المصارف القطرية تواصل فتوحاتها الاقتصادية وتصل الصين بتركيا

محركاتها تهدر في كل الاتجاهات ورحلاتها لا تتوقف

بنك أمنية في المغرب تجربة أثبتت نجاعتها وشجعت على المزيد

البنوك الإسلامية القطرية تفتح طريقها بين آسيا وأوروبا وترسخ الصداقة الاقتصادية

شبكة النمو المصرفي ترسي البنى التحتية المتكاملة 

بزنس كلاس – إسلام شاكر

يشهد القطاع المصرفي لدولة قطر نشاطاً قوياً في الفترة الحالية خارج حدود الدولة مع قيام عدد من البنوك القطرية بافتتاح فروع جديدة لها بالخارج أو الشراكة مع بنوك محلية في دول مختلفة من العالم. في الوقت ذاته تستمر البنوك القطرية، لاسيما الإسلامية منها بالسعي لفتح أسواق جديدة في مناطق لم تصلها بعد.

المغرب وبنك أمنية

وكان آخر نشاط توسعي لبنوك قطر في الخارج في 26 نوفمبر الحالي حين افتتح سعادة الشيخ الدكتور خالد بن ثاني بن عبد الله أل ثاني رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب للبنك الدولي الإسلامي في قطر المقر الرئيسي لبنك “أمنية” المغربي الذي يأتي كثمرة للشراكة بين الدولي الإسلامي وبنك القرض العقاري والسياحي المغربي (CIH)وصندوق الإيداع والتدبير المغربي.

ويعتبر بنك “أمنية” أول مصرف إسلامي في المغرب حيث تم افتتاحه بعد مضي خمسة أشهر من موافقة البنك المركزي على طلبات لإنشاء مؤسسات مالية إسلامية تحت مسمى “البنوك التشاركية”، حيث يجري إنشاء بنوك وشركات تأمين إسلامية في المغرب بعد أن سمح قانون جديد لها بدخول السوق، وأنشأ البنك المركزي هيئة شرعية مركزية تضم علماء دين مسلمين للإشراف على القطاع.

وكانت قطر أول المبادرين لافتتاح بنوك إسلامية في المغرب مع قيام الدولي الإسلامي بالشراكة مع بنك القرض العقاري السياحي المغربي، حيث افتتح لبنك “امنية” ثلاثة فروع في البلاد، اثنان في الدار البيضاء، والثالث في الرباط. وقال البنك في بيان إنه يخطط لافتتاح المزيد من الفروع في أرجاء المملكة. وتأتي إقامة البنك مع نيل هذا النوع من البنوك اعتراف عالمي حيث اعتمدت قمة العشرين التي عقدت في تركيا في نوفمبر 2016 في بيانها الختامي التمويل “التشاركي” كإحدى القنوات التمويلية العالمية في تحقيق التنمية المستدامة.

وسرعان ما اجتذب فرع أمنية بنك في الرباط عددا كبيرا من العملاء الذين يفضلون الإدخار والتعامل مع بنوك تدار وفق أحكام الشريعة الإسلامية عوضاً عن المصارف التقليدية، وبذلك تكون مصارف قطر الإسلامية  قد وضعت نفسها على أول الدرب في إطار إقامة شبكة بنوك إسلامية تغطي القارة السمراء انطلاقاً من المغرب.

استحواذات في تركيا

وبالطبع هذه ليست نهاية الأمر فبعيداً عن المغرب والقارة الأفريقية، تبحث عدد من البنوك القطرية لاسيما الإسلامية منها في الفترة الحالية التوسع في أعمالها بالقارة الآسيوية والأوروبية خلال الفترة المقبلة، مع التركيز على السوقين التركي والصيني، بعد نجاح استحواذ البنوك القطرية على بنكين في تركيا.

وأكدت مصادر مصرفية مطلعة أن الفترة المقبلة سوف تشهد عمليات توسع في السوق التركي، من خلال استحواذات جديدة للبنوك القطرية أو افتتاح فروع جديدة لها، وأشارت تلك المصادر إلى التجارب القطرية الناجحة في تركيا، حيث استحوذ بنك قطر الوطني في 2015 على حصة بنك اليونان الوطني «فاينانس بنك» في تركيا، والبالغة 99.81% مقابل 2.94 مليار دولار، ويعتبر «فاينانس بنك» خامس أكبر بنك مملوك للقطاع الخاص في تركيا من حيث إجمالي الموجودات وودائع العملاء والقروض، وتضم شبكة فروع البنك أكثر من 620 فرعاً، كما يمتلك البنك التجاري القطري حصة قدرها 75% من «ألترناتيف بنك» التركي، الذي يقدم الخدمات المصرفية من خلال شبكة تتألف من 64 فرعاً منتشراً في 21 مدينة تركية، واستحوذ بنك الاستثمار «كيو إنفست» على كامل أسهم «إرجو بورتفوي»، إحدى أضخم شركات إدارة الأصول الإسلامية وأسرعها نمواً في تركيا.

فروع خارجية

وأضافت المصادر أن البنوك المحلية لديها فروع في حوالي 40 دولة بالخارج سواء فروع تابعة للبنك، أو بنوك تم شراؤها والاستحواذ عليها بنسب مسيطرة، حيث من المنتظر ارتفاع عدد هذه الفروع إلى حوالي 45 فرعاً خلال العام المقبل 2018، مع بدء تنفيذ الخطط الجديدة للبنوك، وتوسع أعمالها في السوقين المحلي والخارجي، بعد زيادة رؤوس أموالها خلال العام الحالي، وحصولها على الموافقات المطلوبة من الجمعيات العمومية والجهات المختصة.

من جانب آخر، قال بيان صحافي لمصرف قطر المركزي إنه تم التوقيع بالدوحة على مذكرة تفاهم مع البنك المركزي التركي، بهدف تعزيز وتطوير التعاون الثنائي بينهما، وجاء ذلك عقب اجتماع الدورة الثالثة للجنة الاستراتيجية العليا بين دولة قطر والجمهورية التركية، بحضور حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية.

وأضاف البيان، وقّع على المذكرة سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي، وعن الجانب التركي سعادة السيد مرات شتينكيا محافظ البنك المركزي للجمهورية التركية، تشمل المذكرة تنظيم فعاليات مشتركة، مثل الدورات التدريبية والمؤتمرات والندوات وورش العمل، كما تشمل تنظيم برامج توظيف مؤقت في المجال المصرفي للعاملين في كلا الطرفين، فضلاً عن تنظيم زيارات عمل متبادلة.

الصين والربط المالي

أما من ناحية الصين، فقد قدمت عدد من البنوك القطرية طلبات إلى الجهات المسؤولة في السوق الصيني، لفتح فروع للبنوك والمصارف الإسلامية في الصين، مع التركيز على المناطق التي تتمتع بأغلبية مسلمة من المواطنين هناك، حيث تفتقد هذه المناطق الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية الإسلامية.

وتبحث الجهات المالية المسؤولة في الصين حالياً هذه الطلبات، في إطار التعاون الاقتصادي والمالي المميز بين قطر والصين، والذي توج منذ سنوات باختيار الدوحة كأول مركز إقليمي للتعاملات والمقاصة للعملة الصينية «الرنمينبي» على مستوى منطقة الشرق الأوسط، ويُعدّ هذا المركز الأول على مستوى المنطقة، الذي يقدم خدمات التسوية المالية بعملة الرنمينبي الصينية، مما يساهم في تعزيز الربط المالي بين الصين وجنوب غرب آسيا والشرق الأوسط، وزيادة الفرص المتاحة لتوسيع علاقات التجارة والاستثمار بين الصين وقطر والمنطقة بأسرها، والسماح للمصارف والبنوك بتوسيع محافظها الاستثمارية في مجال الخدمات والمنتجات المالية، من خلال تسهيل إصدار وتبادل المنتجات المالية، بما فيها منتجات أسواق الديون، ومعدلات الفائدة ومشتقات السلع المحددة أسعارها بالرنمينبي.

وتأتي محاولات البنوك القطرية دخول السوق المصرفي الضخم في الصين من بوابة الصيرفة الإسلامية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين مع تطور التعاون التجاري بينها خصوصا في السنوات الاخيرة، حيث بات حجم التبادل التجاري بينهما يزيد عن 20 مليار ريال قطري، كما أن قطاع البنوك الضخم في الصين يمكنه أن يكون فرصة ممتازة بالنسبة لبنوك قطر لا سيما في مجال البنوك التي تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وهو الأمر الذي يفتقده الطاع المصرفي الصيني رغم حجمه الكبير. ومن هنا باتت الفرصة مواتية ليثبت القطاع المصرفي القطري المتميز بأدائه الدقيق وقوة حضوره واستثماراته خارج قطر كما بداخلها كي يكون رائداً في دخول السوق الصينية من هذا البوابة المهمة مع العلم أن البنوك القطرية قد بدأت هذا المسعى منذ فترة ليست بقصيرة وتحديداً عام 2014 حيث أبدت بكين منذ ذلك الوقت ترحيبها بالجهد القطري في هذا الإطار.

إن عجلة الإنتاج عادة تبدأ بالدوران بعد الحصول على التمويل الصحيح وبالوقت المناسب، وهذه هي القاعدة التي تعمل من خلالها بنوك قطر لدخول أسواق جديدة وواعدة في التوقيت المناسب كما فعلت في المغرب، وكما ستفعل قريباً بإذن الله في تركيا والصين لتوسيع شبكة النمو الاقتصادي المصرفي لدولة قطر في مناطق جديدة تبشر بخير كبير.

 

السابق
سوق واقف يفتتح مهرجان ربيع سوق واقف 2018
التالي
الاكتفاء الذاتي نقطة البدء لتحقيق الطموح