شكك السفير الأميركي السابق لدى السعودية تشاس فريمان بجدية المطالب التي وضعتها كل من السعودية والإمارات والبحرين لحل الأزمة مع دولة قطر، ورجح أن تكون الدول الأربع قد وضعت هذه المطالب كي يتم رفضها من قبل الدوحة، وبالتالي إيجاد مبررات لإبعاد قطر عن مجلس التعاون الخليجي وربما للقيام بعمل عسكري ضدها.
وربط الدبلوماسي الأميركي السابق والخبير في الشؤون الخليجية انفجار الأزمة الخليجية بالتحولات السياسية الداخلية التي تشهدها المملكة العربية السعودية، وتعيين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز نجله محمد ولياً للعهد، وإبعاد ابن أخيه الأمير محمد بن نايف عن مراكز القرار.
وفي مقابلة نشرها موقع “لوبيلوغ فورن بوليسي”، أدرج فريمان تعيين ولي العهد السعودي الجديد في إطار عملية تركيز السلطة، وتغيير موازين القوى داخل عائلة آل سعود، والتي بدأت منذ تسلّم سلمان مقاليد الحكم في المملكة بعد وفاة شقيقه الملك عبد الله بن عبد العزيز عام 2015. مشيراً إلى أن خطوة الملك هدفت إلى حصر عملية تداول السلطة في الفرع السديري من العائلة المالكة، أي أبناء وأحفاد عبد العزيز من زوجته حصة السديري.
وتوقع أن تسفر عن عملية إعادة تشكيل السلطة في السعودية وإعطاء صلاحيات واسعة لنجل الملك محمد بن سلمان تداعيات خطيرة على العلاقات بين أمراء آل سعود من أبناء الملك المؤسس وأحفاده، واحتمال انفجار الخلافات الداخلية بين أبناء العائلة، في ظل اعتراضات الفروع غير السديرية التي تم استبعادها عن عملية تداول الملك، مشيراً إلى أن توقيت هذه التحولات السياسية الجديدة جاء بعد ثلاثة أشهر فقط من إبعاد الأمير مقرن، أصغر أبناء عبد العزيز، عن ولاية العهد وحصرها حينها بالسديريين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، قبل الانقلاب على بن نايف وإطلاق يد ولي العهد الجديد.
ويضيف فريمان “لا أحد يعلم السبب الحقيقي لهذا التغيير، هل للأمر علاقة بتدهور صحة الملك أو بسبب الخلاف بين المحمدين (بن سلمان وبن نايف) حول حرب اليمن والتصعيد ضد قطر؟ أو هي خطوة متقدمة لتسليم الملك العرش السعودي لابنه المفضّل”.
ويشير إلى أن ذلك يحدث “في ظروف صعبة تمر بها السعودية أهمها: انهيار أسعار النفط، عجز الميزانية وتصاعد التوتر مع إيران وتداعياته المختلفة على الحروب في اليمن وسورية، والأزمة مع قطر وتدهور العلاقات مع تركيا. من الواضح أننا أمام أزمة قد تؤدّي إلى نزاع مسلح. وطبعاً قوة السعودية والإمارات العسكرية أكبر من القدرات العسكرية القطرية، لكن قطر ليست وحيدة ويمكنها تلقي مساعدة من إيران التي كسرت الحصار الغذائي. كذلك لا يجب إغفال الدور العسكري التركي”.
ويزيد فريمان “أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة تُدير كل عملياتها العسكرية في العراق وأفغانستان من قاعدة العديد العسكرية في قطر، وينتشر أكثر من عشرة آلاف جندي أميركي في هذه القاعدة التي أقيمت على أرض متنازع عليها بين السعودية وقطر، ما يزيد من الأهمية الاستراتيجية لقطر بالنسبة للولايات المتحدة، الأمر الذي يعني أنه إذا قرر السعوديون شنّ هجوم عسكري على قطر فإنهم يغامرون بوقوع مواجهة مع الولايات المتحدة”.
ويشير السفير الأميركي السابق إلى وعي أعضاء في إدارة الرئيس دونالد ترامب لخطورة الموقف السعودي على المصالح الأميركية، ويعبّرون عن مواقف مختلفة عن موقف الرئيس.
ويتابع “هنا تساؤل يتعلق بمصداقية الولايات المتحدة، والتزاماتها تجاه حلفائها بالمنطقة في حال لم تقف القوات الإميركية إلى جانب قطر لمواجهة أي اعتداء عسكري عليها؟”.
ويشبه الدبلوماسي الأميركي الخبير في شؤون الشرق الأوسط، الاستراتيجية العسكرية السعودية في حرب اليمن بتلك التي اعتمدتها إسرائيل ضد قطاع غزة وضد جنوب لبنان، لجهة استخدام القوة العسكرية لبث الرعب بين المدنيين من دون وجود أي هدف سياسي، فهي استراتيجية لا تسعى إلى إنتاج أوضاع مستقرة، ولا تملك أي تصور أو خطة لحل سلمي للأزمة التي خلّفت كارثة إنسانية ألحقت أضراراً كبيرة بصورة السعودية في العالم.
ويتناول فريمان التعاون الإماراتي الإسرائيلي في التحريض ضد قطر، مشيراً إلى دور “منظمة الدفاع عن الديمقراطية” في تعبئة الرأي العام الأميركي لترويج الحملة على قطر، معتبراً أن حكومة نتنياهو تسعى مع السعودية والإمارات، من خلال هذه الحملة، إلى توريط الولايات المتحدة في صراع عسكري مع إيران.