عواصم – وكالات – بزنس كلاس:
بالتزامن مع إعلان منظمة الأمم المتحدة، إن سبعة ملايين من المواطنين اليمنيين، باتوا على وشك المجاعة، في بلد يشهد واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريرًا سلطت من خلاله الضوء على خطورة الوضع الصحي في اليمن، في ظل انتشار وباء الكوليرا، محمّلة السعودية المسؤولية في ذلك خاصة أنها تقود حرب إبادة على الشعب اليمني الأعزل.
وذكرت الصحيفة أن جهات عالمية كوكالات تابعة للأمم المتحدة، ووسائل إعلام مرموقة أكدت أن الصراع الذي يعيشه اليمن منذ أكثر من سنتين خلق ظروفًا ملائمة لظهور وباء الكوليرا وانتشاره، معتبرةً أن هذه الجهات لم تتطرق إلى الحقيقة بمن يتحمل المسؤولية، حيث تم التغاضي عن الطرف المذنب الذي هو الرياض.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن اليمن وخلال الأشهر الأربعة الماضية شهدت تفشي وباء الكوليرا في أرجائها، بشكل وصفته الأمم المتحدة بأنه الأسوأ في العالم، فيوميًا يتم اكتشاف سبعة آلاف حالة، في حين وصل عدد المصابين الإجمالي في نهاية شهر نيسان الماضي إلى 436.625 مصابًا، توفي منهم أكثر من 1900 شخص.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكوليرا تنتشر عبر المياه الملوثة. وفي العادة، يمكن الوقاية من هذا المرض ومعالجته بكل سهولة، خاصة في ظل تطور ظروف العيش في عصرنا الحالي.
وأوردت الصحيفة أن السعودية التي تقود تحالفًا ضد اليمن يقوم بشن غارات جوية وحصار جوي وبحري على الجيش اليمني وحركة أنصار الله، في الوقت الذي توفر فيه كل من بريطانيا والولايات المتحدة الدعم العسكري الضروري لخوض هذه المعركة.
وأكدت الصحيفة أن الطيران الحربي السعودي شن غارات عديدة، دون أن يعمد إلى التفريق بين الأهداف العسكرية والمدنية مستهدفًا البنية التحتية من المستشفيات والمزارع، والمدارس، وشبكات تزويد المياه، والأسواق والميناء الرئيس في الحديدة، ما تسبب بنقص حاد في المواد الأساسية مثل الغذاء والوقود والدواء.
وما زاد من تفاقم الوضع المعيشي على الشعب اليمني، حسب ما أوردت “الغارديان”؛ هو عدم دخول أي طائرة تحمل المواد الطبية إلى صنعاء إلا بعد مرور أربعة أسابيع على تفشي وباء الكوليرا، بالإضافة الى توقف البنك المركزي عن دفع رواتب الموظفين العاملين في المناطق الخاضعة لسيطرة “انصار الله”، وبالتالي، حرم حوالي 30 ألف موظف في مجال الصحة.
وسجلت 80 % من حالات الوباء في محافظات التي يسيطر عليها “أنصار الله”، حيث يصاب 17 شخصًا من كل ألف شخص، فيما تبلغ نسبة الوفيات من بين هؤلاء 0.46 %. أما في المناطق التي تسيطر عليها حكومة الفار عبد ربه منصور الفاقدة للشرعية، فيصاب 10 مدنيين من بين كل ألف شخص، حسب الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة للحكومتين الأمريكية والبريطانية بشأن دعم هذا التدخل السعودي، إلا أن ذلك لم يؤدّ إلى أي تغيير يذكر، ولكن في أيار سنة 2017، وافقت إدارة ترامب على بيع مجموعة من هذه القذائف الدقيقة والموجهة عن بعد بقيمة 500 مليون دولار الى السعودية، في إطار عقد تسليح تبلغ قيمته 110 مليارات دولار.
من جانب آخر، جاء في تقرير لمكتب تنيسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، نشره مساء الأربعاء، على موقعه الإلكتروني بأن الأوضاع في اليمن وصلت درجة مأساوية وأن البلاد تواجه اسوأ كارثة مجاعة شهدها العالم. وقال مكتب التنسيق: “في بلد يشهد واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، من الصعب أن نتصور ما يحتاجه الناس أكثر”. وأضاف “سبعة ملايين شخص في اليمن باتوا يعيشون على وشك المجاعة، في حين يعاني 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية”.
وتابع التقرير”يحتاج ثلثا السكان إلى المساعدة الإنسانية والحماية”، مشيرا أن “كل شيئ أصبح مطلوبا بشكل عاجل في اليمن، كالمأوى والغذاء والمياه والخدمات الصحية والصرف الصحي والسلامة”.
وتطرق التقرير إلى قصص إنسانية لبعض العائلات النازحة، و البالغ عددها 407، تجمعت في مخيم خارج مدينة “خمِر”، بمحافظة عمران (شمال)، لافتا أن “المدنيين الأبرياء في اليمن تأثروا بصراع وحشي”.
وقال التقرير إنه ” منذ تصاعد النزاع في اليمن ، فر أكثر من 3 ملايين شخص من ديارهم بحثا عن السلامة والأمن، في الوقت الذي لا يزال مليونا شخص مشردين داخليا في جميع أنحاء البلد”.
وأعربت الأمم المتحدة في تقريرها عن قلقها الكبير من أسوأ تفشي لوباء الكوليرا في العالم، لافتة إلى أن “السكان باتوا يموتون من أمراض قابلة للعلاج، كون الخدمات الصحية الأساسية لم تعد متاحة”.
ويشهد اليمن، منذ خريف 2014، حرباً بين القوات الموالية للحكومة من جهة، ومسلحي جماعة “انصار الله” (الحوثي)، والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى.
وكانت الحرب سببًا في أوضاع إنسانية وصحية صعبة، فضلًا عن تدهور حاد في اقتصاد البلد الفقير.