وكالات – بزنس كلاس:
كشفت تسريبات وثائق دبلوماسية من السفارة الامارتية في مسقط ان الامارات والسعودية حصدتا خيبة كبيرة جراء حصار قطر حيث اخفقتا في استمالة سلطنة عمان والكويت الى تحالفهما وتعززت علاقات سلطنة عمان مع الدوحة .
ونشرت صحيفة الاخبار اللبنانية في ملف الامارات ليكس تفاصيل الوثائق المسربة، حيث يقول السفير محمد سلطان السويدي في واحدة منها مُعنونة بـ (قطر للبترول) اتفاقية للتنقيب عن النفط قبالة سواحل عمان (مؤرّخة بـ20 نوفمبر 2017) إن «مسقط تستعجل الاصطفاف مع الدوحة برغم إعلانها الحياد في الأزمة الخليجية»، معتبراً تلك الاتفاقية «دليلاً على ذلك». ويتحدث السويدي في الوثيقة نفسها عن «مستوى جديد ومتطور من العلاقات بين السلطنة ودولة قطر»، مبيّناً أن خطورة الاتفاقية المذكورة تكمن في أن «السلطنة تبدي تحفظات تجاه عمليات التنقيب النفطي في البحر»، ولذا تُعدّ هذه الصفقة «الانعكاس الأكثر وضوحاً لمدى التقارب العماني – القطري خلال الأشهر القليلة الماضية».
ويُعدّد القائم بالأعمال بالإنابة، خالد علي الطنيجي، في وثيقة مورّخة بـ12نوفمبر 2017 تحمل عنوان «زيارة وزير الخارجية القطري لسلطنة عمان». يقول الطنيجي، في الوثيقة المشار إليها، إن هناك «اتفاقاً وتنسيقاً عمانياً – قطرياً في شأن أزمة قطر. ويضيف أن «التقارب العماني – القطري يبدو واضحاً من خلال ما يتم نشره عبر وسائل الإعلام العمانية الرسمية، حيث هناك ميل إعلامي واضح يتجلى من خلال الرؤى والتحليلات المنحازة للجانب القطري، والتي يتم التغاضي عنها من قبل الحكومة العمانية.
وتشير الصحيفة وفقا للوثائق الى إصرار أبوظبي على إدامة الأزمة الخليجية، ولا مبالاتها بالإبقاء على عُمان كقناة يمكن اللجوء إليها عندما تحين لحظة النزول عن الشجرة؛ إذ إن هذا الأمر يمكن «أن يتيح للدوحة مساحات جديدة لإعادة التموضع مثلما يرى الطنيجي في الوثيقة الثانية المذكورة آنفاً. وانطلاقاً من تلك الرؤية، يبدأ الحديث عن خطط لإخضاع عُمان .
خطط لإخضاع عمان
يشدّد السفير السويدي، في وثيقة «التنقيب عن النفط» على أنه «لا بد لنا من تحرك باتجاه السلطنة لثنيها بالترغيب أو الترهيب». تحرك يبدو أنه قد بدأ فعلياً منذ فترة بقيادة الإمارات، التي لها سوابق تاريخية في استفزاز عُمان والتدخل في شؤونها. حاولت أبو ظبي الانقضاض على الظهير الجنوبي – الغربي للسلطنة في اليمن (محافظة المهرة) عن طريق شراء الولاءات وعمليات التجنيد و«الأعمال الإنسانية»، لكن الجهود الإماراتية لم تفلح في تحقيق الاختراق المطلوب، ما دعا السعودية إلى التدخل بنفسها تحت ستار «منع التهريب». وإلى اليوم، لا يزال الشد والجذب قائماً بين الرياض التي تحاول إحكام قبضتها على المهرة وبين أذرع النفوذ العمانية التي بدأت السلطنة بمدّها في المحافظة، منذ أن انطلقت من هناك الدعوات إلى انفصال ظفار نهاية ستينات القرن الماضي.
وبموازاة التحرك السعودي على الأرض، تتولى أبو ظبي مهمة إثارة مسقط إعلامياً، تارة عبر الدعوة إلى ضم جزيرة سقطرى (التي تعتبر السلطنة أن لها امتداداً متقادماً فيها) إلى الإمارات، وطوراً عبر إحياء الحساسيات التاريخية المتصلة بالحدود بين الدولتين، خصوصاً محافظة مسندم العُمانية التي لا تخفى الأطماع الإماراتية فيها. وإذا كان ذلك هو الظاهر إلى الآن، فإن اللغة المستخدمة في الوثائق المُسرّبة تشي بخطوات أخرى مخفية ربما يكون العمل جارياً عليها، وقد لا تكون بعيدة مما كشفته السلطنة عام 2011، عندما أعلنت تفكيك شبكة تجسس إماراتية تستهدف «نظام الحكم» و«آلية العمل الحكومي والعسكري».
مشاركة عُمانية
وتتضمن الوثائق وثيقة مؤرخة بـ9 نوفمبر 2017، ، يتحدث القائم بالأعمال بالإنابة، خالد علي الطنيجي، عن دور عماني محتمل في تأمين كأس العالم 2022، ضمن مساعي الدوحة إلى أن «تستعين بخدمات أجهزة أمنية من دول صديقة، للمساعدة في تأمين» تلك الفعاليات. مساعٍ يضعها الطنيجي في سياق العمل القطري على «اجتذاب الحلفاء واستمالة المواقف»، وهو ما تندرج في إطاره أيضاً – بحسب الدبلوماسي الإماراتي – «تحركات قطرية – عُمانية سابقة، في سياقات أخرى مختلفة، حيث وفّرت قطر خلال الأشهر الأخيرة وظائف لآلاف من العمانيين في قطاعَي التعليم والنقل الجوي والخدمات اللوجيستية، سواء عبر استقدامهم للعمل في قطر، أو توفير فرص عمل لهم في بلدهم، عبر تمويل وتأسيس ودعم مشروعات متنوعة في السلطنة».
وساطة عُمانية
وتنقل الصحيفة فحوى وثيقة أخرى يشير فيها القائم بالأعمال بالإنابة، خالد علي الطنيجي، إلى «بدء سريان حديث» – وصفه بـ«اللافت» – «داخل أروقة القرار في السلطنة (عن) أن ما يشجع السلطنة على التصدي للعب دور الوسيط هو إشارات إيجابية تلقتها السلطنة من حاكم دبي يشجعها فيها على المبادرة، لرفضه سياسة التصعيد التي تتبناها أبوظبي.
في تعليقه على نبأ زيارة وزير المالية القطري، علي بن شريف العمادي، إلى سلطنة عمان، في نوفمبر 2017، يورد القائم بالأعمال الإماراتي بالإنابة، خالد علي الطنيجي، ما يلي:
«الزيارة التي قام بها الوزير القطري تأتي في سياق جولة تشمل عددا من الدول العربية، حيث توجه بعد مسقط إلى الخرطوم حيث حظي باستقبال رئاسي من الرئيس السوداني عمر البشير، في إطار سعي الدوحة لكسب الحلفاء من دول المنطقة، أو على الأقل تحييد تلك الدول ودعم موقفها غير المنحاز لطرف لآخر في الأزمة الخليجية الأخيرة .
وتشير الوثائق الى ان وزير المالية من الأكثر نشاطاً باتجاه الجهود القطرية للخروج من الأزمة الحالية، ومن أكثرهم ظهوراً على المستوى الإعلامي، فقد قام بعدد كبير من الجولات الخارجية ويرعى عددا من المناسبات والفعاليات داخلياً في إطار الجهود القطرية المشار إليها، وتتلخص مهمته في إيجاد منافذ تجارية واستثمارية لرؤوس الأموال القطرية والترويج للدوحة ، وهو أمر يتيح للدوحة تشكيل تحالفات إقليمية عن طريق دعم قطاعات اقتصادية واستهدفت تلك الجهود السودان وقبلها المغرب وتونس، وهذا الأمر يحتاج إلى متابعة حثيثة من الجهات المعنية في الدول لوضع حد لحركة وزير المالية القطري “.
بين الدوحة ومسقط
ووفقا للوثائق المسربة يعلّق السفير الإماراتي في عمان، محمد سلطان السويدي، على نبأ توقيع اتفاقية بين الدوحة ومسقط للتنقيب عن النفط قبالة سواحل السلطنة، بما يلي: «مستوى جديد ومتطور من العلاقات بين السلطنة ودولة قطر، يفتح الباب للدوحة لتوثيق علاقاتها أكثر بمسقط عن طريق اتفاقية تنقيب طويلة الأجل في مناطق استكشاف البترول الساحلية، في المنطقة 52 وهي منطقة الامتياز الساحلي المقابلة لحقول نفط عمانية مهمة وحيوية جنوب السلطنة، مثل حقول أمل ومرمول ونمر ومخيزنة، حيث ثارت مطالبات بالتنقيب البحري مقابل تلك الحقول على مدار السنوات الماضية. ويتضح من هذا التقارب بين الدولتين، أن السلطنة تسعى للاستفادة من الوضع الحالي الذي تمر به دولة قطر، التي تحتاج إلى منافذ اقتصادية في ظل الإجراءات الخليجية تجاهها، حيث وجدت الدوحة في سلطنة عمان متنفساً لتبادل المصالح بين البلدين، ومن المعلوم أن السلطنة تعاني من وضع اقتصادي حرج . وتمثل تلك الاتفاقية حلقة ربط إستراتيجية جديدة مع السلطنة، تفتح بها الدوحة منافذ جديدة لرؤوس الأموال لديها في استثمارات المدى الطويل، كما تشكل تلك الاتفاقية إضافة جيدة إلى الصورة القطرية في المنطقة” .