كان الانطباع الأول للسيدة جميلة عبد العزيز في ركن الياميش هو الصدمة. دخلت مع زوجها المتجر الشهير في ميدان المساحة، وسط مدينة الجيزة، واتجها يساراً إلى ركن الياميش والمكسرات، ولم تصدق عينيها كما تقول.
بعد وقفة طويلة في ركن الياميش، خرجت جميلة وزوجها “بكيسين بلح ولفة قمر الدين ونص كيلو سوداني وجوز هند وكيس كركديه”.
منذ اقتراب قدوم شهر رمضان تسجل أسعار الياميش ارتفاعاً كبيراً مقارنة بالأعوام الماضية، حتى أنها أصبحت مادة للسخرية الشديدة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ركن الياميش عبارة عن أرفف متقاربة حتى يسهل على المشتري اختيار ما يريده دون التجول في المتجر الفاخر الذي يتكون من دورين.
تضبط السيدة جميلة غطاء رأسها الحريري وتقول: “السنين اللي فاتت كنت بجيب مشمشية وقراصية وتين، لكن السنة دي ما اقدرش على أسعارها. كيلو المشمشية بقى بـ 96 جنيهاً بدلاً من 60 جنيهاً العام الماضي، والتين أكتر من 60 جنيهاً بعدما كان 30 جنيهاً”.
لماذا ارتفعت أسعار الياميش؟
“الدولار هو السبب الرئيسي وراء الارتفاع الجنوني للياميش خلال هذا العام”، في رأي رجب العطار، رئيس شعبة العطارة باتحاد الغرف التجارية لـ هاف بوست عربي.
ويقول العطار إن مصر تستورد الياميش من الخارج وارتفاع الأسعار يعود لارتفاع الدولار أمام الجنيه منذ قرار التعويم.
ويسجل معدل التضخم السنوي في الأسعار منذ تعويم الجنيه ارتفاعاً كبيراً حتى وصل إلى 32.9% في أبريل الماضي.
والياميش عادة سنوية للمصريين لا يستطيعون الاستغناء عنها لذلك كان عليهم الابتكار لمواجهة ارتفاع أسعاره، فكيف كانت المواجهة؟
1- تقليل الكمية
في جولتها داخل ركن الياميش بالمتجر الشهير أخذت جميلة وقتاً طويلاً لاتخاذ قرار شراء نصف كيلو من السوداني “الكيلو كان بعشرين جنيه السنة إللي فاتت، دلوقتي بقى 40 جنيها يعني زاد الضعف”.
بعد مداولات مع زوجها كان قراره حاسماً، “خلاص هاتي نص كيلو نحشي بيه الحلويات وخلاص بدل لما نجيب كيلو”. شراء الياميش في رمضان عادة سنوية تقدم عليها جميلة وزوجها من أجل أحفادها.
زوج جميلة مدير على المعاش، بينما لا تزال هي تعمل موظفة بالحكومة، ويبلغ دخلهما ما نحو 5 آلاف جنيه (حوالي 250 دولاراً).
2- البحث عن الأسعار الأقل
البحث عن الخصومات والمتاجر التي تبيع بأسعار أقل كان الوسيلة الثانية لمواجهة ارتفاع الأسعار وهو ما فعلته هدى توفيق، ربة منزل من منطقة عين شمس، اعتادت أن تشتري من محل شهير لبيع الياميش لكنها غيرت هذه العادة بعدما علمت أن محلاً آخر يبيع بأسعار أقل.
الأسعار الأقل التي وجدتها هدى في المتجر القريب من بيتها لم تمنعها من تخفيض الكميات التي اشترتها. “كنت بأشتري اللوز والبندق وعين الجمل بالكيلو، بس دلوقتي خلاص بقيت أشتري ربع كيلو من كل صنف”.
3- الشراء بالتقسيط
بعض المحال لجأت إلى بيع الياميش بالتقسيط من خلال دفع مقدم لثمن مشتريات الأسرة ودفع الباقي على أقساط.
هل أثر ارتفاع الأسعار على حجم المبيعات؟
لا، يقولها بحسم محمد الهواري، مالك مولات هايبر وان، يجيب لـهاف بوست عربي معدل بيع الياميش يسير بشكل طبيعي جداً مثل كل عام رغم أن الأسعار زادت عن كل بنسبة 30 إلى 40% مقارنة بالعام الماضي”.
لكن رجب العطار، أحد أشهر موزعي الياميش في مصر يقول إن ارتفاع الأسعار أثر على مبيعاته بنسبة كبيرة، لأن من يشتري الياميش الآن هم القادرون فقط.
بجانب تراجع الإقبال على شراء الياميش تراجعت أيضاً الكميات التي يوردها العطار لصغار التجار بنسبة 60% مقارنة بالعام الماضي.
الامتناع عن الشراء حل
الامتناع عن شراء الياميش قد يكون حلاً في رمضان، لأنه “شهر للعبادة وليس للأكل والياميش مش مهم”، كما اقترح المذيع أحمد موسى.
لكن كانت جميلة تسترق النظر لأسعار المكسرات مثل الفستق والبندق واللوز وهي تقول :”لا دي أسعارها غالية خالص أعوذ بالله.. مش هنموت من غيرها”.
خرجت جميلة وزوجها من المتجر الشهير وفي يديها بعض الأكياس التي ابتاعتها من هناك بجانب فاتورة صغيرة. دققت بها وقالت: دفعنا 428 جنيهاً في شوية البلح والحاجات دي”.