بالتفاصيل.. QNB يوضح تدفقات رؤوس المال على الأسواق الناشئة

الدوحة – وكالات – بزنس كلاس:

سلط التحليل الأسبوعي لبنك قطر الوطني (QNB) الضوء على انتعاش التدفقات الرأسمالية إلى الأسواق الناشئة في عام 2017، والتي شهدت انتعاشا قويا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري وذلك بعد أن ظلت منخفضة لفترة طويلة.
وأوضح التحليل الصادر اليوم، أنه على الرغم من أن مجموعة من العوامل قد تضافرت لخفض تدفقات رؤوس الأموال إلى هذه الأسواق في الفترة من عام 2013 وحتى 2016، مثل ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وتزايد قوة الدولار، والمخاوف من تراجع حاد في أداء الاقتصاد الصيني، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، وضعف التجارة العالمية، إلا أن مؤشرات أولية تلمح إلى حدوث انتعاش في تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، ولو بوتيرة أبطأ، مع استفادة الأسواق الناشئة الآسيوية بصفة أخص من هذه التدفقات وذلك بفضل اقتصاداتها المفتوحة وارتباطاتها الوثيقة مع الصين.
ووفقا للتحليل فقد تضررت التدفقات الرأسمالية إلى الأسواق الناشئة من نوبات متتالية من هروب رؤوس الأموال خلال الفترة من 2013 إلى 2016، حيث انخفضت التدفقات غير المقيمة من 418 مليار دولار أمريكي في عام 2012 إلى 100 مليار دولار أمريكي في عام 2016، حيث تم تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة بدءا من الإعلان في منتصف عام 2013 بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيبدأ في تقليص برنامجه للتيسير الكمي، وأعقب ذلك ارتفاع في توقعات رفع أسعار الفائدة ليأتي الرفع الأول في نهاية عام 2015 والثاني في نهاية عام 2016.
وإلى جانب ذلك قاد ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى جذب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة وإلى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي بشكل حاد، وقد أدى ذلك إلى زيادة عبء الديون الخارجية في الأسواق الناشئة، مما أعاق تدفق رؤوس الأموال إليها، كما انهارت أسعار النفط والسلع الأساسية الأخرى ابتداء من منتصف عام 2014 وتواصل ذلك حتى أوائل عام 2016، ثم ظلت الأسعار متقلبة بعد ذلك، ولأن العديد من الاقتصادات الناشئة الكبرى تصدر السلع الأساسية، فقد أدى انخفاض أسعار هذه السلع إلى تفاقم موازين الحسابات الجارية وضعف العملات، مما فاقم من حالة فقدان الشهية للاستثمار في هذه البلدان.
وبالإضافة إلى ذلك ارتفعت المخاوف بشأن الاستقرار المالي في الصين بشكل حاد خلال الفترة ما بين عامي 2015 و2016، مدفوعة بارتفاع الديون وانخفاض قيمة اليوان، وأدى ذلك إلى هروب رؤوس الأموال من الصين مصحوبا بتداعيات سلبية على الأسواق الناشئة الأخرى المجاورة لها.
ووفقا للتحليل الأسبوعي الصادر عن بنك قطر الوطني (QNB) فعلى الرغم من العوامل السابقة إلا أنه في عام 2017، تعافت تدفقات رؤوس الأموال غير المقيمة إلى الأسواق الناشئة إلى 205 مليارات دولار فقط في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، وذلك على خلفية تغير العوامل سابقة الذكر، فقد تراجعت توقعات التشديد النقدي في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة مرتين في شهري مارس ويونيو، إلا أن الأسواق باتت تتوقع الآن قيامه بجولة واحدة من رفع أسعار الفائدة بنهاية عام 2018، وقد أدى ذلك إلى انخفاض قيمة الدولار الأمريكي، حيث تراجع المؤشر المرجح بالتجارة بنسبة 9.3% حتى الآن في العام الحالي.
كما أن أسعار النفط والسلع الأساسية ما تزال تتعافي، وذلك يعزز موازين التجارة الخارجية للاقتصادات الناشئة المصدرة للسلع الأساسية، واستقر نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني عند مستوى أعلى من المتوقع وارتفعت قيمة اليوان، مما أدى إلى تقليل المخاوف بشأن انتقال الآثار السلبية إلى الأسواق الناشئة الأخرى، فضلا عن أن ارتفاع معدلات النمو والتجارة العالمية ساعد في تحسين شهية المخاطر، الأمر الذي شجع المستثمرين على التحول إلى فئات أصول أكثر ذات مخاطر أكبر، مثل أصول الأسواق الناشئة.
وعلى الصعيد الإقليمي كانت آسيا هي المستفيد الرئيسي من تحسن التدفقات الرأسمالية إلى الأسواق الناشئة، حيث تشكل الصادرات حصة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي لتلك الاقتصادات، ولذلك استفادت من ارتفاع معدلات النمو والتجارة العالمية، كما يعتبر العديد من تلك الاقتصادات من مصدري السلع الأساسية، مثل إندونيسيا وفيتنام، واستفادت هذه الدول من انتعاش أسعار السلع الأساسية، وبجانب ذلك ترتبط الاقتصادات الآسيوية على نحو وثيق بالاقتصاد الصيني، وقد ساعد تحسن الوضع في الصين على خفض المخاطر المتوقعة بشأن انتقال الآثار السلبية لبقية المنطقة.
وأشار التحليل إلى أنه بالنظر إلى العوامل السابقة، فمن الظاهر أن أزمة هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة قد انتهت، لاسيما وأن الأسواق الناشئة الآن أكثر مرونة مما كانت عليه في بداية الأزمة.
ونبه تحليل بنك قطر الوطني إلى بعض المخاطر التي قد تؤثر سلبا على التوقعات، منها إمكانية أن يتم تشديد السياسة النقدية عالميا في بداية العام القادم، حيث يخطط بنك الاحتياطي الفيدرالي لتخفيض حجم ميزانيته العمومية، كما يتوقع أن يعلن البنك المركزي الأوروبي قريبا عن الإنهاء التدريجي لبرنامجه الخاص بشراء الأصول، وأن النمو الذي تحقق في الصين قد حدث جزئيا من خلال التحفيز الائتماني، وبالإمكان إلغاء هذا التحفيز في حال عادت المخاوف بشأن الاستقرار المالي إلى الظهور مجددا، فضلا عن أنه يمكن لتأثيرات المخاطر السياسية من كوريا الشمالية ومخاطر الحمائية التجارية أن تقوض شهية المخاطرة وتشعل فتيل جولة أخرى من هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة.

Previous post
طقس رطب الليلة.. تحذير من رؤية أفقية متدنية
Next post
أويل برايس: قطر أثبتت مرونتها في ظل ضائقة دبلوماسية شديدة