بنك قطر الوطني يتوقع تيسيرا تدريجيا للسياسة النقدية في المملكة المتحدة

بنك قطر الوطني

توقع بنك قطر الوطني QNB أن يتخذ بنك إنجلترا مسارًا جديدًا لسياسته النقدية، والبدء بدورة التيسير وخفض سعر الفائدة، في اجتماعه المقبل، المقرر بأغسطس 2024، وستكون هذه الخطوة مدعومة بتراجع التضخم الرئيسي إلى ما دون المستوى المستهدف، وحالة الركود الاقتصادي، والأوضاع المالية المقيدة.

وأشار البنك في تقريره الأسبوعي إلى أن دورة التيسير ستكون تدريجية، ما لم تحدث تطورات اقتصادية كبيرة غير متوقعة، مع تخفيضين إضافيين بمقدار 25 نقطة أساس العام الحالي.

وبحسب التقرير فقد شهدت المملكة المتحدة واحدة من أسوأ موجات التضخم بين الاقتصادات المتقدمة في الفترة التي أعقبت جائحة كوفيد، ورداً على ذلك، بدأ بنك إنجلترا دورة صارمة لتشديد أسعار الفائدة في نهاية 2021، تم بموجبها زيادة سعر الفائدة الرئيسي 14 مرة، وأدت سلسلة القرارات هذه إلى رفع سعر الفائدة من 0.10 إلى 5.25 بالمئة، وهو أعلى مستوى له منذ 16 عاماً، وتم الحفاظ عليه منذ أغسطس 2023.

كما بدأ بنك إنجلترا في مطلع 2022 مرحلة التشديد الكمي، ما يعني ضمناً تخفيض حيازاته من السندات الحكومية البريطانية وسندات الشركات، وسيعكس هذا الإجراء تدريجياً التوسع في الميزانية العمومية الذي تم تنفيذه لدعم الأسواق المالية والنشاط الاقتصادي خلال الجائحة.

وأضاف تقرير QNB الآن، وبعد تجاوز التضخم المستوى المستهدف لثلاث سنوات حتى بلغ معدلات مؤلفة من رقمين في النصف الثاني من 2022، يجد بنك إنجلترا نفسه في وضع مناسب لبداية مسار جديد في سياسته النقدية، متوقعًا أن يمثل اجتماع السياسة النقدية لبنك إنجلترا في أغسطس بداية لدورة تدريجية من التيسير النقدي، مدعومة بـ 3 عوامل رئيسة، هي: أولاً، بعد 3 سنوات من التضخم الذي تجاوز المستوى المستهدف، تمكّن بنك إنجلترا من السيطرة على الأسعار، الأمر الذي يقدم حجة قوية لصالح إجراء تحول في سياسة أسعار الفائدة، فقد وصل معدل التضخم الكلي إلى نسبة 2 بالمئة المستهدفة في السياسة النقدية خلال مايو، ما يحقق شرطاً أساسياً مرتقباً لتغيير اتجاه السياسة النقدية.

وبما أن المقاييس الكلية للأسعار يمكن أن تشهد بعض التقلبات على المدى القصير، فإن البنوك المركزية تراقب عن كثب التدابير الإضافية التي تكشف عن الاتجاهات الأساسية والأكثر استمرارية، وفي هذا الصدد، فإن المقياس الرئيسي هو التضخم الأساسي، فمن خلال استبعاد المكونات الأكثر تقلباً، مثل الطاقة والمنتجات الغذائية، يوفر التضخم الأساسي رؤية أكثر استقراراً وغنية بالمعلومات حول اتجاهات الأسعار الأساسية، حيث تُظهر أحدث البيانات المنشورة أن معدلات التضخم الأساسي الشهرية تقترب من 0.3 بالمئة، بانخفاض ملحوظ عن الذروة البالغة 0.9 بالمئة بداية العام الماضي. علاوة على ذلك، من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه الانكماشي، ما قد يعني ضمناً أن بنك إنجلترا يخاطر بالبقاء متأخراً إذا انتظر أكثر لخفض أسعار الفائدة، لأن الإفراط في تشديد الأوضاع النقدية يمكن أن يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، ويؤدي إلى بيئة تتسم بانخفاض التضخم بشكل غير مرغوب فيه.

ثانياً، يتوقع أن يظل النمو الاقتصادي ضعيفاً، رغم أن المملكة في طريقها للتعافي من الركود المعتدل الذي حدث في 2023، وفي النصف الثاني من العام، تراجع النشاط الاقتصادي لربعين متتاليين بنسبة 0.4 بالمئة، بسبب تشديد السياسة النقدية، وهناك مؤشرات أولية لانتعاش متواضع، حيث توسع الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من 2024 بنسبة 0.6 بالمئة، وهناك مجالاً محدوداً لانتعاش أقوى دون تقديم دعم كبير عن طريق السياسات الاقتصادية.

ويرى بنك إنجلترا بأن استطلاعات الأعمال ظلت متسقة مع الوتيرة الأبطأ المتمثلة في تحقيق نمو أساسي بنسبة 0.25 بالمئة في كل ربع، فيما تؤكد مؤشرات سوق العمل تراجع الاقتصاد، فقد ارتفع معدل البطالة بمقدار 0.6 نقطة مئوية منذ الربع الأخير من 2023، وانخفضت نسبة الوظائف الشاغرة إلى عدد العاطلين عن العمل، إلى مستويات ما قبل الجائحة، ما يضيف دليلاً آخر على أن أسواق العمل آخذة في الانفراج. بينما تتوقع /بلومبرغ/ أن يتوسع اقتصاد المملكة المتحدة العام الحالي بنسبة ضئيلة تبلغ 0.7 بالمئة، وهذا الرقم أقل كثيراً من المتوسط ??طويل الأجل البالغ 1.5 بالمئة، ويعتبر ضعيفاً للغاية بعد الركود، ويشير ضعف التعافي الاقتصادي مع سوق العمل الميسرة إلى وجود مجال واسع لتخفيف السياسة النقدية.

ثالثاً، وصلت الأوضاع المالية إلى مستويات مقيدة جداً على خلفية التشديد النقدي القوي، ويوفر مؤشر الأوضاع المالية في المملكة ملخصاً مفيداً لأوضاع السوق المالية، ويجمع هذا المؤشر بين معلومات أسعار الفائدة قصيرة وطويلة الأجل، وفروق الائتمان، وقد ارتفع في النصف الثاني من 2023، وهو حالياً عند مستويات لم تسجل منذ الأزمة المالية العالمية، عندما أدى الاضطراب الكبير وعدم استقرار الأسواق المالية إلى تجميد الائتمان وتسبب في أزمة مصرفية.

وخلص التقرير إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة وبرنامج التشديد الكمي ستستمر في إبقاء تكاليف الائتمان عالية وسحب السيولة من النظام المالي في المستقبل القريب، حتى بعد بداية دورة تيسير السياسة النقدية، لافتا إلى تقلص أحجام الائتمان بشكل مطرد من حيث القيمة الحقيقية لأكثر من عام، فكلما طال الوقت الذي يستغرقه بنك إنجلترا لتخفيف السياسة النقدية، كلما زادت فرص حدوث اضطرابات مالية، وبعبارة أخرى، أصبح التيسير النقدي ضرورياً للحد من الضعف المالي، الذي تعاني منه البلاد.

السابق
كيف انهارت التكنولوجيا دفعة واحدة بسبب الخلل التقني العالمي؟
التالي
كيف تبدو الأجندة الاقتصادية لترامب وفانس في حال الفوز بالانتخابات الأميركية؟