نيويورك – وكالات – بزنس كلاس:
كانت قضية تنظيم كأس العالم في قطر 2022 أحد أهم الأهداف التي سعت دول الحصار لاستهدافها عبر محاولات تشويه سمعة الدوحة والضغط على الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” من أجل سحب تنظيم كأس العالم من قطر، لكن تلك المحاولات كما مشروع الحصار بشكل عام باءت بالفشل الذريع مع قناعة العالم بأن دول الحصار أرادت كسر إرادة القطريين ومصادرة قرارهم دون وجه حق وبتهم باطلة شهد العالم للدوحة براءتها منها.
أكد سعادة الدكتور صالح بن محمد النابت وزير التخطيط التنموي والإحصاء، أن دولة قطر شريك قوي وفاعل يمكن الاعتماد عليه في بناء الأمن والسلم الدوليين، منوهاً بأن قطر حافظت على تصنيفها الأول في مؤشر السلام العالمي على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا طيلة السنوات التسع الماضية.
جاء ذلك في كلمة سعادته أمام المنتدى السياسي الرفيع المستوى بشأن التنمية المستدامة لعام 2017، الذي عقد أمس في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.
وقدم سعادته الاستعراض الوطني الطوعي عن التنمية المستدامة في دولة قطر، حيث أشار إلى أن عدد سكان دولة قطر يبلغ حوالي 2.7 مليون نسمة، وقال: «وفقاً للبنك الدولي، تحتل دولتنا المركز الأول عالمياً في مؤشر متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، (وفقاً لتعادل القوة الشرائية بالأسعار الجارية)، حيث بلغ متوسط نصيب الفرد حوالي 74 ألف دولار أميركي عام 2016، وبلغ معدل النمو الاقتصادي لنفس العام حوالي 2.2 %، ومن المتوقع أن يرتفع قليلاً إلى 2.8 % هذا العام».
وأضاف أنه وفقاً لتقرير التنمية البشرية، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2016، احتلت دولة قطر المرتبة الـ 33 عالمياً من أصل 188 دولة في مؤشر التنمية البشرية، وبهذا تكون دولتنا قد تصدرت قائمة الدول العربية في مؤشرات التنمية طبقاً للتقرير المذكور، كما أن متوسط العمر المتوقع عند الولادة لعام 2016 بلغ 78.3 عاماً، وارتفع معدل المعرفة بالقراءة والكتابة للبالغين من الجنسين من 96.7 % عام 2015 إلى 97.8 % عام 2016، في حين ارتفعت نسبة الالتحاق بالتعليم العالي من 14 % عام 2015 إلى 16 % لنفس العام لمن هم في سن التعليم الجامعي.
ولفت سعادته إلى أن معدل المشاركة في قوة العمل لمن هم في الفئة العمرية 15 سنة فأعلى سجل نسبة 84.6 % عام 2016، في حين انخفض معدل البطالة بين الشباب في الفئة العمرية (15-24 سنة) من 1.1 % عام 2015 إلى أقل من واحد عام 2016، وارتفعت نسبة مستخدمي الإنترنت من 91.5 % عام 2015 إلى 92.9 % عام 2016، وقال وبهذه المعطيات تقترب دولة قطر في هذا المؤشر مع هولندا (93.1 %)، وتتفوق على فنلندا (92.7 %)، والمملكة المتحدة (92.0 %).
التنافسية
وأوضح أنه «على صعيد مؤشر التنافسية العالمي 2016 /2017، فقد احتلت دولة قطر المرتبة الثانية عربياً والثامنة عشر على الصعيد الدولي، وفقاً للتقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي»، منوهاً بأن هذه المؤشرات تمثل خير دليل على نجاح السياسات الاقتصادية والتنموية الحكيمة التي انتهجتها دولتنا، والتي ساهمت بشكل مباشر في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني».
وقال سعادة الدكتور النابت: «كما هو معروف، فقد حظيت دولة قطر بشرف استضافة كأس العالم لعام 2022، ويعود ذلك لأسباب عديدة من بينها المصداقية العالية لدولة قطر، والتقدير الكبير الذي تحظى به، وتمتعها بالموارد والإمكانيات الكبيرة التي تؤهلها لاستضافة هذا الحدث الكبير».
وأضاف: «نحن في دولة قطر نؤمن بما قاله حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بـأن التنمية والاستقرار عاملان متلازمان يعتمد كل منهما على الآخر، فلا تنمية بدون استقرار، ولا استقرار بدون تنمية، والتنمية بمفهومها الواسع تستهدف النهوض بالإنسان، وتحقيق الاستقرار للمجتمع، ولا يمكن للتنمية أن تحقق أهدافها إلا من خلال الحكم الرشيد، وسيادة القانون، ومكافحة الفساد والظلم، وإعلاء وترسيخ القيم الإنسانية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وعدم التهميش أو الإقصاء الديني أو الطائفي».
بين سعادة الوزير أنه منذ أن أطلقت دولتنا عام 2008 رؤية قطر الوطنية 2030، وفق أربع ركائز هي: التنمية الاقتصادية، والتنمية البشرية، والتنمية الاجتماعية، والتنمية البيئية، سعت إلى استدامة التنمية والارتقاء بنوعية الحياة وتعزيز الرخاء بين السكان ودعم الأمن والسلم الدوليين، مضيفاً: «وبغية تحقيق هذه الرؤية اعتمدت حكومتنا استراتيجية التنمية الوطنية الأولى للأعوام بين 2011-2016، ومنذ تدشينها في بداية عام 2011، أصبحت استراتيجية التنمية الوطنية الأولى هي الموجه الرئيسي للوزارات والمؤسسات الحكومية والهيئات ومنظمات المجتمع المدني وسائر اللجان المتخصصة العاملة بالدولة».
وأشار إلى أنه «باتباع منهج التخطيط الاستراتيجي المبني على النتائج، لم تعد التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لدينا قطاعات منفصلة، بل أصبحت عملية متكاملة مترابطة تهدف إلى تحقيق غايات رؤية قطر الوطنية 2030».
التنمية
وقال سعادة الدكتور النابت إن استراتيجية التنمية الوطنية الأولى 2011-2016 حققت العديد من المنجزات، فتحت مسمى «رعاية سكان أصحاء»، وضمان الصحة والرفاهية للجميع، اعتمدت الرعاية الأولية كأساس للرعاية الصحية في الدولة وفقاً للمعايير الدولية، حيث زادت خدمات المستشفيات كماً وكيفاً، وتم التركيز على الرعاية الصحية الوقائية، وتأهيل قوة عمل وطنية ماهرة، وجاء ذلك وفقاً للسياسة الصحية المعتمدة، كما تحسنت خدمات الطوارئ والصيدلة».
وأضاف سعادته أنه فيما يتعلق بالتعليم والتدريب، فقد أكدت استراتيجية التعليم والتدريب على ضمان التعليم الجيد الشامل للجميع، ورفعت نسبة الالتحاق بالتعليم العالي نوعية التعليم العالي، وتعزيز التعليم التقني والتدريب المهني والبحث العلمي والابتكار، مع التأكيد على دور الشباب في تعزيز الرفاه، مشيراً إلى أن دولة قطر، إلى جانب جامعاتها الوطنية، تستضيف عدداً من الجامعات المرموقة في العديد من مجالات العلوم النظرية والتطبيقية، ولديها بنية تحتية قوية للبحث والتطوير والابتكار.
وأوضح أن الاستراتيجية الوطنية الأولى أسهمت في تعزيز قوة عمل كفؤة ذات دافعية وإنتاجية عالية عن طريق تنفيذ مجموعة من الإجراءات لتنمية رأس المال البشري، وزيادة كفاءة سوق العمل، واعتمدت نظاماً لحماية أجور العاملين في القطاع الخاص، كما هدفت الاستراتيجية الوطنية الأولى إلى تطوير منهجية متكاملة تأخذ في الحسبان رفاه سكان دولة قطر، وبناء مجتمع مسالم وآمن ومستقر مبني على أسرة متماسكة تحافظ على القيم الأخلاقية والدينية والمثل الإنسانية، وإنشاء نظام فعال للحماية الاجتماعية يوفر للجميع دخلاً كافياً كي يعيشوا حياة صحية كريمة في مجتمع آمن ومستقر بموجب مبادئ العدل والمساواة في ظل سيادة القانون.
التماسك الأسري
ونوه سعادة الوزير بأن دولة قطر اعتمدت استراتيجية قطاع التماسك الأسري وتمكين المرأة، والتي ركزت على أهمية وجود أسرة ذات هيكل قوي ترعى أفرادها، وتحافظ على القيم والمثل الإنسانية، وتولي اهتماماً كبيراً لبناء قدرات المرأة، وتمكينها اقتصادياً واجتماعياً ودعم مشاركتها في جميع المجالات.
وقال: «على صعيد التنمية الاقتصادية، فقد هدفنا إلى تعزيز ثلاثة اتجاهات متوازية ومترابطة تتعلق بتوسيع قاعدة الإنتاج بغية استدامة الازدهار، والحرص على الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز الكفاءة وتنويع الاقتصاد، حيث تم تنفيذ العديد من المشاريع المتعلقة بتحسن البنية التحتية، وتطوير الصناعات، وتطوير قطاع التمويل، مع التأكيد على النمو الاقتصادي المطرد والشامل والمستدام، وتوفير العمل اللائق للجميع، بغية ألا يتخلف أحد عن الركب».
ولفت إلى أن مواضيع تغير المناخ، وتحسين جودة الهواء، وخفض نسبة احتراق الغاز، وزيادة الوعي البيئي حظيت باهتمام كبير في استراتيجية التنمية الوطنية الأولى، كما تم تطوير الاهتمام بالبيئة والموارد البحرية، ونوعية المياه الساحلية والحفاظ على مخزون الثروة السمكية وزيادته، بالإضافة إلى تشجيع الاستزراع السمكي، وحماية النظم الإيكولوجية البرية، وحماية التنوع البيولوجي، والحد من النفايات، وإعادة تدويرها، وإنشاء المساحات الخضراء، وتعزيز كفاءة استخدام مياه الشرب، وإيصالها للجميع بتكلفة معقولة.
وبين أن استراتيجية التنمية الوطنية الأولى سعت إلى تشجيع الابتكار، وتطوير البحث العلمي، ونقل التكنولوجيا، وإقامة البنى التحتية المناسبة لذلك، حيث خصصت الدولة ما نسبته 2.8 % من الإيرادات لدعم البحث العلمي.
التنمية المستدامة
وأشار سعادة الدكتور النابت إلى أهداف وغايات أجندة التنمية المستدامة 2030، موضحاً أنه تم إدماج تلك الأهداف والغايات في استراتيجية التنمية الوطنية الثانية 2017-2022 التي سيتم تدشينها قريباً، لافتاً إلى أن تلك الأهداف والغايات أصبحت جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية التنمية الوطنية المذكورة، حيث تم كذلك تحديد أشكال الحوكمة، والملكية، وجهات وآليات التنفيذ، ونظام الرصد والمتابعة والتقييم، وإعداد التقارير عن التقدم المحرز نحو تحقيق الأهداف.
ونوه بأن دولة قطر اعتمدت إطار المؤشرات الذي اعتمدته اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة، وكذلك انضمت لمشروع التحول في الإحصاءات الرسمية الذي تديره شعبة الإحصاء بالأمم المتحدة، بغية تحديث النظام الإحصائي الوطني بأكمله، وتوفير البيانات والمؤشرات اللازمة لرصد ومتابعة تنفيذ أهداف أجندة التنمية المستدامة 2030.
وتحدث سعادة وزير التخطيط التنموي والإحصاء عن الشراكة العالمية من أجل «القضاء على الفقر وتعزيز الرخاء في عالم متغير»، وأوضح أن دولة قطر تعمل بالشراكة مع العديد من المنظمات الدولية على توفير الدعم للبلدان ذات الدخل المنخفض في العديد من المجالات الصحية والتعليمية والاقتصادية، وقال: «قدمنا يد العون، ولا نزال، في قضايا اللاجئين الذين انقطعت بهم السبل، وفي هذا السياق، نؤكد على أننا شريك قوي وفاعل يمكن الاعتماد عليه في بناء الأمن والسلم الدوليين، حيث أسهمنا إسهاماً كبيراً في إقامة المنتديات والمؤتمرات بغية إقامة الحوار بين مختلف الحضارات والأديان».