
ينقلكم فندق «بينينسولا باريس» The Peninsula Paris إلى رحاب القرن التاسع عشر الذي يعتبر عصر الإلهام المعماري في المدينة. كما يعرض أمامكم مراحل مهمة من تاريخ ذلك الصرح العريق الذي عُرف عند افتتاحه عام 1908 باسم فندق «ماجيستيك». وعندما دقت طبول الحرب العالمية الأولى عام 1914 تحول إلى مستشفى ميداني لمداواة الضباط الجرحى. كما كان خلال الحرب العالمية الثانية عام 1939 بمثابة مقر القيادة العليا للجيش الألماني في فرنسا خلال الاحتلال النازي لباريس.
ومع إطلالة صيف 2014 أضيئت أنوار الفندق من جديد بعد أن حولته شركة كتارا القطرية للضيافة إلى فندق غاية في الفخامة والترف. وبذلك حصل على تصنيف درجة «القصر» من الوكالة الفرنسية للتنمية السياحية، وهو أعلى تصنيف للفنادق في فرنسا الذي يفوق درجة الخمسة نجوم.
وبالعودة إلى بعض الجوانب المهمة لهذا الفندق– القصر، فإنه في الوقت الذي كان يعمل تحت اسم «ماجيستيك» ولغاية إقفاله عام 1975، كان نقطة جذب للملوك ورجال السياسة والفنانين والمشاهير… حتى أن اتفاقات باريس لوقف حرب فيتنام وُقعت في أروقته. وخلال عام 1928 وضع مؤلف الموسيقى الأميركي جورج غيرشوين النوتات الموسيقية لفيلم «أميركي في باريس» وهو في ضيافة فندق «ماجيستيك». وقبل ذلك بسنوات، أي خلال عام 1922، اجتمع على وليمة ضخمة داخل الفندق خمسة من ألمع الأسماء في القرن العشرين، وهم الكاتب والشاعر الإيرلندي جيمس جويس، والروائي الفرنسي مارسيل بروست الذي توفي في العام ذاته، والرسام والنحات والفنان التشكيلي الإسباني بابلو بيكاسو، ومؤسس الباليه الروسي في باريس سيرجي دياغيليف، ومؤلف الموسيقى الروسي إيغور سترافينسكي.
هؤلاء جميعاً كانوا يتمتعون بأجواء «ماجيستيك» الراقية التي اشتهر بها على مر السنين، والتي ستلحظونها اليوم عندما تدخلون بهوه الفيسح المميز بسقفه العالي، وجدرانه المزخرفة بالنقوشات، وأرضيته الرخامية. كل ذلك سيتمايل أمامكم ليؤكد لكم أنكم وصلتم إلى أحد أعرق فنادق العاصمة الفرنسية وأهمها.
يضم «بينينسولا باريس» 200 غرفة مكتسية حلة عصرية وتكنولوجيا متقدمة، و34 جناحاً تحمل جميعها روح «بينينسولا» المرادفة للفخامة المترفة. وعندما يطل الليل على مدينة النور تستقبله بأنوارها البراقة أو لربما بأنوار خجولة مثل تلك المصابيح الملونة التي تضفي على مطعم «ليلي» Lili في الطابق الأرضي من الفندق مسحة رومانسية مميزة. وكم يطيب تناول العشاء داخل ذلك المطعم الصيني الذي يُشرف على أطباقه المتنوعة طهاة يحملون جوائز رفيعة في فن المطبخ الآسيوي.
هكذا يدعوكم «بينينسولا باريس» في الحي السادس عشر المتاخم لقوس النصر وجادة الشانزيليزيه الشهيرة، إلى عيش حلم الرفاهية في ربوعه.