اندماج البنوك القطرية الثلاثة قد يستغرق 3 أشهر

أثار إعلان مصرف الريان وبنك بروة وبنك قطر الدولي عن نية الاندماج في كيان مصرفي جديد الجدل لدى الاوساط المصرفية العاملة في الدولة وخاصة عملاء هذه البنوك التي تنتظر تفاصيل عملية الاندماج في حالة اكتمال المشاورات، وخاصة من قبل كبار المساهمين الذين سيكونون معنيين بالدرجة الاولى بالموضوع عند طرحه على الجمعية العمومية العام المقبل، حيث ترجح مصادر طرح النقاش حول ذلك الاندماج في اجتماعات النصف الاول من العام 2017.

وفي حال حدوث اندماج بين البنوك الثلاثة، فانه سيكون الاول من نوعه في دولة قطر التي يعمل فيها حاليا 18 بنكا، وفي حال استكمال العملية فان عدد البنوك التي ستكون عاملة في النظام المصرفي للدولة سيتقلص الى 16 بنكا، منها 5 بنوك تقليدية قطرية وهي بنك قطر الوطني والبنك التجاري وبنك الدوحة والبنك الخليجي والبنك الاهلي و4 بنوك اسلامية وهي مصرف قطر الاسلامي وبنك قطر الدولي الاسلامي وبنك قطر الاول والكيان المصرفي الجديد الذي سيكون متوافقا مع احكام الشريعة الاسلامية.

ولعل ما يثير النقاش هو طريقة تحول بنك قطر الدولي الى بنك اسلامي، حيث وضعت الهيئات الرقابية الشرعية عدة مقاييس ومواصفات لتحول هذه البنوك التقليدية الى اسلامية.

3 أشهر للتحول

شهد العالم في الفترة الماضية، اندماج مؤسسات وشركات تجارية ومالية ضخمة، كان هدفها الاول توسيع رأس المال ورسم خطط استثمارية استراتيجية تنافس بها على المستوى العالمي وخاصة مواجهة تقلبات السوق وازمات مالية محتملة، ومن ذلك اندماجات سجلت في منطقة الخليج العربي وخاصة في الامارات العربية المتحدة، وكان اخرها اندماج بنك ابوظبي الوطني والخليج.

وسيدعم اندماج البنوك الثلاث المحلية النظام المصرفي القطري، اضافة الى الانعكاسات الايجابية على الاقتصاد الوطني، حيث يقول الدكتور بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية د.سلطان الهاشمي لـ»لوسيل» ان الاندماج يعتبر سمة من سمات الاقوياء، حيث يعزز القدرة على المنافسة ليس فقط في السوق المحلية وانما حتى على المستوى العالمي، مضيفا « اعمال بنوكنا اليوم في اغلبها موجهة للاعمال المحلية، واعتقد ان اندماجها افضل طريقة للمنافسة عالميا، خاصة انه سيعطيها فرصا اكبر لتوسيع شبكات تمويل المشروعات الضخمة، ربما ان هذه الخطوة متأخرة لكنها افضل من ألا تأتي، حيث نشجع اندماج الشركات والبنوك المتوسطة والصغيرة لما يقدمه من مزايا لاقتصادنا الوطني والاستفادة من الخبرات المتبادلة، نحن نريد لبنوكنا ان تنطلق نحو العالمية وتصبح بنوكا ضخمة على غرار بنك HSBC». واشار الدكتور الهاشمي الى ان ما يميز اندماج البنوك الثلاث، بل يشجعه هو تحول بنك قطر الدولي IBQ من بنك تقليدي الى بنك اسلامي، مضيفا ان عملية تحويل العمليات من عمليات مصرفية تقليدية الى عمليات مصرفية اسلامية تستغرق فترة تتراوح بين شهر و3 اشهر كأقصى تقدير، وتابع قائلا «في البداية لابد من هيئة شرعية تتابع عملية التحويل التي ليست صعبة، ويتم اعتماد عدة طرق ومعايير للتحول واليات متبعة تضبطها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية». مشيرا الى ان الإشكال البارز هو تحويل الديون الى تمويل يتطابق مع احكام الشريعة الاسلامية. واوضح الدكتور الهاشمي ان الكيان الناتج عن عملية الاندماج والذي سيتوافق مع الشريعة الاسلامية سيدعم تواجد البنوك الاسلامية في العالم، في ظل الخبرة الطويلة التي تتراوح بين 20 سنة الى 30 سنة في الصيرفة الاسلامية والتي تتمتع بها البنوك الوطنية او حتى البنوك الاسلامية الاخرى في منطقة الخليج العربي، مضيفا «ستساهم هذه التجربة في التعريف بما لدينا من تجربة فريدة في الصيرفة الاسلامية والتي سيستفيد منها العالم بأسره، حيث تمول البنوك الاسلامية المشروعات الضخمة ونحافظ في نفس الوقت على العميل وعلى الأصول».

يدعم المنافسة

وشدد الدكتور الهاشمي على ان الكيان المصرفي الجديد سيعزز المنافسة في السوق المحلي، مستشهدا بما وقع في الفترة المتراوحة بين 2005 و2011، حيث قامت البنوك التقليدية بفتح نوافذ مصرفية اسلامية الامر الذي حفز عامل المنافسة بقوة بين مختلف البنوك.

يشار الى انه تم في اعقاب 2011 تمت دعوة البنوك التقليدية التي فتحت نوافذ بنكية اسلامية الى اقفالها واقتصار العمليات المصرفية الاسلامية على البنوك الاسلامية دون سواها، وقد شمل القرار بنك الدوحة والبنك التجاري وبنك قطر الدولي وبنك قطر الوطني وإتش إس بي سي والبنك الأهلي، وقد شهدت تلك الفترة مفاوضات بين أكثر من طرف لبيع النوافذ الإسلامية التابعة للبنوك التقليدية إلى البنوك الإسلامية المستقلة.

وقال الدكتور الهاشمي انه لتحويل الديون الى تمويل اسلامي يجب ان يتم اعتماد المرابحة في السلع او الاسهم الى غير ذلك، وتابع قائلا « هناك عدة طرق وآليات، يمكن اختصارها قدر الامكان فيما يلي: الطريقة الاولى بالنسبة للافراد، فانه يقوم بشراء اسهم لصالحه ويمتلكها ثم يبيعها على المدين باقساط ومن ثم يبيعها للعميل في السوق وبعد ان يقبض الاموال يقوم بتسديدها للبنك التقليدي فيتحول من قرض الى تمويل اسلامي، اما في حالة كان البنك فانه يقوم بشراء بضاعة ثم يبيعها على العميل بقيمتها بالاجل ومن ثم يبيعها لصالح العميل في سوق ويقبض الثمن ويقوم بسداد المبلغ، اما بالنسبة للشركات فهناك الاجارة المنتهية بالتمليك، وبالنسبة للبطاقات الائتمانية فتعتمد آلية التورق في اغلب الحالات.».

واعتبر الدكتور سلطان الهاشمي ان افضل طريقة واسرعها لتحول البنك التقليدي الى بنك اسلامي هو ان يأخذ البنك رأسماله فقط ويسقط الفوائد، مضيفا «ويبقى هذا القرار متروكا للجمعية العمومية للبنك».

شروط تحول التقليدي إلى إسلامي

وتضبط الهيئات الشرعية والرقابة على المؤسسات المالية الاسلامية جملة من المعايير والضوابط لتحول البنك التقليدي الى بنك اسلامي، ومن بين تلك الضوابط، وجوب اعداد الادوات اللازمة وايجاد البدائل للتطبيقات الممنوعة شرعا وتأهيل الطاقات اللازمة لتنفيذ التصحيح، مع مراعاة الاجراءات النظامية بتعديل الترخيص اذا كانت الجهات الرقابية تتطلب ذلك وتعديل عقد التأسيس والنظام الاساسي واعادة بناء الهيكل التنظيمي للبنك مع تعديل لوائح ونظم العمل وشروط التوظيف بما يتلاءم مع الوضع الجديد، وخاصة تكوين هيئة رقابة شرعية مركزية واخرى داخلية تعمل على تعديل او وضع نماذج للعقود والمستندات متفقة مع احكام الشريعة الاسلامية.

كما توصي تلك المعايير بفتح حسابات لدى المصارف في الداخل والخارج وتصحيح الحسابات لدى البنوك التقليدية المحلية او المراسلة مع الاقتصار على ما تقتضيه الحاجة اضافة الى اعداد برامج خاص لتهيئة الطاقات البشرية وتأهيلها لتطيبيق العمل المصرفي الاسلامي.

اما فيما يتعلق بالتعامل مع البنوك الاخرى، فان البنك التقليدي الراغب في التحول الى اسلامي فانه مدعو بدرجة اولى الى تعديل التعامل مع «المركزي» في الايداع او الحصول على السيولة بما لا يتعارض مع الشريعة، ومن ثم تصحيح التعامل مع المؤسسات المالية الاسلامية بفتح حسابات جارية واستثمارية بدرجة ثانية، ولاحقا تصحح التعامل مع البنوك التقليدية على أساس عدم التعامل بالربا واستخدام الصيغ المقبولة.

الالتزام والتخلص من الفوائد

بالتوازي مع إتمام اندماج البنوك الثلاثة، سيعمل البنك على توفير السيولة اللازمة والاضافية من خلال زيادة اصحاب حقوق الملكية مساهمتهم بزيادة رأس المال واصدار الصكوك الاسلامية، وعقد صفقات سلع يكون البنك بائعا فيها وصفقات استصناع يكون البنك فيها صانعا، وبيع بعض الموجودات ثم استئجارها وارجاء عمليات تورق تقوم على الضوابط الشرعية بشراء سلع بثمن مؤجل ثم بيعها بثمن حال لغير البائع الأول.

الى ذلك فان كان البنك التقليدي متحولا من داخله الى بنك اسلامي فانه يتوجب عليه التخلص من الفوائد والايرادات غير المتوافقة مع الشريعة منذ بداية الفترة المالية التي حصل فيها التحول اما الايرادات غير المتوافقة مع الشريعة الاسلامية التي حصلت قبل الفترة المالية المشار اليها فانه يتخلص منها ديانة على حملة الاسهم والمودعين. وفي حال استحقاق البنك على الغير لموجودات غير نقدية غير متطابقة مع احكام الشريعة فإنه يجوز له تسلمها بنية اتلافها وفي حال استحقاقه اثمان موجودات أو خدمات باعها وغير متطابقة مع احكام الشريعة فإنه يقبض أثمانها بنية صرفها في أعمال خيرية.

السابق
الدوحة ولندن.. “شريكان منطقيان”: استثمارات قطر في بريطانيا تواصل التوسع
التالي
فاتورة واردات الدولة من الحديد تبلغ نحو 3.6 مليار ريال خلال 2016