وكالات – بزنس كلاس:
أكدت مصادر مختلفة بأن دول الحصار الجائر ضد قطر السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قد تكبدت خسائر فادحة مباشرة وغير مباشرة نتيجة حصارها الجائر وغير القانوني ضد دولة قطر.
وقالت وسائل إعلام عربية أنه من أجل السلم والتنمية والتجارة وجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال، طوى رئيس الوزراء الإثيوبي الشاب، آبي أحمد، صفحة صراعات خاضتها بلاده منذ عدة عقود في القرن الأفريقي، وأنهى قطيعة دبلوماسية مع إريتريا استمرت عقدين من الزمان، وأوقف حالة حرب أنفقت فيها مئات الملايين من الدولارات، وتكبدت فيها الدولتان آلاف القتلى، وقد كان نظام دولته السابق يتهم حكومة إريتريا قبل شهور قليلة بزعزعة أمنها واستقرارها ودعم جماعات تخريبية.
ومن أجل السلم والتنمية والتجارة ورفاهية الشعوب، انتهجت تركيا في 2002، بقيادة الشاب رجب طيب أردوغان، ابن الثمانية والأربعين عاما، والاقتصادي عبد الله غول، أبن الثانية والخمسين، والسياسي أحمد داود أوغلو، ابن الأربعة والأربعين، سياسة تصفير المشاكل وتفعيل الدبلوماسية في مواجهة الأزمات، وتبريد الحدود، وتأمين العمق الاستراتيجي، وفتحت صفحات التعاون مع دول آسيا والقوقاز، وقبرص، والشرق الأوسط، وأفريقيا، وخلقت عمقا إقليميا آمنا مستقرا، عزز فرص التنمية المتبادلة مع دول الجوار.
ومن أجل السلم والتنمية والتجارة ورفاهية الشعوب، ألغت 28 دولة حدودها الداخلية المشتركة، وكونت الاتحاد الأوروبي، واندمجت في سوق مشتركة، وبرلمان موحد، وسكت عملة أوروبية موحدة وقوية، رغم تباين اللغات، والأعراق، والديانات، والثقافات، والفروق الاقتصادية الكبيرة، ورغم خوضها حربين مدمرتين، خلفت الأولى 8 ملايين أوروبي قتيل، والثانية 85 مليون قتيل.
وفي وقت يدخل الحصار الذي تفرضه السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر على قطر شهره الـ14 في يوليو الجاري، ومع استمرار قطع العلاقات الدبلوماسية، وإغلاق المنافذ البرية، والبحرية، والجوية، ومنع العبور في أراضيها، وأجوائها ومياهها الإقليمية، ما تزال مفاوضات إنهاء الأزمة تسير في طريق مسدود.
اتهمت دول الحصار قطر بتمويل الإرهاب، وتهديد السلم والأمن الدوليين، وشرعت في حصارها إقليميًا، وفرض قطيعة دولية حولها. وأنفقت السعودية والإمارات في سبيل ذلك ببذخ، على أمل جني الثمار وتعويض النفقات من الكعكة القطرية بعد اكتمال مخطط إسقاط النظام الذي كشف عنه أمير الكويت.
دفعت السعودية التكلفة الكبرى للولايات المتحدة، لتمرير الحصار وتبريره، وتكبدت أكثر من 500 مليار دولار. كلفة ضخمة وصفقة خاسرة، كانت كافية لإنعاش اقتصاد المنطقة كلها، وليس السعودية فقط، وصفها ترامب وهو في غاية النشوة فقال: “كان يوما هائلًا.. مئات المليارات من الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة ووظائف، وظائف.. وظائف!”
وبهذه الغنيمة الأميركية الباردة، والخسائر السعودية الساخنة، يحقق ترامب مكاسب شخصية تفيده شعبيًا في معركته مع المحقق مولر، وينعم المواطن الأميركي بفرص العمل، وتنتعش الصناعات الأميركية في الداخل الأميركي، في مقابل سخط شعبي مكتوم في الداخل السعودي، وعجز في الموازنة العامة السعودية بلغ 50 مليار دولار في العام 2017، ما أجبرها على التوسع في الاقتراض بشكل غير مسبوق، وعجز عن تمكين الشباب السعودي من ثروات بلاده، وخلق فرص عمل كريمة لعلاج البطالة المتفشية بين أفراده، والتي لامست حاجز المليون عاطل في بلد النفط الثري.
وبسبب الحصار، توقف تدفق البضائع من السعودية والإمارات إلى السوق القطري القريب، وبمعدل 10.5 مليارات دولار كل سنة. وخسرت الشركات السعودية سوق المنتجات الغذائية القطري، وحجمه 3 ملايين نسمة، وفقدت 300 من الشركات السعودية حصتها السوقية في قطر بشكل كامل، وخسرت شركة الألبان السعودية العملاقة 25% من مبياعاتها في اليوم الأول للحصار، ولو سُمح لأصحاب هذه الشركات بالحديث بعيدًا عن القمع والإرهاب، لكشفوا عن خسائر بمليارات الدولارات بسبب الحصار.
وبسبب الحصار، فقد السوق السعودي والاماراتي 108 آلاف سائح من قطر على مدار أيام الأسبوع السبعة، برًا وجوًا، بمعدل 4.8 ملايين زائر على مدار العام وبلا توقف، من دولة هي العليا في مستوى الدخل على مستوى العالم.
وبسبب الحصار، دفعت العمالة السعودية في الدوحة أثمانا باهظة لحصار حكومة بلادهم دولة قطر، وفقد نحو 17 ألف سعودي وظائف في قطر، كانوا يعملون في أعمال مرموقة، غير متوفرة في بلادهم، وانضموا إلى الطاقات السعودية المعطلة.
وبسبب الحصار، تكبدت البورصة السعودية خسائر بلغت نحو 22 مليار دولار من قيمتها السوقية، في الشهر التالي للحصار مباشرة، وفقا للتقرير الشهري الصادر عن السوق المالية السعودية، سيما أن دخان عدم الاستقرار والذي أطلقته دول الحصار قد انتشر في سماء المنطقة كلها. وتراجع معدل النمو الاقتصادي في السعودية إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، وهو 0.6% في العام الماضي 2017، وفق تقرير صندوق النقد الدولي.
وبسبب الحصار، خسرت الإمارات واردات وبضائع إلى قطر بقيمة 7 مليارات دولار سنويًا، وكذلك استثمارات بقيمة 2.5 مليار دولار. وانكمشت جاذبيتها للاستثمارات الخارجية مع تهدد موردها من الغاز القطري بالانقطاع، أو زيادة الأسعار مع ضخامة تكلفة البدائل المتاحة، ومع توقع زيادة احتياجاتها إلى ثلاثة أضعاف في السنوات الخمس المقبلة.
ورغم مشاركة مصر، السعودية والإمارات في حصارهما قطر، لم تأخذ قطر العمالة المصرية، والتي تقدر بحوالي 300 ألف مصري، بجريرة النظام في القاهرة، ولم تسرح عاملا واحدا منهم، وكشفت الدوحة عن مسؤولية أخلاقية واحترام سياسي وأخلاقي وهي تواجه دول الحصار، وتدير أزمة تهدد وجودها.
عودة هذا العدد إلى مصر يعني انضمامهم إلى طابور العاطلين الذي تقدره الحكومة المصرية بأربعة ملايين عاطل، ويقدره البنك الدولي بنحو 25% من 30 مليون عامل في سوق العمل المصري، أي 7.5 ملايين.
ولو سرحت قطر العمالة المصرية، لحرمت مصر من تحويلات نقدية بلغت مليار دولار العام الماضي، تُشكل المرتبة الأولى في متوسط تحويلات الفرد بمعدل 463 دولارا شهريًا، بسبب الميزة النسبية للمهن ذات الدخل المرتفع التي يحظى بها المصريون في قطر، خاصة قطاع التعليم ويمثل المصريون نسبة 50% من العاملين فيه، ليكون رد الجميل لقطر بالحصار، واستعداء الدول عليها؟!
ورغم تطوع السيسي لحشد الدول والمؤسسات للمشاركة في حصار قطر، لم تتعامل قطر بالمثل طوال عام كامل، ولم تشارك في معركة حظر المنتجات المصرية، ولم تعاقب المزارعين المصريين، واستمرت في السماح بدخول المنتجات المصرية دون أن تحظر شحنة واحدة.
بعد مرور هذه الشهور من الحصار، فإن قيادات دول الحصار مدعوة لتلبية طموحات شعوبها، ووقف نزيف الاقتصاد الخليجي الذي تكبد بسبب الحصار وغلق الحدود، خسائر مليارية، ونال من اقتصاد دوله، كما نال من قطر، وبدت هذه القيادات أمام العالم وهي تعاقب اقتصادها، وتجني على دولها، كما جنت براقش على نفسها.
وفي وقت تتصالح فيه الحكومات مع أعدائها، وتقفز الدول المتحاربة على جراحها، وتبني التكتلات وتفتح الحدود، تحتاج المنطقة العربية الساخنة إلى قيادات منفتحة، ودبلوماسية شابة تؤمن بالحوار، وتنبذ القطيعة وتحترم الجوار، وتنهي الحصار، سيما أن الأنظمة زائلة، والشعوب باقية، والتاريخ يكتب، والجغرافيا تشهد، والمنطقة تطوق إلى السلم والتنمية وحرية التجارة ورفاهية الشعوب.