أكد أصحاب مزارع وخبراء في القطاع ضمن منطقة دول مجلس التعاون الخليجي أن التربة التي تتم عليها الزراعة في منطقة الخليج مختلفة تماماً عن أي مكان آخر، وبالتالي فهي تحتاج إلى نوعية معينة من الأسمدة، مشددين على أن أسعار الأسمدة مرتفعة إلى حد ما. وأرجعوا هذا الارتفاع إلى الأيدي العاملة المكلفة، وقالوا إن «الأسمدة في حد ذاتها ليست مرتفعة الأسعار، ولكن ما يجعل أسعارها ترتفع تكلفة الأيدي العاملة، حيث إن أجر العامل لا يقل عن 2000 ريال شهرياً في قطر على سبيل المثال، وهو ما يساهم في ارتفاع التكلفة».
وشددوا على أن إقامة مصانع أسمدة لها مواصفات وشروط خاصة، وهو ما يتسبب في الاستيراد من الخارج بشكل أكبر، وهو أيضاً يساهم في ارتفاع أسعار الأسمدة، هذا بالإضافة إلى النوعية المطلوبة لتغذية التربة في منطقة الخليج تكون ذات مواصفات خاصة.
وأوضحوا أن التربة في منطقة الخليج فقيرة، ومن الصعب الحصول على أسمدة مضمونة 100 %، وهو ما يتطلب مواصفات خاصة، وهذه المواصفات تقوم مصانع محددة متخصصة بصناعتها، ويكون الطلب عليها كبير مما يساهم في ارتفاع سعرها.
وقالوا إن «المزارع في منطقة الخليج تصرف مبالغ مالية كبيرة على الأسمدة ذات المواصفات الخاصة، وذلك للخروج بمنتجات جيدة وخاصة فيما يتعلق بالخضروات، ولذلك من الضروري التفكير بشكل جاد وعملي على ضرورة إنشاء مصانع للأسمدة في دول منطقة الخليج تقلل من عملية الاستيراد، وبالتالي تخفض الأسعار وهو ما سيعود بالفائدة على أسعار المنتجات بكل تأكيد.
التربة الفقيرة
في البداية يؤكد الدكتور وليد العنجري من الكويت -صاحب الشركة الخليجية للأسمدة العضوية والبيولوجية، والتي مقرها في عمان- أن الشركة تنتج سماداً عالي الجودة ومستخلص من الأسماء، حيث أن أغلب المادة المكونة للأسمدة عضوية وهي السمك بنسبة 80 %، وتعتبر فريدة من نوعها، خاصة وأن التربة في منطقة الخليج تحتاج إلى تطوير مستمر في موضوع الأسمدة.
وقال: «الأسعار الخاصة بالأسمدة في منطقة الخليج مرتفعة، ولكن هناك مناطق أخرى في العالم تكون مرتفعة بشكل أكبر، وهو ما يتوقف على نوعية التربة، وبالتالي فإن تكلفة الزراعة في منطقة الخليج مرتفعة، ويعود ذلك في المقام الأول إلى ارتفاع تكلفة العمالة الخاصة بهذا القطاع».
وأشار إلى أنه من المعلوم أن أفضل مادة طبيعية مغذية للنباتات هي الأسماء والطحالب البحرية لذلك يتم التركيز خلال هذه الفترة على نوع خاص من الأسمدة وهو الممزوج بسمك السردين الغني بمادة زيت أوميجا 3 لأن هذه الزيوت تتحول إلى عناصر مغذية جداً، وتفيد جميع أنواع النباتات.
وشدد على أن هذا النوع من الأسمدة يعتبر منتجاً خليجياً فريداً من نوعه، وهو متميز وصالح للتربة في المنطقة، وصديق للبية أيضاً، ومن خلاله لن يحتاج المزارع أي إضافات أخرى لتغذية النباتات، ولذلك فهو مرتفع السعر إلى حد ما ولكن مفيد للغاية.
كما أعلن أن المزارع الموجودة في منطقة الخليج بشكل عام وفي قطر بشكل خاص تتنافس فيما بينها على استخدام أفضل أنواع الأسمدة حتى لو كانت مرتفعة الأسعار لتتوافق مع التربة الموجودة، وذلك حتى يتم استخراج إنتاج مميز قادر على تعويض فارق التكلفة.
مصانع للأسمدة
ويقول المهندس سامي الدويحي -صاحب شركة زراعية تستورد مبيدات وبذور وأسمدة ومبيدات كيماوية وعضوية- إن الشركة تملك مزرعتين متخصصتين في الإنتاج العضوي للأسمدة، بالإضافة إلى مبيدات الحشرة والفطرية والعناكب والصحة العامة للمزارع، ومكافحة الصراصير، وبذور التهجين التي تصلح للطقس الموجود في منطقة الخليج.
وعن الأسعار قال: «أسعار الأسمدة في منطقة الخليج مرتفعة بكل تأكيد، ولكن بالمقارنة بدول أخرى تعتبر مناسبة إلى حد كبير، خاصة وأن الفاعلية الخاصة بها مميزة للغاية على اعتبار أنها تزرع في تربة فقيرة».
شروط
وأشار إلى أنه من الصعب الحصول على أسمدة مضمونة 100 % لأن التربة في منطقة الخليج فقيرة والفقر الخاص بها متنوع من مكان إلى آخر، وبالتالي هناك شروط كثيرة يتوقف عليها مدى استخدام نوعية معينة من الأسمدة في التربة بالمنطقة. وقال أيضاً: «عملية إنشاء مصانع أو مزارع متخصصة في إنتاج الأسمدة بمنطقة الخليج ضرورية للغاية في ظل التطور الكبير في القطاع الزراعي، ولكن هذا القطاع يحتاج إلى شروط خاصة، وبالتالي هناك ابتعاد إلى حد ما عنه، ويتم تفضيل عملية الاستيراد مما يرفع من الأسعار بكل تأكيد».
وأضاف أن أسعار الأسمدة في حد ذاتها غير مرتفعة، ولكن تكلفة العمالة العاملة في هذا القطاع هي التي تجعل الأسعار مرتفعة، وهذه التكلفة تتم إضافتها على تكلفة الأسمدة، وبالتالي تظهر الأسعار مرتفعة. كما أشار إلى أن المهندس المتخصص في صناعة هذه الأسمدة يكون له دور كبير في تحديد الأسعار أولا، ونوعية التربة ثانيا، وهو ما يؤكد أن الموضوع متشعب وله أطراف كثيرة، وفي النهاية يكون سعر الناتج من المزارع متوقف على أشياء كثيرة، منها وبشكل أساسي أسعار الأسمدة المستخدمة.
التكنولوجيا
كما يؤكد المهندس محمود أحمد -المتخصص في هذا المجال- أن أسعار الأسمدة تؤثر بكل تأكيد على المزارع والشركات في نفس الوقت، ولكن التميز هنا هو الذي يحدد السعر لأن هناك نوعيات مختلفة من الأسمدة ونوعيات مختلفة من التربة. وقال: «رغم هذا الارتفاع في الأسعار إلا أن أصحاب المزارع في منطقة الخليج يعتمدون بشكل أساسي على الأسمدة المميزة رغم ارتفاع أسعارها، من أجل الخروج بمنتجات مميزة قادرة على تعويض الفارق في التكلفة».
تحديات
وأردف مؤكداً على أن القطاع الزراعي في منطقة الخليج بشكل عام يواجه تحديات كثيرة، ولكن مع التطور الكبير في قطاع الأسمدة أصبح يلقى اهتماماً كبيراً من جانب أصحاب المزارع في ظل الرغبة المستمرة في تغذية التربة الموجودة بأفضل أنواع الأسمدة الموجودة في السوق. كما أوضح أن موضوع إقامة مصانع ومزارع للأسمدة قد لا تلقى إقبالاً كبيراً من جانب المستثمرين في منطقة الخليج، وهذا خطأ كبير للغاية، ولذلك هناك استسهال لموضوع الاستيراد للأسمدة أو الاعتماد على المزارع الموثوق فيها المتخصصة في إنتاج الأسمدة.
واختتم مشيداً بالنهضة التي يشهدها القطاع الزراعي في منطقة الخليج بشكل عام وفي قطر بشكل خاص، وقال: «القطاع الزراعي رغم كل التحديات إلا أنه أصبح يعتمد عليه بشكل كبير في التنوع الاقتصادي بمنطقة الخليج، ولذلك يعتبر انتشار الزراعات المائية في المنطقة خير دليل على أن التوجه للتكنولوجيا الحديثة في الزراعة يعتبر أحد أهم الوسائل للتغلب على فقر التربة الموجودة ومواجه تحديات الطقس».