروث الشعبي خليفة السيد: على الدولة أن تقوم بتحديد الأملاك العامة ولا تتركها خالية فيطمع فيها بعض الأفراد كما يحدث حالياً. وأضاف: هناك حالات تعديات كثيرة تحدث في أنحاء متفرّقة من الدولة، ولاسيما في مناطق المزارع، حيث يقوم بعض أصحاب المزارع باستغلال إحاطة مزارعهم بالشبك فيقومون بالتمدد بحدودها على حساب أراضي الدولة بقدر ما يستطيعون، وقد فطنت الأجهزة المعنية في الدولة إلى ذلك، وبدأت منذ سنوات في تنفيذ سلسلة من الحملات لإزالة مثل هذه التعديات.

وأكّد أنه قبل سنوات عديدة كان الكثير من الأشخاص يقومون بالتوسع في الأراضي المجاورة لهم على حساب أراضي الدولة، وعندما كانوا يتقدمون لتسجيلها كان يتم الإشارة في عقود التسجيل إلى أنها آلت إليهم بوضع اليد.

وأوضح أن كل هذا تغير في الوقت الحالي وأصبح يتعين على أي شخص يريد الحصول على قطع أرض مجاورة له أن يتقدم بطلب إلى البلدية ويتم حساب سعر الأرض وبناء على السعر الذي يحدده الخبراء المعنيون يتمّ بيعها. وقال إنه رغم تراجع حالات التعدي على أملاك الدولة في الوقت الحالي إلا أن أكثر حالات التعدي التي تقع تحدث في البرّ، كما تحدث أيضاً داخل الفرجان، حيث يقوم البعض باستغلال أي قطعة أرض فضاء مجاورة لمنازلهم واستخدامها، إما بتحويلها إلى مواقف أو حدائق، كما تنتشر ظاهرة وضع الكبائن على أملاك الدولة في العديد من المناطق بأنحاء الدولة. وأكّد أنه يجب أن تقوم الجهات المعنية بتشديد إجراءات الرقابة على حالات التعدي وأن تسارع بإزالتها فور حدوثها ولا تنتظر حتى تصبح أمراً واقعاً يصعب إزالته.

صالح الكعبي:

ضرورة التعامل بسرعة وحسم مع التعديات

أكّد صالح فضل الكعبي المُدير التنفيذي لنادي المرخية الرياضي أنه يجب أن تكون هناك إجراءات صارمة وحاسمة تجاه أي حالة من حالات التعدّي على أملاك الدولة، وألا تكون هناك استثناءات في هذا الشأن، كما ينبغي العمل على إزالة التعديات بشكل سريع فور حدوثها وعدم الانتظار حتى تتفاقم.

وأضاف: الكعبي: الدولة لم تقصر مع المواطنين على الإطلاق وقامت بمنحهم الأراضي والقروض لبنائها، وبالتالي فأنه ليس هناك مبرر للمواطن لأن يتعدّى على أراضٍ ليست ملكه، وأشار إلى أن مشكلة التعديات تكمن في تراخي بعض الموظفين في البلديات في التعامل بحسم مع بعض حالات التعدي، حيث يغضون الطرف عنها لمبررات وذرائع مختلفة، ومثل هذا التغاضي قد يؤدّي فيما بعد إلى نتائج لا تحمد عقباها.

وأكّد أن بعض الموظفين المعنيين يغضون الطرف عنها مما يشجّع الآخرين على تقليد المخالفين كلما سنحت لهم الفرصة لذلك. وأضاف: لا تقتصر مُخالفات التعدّي على أملاك الدولة وعلى الفرجان فقط بل إنها تمتدّ لتشمل مناطق البرّ أيضاً، وقد قامت البلدية والجهات المعنية الأخرى بجهود طيبة في هذا الشأن إلا أنّ الأمر يتطلب تكثيف تلك الجهود.

المحامي راشد سعد آل سعد:

التعــدي على الأمــلاك العامــة جريمــة جنائيــة

أكد راشد سعد آل سعد، العضو الاستشاري في مركز قطر للمال وعضو لجنة قبول المحامين، إن التعدي على ممتلكات الدولة يعدّ جريمة جنائية والمشرع القطري أعطى لجنة حماية أملاك الدولة أهمية كبيرة لأنها تمس المصلحة العامة وحقوق المواطنين.

وقال: لقد شهدت الفترة الماضية تصاعداً في مخالفات الاعتداء على أملاك الدولة سواء تلك الواقعة داخل الحيز العمراني للمدن أو في البر بسبب الاستثناءات غير القانونية وتقاعس بعض البلديات عن تنفيذ نصوص القانون، ويمكننا أن نلاحظ وجود العديد من التعديات خاصة بالمناطق الخارجية مثل بعض بيوت البر وتوسعة بعض المزارع فضلاً عن الأراضي المسورة التي لا يملك أصحابها أي سند أو حيازة قانونيّة.

وأضاف: لا بد من التقيد بالأنظمة التي سنتها الدولة فيما يتعلق بمنع التعدي على الأراضي سواء العامة أو الخاصة والتي منها القانون رقم 10 لسنة 1987 بشأن أملاك الدولة العامة والخاصة الذي حدد أملاك الدولة العامة والخاصة وقد جاءت نصوصه القانونية بفرض حماية على هذه الأملاك بحيث نص هذا القانون بالعقوبة بالحبس لمدة لا تزيد على 6 أشهر أو بغرامة لا تتجاوز 6 آلاف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من تعدّى على أملاك الدولة العامة أو الخاصة أو وضع اليد عليها أو استعملها أو انتفع بها بأي وجه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بالمخالفة للأوضاع والشروط المقررة بالقوانين واللوائح التنفيذية التي تنظم طريقة التصرف في هذه الأموال واستغلالها.

وطالب آل سعد بتشديد الرقابة وتفعيل القانون وردع المخالفين لوقف الاعتداء على أملاك الدولة وعدم التهاون مع المخالفين دون استثناءات أو محاباة لأشخاص على حساب المنفعة العامة للدولة، مؤكداً أن الدولة قد أولت اهتماماً كبيراً لحماية أملاك الدولة بصدور قرار أميري بإنشاء لجنة لحماية أملاك الدولة برئاسة معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية لتتولى هذه اللجنة القيام بالأمور التنفيذية من أجل تطبيق قانون أملاك الدولة العامة والخاصة والسهر على حماية هذه الأملاك من الذين تسوّل لهم أنفسهم التعدي على هذه الأملاك والتي تعتبر من المرافق الحيوية التي تخدم الدولة والمواطنين بصفة عامة والتي يحصل من خلالها المُواطنون على خدمات سواء طرق أو مستشفيات أو حدائق أو مساجد وغير ذلك.

حامد اللبدة:

الورش العشوائية تتصدر مخالفات الفرجان

أكد رجل الأعمال حامد اللبدة صاحب مزرعة العطورية أن إمكانية التعدي على أملاك الدولة في البر أصبحت أمراً في غاية الصعوبة في الوقت الحالي لأن الجهات المعنيّة في الدولة تفرض رقابة شديدة على البر من خلال الحملات التي يقوم بها مفتشو البلدية والجهات المعنيّة الأخرى.

وأضاف: بخلاف رقابة البلدية فإن تعاون أجهزة الدولة مع أصحاب المزارع لا يجعل هناك مجالاً لذلك حيث سبق أن تقدّم العديد من أصحاب المزارع بطلبات لزيادة مساحات مزارعهم ولم تقصر الجهات المعنيّة معهم حيث قامت بمنحهم مساحات إضافية.

وتابع: الدليل على وجود رقابة شديدة من الدولة هو أنني شخصياً كان عندي مساحة زائدة وصلت إلى 1000 متر مربع نتيجة لأن الشبك المحيط بالمزرعة لم يتم تركيبه بشكل منتظم وقد حضر المعنيون بالبلدية وقاموا بقياس مساحة المزرعة بالسنتيمتر.

وقد قامت أجهزة الدولة بإزالة الكثير من حالات التعدي في العديد من المزارع ولأنني أقوم حالياً باستخدام مساحة مزرعتي بالكامل فأنا أعتزم التقدّم بطلب لتوسعتها.

وقال اللبدة إن التعديات التي تحدث داخل الفرجان ربما تكون أكثر من تلك التي تحدث في البر حيث نجد البعض يقومون بأقامة ورش عشوائية ومظلات بارزة بشكل لافت أمام منازلهم لحماية سياراتهم من الشمس حيث يتعدّى بروزها الرصيف بدرجة كبيرة تشكل خطراً على السيارات التي تسير في الشارع وكذلك على صاحب المنزل ذاته في حال وقوع حادث بسببها.

وأضاف: بالنسبة لهذه النوعية من المظلات التي تشكل خطراً على السيارات فإنه يجب العمل على إزالتها فوراً أما تلك التي لا تشكل خطراً ولا تسيئ للمظهر العام فإنه لا ضرر من وجودها.

عبدالعزيز العمادي:

التعديات ظاهرة في البر ووسط الفرجان

أوضح رجل الأعمال عبدالعزيز العمادي أن التعدي على أملاك الدولة بات ظاهرة منتشرة بكثرة في مناطق مختلفة من الدولة سواء في البر أو داخل الفرجان وإن كان انتشارها وسط الفرجان أكبر.

وأضاف: التعدي داخل الفرجان يتخذ عدة صور أبرزها شغل الأرصفة وتحويلها إلى مواقف للسيارات لدرجة أن البعض يقومون بنزع الإنترلوك الذي أنفقت الدولة الملايين من الريالات على إقامته.

والأدهى أنهم يقومون بتركيب مظلات في الشوارع العامة تشكل خطراً على السيارات التي تمرّ في الطريق لأنها تبدو بارزة بشكل ملحوظ في الشارع متناسين أن هذه الشوارع ملك للدولة وليست ملكية خاصة لهم مما يتعيّن على الجهات المعنيّة أن تتخذ الإجراءات اللازمة نحوهم.

وتابع: إضافة إلى التعديات التي تحدث داخل الفرجان فإن هناك أشكالاً أخرى من التعدي تقع في البر وتحديداً في المزارع حيث يقوم بعض أصحاب المزارع بتحريك الشبك المحيط بمزارعهم لزيادة مساحتها بعض الشيء على حساب أراضي الدولة.

وقال: بالنسبة لمثل هذه النوعية من التعديات فإنه ينبغي أن تكون هناك لجان مختصة من البلدية للنظر في كل منها على حدة، فإذا كانت المزرعة منتجة وجميع أراضيها مشغولة ومستغلة في الزراعة بشكل تام وتحتاج إلى توسعة فإنه ينبغي مساعدة صاحبها بتقنين تلك التعديات لأنها مزارع تقدّم خدمة وطنية للبلد وتساهم في توفير الأمن الغذائي للشعب وبالتالي فإنه يجب أن نتعاون مع أصحابها لا أن نعاقبهم بل يجب أن يتم بين فترة وأخرى أن نعمل على مساعدتهم في زيادة مساحة مزارعهم كلما تطلب الأمر ذلك.

أكدت أن العقوبات رادعة.. الباحثة زينب الحيدري:

زيادة الوعي بحرمة التعدي على أملاك الدولة

قالت الباحثة القانونيّة زينب الحيدري إن العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات فيما يتعلق بجرائم التعدي على أملاك الدولة كافية ورادعة للمخالفين، لافتة إلى ضرورة تضافر كافة الجهود لحماية أملاك الدولة، بتعاون الجهات المعنيّة وأفراد المجتمع في الإبلاغ عن تلك التعديّات لتطبيق القانون.

وأكدت أن العقوبات تختلف في حالة المؤسسات والشركات عن الأفراد غالباً لأن الشركات تصدر عليها عقوبة الغرامة والإغلاق عادة، أما بالنسبة للأفراد فإن العقوبات إما أن تكون غرامة أو حبساً أو الاثنين معاً.

وأوضحت أن المادة ٢٤١ من قانون العقوبات تنصّ على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز 3 سنوات كل من خرب أو عطل عمداً جهازاً من الأشياء المعدّة للإسعاف أو للإطفاء الحريق أو لإنقاذ الغرقى أو لتوقي غير ذلك من الحوادث وكذلك كل من غيّر المكان المخصص لهذه الأشياء”.

وأوضحت أن الصيد البري من أكبر المشكلات البيئيّة التي تسبب اختلالاً في التوازن البيئي، وقد كان قديماً أحد الأنشطة التي استخدمها الإنسان من أجل توفير الملبس والمال، حيث كان يستخدم الفرو من صيد بعض أنواع الحيوانات، وكان سبب الصيد في أحيان أخرى هو الحصول على الطعام مثل صيد الطيور على اختلاف أنواعها، وفي الآونة الأخيرة أصبح الصيد يمارس على سبيل الرياضة أو الترفيه، ولقد تمّ تجريم الصيد قانونياً؛ لبعض أنواع الأحياء من أجل الحفاظ عليها من الانقراض، مضيفة إن الحياة بُنيت على التوازن وإنه إذا اختلّ هذا التوازن فإن النتيجة هي اختلال نظام الكون.

ودعت لنشر ثقافة الحفاظ على الأملاك العامة سواء كانت أراضي أو أملاكاً عامة ومرافق حيوية يستفيد منها الجميع، وذلك عبر الحملات التوعوية بمخاطر تلك التعديات، فضلاً عن ترسيخ الوازع الديني بحرمة التعدي على المال العام، وهو ما يتطلب تفعيل دور المؤسسات التعليميّة والمساجد في التوعية بأهمية حماية أملاك الدولة وعدم الإضرار بها أو التعدي عليها بأي شكل.

السابق
المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية في ضيافة الدوحة
التالي
بحلول أكتوبر.. أوكرانيا: إعفاء القطريين من تأشيرة الدخول