عندما أطلقت دول ثلاثي الحصار الخليجية العنان لقراراتها التعسفية لم تفكر كثيراً بمصير شركات مواطنيها وبخسارة شريك اقتصادي على درجة عالية من الأهمية إقليمياً ودولياً فبدأت تردها أرقام الخسائر الموجعة سواء الفورية أو المحتملة على المدى الطويل. فقد نشر موقع “بلومبيرغ” مقالا تحليليا لكل من فيليب باتشيكو وأحمد نعمة الله، حول الآثار الاقتصادية والمالية للأزمة الواقعة بين قطر وجاراتها الخليجية، حيث بدأت هذه الآثار بالظهور.
ويقول الكاتبان إن البلد، الذي تتهمه السعودية والبحرين والإمارات ومصر، بدعم الجماعات الإسلامية المتطرفة، يعتمد على الدول الخليجية الأخرى لاستيراد 20% من حاجاته، وحوالي نصف عدد السياح، بحسب شركة “أرقام كابيتال” في دبي.
ويورد الموقع أن التحليل أدرج الآثار المتوقعة في القطاعات المختلفة في المنطقة، التي جاءت على النحو الآتي:
البنوك:
هناك خطر في خسارة الإيداعات الأجنبية، خاصة من دول مجلس التعاون الخليجي، التي كانت تساعد المؤسسات، مثل بنك قطر الوطني، والبنك التجاري، ويعتمد النظام البنكي القطري المحلي بشكل كبير على العملة الأجنبية، وشكلت إيداعات غير المقيمين نسبة 24% من إجمالي الإيداعات في حسابات 18 دائنا للدولة خلال شهر نيسان/ أبريل، بحسب البنك المركزي، وفي المقابل، فإن هذه النسبة في السعودية هي 1.2% فقط، وفي الإمارات 12% فقط.
الخاسرون المحتملون:
وصلت أسهم البنك الوطني القطري، أكبر بنك دائن في الشرق الأوسط، الأسبوع الماضي إلى أقل تقدير منذ عام 2013، مقارنة بالبنوك العالمية الأخرى. لكن التقرير لم يشير إلى التدفقات المالية الهائلة التي صبت في البنوك القطرية منذ بدء الأزمة نتيجة شبكة العلاقات المالية الدولية القوية جداً التي يتمتع بها الجهاز المالي لقطر.
ويقول نائب رئيس قسم البحث في شركة “شعاع” المالية آرثي تشاندراسكران: “يعتمد بنك قطر الوطني على التمويل الأجنبي، وهو منفتح بشكل كبير على الأسواق في دول التعاون الخليجي ومصر.. وسنتجنب البنوك القطرية بشكل عام، بالرغم من التصحيحات الكبيرة مؤخرا”.
أما أكبر الدائنين في الإمارات فهو بنك أبو ظبي الأول وبنك الإمارات دبي الوطني، فقد “يعانيان من بطء في التجارة القادمة من قطر.. وقد يؤثر هذا على الإيداعات والقروض، حيث يتوقع أن يقوم العملاء القاطنون في قطر بسحب أموالهم احتسابا لأي تطورات”، بحسب شركة “مينا”.
الطاقة والخدمات
الرابحون المحتملون:
ويقول رئيس الأبحاث في قسم الضمانات في بنك أبو ظبي الوطني سانيالك مانيبهاندو، إن شركة الماء والكهرباء في قطر “هي الشركة التي قد يراها المستثمر أكثر أمانا من غيرها”، وكانت الأسهم قد تراجعت الأسبوع الماضي بنسبة 9%.
وقد يعطي الخلاف الدبلوماسي مصدري الغاز الطبيعي الأمريكيين مؤطئ قدم أقوى في السوق العالمية، وقد تم تحويل السفن التي تحمل الغاز المسال بعد فرض الحصار، ولا تخضع الإمدادات الأمريكية للغاز لأي عقود مع جهات معينة، ما يجعل من الغاز الأمريكي مصدرا مرنا للطاقة، ومع تصاعد التوتر قد يجد مصدرو الغاز الأمريكيون طلبا متزايدا على بضاعتهم الموجودة بوفرة في مخازن الصخر الزيتي.
الخاسر المحتمل:
شركة “دولفين أنيرجي” في أبو ظبي، التي تمد الإمارات وعُمان بملياري قدم مكعب من الغاز الطبيعي في اليوم، عبر أنبوب تحت البحر طوله 364 كم، وهو لا يزال يعمل ولم يغلق بعد، بالرغم من التوتر الدبلوماسي، وسيتسبب إغلاقه بأزمة حادة في الإمارات، خاصة أن الطلب على الكهرباء يصل إلى ذروته خلال الصيف في الإمارات، بحسب مدير شركة “قمر أنيرجي” الاستشارية في دبي روبن ميلز.
المواد الغذائية
الرابح المحتمل:
دخلت قطر في محادثات مع كل من تركيا وإيران وبلدان أخرى لاستيراد المواد الغذائية والماء، وقال رئيس قسم البحث في مؤسسات “أوياك” للضمانات في اسطنبول تويغان أونران: “يعتمد الأثر المتوقع على أسهم صناعة المواد الغذائية على المواد التي سيكون عليها طلب، ويتوقع أن تستفيد شركات (بانفيت) و(بينار آيت أون) و(بينار سوت)، إن كان الطلب على الألبان والدواجن واللحوم”.
الخاسرون المحتملون:
شركة الخليج للسكر في دبي، وهي أكبر مصنع منشأ في مرفأ لتكرير السكر في العالم، وهو مصنع السكر الوحيد في الإمارات، وقد أوقفت كل من الإمارات والسعودية تصدير السكر الأبيض لقطر، لكن يتوقع أن تسارع الهند والدول الأوروبية لسد حاجة قطر من السكر.
وشركة المراعي للألبان في الرياض، حيث تعمتد على جيرانها في الخليج في ربع دخلها، ومع أن نصيب قطر في ذلك لم يعرف، إلا أن أسهمها تراجعت إلى ما كانت عليه قبل ثمانية أشهر في 5 حزيران/ يونيو، عندما بدأت الأزمة، لكن يتوقع أن تتعافى أسعار الأسهم بسرعة.
وكذلك شركة “أولكر بيسكووي سانايي” التركية، وهي أكبر شركة لانتاج الحلويات في تركيا، وتملك حصة قيمتها 11% في صناعة البسكويت في مصر، و18% في السعودية.
ويقول المحلل في شركة “دينيز إنفيست” في اسطنبول بهلول قطاس: “تغير الشعور نحو (أولكر) بسبب الانقسام في الخليج، حيث للشركة وجود في المنطقة وتخطط للتمدد”، وتراجعت أسهمها بنسبة 6.5%.
المواصلات
الرابحون المحتملون:
شركة طيران الخليج وشركة طيران سنغافورة، التي تتنافس مع الخطوط الجوية القطرية على أهم وجهاتها، هما الشركتان الرئيسيتان المتوقع أن تكسبا.
ويقول مدير قسم الطيران في شركة “فروست أند سوليفان” لأبحاث السوق ديوغينيز بابيوميتس: “إذا أخذنا بعين الاعتبار أيضا الانعكاس السلبي على شركات الطيران في مجلس التعاون الخليجي كلها، فإن المستفيدين الحقيقيين سيكونون هم: طيران سنغافورة وماليزيا والفلبين وتايلندا وسريلانكا، كما يتوقع أن تشهد شركات طيران أخرى على تلك المسارات، مثل طيران الكويت والسعودية وفرنسا و”كي أل أم”، زيادة في الطلب”.
وقد تستفيد الموانئ العمانية والإيرانية، بحسب كبير المحللين في شركة “دروري شيبينغ كونسلتانتس” نيل ديفيدسون.
ومعظم التجارة، التي تعتمد على حاويات الشحن لقطر، تمر عبر السعودية والإمارات، وقد يكون البديل هو تشغيل سفن صغيرة لنقل البضائع من موانئ البلدان التي لم تفرض الحصار، وموانئ الكويت خيار أيضا، لكن المسافة ابعد.
الخاسرون المحتملون:
يتوقع أن تكون الخطوط الجوية القطرية، المملوكة للحكومة، أحد أكبر الخاسرين من الأزمة، حيث تدير 52 رحلة يومية لأربع دول عربية، بحسب بيانات وفرتها شركة “أو آي جي” لجدولة الرحلات، وقد يتأثر حوالي 30% من دخل الشركة، بحسب بابيوميتس، الذي قال إن التأثير على الشبكة سيكون كبيرا، لكن الحجم المادي سيعتمد على فترة استمرار الأزمة.
ويمكن لطيران الاتحاد وطيران الإمارات الاستفادة على المدى القصير، حيث يمكن أن تعوضا رحلات الطيران القطري، لكن على المدى الطويل، فإن المحللين يرون أن الآثار السلبية هي التي سترجح، وستشهد دول الخليج تراجعا في سفر رجال الأعمال، وهو ما سيؤثر على الحجوزات الممتازة، وقيمة التذاكر في المنطقة، وغالبا ما تخفض الخطوط القطرية من الأجور لضمان التدفق المالي، وهو ما سيؤثر على أسعار التذاكر في المنطقة، بالإضافة إلى أن الشعور بعدم الاستقرار في المنطقة؛ بسبب وجود أزمة جيوسياسية، سيؤثر سلبا على شركات الطيران الخليجية كلها.
البناء وسوق العقارات
الخاسرون المحتملون:
شركة المقاولات “دريك أن سكال إنتراناشيونال” في دبي، التي خسرت أكثر من 10% من قيمتها في السوق هذا العام، لديها مشاريع في قطر قيمتها 500 مليون درهم، بحسب كبير الباحثين المحللين في شركة الرمز كابيتال مجد دولة، ولدى الشركة عقد قيمته 343 مليون درهم لبناء المرحلة الأولى من المترو في الدوحة، الذي من المفترض أن يكتمل في 2020، بحسب شركة “مينا”.
ولدى شركة “أرابتيك هولدينغ” مشروعان مشتركان في قطر، وقال دولة إنه من الصعب تقدير حجم الأثر على هذه الشركات، لكن لن تكون إيجابية على المدى القصير، وقد تراجعت أسهمها بنسبة 41%.
وشركة “داماك بروبرتيز” في دبي، التي بدأت الشهر الماضي ببناء برج سكني فخم، بالإضافة إلى أنها تقوم ببناء برجين آخرين في قطر، ومع ذلك فإن دخلها من خارج الإمارات لا يزيد على 0.5%، بحسب ما ذكرت في حسابات الربع الأول.
الإعلام والترفيه
الرابح المحتمل:
شركة الهواتف القطرية “أوريدو”، التي كسبت 6.6 % من دخلها من دول مجلس التعاون العام الماضي، وتراجعت أسهمها الأسبوع الماضي بنسبة 6.1%، لكن بحسب “أرقام كابيتال” فإن بيعها يوفر فرصة استثمار جيدة.
الخاسر المحتمل:
شركة “دي إكس بي”، التي تدير مدن الملاهي، وتعد سلطة الاستثمارات القطرية ثاني أكبر شريك لها، بالإضافة إلى أن مخططات الشركة للتمدد في قطر قد تواجه صعوبات، وسط عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.