الدوحة – بزنس كلاس:
أودعت قطر نهاية الشهر الماضي طلب انضمام إلى الاتفاقية الدولية للنقل البري للبضائع (TIR) في الأمانة العامة للأمم المتحدة، وستدخل الاتفاقية حيز النفاذ في دولة قطر في 25 يوليو من العام الحالي 2018، وتعتبر اتفاقية (TIR) من الاتفاقيات الدولية التابعة للأمم المتحدة حيث دخلت حيز التنفيذ عام 1975، وتضم في عضويتها 73 طرفا متعاقدا يغطي أوروبا بأكملها، وتصل إلى آسيا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، وتتوسع الاتفاقية مع أطرافها بشكل سريع حيث ضمت في السنوات الثلاث الأخيرة كلا من باكستان والصين والهند حيث يعيش في هذه الدول 40 % من سكان العالم.
وتهدف الاتفاقية إلى توحيد وتسهيل الإجراءات الجمركية، بالإضافة إلى الإجراءات الخاصة بنقل البضائع مما يسهل سرعة وصولها من بلد الإصدار إلى بلد المقصد، بالإضافة إلى إلغاء بعض الرسوم على نقاط العبور بين الدول ما يساهم بخفض التكاليف، فضلا عن الفوائد الأمنية التي تحققها الاتفاقية من خلال تتبع مسير البضائع.
وسيسمح انضمام قطر إلى اتفاقية (TIR) لأسطول النقل البري القطري ووسائط الشحن البرية الأخرى بالتنقل إلى موانئ ومرافئ دول المنظمة، عبر سفن الدحرجة (RoRo)، ومن ثم الانتقال برا إلى مكان إصدار البضاعة في أي دولة من الدول المنظمة إلى الاتفاقية، وبالتالي شحن البضائع ونقلها على نفس المسار إلى دولة قطر. وسيحقق هذا النظام حرية التنقل للوسائط البرية التابعة لتلك الدول أيضا عند نقلها للبضائع من أو إلى دولة قطر، مشيرة إلى أن هذا سيساهم في تخفيف تكلفة نقل البضائع بشكل كبير نتيجة إلغاء رسوم العبور لتلك البضائع، بالإضافة إلى تخفيض مدة نقل البضاعة من بلد المصدر إلى دولة قطر.
وبذلك تكون قطر قد ضمنت لنفسها الحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية وأمنية، وإعادة النشاط لقطاع النقل البري، بعد تأثر من الحصار، وبموجب الاتفاقية ستعبر الشاحنات القطرية نحو ضفة الخليج الأخرى عن طريق العبارات البحرية، لتنقل البضائع من إيران وتركيا والدول التي لديها حدود مشتركة معهما، لتعود إلى قطر في أقل من 24 ساعة، مما يوفر نصف ثمن البضائع والمدة الزمنية التي كانت تصل فيها.
ويقول راشد طالب النابت الوكيل المساعد لوزارة المواصلات والاتصالات القطرية لـ «الجزيرة نت» إنه بالانضمام لاتفاقية النقل البري تكون الدوحة قد قدمت درسا كبيرا في إدارة الأزمات بالطرق القانونية، حيث تمكنت من تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية وأمنية.
فعلى الجانب الاقتصادي، ضمنت قطر لنفسها تسهيل مرور البضائع إليها عن طريق النقل البري من كافة الدول الموقعة على الاتفاقية، مثل تركيا وإيران والاتحاد الأوروبي والصين والهند، والعديد من الدول الآسيوية. وجاء هذا الانضمام في إطار سعي قطاع النقل البري بوزارة المواصلات والاتصالات لخلق بدائل للمنفذ البري الوحيد الذي كانت تمر عن طريقه حركة قطاع النقل البري، الذي يشكل جزءا مهما من اقتصاد الوطن، في إشارة إلى منفذ سلوى البري بين قطر والسعودية.
ويضيف النابت أن إيران وتركيا تربطهما حدود مشتركة مع كثير من الدول الأعضاء في الاتفاقية، وهو ما يوفر لقطر الاختيار بين بضائع دول كثيرة وبتكلفة أقل وجودة أعلى. وأما الشق السياسي فيتعلق بإتاحة هذه الاتفاقية لقطر فرصة لتوجيه رسالة سياسية تفيد بأنه لا يمكن حصار البلاد، أو حصر خياراتها في منفذ سلوى البري، مما يشكل ضربة سياسية للدول التي أرادت خنق الاقتصاد القطري، ومحاربة المواطنين والمقيمين في غذائهم ودوائهم.
ولعل الجانب الأمني هو الآخر لا يقل أهمية عن الجوانب الأخرى للاتفاقية، إذ يضمن انضمام قطر الاستفادة من إدارة حركة الحاويات والبضائع من نقطة الانطلاق، والتأكد أنها لا تحمل مواد ممنوعة دأب المهربون على محاولة إدخالها ضمن حمولة الشاحنات والحاويات.
ولفت النابت إلى أن الاتحاد الدولي للنقل البري -ومقره جنيف- هو من يتولى هذه المهمة الإدارية والأمنية عن طريق نظام النقل البري الدولي (TIR) وفقا للتفويض الذي يتوفر عليه هذا الاتحاد التابع للأمم المتحدة، وبالتالي ستضمن قطر أمن تبادلها التجاري.
وستبلغ حركة شاحنات النقل البري القطرية ذروتها عندما تنضم سلطنة عمان والكويت لهذه المنظمة بعد فترة قصيرة، وهو ما يوسع نطاق حركتها إلى أكثر من جهة، وبالتالي تكون قطر قد دقت آخر مسمار في نعش الحصار، اقتصاديا وسياسيا وأمنيا. ويقول راشد طالب النابت إن دول الحصار ستكون بين خيارين: أولهما الانضمام للمنظمة، وهو ما يجبرها -بقوة القانون- على السماح للشاحنات القطرية بعبور أراضيها، أو البقاء خارج منظمة تعد الأهم في مجال تنظيم وأمن حركة النقل البري.