واشنطن – وكالات – بزنس كلاس:
اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن دولة قطر كسبت معركة النفوذ والتأثير في الولايات المتحدة، رغم ملايين الدولارات التي أنفقتها أبوظبي والرياض لتشويه سمعتها.
وقالت واشنطن بوست: “إنه رغم ملايين الدولارات التي أُنفقت في أمريكا من قبل السعودية والإمارات لمهاجمة قطر وإلصاق تهمة الإرهاب بها، فإن قلّة من الناس يعتقدون أن خطايا قطر أكبر من خطايا الآخرين”.
ومنذ أن قطعت الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، علاقاتها مع قطر في 5 يونيو الماضي؛ بتهمة دعم قطر للإرهاب، وأغلقت الحدود بينها، ومنعت التبادل التجاري وكافة أشكال الاتصال مع الدوحة، شنّت السعودية والإمارات حربًا إعلامية منظّمة على قطر؛ من خلال الإعلانات والاتهامات.
إعلام مُستأجر
وأشارت الصحيفة إلى أن قطر دخلت متأخّرة على هذا الخط، وأنها رغم ذلك لم تختر مهاجمة خصومها، بل ركزت في حملاتها الإعلانية على العلاقة الوثيقة بينها وبين أمريكا في مكافحة الإرهاب، بينما لم يدّخر خصومها أي جهد لمهاجمتها عبر حملات إعلانية مدفوعة الثمن.
أمريكا تسعى من خلال لقاءات تجمع دونالد ترامب، وعددًا من زعماء الدول الخليجية، إلى طرح حل للأزمة الخليجية المستمرّة منذ ثلاثة أشهر، وفق الصحيفة، التي أشارت إلى أن اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك ستكون فرصة لطرح الخيارات الأمريكية لحل الأزمة، مشيرة في ذات الوقت إلى أن خيارات الولايات المتحدة تبدو قليلة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي رفض الإفصاح عن اسمه، أن واشنطن بدأت تشعر بالقلق من استمرار الأزمة، لافتًا إلى أن في قطر أكبر قاعدة أمريكية، وقواعد أخرى في دول الخليج، وهي تؤدّي دورًا كبيرًا في محاربة الإرهاب.
وذكر المسؤول أن “لدينا الكثير من الأسهم هنا. فهل من المقبول أن تبدأ الشركات الأميركية في إبلاغنا إلغاء عقودها جراء الظروف المحيطة بمنطقة الخليج؟ أم أن القاعدة الجوية التي نشنّ من خلالها هجماتنا على المتطرفين في سوريا والعراق تتعرض للمخاطر؟ أم أن الحصن العربي الموحد الذي يقف ضد إيران قد انهار؟ بدأنا جميعا نشعر بأن أزمة قطر تعترض طريق ما نعتزم القيام به”.
تشويه سمعة
وأشارت الصحيفة إلى أن منظمة شؤون العلاقات العامة الأمريكية السعودية “سابراك” أنفقت 1.6 مليون دولار على المواقع التلفزيونية والأخبار الوطنية لتشويه سمعة قطر.
لكن قلّة من الناس، بحسب مسؤولين أمريكيين، يعتقدون أن خطايا قطر أكثر من خطايا الآخرين في المنطقة فيما يتعلق بدعم الإرهاب، رغم كل الأموال التي أُنفقت لتشويه صورتها.
وفي بداية الأزمة، أسهم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بزيادة التوتّر وإذكاء الخلاف؛ من خلال دعمه للسعودية والإمارات، في وقت سعى كل من وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، إلى التهدئة وقيادة دفة المفاوضات للخروج من الأزمة.
*حقيقة الاتصال الهاتفي
الاختراق الأمريكي الوحيد للأزمة جاء عقب تنسيق ترامب مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حيث جرى اتصال هو الأول من نوعه منذ الأزمة بين قطر والسعودية.
وتحدث مسؤولون أميركيون وأجانب عن الأزمة بشرط عدم ذكر أسمائهم؛ لتجنب إشعال فتيل النزاع الملتهب بالفعل. ولفت هؤلاء المسؤولون إلى أن ترامب قال في مؤتمر صحفي انعقد يوم 7 سبتمبر 2017 مع أمير الكويت، إنه قد يضطر إلى أن يجمع بين الأطراف المتنازعة بالبيت الأبيض ويتولى إدارة المفاوضات بنفسه. وأضاف: “أعتقد أننا سنحسم الأمور بسرعة كبيرة”.
وكشفت الصحيفة أنه في حوار هاتفي في اليوم التالي مع زعيمي السعودية وقطر، تولى ترامب إدارة المحادثة الهاتفية بينهما.
وكانت السعودية قد اتهمت الدوحة بأنها قامت بـ”تحريف مضمون الاتصال بعد دقائق من إتمامه؛ إذ قالت الرياض إن الاتصال كان بناء على طلب قطر وطلبها الحوار”، بينما قالت قطر إنه “جرى بناء على طلب من الرئيس الأميركي” دونالد ترامب وإن أميرها “وافق على طلب ولي العهد السعودي تكليف مبعوثين من كل دولة لبحث الأمور الخلافية بما لا يتعارض مع سيادة الدول”.
اللافت أنه تزامن مع هذا الاتصال المثير للجدل بيان للبيت الأبيض أقرب للرواية القطرية؛ إذ قال البيان إن الرئيس الأميركي أجرى اتصالات هاتفية منفصلة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني؛ إذ أكد أهمية الوحدة بين شركاء أميركا العرب من أجل استقرار المنطقة ومواجهة تهديد إيران. كما أكد ترامب أهمية تنفيذ جميع الدول لالتزامات قمة الرياض لمحاربة الإرهاب ووقف التمويل للجماعات الإرهابية ومحاربة الفكر المتطرف.
مطالب غير معقولة
فشل الجهود الدبلوماسية الأمريكية في حلحلة الأزمة الخليجية يجعل واشنطن أمام خيارات قليلة، رغم أن ترامب سيجتمع بعدد من قادة دول الخليج، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، التي ستعقد يوم غد الثلاثاء.
وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، أعلن صراحة عن دعمه لقطر أمام المطالب التي تقدّمت بها السعودية والإمارات إليها، معتبرًا أنها مطالب غير معقولة، في وقت ما زال ترامب على ما يبدو مترددًا باتخاذ موقف إزاء السعودية، التي وعدته بشراء أسلحة بمليارات الدولارات.
وترى واشنطن بوست أن قطر اتخذت، منذ فترة طويلة، سياسة خارجية بارزة بعيدًا عن جيرانها، الذين باتوا يرون فيها تناقضًا مع مصالحها، وهو ما دفع تلك الدول إلى مطالبة الدوحة بإغلاق قناة الجزيرة، ووقف دعم جماعة الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي، بالإضافة لخفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران، التي تتشارك قطر معها بأكبر حقل للغاز في العالم.
ويبدو أن المستفيدين الرئيسيين حتى الآن من النزاع الخليجي هم شركات الضغط الأمريكية، التي تستخدمها أطراف الأزمة للتأثير في واشنطن، ففي أغسطس، سجّلت مجموعة بوديستا مجموعة من الإعلانات نيابة عن سابراك السعودي، بقيمة 50 ألف دولار، وهو مبلغ يبدو ضئيلًا جدًا قياسًا بما أنفقته السعودية والإمارات منذ مدة ليست بالقصيرة في إطار حرب النفوذ الشاملة التي تقودها ضد قطر.
لكن قطر دخلت متأخّرة نسبيًا على هذه السوق، حيث روّجت لعلاقتها الوثيقة مع أمريكا وجهودها بمكافحة الإرهاب دون أن تنزلق إلى مهاجمة خصومها؛ السعودية والإمارات، كما تفعلان في هجومهما على قطر.