كتبت الناشطة السياسية الإسبانية أدا كولاو في عام 2014 مقالَ رأي ذكرت فيه، أنه بسبب السياحة أصبحت حياة مواطني مدينة برشلونة في خطرٍ حقيقي، وأن الحل الوحيد لهذه الأزمة هو استعادة الديمقراطية في المدينة.
ومنذ ذلك الحين، قطعت أدا -التي انتُخبت عمدةً لمدينة برشلونة بأغلبية ساحقة في يونيو/حزيران 2015- وعوداً مبكرة بتقليل عدد الزائرين للعاصمة الكتالونية، الأمر الذي صنَّفه المقيمون بالمدينة واحداً من أكبر المشاكل التي تعاني منها مدينة برشلونة مؤخراً، إذ جائت في المركز الثاني بعد مشكلة البطالة، بحسب مجلة Condé Nast Traveler الأميركية.
فيما ناقشت المدينة في مايو/أيار من العام الماضي إمكانية فرض ضريبة جديدة على السياح، لتحصيل رسوم من المسافرين الذين يدخلون إلى المدينة ولا يقضون الليل بها (المسافرون لمدة يوم واحد فقط)، أو هؤلاء الذين يزورون المدينة في رحلةٍ بحرية.
وقرَّرت مدينة برشلونة تصعيد إجراءات تقليل عدد السياح إلى مرحلةٍ أعلى، بدايةً من يوم 27 يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد أن وافقت على قانون سيساعد في تقييد عدد الزائرين للمدينة.
القانون الذي يُعرف باسم “الخطة المدنية الخاصة لإقامة السياح”، لن يراقب عدد الزائرين بشكلٍ محدد، ولكن سيقلل عدد الأسِرَّة المتاحة في الفنادق ومساكن السياح، بالإضافة إلى تجميد بناء فنادق جديدة في بعض مناطق المدينة، وتجميد إصدار تصريحات لإيجار المساكن، مثل تلك المتاحة على موقع Airbnb.
17 ألف شقة متاحة للسياح
ووفقاً لصحيفة The Guardian البريطانية، هناك 75 ألف سرير في فنادق برشلونة حالياً، وحوالي 50 ألف سرير في مساكن السياح المرخصة، وحوالي 50 ألف سرير أخرى في المساكن غير المرخصة.
فيما يُقدَّر عدد الشقق التي تحولت إلى مساكن للسياح الآن بحوالي 17 ألف شقة، بحسب ما ذكر مؤيدو هذا القانون، وهذا أدى إلى عجز في أماكن الإقامة، وارتفاع أسعار الإيجار في البلاد.
وبالنظر إلى عدد المشروعات التي حصلت على موافقة لتطويرها بالفعل، فإنه من المتوقع ألا يتم تنفيذ هذه الخطة حتى عام 2019، بحسب ما ذكرت صحيفة The Local الإسبانية.
وكما كان متوقعاً، قوبل هذا القانون بالعديد من الأصوات المعارضة، التي ترى أن هذا الإجراء خاطئ بالنسبة لمدينةٍ تمثل السياحة نسبة 12% تقريباً من ناتجها المحلي الإجمالي.
هذا، وقال مانيل كاسالس، المدير العام لاتحاد فنادق برشلونة: “من بين 32 مليون شخص زاروا برشلونة العام الماضي، مكث 8 ملايين شخص فقط في الفنادق. 23 مليوناً منهم كانوا زائرين لمدة يوم واحد فقط، وأنفقوا القليل من المال في المدينة، ولن نقوم بتنظيم السياحة من خلال تقليل عدد الأسِرَّة، لأن ذلك لا ينظم السياحة، بل ينظم أين ينام الناس فقط”.
ولا تُعد برشلونة هي المكان الوحيد الذي يعاني من أجل تحقيق توازنٍ بين حماية المدينة والتقدم من جهة، وبين احتياجات السياح واحتياجات المواطنين من جهة أخرى؛ إذ طبقت العديد من الجزر التايلاندية قواعد صارمة على الزائرين في مايو/أيار من العام الماضي، كما تبحث مدينة باث الإنكليزية إمكانية فرض ضرائب على السياح، ويبحث مسؤولون في مدينة البندقية الإيطالية تقليل عدد السياح بها.
ومؤخراً، قررت مدينة دوبروفنيك الكرواتية تقليل عدد السياح في منطقة “المدينة القديمة” باستخدام كاميرات المراقبة. ولكن بالنظر إلى المؤشرات من العام الماضي، فإن الكاميرات لم تُفلح كثيراً في السيطرة على عدد السياح.