القطاع العقاري في قطر.. يواصل النمو رغم العقبات

بزنس كلاس – الدوحة:

يتابع القطاع العقاري في قطر نشاطه الكثيف بعد عطلة عيد الفطر المبارك رغم الظروف القاسية التي فرضتها قرارات دول الحصار على الواقع العقاري في البلاد، إضافة إلى تراجع اسعار حوامل الطاقة من نفط وغاز مسال. وشهد القطاع في الفترة الخيرة نموا قوياً بعكس التوقعات نراً لقوة الاقتصاد القطري ومرونة القوانين القطرية التي تسهم بشكل كبير في دفع عجلة الاقتصاد المحلي وتنويع النشاط الاقتصادي على أكثر من صعيد.

فقد ثمن التقرير الشهري لمكتب مراقبة السوق في مجموعة صك القابضة، مبادرات وجهود تنويع الاقتصاد التي أسهمت في تعزيز متانة وصلابة الاقتصاد القطري، وحصنته في مواجهة الأزمات، والتحديات السابقة والحالية، فقطر اليوم بفضل المراكز المالية التي تستحوذ عليها والتي تتمثل في الاحتياطيات النقدية والاستثمارات من خلال جهاز قطر للاستثمار والصناديق الأخرى، أصبحت تتمتع بالمرونة والقدرة على مواجهة التقلبات والمتغيرات المختلفة، كذلك فإن دولة قطر قادرة على الصمود أمام أي صدمات اقتصادية محتملة، وهي حقائق أكد عليها سعادة السيد علي شريف العمادي وزير المالية، الذي كشف أيضاً أن الاحتياطيات والاستثمارات القطرية تمثل أكثر من 250% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن الناتج المحلي للدولة تجاوز 200 مليار دولار.
تحديات
وبالعودة إلى التحديات المتعلقة بانخفاض أسعار النفط يرى التقرير العقاري في «صك القابضة»، أن قطر نجحت في استيعاب تداعيات حالة الانكماش التي فرضتها جملة عوامل ومؤثرات خارجية، وفي طليعتها تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، التي بقيت على انخفاض؛ بالرغم من مساعي الدول المنتجة في أوبك وخارجها، وتمديدها العمل بخفض الإنتاج، بغية إعادة التوازن إلى السوق بإزالة فائض المعروض، وصولاً إلى تحسن الأسعار.
رمضان والإجازات
ورأى التقرير أنه مما ضاعف من حدة الضغوط محلياً، هو دخول السوق العقارية في شهر كامل تقريباً من الهدوء، وذلك بفعل حلول شهر رمضان الكريم، وتزامنه مع بدء الاستعداد لموسم الإجازات، وهما مناسبتان موسميتان عادة ما يهدأ وينخفض خلالهما النشاط العقاري بمختلف فئاته وتفرعاته؛ لاسيما وأن النصف الثاني من السنة عادة ما يشهد قطاعا التأجير السكني والتجاري تباطؤ كبير، مما يؤثر وبشكل ضاغط في مستويات السيولة العقارية، وهو ما يتقاطع بشكل ملحوظ مع الانخفاض في معدلات الوافدين الجدد خلال الصيف، يقابله تراجع الإقبال على الشراء لدى المستهلك النهائي أو المستثمر، وإعادة جدولة التجار لخططهم المستقبلية وتحديد الأولويات.
التوازن
ويتوقع مكتب مراقبة السوق في «صك القابضة» الذي يرصد بشكل ميداني حركة وأداء السوق العقارية، والتقارير والمؤشرات التي تصدر عن الجهات المتخصصة، بأن التوازن بين العرض والطلب سيدخل امتحاناً غير متكافئ، في ظل تخمة ملحوظة في فئة العقارات السكنية، وزيادة مطردة في سوق عقارات تجارة التجزئة، مع افتتاح عدد جديد من المجمعات التجارية في أكثر من منطقة في الدوحة والجوار، فيما فئة عقارات المكاتب تعاني أصلا من إيجاد شاغلين جدد لمساحاتها المتزايدة، والمقدرة حالياً بأكثر من 620 ألف متر مربع تقريباً، بعد أن نمت بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي، حيث كانت تقدر بنحو 320 ألف متر مربع، وقد جاء هذا النمو مدعوماً حينها بالإقبال القوي من القطاع العام على الاستئجار في منطقة الخليج الغربي، والذي شمل عدداً من المباني الكاملة لتشغلها وزارات ومؤسساتٍ تابعة للحكومة؛ لا سيَّما خلال العامين الماضيين، فيما لم يلق سوق المكاتب الإقبال نفسه من شركات القطاع الخاص في تلك المنطقة بالذات، إلى أن باتت تتمتع بمساحات مكتبية استيعابية كبيرة لا تزال شاغرة، وبالرغم من كل ذلك؛ يرى التقرير العقاري لمكتب مراقبة السوق، أن الأداء العام للسوق من حيث التداولات العقارية وحجم وعدد الصفقات في هذه الفترة من السنة بقي ضمن سياقه الطبيعي، كما أنه لن يؤثر في المسار الحتمي للسوق التي تتحكم بدورة العقار.
نمو
ونوه التقرير؛ إلى أن الدورة المرتقبة للعقار في قطر تَعد بتصاعد تدريجي في النمو لبلوغ معدلات سنوية بنحو 8% حتى العام 2019، ومرجع ذلك إلى أن سوق البناء والتشييد في قطر لا يزال محتفظاً بمتوسط نمو سنوي مركب تصاعدي ثابت، وفق التقييم العام للمتوسط التاريخي للسوق العقاري، بالنظر إلى المعطيات والمشاريع التي يجري إنجازها تباعاً، والتي يتوقع أن تؤسس لمزيد من الثقة بقوة وصلابة القطاع العقاري الذي يعتبر الأسرع نمواً في المنطقة والشرق الأوسط، مما يعني أن سوق البناء في قطر والتشييد والعقار بشكل عام لا يزال في نظر شريحة كبيرة من المستثمرين والمدخرين الملاذ الأعلى ثقة، الأمر الذي سيؤدي إلى انتعاش تصاعدي في التداولات العقارية، كنتيجة للثقة الثابتة لدى المستثمرين بمظلة القطاع العقاري كملاذ آمن، لا سيما في الحالات التي تقل فيها الخيارات الاستثمارية، فعندها يكون اللجوء إلى الاستثمار العقاري خياراً حكيماً، فهي في حدها الأدنى قادرة على الاحتفاظ بالقيمة الاستثمارية الأولية، في مواجهة كل أشكال التحديات المالية، والدوران حول متوسط العوائد المتوقعة، مما ساهم على مدى سنوات في استمرار ضخ السيولة في الاستثمار العقاري، بالتوازي مع مستويات الإقبال والتراجع في السوق، مما ساهم في ثبات وصلابة القطاع العقاري، وفي تطور قدرته على الاستجابة لمتطلبات التنمية الشاملة والمستدامة التي تقودها الدولة.
آفاق
ويرى القرير العقاري الشهري لمجموعة صك القابضة، أنه باستثناء التعاملات العقارية التي تمت خلال الشهر الماضي، والتي جاءت مقيدة بعوامل موضعية خاصة؛ وهما شهر الصيام وبداية إجازات الصيف، فإن الأداء العام للأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري جاء متوقعاً وإيجابياً، مما يؤسس لنمو لاحق، وانتعاشاً مرتقباً خلال النصف الثاني من العام الجاري؛ فوفق مؤشرات التعاملات والتقارير الصادرة حولها، فقد بلغ إجمالي التعاملات العقارية في شهر مايو الماضي نحو 2.5 مليار ريال، وهي على الرغم من أنها جاءت متراجعة بنسبة 10.7%، عن الشهر الذي سبق، إلا أنه بالمقارنة مع شهر مايو من العام 2016، فإن التعاملات العقارية في شهر مايو 2017، جاءت مرتفعة وبنسبة 25%.
فرص واعدة
ويقول التقرير إن الاتجاهات التقليدية للاستثمارات في قطر، تصب في صالح العقار، بسبب الموقع المتميز للقطاع العقاري في حسابات المستثمرين، ولا سيما التقليديين، شأنهم شأن أصحاب المدخرات القلقين على تآكل مدخراتهم، نتيجة للعوامل الخارجية الضاغطة على المنطقة، وحالة الانكماش والركود التي تشهدها دولها، وأكد التقرير أن شهية الباحثين عن فرص عقارية لم تتأثر، بسبب جملة من العناصر والمزايا التي تدعم استقرار القطاع العقاري في قطر، وفي طليعتها استمرار الأنفاق الحكومي على المشاريع التنموية والرئيسية الضخمة، وهي مشاريع تسير بالتوازي مع مبادرات عقارية واقتصادية تنشيطية، إضافة إلى المساعي الجدية المبذولة على أكثر من صعيد لتنويع الاقتصاد، وخطط تنويع مصادر الدخل، وزيادة قاعدة الإيرادات، وتأييدها للقطاع الخاص، ودعمه وتعزيز دوره وإشراكه في الخطط والمشاريع الحكومية، حيث تواصل الجهات المعنية التزاماتها اتجاه تنفيذ المشاريع الرئيسية والتطويرية للبنية التحتية وللمشاريع المرتبطة باستضافة دولة قطر لكأس العالم 2022، وفق آليات جديدة خاصة بتمويل المشاريع، لتسريع الأعمال في تنفيذ المشاريع، وإنجازها في مواعيدها وحسب الخطط المعدة مسبقاً، منعاً لأي تكاليف غير ضرورية نتيجة للتأخير، مما قد يرتفع حجم القروض والتمويلات الحكومية لهذا العام.
المبادرات الحكومية
وأضاف التقرير أن كل ما تقدم من خطط ومبادرات منح الاقتصاد القطري ككل جاذبية خاصة ذات أصداء عالمية، كان لها أثر إيجابي مباشر على حركة التشييد والبناء، وعلى القطاع العقاري بمختلف أنواعه وتفرعاته، وهـي حقيقة دعمت الأداء الاقتصادي للدولة إلى حد بعيد، مما رفع مستوى النظرة المستقبلية لمستقبل الاقتصاد القطري، بالتوازي مع ثقة كبيرة بمــرونــتــه وقـدرتـه على مواجهة الأزمات المحتملة، والاحتياطيات المتراكمة الكبرى وتنوع وجودة أصوله الخارجية.

السابق
الاقتصاد تتابع السوق: حملة تفتيشية جديدة
التالي
مطار القاهرة: ارتطام “جسم كبير” بطائرة سعودية!