المدينة الإعلامية المحرك الرئيسي للقطاع في قطر

قال تقرير أعده الشيخ علي بن الوليد آل ثاني، الرئيس التنفيذي لوكالة ترويج الاستثمار، والسيد جاسم محمد الخوري، الرئيس التنفيذي بالإنابة للمدينة الإعلامية قطر، تحت عنوان «دور الاستثمار الأجنبي المباشر في دفع نمو صناعة الإعلام الرقمي» لتسلط الضوء على القطاعات الإعلامية الرئيسية المؤهلة لتحقيق أسرع معدل نمو في مجال النشر الرقمي والمحتوى الصوتي والموسيقي ووسائل التواصل الاجتماعي، كما تناقش المبادرات الاستراتيجية لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وبناء منظومات إعلامية مستدامة. حيث اشار التقرير الى الاستثمار الأجنبي المباشر برز كعامل محفز للنمو في صناعة الإعلام الرقمي العالمية، بسبب التحولات الكبرى التي أحدثها في مشهد الاتصالات والإعلام من جذب رؤوس أموال ضخمة، واستخدام تقنيات متقدمة، وجذب خبرات متمرسة إلى الدول المضيفة لهذا النوع من الاستثمارات. ووفقًا لتقرير معلومات الاستثمار الأجنبي المباشر الصادر عن «أف دي آي إنتليجنس»، فقد احتل قطاع الاتصال والإعلام المرتبة الثالثة في الاستثمارات الجديدة بين عامي 2019 و2023، مما يؤكد أهميته بين جميع قطاعات الاستثمار الأجنبي المباشر الأخرى.

 ولا يقتصر تدفق الاستثمارات على قطاع الاتصال والإعلام على تشجيع الابتكار فحسب، بل يدعم أيضًا تحقيق التنمية الاقتصادية، ويخلق فرصًا جديدة، ويعزز القدرة التنافسية لشركات الإعلام في جميع أنحاء العالم.

الاستثمار الأجنبي

وقد تُعزى أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر في الإعلام الرقمي إلى حد كبير لجائحة كوفيد-19، ففي حين واجهت معظم القطاعات انخفاضًا في الاستثمار، شهدت الاستثمارات في قطاع الإعلام والاتصال ارتفاعًا. وقد أدت الجائحة إلى تسريع وتيرة التحوّل نحو الاستهلاك الرقمي، وزيادة الطلب على المحتوى الرقمي، وخدمات البث ومنصات التواصل عبر الإنترنت. ووفقًا للبيانات الصادرة من أسواق الاستثمار الأجنبي المباشر، حاز قطاع الاتصالات من بين أكبر ستة قطاعات على أكبر نصيب من الإنفاق الرأسمالي لمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2023، وصلت إلى 679 مشروعًا بقيمة 79.77 مليار دولار، وارتفع الاستثمار في هذا القطاع بنسبة 24%، ليسلط الضوء على مرونته وإمكانات نموه خلال فترة عدم اليقين العالمي.

 

من المتوقع استمرار توسع سوق الإعلام في ظل تجاوز معظم قطاعات الإعلام الإلكتروني معدل النمو العالمي البالغ 3% وفقًا لتقارير صندوق النقد الدولي، كما يتوقع أن تشهد قطاعاته الثلاثة الرئيسية التالية أسرع معدلات نمو في الفترة من 2022 إلى 2026: النشر الرقمي: كان لاستخدام الهواتف الذكية وأجهزة الحواسيب اللوحية للمنصات مثل «أمازون» و»كيندل»، وخدمات الاشتراك دور كبير في تحول وصول المستهلكين إلى الكتب والمقالات والمجلات عبر تلك المنصات. وتركز دور النشر الكبرى مثل «بينغوين راندوم هاوس» و»هاربر كولينز» بشكل متزايد على وسائل الإعلام الرقمية الجديدة، ولا سيما الأشكال الرقمية، لتلبية تفضيلات القُراء المتغيرة، ويتوقع أن يصل حجم سوق الكتب الإلكترونية إلى 15.33 مليار دولار بحلول عام 2027 وفقًا لمنصة «ستاتيستا» لبيانات السوق والمستهلكين.

منصات التواصل الاجتماعي

أما في مجال التلفزيون وصناعة الأفلام، تقوم منصات البث الرقمي المباشر مثل «ديزني بلس» و»نتفليكس» و»أمازون برايم فيديو» بوضع معايير جديدة، واستنادًا لتقرير شركة أمبير أناليسيز تعتزم منصة «ديزني بلس» زيادة استثماراتها السنوية في المحتوى الأصلي بنسبة 82.8% بين عامي 2022 و2027، في حين ستزيد منصة «أمازون برايم فيديو» استثماراتها بنسبة 70% خلال نفس الفترة. المحتوى الصوتي والموسيقى: أدت خدمات البث الموسيقي مثل «سبوتيفاي» و»أبل ميوزيك» إلى إحياء صناعة المحتوى الصوتي والموسيقى، ومع توفر ملايين الأغاني وبرامج البودكاست على منصات واحدة، من المتوقع أن يؤدي تحول التحميل المادي والرقمي إلى البث المباشر لنمو هذا السوق بمقدار 70,023.6 مليون دولار في الفترة بين 2023 و2028 وفقًا لتقرير سوق الموسيقى العالمي 2024-2028. وسائل التواصل الاجتماعي: يدفع الابتكار في وسائل تقديم المحتوى والواقع المعزز والواقع الافتراضي إلى نمو منصات وسائل التواصل الاجتماعي. ومن المتوقع زيادة سوق وسائل التواصل الاجتماعي العالمي بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 27.1% في الفترة من 2023 إلى 2030، بناءً على تقرير حجم سوق تحليلات وسائل التواصل الاجتماعي وتحليل المشاركة والتوجهات حسب التطبيق، وحسب توقعات المنطقة والقطاع خلال الفترة من 2023 إلى 2030. إن استراتيجية المستخدمين النشطين والأكثر تفاعلاً مع وسائل التواصل الاجتماعي تجعل هذه المنصات أهدافًا رئيسية للمُعلنين والمسوّقين الذين يسعون للوصول إلى جمهور واسع من كافة أنحاء العالم. وقد أدى ذلك التوجه، إلى جانب صعود المؤثرين، واستخدام أساليب التسويق المؤثر إلى تحويل وسائل التواصل الاجتماعي إلى أدوات تسويق وترويج قوية، بسبب استثمار العلامات التجارية بكثافة في التعاون مع المؤثرين، وفي الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي، مما زاد من حجم الاستثمارات في هذه المنصات.

نمو استثمارات الإعلام والترفيه

لا شك أن الموقع الجغرافي المتميز لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي يربط بين الشرق والغرب، وامتلاكها لبنية تحتية عالمية المستوى، تشمل على سبيل المثال المدن الإعلامية المتطورة وشبكات الاتصالات المتقدمة، يتيح لها توفير بيئة إعلامية ديناميكية لشركات الإعلام والمستثمرين على حد سواء. ومن ناحية أخرى، يشهد المشهد الإعلامي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخاصة القطاعات الرقمية والبث المباشر نموًا مطردًا. وفي الوقت الحاضر، يحتل المستهلكون من دول مجلس التعاون الخليجي ترتيب ثاني أعلى عدد من مستخدمي خدمات «الفيديوهات حسب الطلب» لكل شخص في المتوسط على مستوى العالم وفقًا لاستطلاع أوليفر وايمان العالمي، في حين يتوقع أن تشكل شبكة الجيل الخامس نسبة 73% من جميع اشتراكات الهاتف الجوال في دول الخليج بحلول نهاية 2026 وفقًا لـتقرير إريكسون للتنقل.

 

وبفضل زيادة انتشار الإنترنت وفئة الشباب المتمرس على استخدام التكنولوجيا، وتنامي شعبية منصات الترفيه الرقمية، هيمنت المنطقة على إيرادات البث المباشر بحصة بلغت 98.4% من حجم السوق، وفقًا لـتقرير الموسيقى العالمي الصادر عن الاتحاد الدولي للصناعة الفونوغرافية. ويدعم ذلك دول مثل قطر التي تقيم شراكات مع مؤسسات إعلامية عالمية مثل «سناب إنكوربوريشن» و»أمازون أدز» و»تيك توك». أولت دولة قطر والمملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا وأهميةً قصوى للتنمية الثقافية والإعلامية في رؤيتهما الوطنية لعام 2030، فقد تضمنت «رؤية السعودية 2030» مبادرات رئيسية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتطوير قطاعي الإعلام والترفيه بالمملكة؛ بهدف زيادة إنفاق الأسرة على الترفيه من 2.9% إلى 6%. بينما تهدف رؤية قطر الوطنية 2030 إلى بناء منظومة إعلامية مستدامة من خلال الاستثمار في بنية تحتية إعلامية حديثة، وتطوير المواهب.

المدينة الإعلامية

وفي دولة قطر تُعد المدينة الإعلامية المحرك الرئيسي لصناعة الإعلام في الدولة، باعتبارها مركزًا إعلاميًا وحاضنةً للشركات ورواد الأعمال والمبتكرين والمواهب الإبداعية. كما تقود المدينة الإعلامية، ومقرها الدوحة، المبادرات التي تهدف إلى تجسير الهوّة الثقافية وتعزيز التعاون الدولي. وتشمل صلاحيات واختصاصات المدينة الإعلامية ثلاث جوانب: تنظيم الأعمال والأنشطة، والتطوير، والاستثمار والذي يشمل إنشاء وتطوير حاضنات الأعمال، ومنح التراخيص والتصاريح، والمرافق المزودة بأحدث التجهيزات الإعلامية. ومن المتوقع أن تؤدي هذه المبادرات، بالإضافة إلى البرامج التنموية التي تنفذها المؤسسات التعليمية لتطوير مهارات القوى العاملة واستمرار نمو المؤسسات الإعلامية مثل شبكة الجزيرة وقنوات «بي إن سبورتس»، إلى زيادة نمو هذا السوق بنسبة 10.21% خلال الفترة من 2024 إلى 2029 وفقًا لرؤى الأسواق الصادرة عن منصة «ستاتيستا». ويدفع الاستثمار الأجنبي المباشر النمو في صناعة الإعلام الرقمي، لكونه يُحفز الابتكار، ويُوسع نطاق الفرص في مختلف القطاعات. ويعمل تدفق الاستثمارات العالمية في مجالات النشر الرقمي والبث الصوتي ووسائل التواصل الاجتماعي على إعادة تشكيل المشهد الإعلامي، وهنا تبرز دول مجلس التعاون الخليجي، بموقعها الاستراتيجي ورؤاها الطموحة للتنمية الثقافية والإعلامية، كطرف أساسي في هذا السوق المتطوّر. ومع استمرار التقدم التكنولوجي في صياغة مستقبل الإعلام الرقمي، فإن كل من المستثمرين وشركات الإعلام يتمتعون بوضع جيد للاستفادة من الفرص الناشئة، ودفع النمو المستقبلي لهذا القطاع.

السابق
9.9 مليار دولار حجم الصادرات القطرية للصين
التالي
1.9 تريليون ريال أصول البنوك التجارية في قطر