الوجه الآخر لإنستغرام: هكذا غيّر مفهوم الموضة وفرض تحدّيات جديدة على الإعلام!

منذ إطلاقه في عام 2010، فعل تطبيق إنستغرام ما لم يكن متوقعاً أبداً! لقد أحدث تغييرات دراماتيكية في عالم الموضة وصناعة الأزياء. فرض تحديات جديدة على دور الأزياء و أنهى مفهوم “الحصرية” جاعلاً الأناقة في متناول الجميع.
اليوم، لا يحدث أن نجد دار أزياء أو أي علامة، لا تتمتع بفريق خاص للاهتمام فقط بتطبيقات السوشيال ميديا، وأبرزها الإنستغرام. وبموازاة المواد الإعلامية و الإعلانية التي تُنتج لوسائل الإعلام التقليدية، باتت هذه الدور تخصّص موادّ تُستحدث فقط لكي تُنشر على إنستغرام أو على فايسبوك وسنابشات.
وبحسب إيفا شن، رئيسة قسم تعاونات الموضة في إنستغرام، فقد أسهم هذا التطبيق بجعل الموضة أكثر ديمقراطية، بمعنى أنه أسهم بنشرها وبتوفير وصولها إلى كل شرائح المجتمع من دون تمييز على أساس المستوى الاجتماعي أو الانتماء أو الجنس أو العرق…
ليس هذا فحسب، بل تقول إيفا إن إنستغرام منح مصممي الأزياء مخرجاً مثالياً لم يحلموا به في السابق. لقد أتاح لتصاميمهم الجديدة الوصول إلى ملايين الناس حول العالم، في نفس اللحظة التي تُقام فيها عروض الازياء وذلك من خلال خاصية البث المباشر! فبدل أن تقتصر التصاميم الجديدة على الضيوف الحاضرين في قاعة مغلقة ضيّقة لا تتسع إلا للمئات، باتت اليوم قادرة على دخول كل بيت من دون الاضطرار إلى الانتظار أشهراً عدة لكي يُصار إلى طرح التصاميم في البوتيكات.
لقد تلقفّت دور الأزياء المنافع الكبيرة التي وفّرها لها تطبيق إنستغرام، وباتت تدرجه ضمن خطتها الترويجية مع مطلع كل عام جديد.
في ما يلي، أربعة دروس تعلمتها دور الأزياء من تطبيق إنستغرام، وكيف يمكن للعلامات الاستفادة أكثر من هذه الوسيلة الإعلانية لتقوية صورتها وضمان نموّ عائداتها؟
  • التعريف بهويّة العلامة:

يتيح إنستغرام للمستخدمين، نشر الصور و مقاطع الفيديو المسجّلة مسبقاً أو البث المباشر، فضلاً عن عدد لا يُحصى من الـ”إنستاستوريز”. كل ذلك يعني مضاعفة الإمكانيات التي تتمتع بها دور الأزياء في سبيل تحديد هويتها الخاصة. من خلال البوستات اليومية، تنجح الدور عادةً في إبقاء المتابعين على اطلاع على كل جديد يتعلق بها، كما تعطيهم أيضاً فرصة للتعرّف إليها عن كثب، من خلال التعليقات التي تتحدث عن إرث الدار و بصمتها الخاصة و كل ما يحدد الـDNA الذي يميزها عن غيرها.
غالبية الدور تسعى اليوم إلى ابتكار محتوى يعرّف الجيل الجديد إلى نشأتها، تاريخها وأهم المحطات في مسيرتها، كما تبقيه على اطلاع على جديدها ولا سيما ما يتعلق منه بالتعاونات مع المشاهير والنجوم الذائعي الصيت.
هؤلاء النجوم يصبحون مع الوقت بمثابة رموز أيقونية، ترتبط أسماؤهم مباشرةً بهذه الدور، ويصبح بالتالي من الصعب فك الرباط الوثيق بين الطرفين.
  • المستهلك يصبح هو المروّج:

لقد بات مستخدمو السوشيال ميديا اليوم يتولون مهمّتين: الاستهلاك والترويج في الوقت نفسه. لقد أثبتت العلامات التجارية أنها أنها كانت بالغة الذكاء في استغلال المتابعين بهذه الطريقة. فكيف يحدث ذلك؟
قبل طرح مجموعة جديدة من الملابس أو المنتجات الجلدية أو حتى المكياج والعطور، تبدأ العلامات بنشر بوستات مبهمة أو مقتطفات فيديو تُسمّى Teasers، والهدف منها تحضير الناس وجعلهم يتشوّقون لمعرفة ما هو الجديد الآتي إلى عالمهم.
بعد أيّام، ترفع العلامة النقاب عن جديدها، وفي الغالب، تتعاون للترويج له، مع أحد نجوم الدرجة الأولى، ما يعني مزيداً من الاهتمام الجماهيري، ومزيداً من النجاح الإعلامي.
ومع هذه المنتجات تحرص على إطلاق هاشتاق جديد، تدعو المتابعين إلى اعتماده للتعبير عن إعجابهم بالمستحضرات. بهذه الطريقة، يسارع المتابعون إلى شراء المنتجات الجديدة، التقاط الصور فيها أو معها، نشرها على السوشيال ميديا باستعمال الهاشتاق المخصّص لها، ما يعني ضمان شعبية قياسية للمستحضرات و للعلامة!
هذا ما فعلته علامة Jimmy Choo على سبيل المثال. طرحت العلامة أخيراً مجموعة في غاية الشياكة والابتكار من الأحذية التي تليق بالمناسبات الراقية المختلفة، بما فيها الزفاف. لإحداث زخم إعلامي كبير حيال المجموعة، استعانت العلامة أولاً بعدد من المؤثرات الاجتماعيات اللواتي بدأن بنشر صورهن منتعلات أحذية العلامة مع هاشتاق #IDoInChoo، وسرعان ما انتشر هذا الهاشتاق بين المتابعات بعدما وعدت العلامة بنشر صورهنّ من حفلات الزفاف على موقعها الخاص!
  • فتح الكواليس أمام الجمهور:

ما كان في السابق حصرياً وخفياً عن أعين الجمهور، بات اليوم المجال الأكثر استقطاباً لاهتمام الجمهور: كواليس عروض الازياء، وصور التحضيرات و اللقطات من وراء الكاميرات! لقد أسهمت السوشيال ميديا بإلغاء الحدود ما بين مفهوم “الحصرية” في عالم الأزياء، وبين الجمهور، والغريب أن العلامات تفهّمت الأمر و تقبّلته وفتحت أبوابها أمام المدوّنين والفاشنيستاس، وسمحت لهم بنقل وقائع ما يجري في أروقتها الخاصة، ولا سيما خلال عروض الأزياء العالمية.
بات الجمهور على اطلاع مباشرة على ما يجري التحضير له قبل بدء العروض، تجارب الأداء، تجربة الملابس، تطبيق المكياج، تصفيف الشعر.. لقد سمحت عمليات النقل المباشر من كواليس عروض الأزياء للمتابعين، بمعرفة كيف ستكون العروض قبل أن تبدأ فعلياً.
هذا ما فعله تحديداً أوليفييه روستينغ المدير الإبداعي لعلامة Balmain عندما استعرض مجموعة الدار لربيع وصيف 2016 مباشرة أمام متابعيه على إنستغرام، الذين تجاوز عددهم آنذاك المليون!
  • تطبيقات السوشيال ميديا تتحول إلى بوتيكات تتيح عمليات البيع والشراء:

في عام 2015، قدّم إنستغرام خاصية جديدة تتيح نشر الصور على طريقة الألبوم، أي مجموعة من الصور في البوست الواحد. هذه الخاصية سمحت للعلامات بنشر صور بتأثير ثلاثي الأبعاد، بمعنى أن الصورة الأولى تظهر الفستان كاملاً، ثمّ تليها مجموعة من الصور التي تركز على أجزاء مختلفة من الفستان، بما يتيح للسيدات الاطلاع على تفاصيله الكاملة عن قرب!
هذا العرض المفصّل تلاه توفير إمكانية البيع والشراء عبر الإنستغرام. هذا ما فعلته علامة Michael Kors، على سبيل المثال طرحت أخيراً هاشتاق #InstaKors والهدف منه تسهيل عملية الشراء الإلكترونية، حيث يتطلّب الأمر فقط أن تنقر السيدة مرّتين على صورة القطعة التي ترغب فيها، ثم تكتب هذا الهاشتاق مع عنوانها البريدي، وعلى الفور، تصلها رسالة فيها اللينك الذي يساعدها على إتمام عملية الشراء.
ما الذي يعنيه كل هذا؟ ببساطة، أن المنتجات باتت اليوم أكثر قرباً من الناس، و باتت عمليات الشراء تتم بكبسة زر في أي مكان في العالم.

ما هي التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام التقليدية؟

بعدما كان نقل الخبر حكراً على الصحافيين والمراسلين المتخصّصين في مجالاتهم، أصبح اليوم كل فرد في المجتمع، بمثابة صحافي و مراسل. لقد سمحت تطبيقات السوشيال ميديا و خاصية النقل الحيّ للجميع، بنقل وقائع الأحداث و إعطاء رأيهم بها!
ليس هذا فحسب، بل أصبحت الشركات التجارية في غالبيتها العظمى، تخصّص القسم الأكبر من إنفاقها المالي السنوي، للسوشيال ميديا ورموزه، و ما بقي يُصرف على الإعلام الكلاسيكي، مثل المجلات والتلفزيونات!
السابق
«العـدل الدوليـة» تمهد لقطر اللجوء لمجلس الأمن
التالي
تخلّت عن الكونتور وتبنّت المكياج الناعم: لهذا تبدو فيكتوريا بيكهام أصغر سنّاً