وكالات – بزنس كلاس:
كشف الجزء الأول من الفيلم الاستقصائي “سيناء حروب التيه”، من برنامج “المسافة صفر” على قناة الجزيرة مساء أمس النقاب عن بعض أسباب تأخر الجيش المصري في حسم معركته ضد تنظيم “داعش” منذ عام 2013، وحقيقة ما يحدث مع قوات الجيش والشرطة المصرية خلال العمليات العسكرية في سيناء، وخاصة ما يتعلق باختراق التنظيم للأجهزة الأمنية والعسكرية المصرية، وحقيقة انضمام عناصر من هذه الأجهزة الى التنظيم، وذلك استنادا الى شهادات حصرية استطاع فريق البرنامج الحصول عليها، معتمدا التخفي من قلب مناطق العمليات العسكرية بين الجيش المصري وتنظيم الدولة في سيناء.
تمكنت معدة ومقدمة البرنامج سلام هنداوي من الإجابة على الكثير من الاسئلة انطلاقا من رأيين احدهما يقول بأن الجيش المصري حقق نجاحات كبيرة في الحرب على “داعش” وهو ما دفع التنظيم الى شن هجمات على قوات الامن خارج سيناء، بينما يرى اخرون ان للجيش إخفاقات مكنت تنظيم “داعش” من توسيع مناطق نفوذه الى وسط وغرب سيناء بعدما كانت منحصرة عام 2013 في مناطق شرق سيناء وتحديدا في مدن رفح والشيخ زويد ومناطق شرق العريش. تقول سلام هنداوي: “قبل العملية الشاملة بأكثر من عام كنا قد بدأنا تحقيقا من داخل سيناء بالتنسيق مع فريق ميداني متخف لرصد ما يدور خلف أسوار التعتيم التي فرضها الجيش على المنطقة منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013”.
استهداف كبار الضباط
اعتمد فريق برنامج “المسافة صفر” على منطق الفرضيات الذي ساعد على الإجابة عن العديد من الاسئلة حول من كان يسرب المعلومات حول هؤلاء الضباط والشخصيات العسكرية التي تم استهدافها من قبل تنظيم “داعش”، وقدرة الاخير على استقاء معلومات دقيقة عن الجيش والشرطة، ورسم خرائط داخلية لتلك القوات تمكنه من توجيه ضربات مباشرة ومؤثرة. كما بحث التحقيق في فكرة “تسليح بعض القبائل السيناوية التي لجأ اليها الجيش المصري في مواجهة التنظيم على غرار تجربة الجيش الامريكي في العراق عام 2007 ، عندما فشل في تحقيق أهدافه”.
مسارات التحقيق
اعتمد الفيلم الاستقصائي على مسارين مهمين، في المسار الاول تواصل صحفيو البرنامج المتخفون في سيناء مع مصادر من اربع قبائل في محاولة للوصول الى عناصر قيادية في المجموعات القبلية المدعومة من الجيش او تلك العناصر القبلية المنتمية لتنظيم “داعش”.
أما المسار الثاني فكان محاولة الوصول الى عسكريين خدموا في سيناء بداية من عام 2015 وما بعده. تمكن فريق البرنامج في القاهرة من إقناع عسكري من توثيق شهادته عن احداث هامة من بينها محاولة تنظيم ولاية سيناء السيطرة على مدينة الشيخ زويد في الاول من يوليو 2015 .
تقول سلام هنداوي: اللافت في شهادة العسكري ان التنظيم لم يترك شيئا للصدفة اثناء تنفيذ هجماته المتزامنة على كمائن الشيخ زويد ورفح، وقام بتفخيخ طرق الامداد. وفي هذا الإطار يقول الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية حسن ابو هنية “ثمة خلل كبير في المنظومة الأمنية الاستخبارية المصرية. تنظيم “داعش” تشكل من اطر عسكرية تحالفت مع الجهاديين”. مشيرا الى أن وجود عوامل موضوعية كثيرة في داخل الجيش المصري جعل التنظيم يتمكن من تجنيد العسكريين من المستويات الوسطى، وتمكن من اختراق الأجهزة العسكرية بشكل واضح. تقول هنداوي: تؤكد وثائق تسربت الى البرنامج من نيابة شرق القاهرة العسكرية ان ضباطا أربعة تم استقطابهم من قبل التنظيم شاركوا في استهداف كمائن وتمركزات أمنية بالاضافة الى مهامهم في رصد منشآت أمنية هامة بحكم عملهم السابق في جهاز الشرطة.
حاولت سلام هنداوي التواصل مع المؤسسة العسكرية المصرية بعد حصول فريق البرنامج على قائمة معتمدة من ادارة الشؤون المعنوية في الجيش للضباط المخولين بالحديث الى الاعلام، لكن محاولاتها جوبهت بالرفض لمجرد قولها بأنها صحفية من قناة الجزيرة، وأنها بصدد عمل فيلم تحقيقي، واكتفى احد الضباط بالقول: ان من انضموا الى تنظيم الدولة لم يكونوا محصنين اخلاقيا ولا وطنيا ولا انسانيا.
وتمكن الفريق الميداني لبرنامج “المسافة صفر” من الحصول على شهادة ضابط جيش تحدث متخفيا، حيث كشف ان انضمام بعض الضباط الى التنظيم كان بدافع الانتقام وليس اقتناعا بافكار التنظيم. لكن الشهادة لم تجب على أسئلة فريق البرنامج بقدر ما اثارت اسئلة مرتبطة بحالة الغموض والإرباك التي تسود مسرح العمليات في سيناء.
استطاع برنامج “المسافة صفر” في الجزء الاول من حلقة “سيناء حروب التيه” من رصد تحركات عسكرية مكثفة في قلب مناطق العمليات العسكرية، كما وثق شهادات عسكريين تفسر الكثير من الأحداث الغامضة التي قتل واصيب فيها ضباط كبار حامت الشبهات حول طريقة استهدافهم، بالاضافة الى استمرار انضمام ضباط من الجيش والشرطة سواء كانوا سابقين او حاليين الى الجماعات المسلحة، وتزايد احتمال وجود اختراق في الأجهزة الأمنية والعسكرية في سيناء يبرز التساؤل عما اذا كان ذلك واحدا من أسباب تأخر الجيش في حسم المواجهات منذ أكثر من اربع سنوات في سيناء.