المجلات تلجأ إلى النجمات السمراوات لتحقيق الأرباح

 

مَن يراقب بتمعّن كبير ما يجري حول العالم، يدرك حقيقة أننا مقبلون على تغيير هائل وكبير. في الوقت الذي تعيش فيه الشعوب على وقع الأزمات السياسية والاضطرابات الأمنية المتنقلة من مكان إلى آخر، وتواجه مشكلات اقتصادية دقيقة تعصف بالكثير من اقتصادات العالم، وفي الوقت الذي نستيقظ فيه كل يوم على تطوّر جديد يزرع بذور الشقاق والتنافر بين دول العالم وأنظمتها المختلفة، نشهد في مقابل كل ذلك، ما يشبه الانتفاضة التي تحمل لواءها طبقة من المثقفين والفنانين والمفكرين، وأصحاب الرؤى التغييرية والأفكار التحريرية. في مقابل الهزات الأمنية، تتنامى هذه الانتفاضة الفكرية، والهدف منها على ما يبدو حتى الآن، إعادة الأمور إلى نصابها، تصحيح بعض المسارات التي أخطأت طريقها، مثل رفض التمييز على أساس العرق والدين والانتماء، المناداة بالمساواة على قاعدة أنه لا فرق بين إنسان وآخر إلا بمقدار ما ينفع به البشرية جمعاء أو يعود عليها بالضرر، معنوياً أو مادياً.

 

هذه الظاهرة التي شبّهناها بالانتفاضة، رأيناها تتخذ أكثر من شكل ووجه حتى الآن. بدأت قبل حوالى عامين مع إطلاق ماريا غراتسيا كيوري، المديرة الإبداعية لـDior، مفهوم الـFeminism للدفاع عن حقوق المرأة والاعتراف بكامل حقوقها الإنسانية، ثمّ ما لبثت أن انتشرت ليتبنّاها عدد كبير من مصممي الازياء، مثل Prabal Gurung و Stella McCartney وChristian Siriano و Max Mara وChanel، وهي من أبرز دور الأزياء التي ركزت على تبنّي مفهوم التعددية، فظهرت في عروض أزيائها عارضات بأحجام مختلفة ومقاسات كبيرة، وعارضات سمراوات، وأخريات محجّبات.

 

لقد كانت هذه المبادرات كافية لتسليط الضوء على حقيقة واضحة: لقد حان الوقت لنبذ التفرقة بين الناس، واعتماد سياسة التعددية لأن العالم لم يعد يحتمل المزيد من أسباب التفرقة، بل يحتاج إلى ما يجمع الناس و ينقذ البشرية من مصير مجهول!

 

ما الذي ترمز إليه أغلفة شهر سبتمبر؟بعد انتشار صور بيونسيه على غلاف مجلة Vogue نسخة الولايات المتحدة لشهر سبتمبر، ظهرت أيضاً ريهانا على غلاف مجلة Vogue نسخة المملكة المتحدة لنفس الشهر، كما رأينا العارضة السمراء الحامل سليك وودز تتألق على غلاف Elle نسخة المملكة المتحدة، ولوبيتا نيونغو على غلاف مجلة Porter البريطانية، ومن بعدها تريسي إليس روز على غلاف Elle نسخة كندا، وأخيراً زندايا على غلاف مجلة Marie Claire نسخة الولايات المتحدة.

قد يعتقد البعض أن الأمر مجرد مصادفة، لكنه برأينا يتعدّى ذلك بكثير. لم يسبق لنا فعلياً أن شهدنا هذا العدد الكبير من النجمات السمراوات يتصدّرن أغلفة أبرز المجلات العالمية، ولهذا الأمر دلالة كبيرة على أن عجلة التغيير ما زالت تسير على قدم وساق، وأن روّاد ظاهرة التغيير الكبير ملتزمون بأفكارها وماضون قُدماً لتحقيقها.
قرار هذه المجلّات اعتماد هذه الأغلفة لشهر سبتمبر هو أكبر اعتراف منها بأهمّية هؤلاء النجمات وشعبيتهن التي تتجاوز شعبية بقيّة النجمات. فشهر سبتمبر يرمز إلى عودة الزخم إلى الحياة الاقتصادية وانطلاق الدورة المالية الجديدة مع عودة المدارس وانتهاء موسم الإجازات. ولهذا الشهر، تحرص المجلات عادةً على إصدار أغلفة قابلة للبيع! أي إنها تعتمد على نجمات يجتذبن الجمهور كما يجتذبن المعلنين. ومَن يتمتع بشهرة تفوق شهرة ريهانا أو بيونسيه أو زندايا؟ لقد آن الأوان للاعتراف بذلك. تستحق هؤلاء النجمات كل التقدير والاحترام، تستحق هؤلاء النجمات أن نعترف لهنّ بإنجازاتهن غير المسبوقة في عالم الاستعراض، كما يستحققنَ كل الاحترام.

 

 

السابق
العاصمة النمساوية فيينا أكثر مدن العالم الصالحة للمعيشة
التالي
جنيفير لوبيز تطلق صيحة جديدة.. الأزرق مع الأخضر لم يكونا بتلك الأناقة من قبل