تاريخ موثق.. عندما أرادت الرياض منع قطر من التنقيب عن النفط

وكالات – بزنس كلاس:

احتل ملف الحدود بين دولة قطر والسعودية مساحة واسعة من وثائق المكتبة البريطانية التي تمت رقمنتها بالتعاون بين مكتبة قطر الوطينة والمكتبة البريطانية.

وتظهر الوثائق اعتراض السعودية على أعمال التنقيب عن النفط في الأراضي القطرية، بحجة أن هذا فيه تهديد للمصالح السعودية. كما تكشف رسالة من جدة إلى لندن طلبا سعوديا لشركة التنقيب عن النفط في قطر بإعادة رسم إحداثياتها لمنطقة خور العديد وسلوى، بحجة أن هذه المنطقة تتقارب فيها آبار النفط السعودية من المناطق التي تخضع لقطر وجرت مراسلات عديدة شاركت فيها الهند وبريطانيا تؤكد أن التنقيب عن النفط في قطر لا يشكل أي تهديد للسعودية ولا لمخزونها النفطي في المناطق القريبة من الحدود.

وبين هذه الملفات ملف يعود تاريخه إلى ٢١ أغسطس ١٩٣٥-١٨ فبراير ١٩٣٦. يتعلق برسالة من الملك عبدالعزيز عاهل السعودية، إلى الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني، حاكم قطر، بخصوص امتياز نفط قطر والحدود السعودية القطرية. طلبت الرسالة ضرورة الموافقة على تحديد الحدود بين قطر والسعودية؛ وإلا فإن السعودية ستلجأ إلى الاحتجاج وتوقيف العمل.

ولفت المقيم السياسي في الخليج العربي إلى أن وسائل منع العمليات ستكون عن طريق إثارة الاضطرابات القبلية.

تتناول الأوراق الرد البريطاني على الرسالة، والذي أدى إلى تقديم القائم بأعمال السفير البريطاني في جدة (ألبرت سبنسر كالفرت) احتجاجًا رسميًا على ذلك. وقررت وزارة الخارجية البريطانية لاحقًا غلق القضية حتى تسوية مسألة الحدود.

نزاع حدودي

تتضمن الأوراق نص رسالة السعودية ومراسلات من المقيم السياسي في الخليج العربي، وزارة الخارجية، القائم بأعمال السفير البريطاني في جدة، والحكومة في الهند؛ ومحاضر اجتماعات مكتب الهند.

وتعرض وثيقة أخرى السياسة البريطانية فيما يخص الحدود الجنوبية الشرقية للمملكة العربية السعودية، وبالتحديد حدودها مع قطر.

تناقش المراسلات والمذكرات الواردة في بداية المجلد من منظور بريطاني أصول النزاع الحدودي وتاريخه الحديث، والذي وُصف بأنه كان معلقًا منذ سنة ١٩٣٨؛ يتعلق جزء كبير من المراسلات اللاحقة بما إذا كان على البريطانيين أن يقوموا بمحاولات جديدة للتوصل إلى اتفاق مع السعودية.

تتضمن أطراف المراسلات الجديرة بالذكر كلا من: المقيم السياسي في الخليج العربي (تشارلز جيفري برايور، ومن بعده ويليام روبرت هاي)؛ الوكيل السياسي في البحرين (ريجينالد جورج ألبان، إدوارد بيركبيك ويكفيلد، كورنيليوس جيمس بيلي)؛ الوزير البريطاني في جدة (ستانلي ر. جوردان، ومن بعده لورانس بارتون جرافتي-سميث)؛ مسؤولون في وزارة الخارجية، مكتب الهند، إدارة الشؤون الخارجية بالحكومة في الهند، ووزارة الوقود والطاقة (قسم البترول)؛ ممثلون عن وزارة الخارجية الأمريكية، شركة قطر لتطوير البترول المحدودة، شركة امتيازات النفط المحدودة، وشركة نفط العراق على التوالي.

تتضمن المسائل المتعلقة بالنقاش ما يلي:

– مطالبات ابن سعود بخصوص الحدود الجنوبية الشرقية للمملكة العربية السعودية، وخاصة تلك المتعلقة بجبل النخش [خشم النخش، قطر] وخور العديد [قطر].

– إمكانية التنقيب عن النفط، إما بالقرب أو داخل المنطقة المتنازع عليها، وتداعيات ذلك على النزاع الإقليمي.

– المخاوف البريطانية في سنة ١٩٤٧ بشأن إمكانية قيام شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) بعمليات حفر في قاع البحر بالقرب من الأراضي المتنازع عليها.

– الموقع الدقيق لعمليات الحفر المقترحة من قبل شركة امتيازات النفط المحدودة في شبه جزيرة قطر.

يتضمن المجلد أيضًا ثلاث خرائط تصور الأجزاء الشرقية والجنوبية الشرقية من شبه الجزيرة العربية، والتي تبين أن احتجاجات السعودية لا مبرر لها.

تعديات أرامكو

فيما تتناول وثيقة أخرى مراسلات، ومذكرات، وخرائط وأوراقا أخرى تتعلّق بمسائل تخص موقع الحد الجنوبي الشرقي للسعودية المتاخم لقطر ومشيخات الساحل المتصالح، خاصةً أبوظبي. حيث أرجأ مسؤولو الحكومة البريطانية المفاوضات الخاصة بالحدود نتيجةً للموقف المتصلّب الذي اتخذته السعودية في المفاوضات قبيل الحرب العالمية الثانية. إلا أن الحاجة لاتخاذ قرار قاطع في هذا الأمر باتت مُلحة بشكل متزايد نتيجة أعمال استكشاف النفط المتواصلة في السعودية، والتي تُنفّذها شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو)، بالإضافة إلى أعمال الاستكشاف في قطر وأبوظبي من قبل شركة امتيازات النفط المحدودة. تتضمن الأطراف الرئيسية للمراسلات الواردة في الملف ممثلي مكتب الهند، وزارة الخارجية ووزارة الوقود والطاقة؛ المفوضية البريطانية في جدة؛ الوكيل السياسي في البحرين؛ المقيم السياسي في الخليج العربي.

يتضمن الملف مراسلات مؤرخة من ١٩٤٤ إلى ١٩٤٥ بين مسؤولي الحكومة البريطانية في الخليج العربي، مكتب الهند ووزارة الخارجية لمناقشة الصعوبات السابقة في التفاوض بشأن الحدود الجنوبية الشرقية للسعودية، والاتفاق على عدم إجراء مفاوضات أخرى.

كما يتضمن مراسلات من أواخر سنة ١٩٤٥ حتى ١٩٤٧، بين مسؤولين حكوميين بشأن احتمال إنشاء منطقة محايدة بين منطقة امتياز أرامكو في السعودية ومنطقة امتياز شركة امتيازات النفط المحدودة في قطر. وتناولت بعض المناقشات حول اقتراحات أرامكو بالبدء في أعمال استكشاف قاع البحر قبالة الساحل الشرقي للسعودية.

وتضمنت المراسلات طلب شركة امتيازات النفط المحدودة الحصول على ترخيص بإجراء مسوحات زلزالية في أقصى الحدود الجنوبية لمنطقة الامتياز التابعة لها في قطر وتقارير عن تعديات فرق المسح التابعة لشركة أرامكو على المناطق الخاضعة لامتياز شركة امتيازات النفط المحدودة في قطر وأبوظبي.

كما تتضمن المراسلات انتقاد الحكومة لتأخر شركة امتيازات النفط المحدودة في استغلال مناطق الامتياز التابعة لها في قطر وأبوظبي، وتطرقت الى استعدادات في أغسطس ١٩٤٩ لإعادة فتح المفاوضات الحدودية مع الحكومة السعودية في جدة. تشتمل الأوراق على نسخة عن مذكرة ذات طابع سري مرفق بها خريطة، بتاريخ ٢ فبراير ١٩٤٨، للحد الجنوبي الشرقي للسعودية، وثلاث مذكرات أخرى ذات طابع سري مرفق بها خرائط؛ من إعداد الإدارة الشرقية في ١٩٤٠، تستعرض المفاوضات السابقة والحالية بشأن مكان الحدود الجنوبية الشرقية للسعودية واقتراحات بإرسال ممثلين من قطر وأبوظبي إلى مفاوضات جدة.

وتعرض وثيقة اخرى لمراسلات بين المقيم السياسي في بوشهر، والوكيل السياسي في البحرين ووزير الدولة لشؤون الهند، حول امتياز نفط قطر، والحدود الجنوبية لقطر ودور السعودية في المفاوضات.

وتكشف كل هذه الوثائق عن الحقد الدفين والتربص والمكايدة والتعنت الذي ميز السياسة العامة للسعودية في تعاملها مع قطر، خاصة إذا تعلق الأمر بسعي قطر لاستكشاف مواردها، وهو ما وثقته المكتبة البريطانية التي تحتفظ بنسخ من هذا التاريخ المخجل للسعودية.

السابق
هواوي تطلق حاسوباً جديداً يشبه MacBook.. سعر لا يتجاوز 800 دولار
التالي
الإماراتية.. مسلسل خسائر لا يتوقف