عواصم – وكالات:
لم يعد التطبيع بين السعودية وإسرائيل مجرد لقاءات عابرة على هامش الاجتماعات الدولية، أو تصريحات يدلي بها أكاديميون أو مسؤولون سابقون، وإنما تجاوز ذلك إلى مبادرة أعلى هرم السلطة بزيارة عاصمة الكيان الصهيوني.
وفي تقرير بالغ الأهمية نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، كشف مسؤول إسرائيلي، أن ولي العهد محمد بن سلمان هو المسؤول السعودي الذي زار إسرائيل سراً في شهر سبتمبر الماضي. كما أكد الصحفي الإسرائيلي أرييل كهانا الذي يعمل في أسبوعية “ماكور ريشون” اليمينية القومية، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر في سبتمبر الماضي، أن ابن سلمان زار إسرائيل مع وفد رسمي، والتقى مسؤولين.
وكانت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية الناطقة باللغة العربية قالت في السابع من سبتمبر المنصرم “إن أميراً من البلاط الملكي السعودي زار إسرائيل سرا، وبحث مع كبار المسؤولين الإسرائيليين فكرة دفع السلام الإقليمي إلى الأمام”.
ونشرت وكالة الصحافة الفرنسية أمس تقريراً موسعاً لها تناولت فيه مستقبل العلاقات العربية – الإسرائيلية في ضوء ما تقول إنه “تنسيق وتقدم” في مستوى تلك العلاقات لا سيما مع الدول الخليجية. ونقلت الوكالة عن محللين ومسؤولين إسرائيليين قولهم إن التقدم في هذه العلاقات مع دول الخليج يجري بشكل مطرد إلى العلن، ويأتي على “قاعدة أن ما يجمع الطرفين هو العداء المشترك لإيران”.
وتعليقاً على هذا الخبر، نقلت الوكالة عن المتخصص في الشؤون السعودية والمحاضر بجامعة تل أبيب عوزي رابي قوله: “منذ تولي الرئيس ترامب السلطة، وزيارته إلى الرياض في مايو حصل دفع لعلاقات ولقاءات بين الإسرائيليين والسعوديين وعمل على التعاون”.
ويضيف البروفيسور رابي: “هناك الآن سعوديون يلتقون إسرائيليين في كل مكان، هناك علاقات وظائفية مبنية على مصالح مشتركة بين إسرائيل والسعودية مثل العداء المشترك لإيران وداعش”.
وتعتبر الوكالة أن مسارعة كل من السعودية وإسرائيل أخيراً إلى الترحيب برفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإقرار بالتزام إيران بالاتفاق النووي وفرضه عقوبات جديدة عليها، يشكل مؤشراً على التقاء المصالح بين الرياض وتل أبيب.
بدوره، يشير المتخصص بموضوع الحكومات والعلاقات الدولية في جامعة سيدني غيل ميروم إلى أن العلاقات السعودية – الإسرائيلية “تعود إلى مطلع الثمانينات، إذ كانت تربط الملياردير السعودي عدنان الخاشقجي علاقات جيدة مع وزير الدفاع أرييل شارون آنذاك”. ويضيف: “لكن في المرحلة الحالية، يقتصر الحديث عن هذه العلاقات والاتصالات على الجانب الإسرائيلي الذي لطالما وجد مصلحة له في الترويج لتقارب مع العرب لأسباب عديدة، أبرزها إضعاف موقف الفلسطينيين في التفاوض مع الدولة العبرية”.
ورغم تصريحات دول خليجية وعربية بشأن عدم وجود علاقات رسمية أو غير رسمية مع إسرائيل، تحدث محللون بالدولة العبرية عن تنسيق في العلاقات بين تل أبيب وهذه الدول، كما يتوقعون أن يظهر بعضها، لا سيما مع دول الخليج، بشكل مطرد إلى العلن، على قاعدة أن ما يجمع الطرفين هو العداء المشترك لإيران.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في السادس من سبتمبر، كشف أن هناك تعاوناً على مختلف المستويات مع دول عربية لا توجد بينها وبين إسرائيل اتفاقات سلام، موضحاً أن هذه الاتصالات تجري بصورة غير معلنة، وهي أوسع نطاقاً من تلك التي جرت في أي حقبة سابقة من تاريخ إسرائيل.
وقد تؤشر مسارعة كل من المملكة العربية السعودية وإسرائيل أخيراً إلى الترحيب برفض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الإقرار بالتزام إيران بالاتفاق النووي وفرضه عقوبات جديدة عليها – إلى التقاء المصالح هذا.
وتوقف نتنياهو قبل أيام عند هذا الموضوع، قائلاً: “عندما تكون لإسرائيل والدول العربية الرئيسية رؤية واحدة، فلا بدّ من التنبّه، هذا يعني أن هناك شيئاً مهمّاً يحصل”.
وقال وزير الاتصالات في حكومة نتنياهو أيوب قرا، وهو عربي درزي وعضو في الكنيست عن حزب الليكود، أمس، إن هناك عدداً كبيراً من الدول العربية “تربطها علاقات بإسرائيل بشكل أو بآخر، تبدأ من مصر والأردن وتشمل السعودية ودول الخليج وشمال إفريقيا وقسماً من العراق.. وتشترك هذه الدول مع إسرائيل في الخشية من إيران”. كما يشير إلى روابط تكنولوجية وفي مجالات تحلية مياه البحر والزراعة. ويرى أن “أغلب دول الخليج مهيئة لعلاقات دبلوماسية مكشوفة مع إسرائيل؛ لأنها تشعر بأنها مهددة من إيران وليس من إسرائيل”. لكنه يضيف أن “العلاقات بين الائتلاف السعودي السنّي وإسرائيل تحت الرادار، ليست علنية؛ بسبب ثقافة شرق أوسطية حساسة” في هذا الموضوع.
وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، موشي يعالون، في يونيو/حزيران الماضي، أنه شارك في قمة سرية مع دول عربية معتدلة بالعقبة في الأردن قبل عام ونصف العام. وكان بين المشاركين، إلى جانب بنيامين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري، وكذلك مسؤولون عرب آخرون.
وقال يعالون: “يوجد معسكر سنّي يجد نفسه بسفينة واحدة معنا”، مؤكداً أن المجتمعين لم يبدوا اهتماماً بالقضية الفلسطينية.
ويرى كريستيان أولريشسن، الخبير في شؤون الخليج بمعهد “بايكر” للسياسات العامة التابع لجامعة “رايس” الأمريكية، أن إقامة علاقات “دبلوماسية أو رسمية” بين إسرائيل ودول الخليج “لن تحصل في غياب اختراق كبير بالموضوع الفلسطيني”، لكنه يتوقع “أن تصبح الروابط الاقتصادية والأمنية أكثر انفتاحاً خلال الأشهر والسنوات المقبلة”.