الشركات القطرية تجدد إنجازاتها وتتخطى التحديات

تجاوزت مرحلة النقاهة وعادت إلى الواجهة

الشركات اعتمدت عمليات الاندماج كخيار استراتيجي

عبور الأزمات قرار تم اتخاذه بلا عودة

قوة الاقتصاد القطري نقطة البدء والارتكاز الأساسية

الساحة الإقليمية شهدت متغيرات اقتصادية متسارعة

اقتصاديون: الوقت مناسب لتنفيذ عمليات اندماج ناجحة

على الشركات ترتيب أولوياتها وإعادة تقييم مشاريعها وأنشطتها

 

بزنس كلاس- إسلام السيد

تمكنت الشركات القطرية من التعافي بسرعة قياسية بعد تخطيها تداعيات ازمة الحصار المفروض على قطر من دول الجوار، وواصلت تحقيق انجازات متتالية ونتائج متميزة، خلافاً لما أراده المحاصرون، من خلال الاجراءات السريعة التي اتبعتها هذه الشركات ولتعزيز انشطتها التشغيلية وتوفير المواد الاولية والمواد الغذائية للسوق القطري من مصادر متعددة وبجودة عالية.

إلا أن هناك تحديات جديدة تلوح في الأفق تواجه بعض هذه الشركات، وتحديات أكثر في المستقبل، والتي تتمثل في كيفية الاستمرارية وتكوين كيانات قوية قادرة على المنافسة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الاولية والغذائية، في ظل الازمات العالمية المتلاحقة، وهو ما ترتب علي بعض الشركات وخاصة العائلية منها الى ضرورة تغير استراتيجيتها والبحث عن خطط وأدوات تمكنها من التغلب على هذه الظروف.

وعلمت ” بزنس كلاس” ان هناك بعض الشركات تدرس خيارات الاندماج لتعزيز موقعها التنافسي في السوق المحلي والعالمي، خاصة ان عمليات الاندماج تعتبر ضمن الخطط والاستراتيجيات التي قد تلجأ اليها بعض هذه الشركات، لتكوين كيانات كبيرة تمكنها من تجاوز الازمات الحالية والمستقبلية.

وفي هذا الاطار، تم الإعلان بداية العام الحالي عن دراسة اندماج ثلاثة بنوك قطرية في كيان واحد، كما تم الإعلان مؤخرا عن اندماج شركتي «قطرغاز» و«راس غاز» تحت مظلة كيان واحد لإدارة جميع المشاريع والمنشآت التي تشغلها الشركتان.

تدعيم رأس المال

واكد اقتصاديون وخبراء ان الاندماج يعد من أهم البدائل الموجودة أمام الشركات لمواجهة تحديات وآثار الأزمات المالية والاقتصادية المتعاقبة وانعكاساتها على السوق المحلية، مشيرين الى أن هذه الأزمات كان لها دور كبير في رواج ظاهرة الاندماجات أو تملك الشركات على المستوى العالمي.

وقال الخبراء: ان عمليات الاندماج تعتبر خياراً استراتيجياً للشركات، وذلك لتحقيق جملة أهداف، من أهمها توحيد الجهود للاستفادة من مزايا الحجم الكبير في الإنتاج وفي استخدام التكنولوجيا المتطورة وتطبيقاتها، ولتخفيض تكلفة الإنتاج، ولرفع الإنتاجية ولتعزيز القدرات التنافسية.

واشاروا الى ان الساحة الاقتصادية المحلية والإقليمية شهدت متغيرات اقتصادية متسارعة، منها ما يتعلق بانخفاض أسعار النفط وما ترتب عليه من تداعيات كان لها تأثير سلبي على أنشطة الشركات العاملة في المنطقة، ومنها ما يتعلق بالأجواء الجيوسياسية الناتجة عن ثورات الربيع العربي، بالإضافة إلى الازمة الخليجية، كل تلك المتغيرات كان له تأثير سلبي على أنشطة الشركات التشغيلية بشكل او بآخر.

واوضحوا ان الوقت يعد مناسبا لتنفيذ عمليات اندماج ناجحة، مشيرين الى ان التحديات التي تسببت فيها الازمات الاقتصادية الأخيرة تتطلب خلق كيانات كبيرة وتوفر راس المال اللازم لتعزيز أنشطتها الاقتصادية سواء على المستوى المحلي او الخارجي، خاصة ان الشركات الصغيرة لا تتمكن من الفوز بحصص كبيرة في الاسواق، ما يقلص من أنشطتها ويدفعها الى التصفية.

منافسة وأولويات

ونوه الخبراء ان هناك بعض الشركات العاملة في الدولة خاصة العائلية منها، لن تتمكن من الصمود والاستمرار أمام المنافسة الشرسة من قبل الشركات العالمية ومتعددة الجنسيات، وقالوا: على الرغم من قوة بعض الشركات العائلية القطرية، إلا أن أغلبها ليس لها منتجات أو علامات تجارية أو براءات اختراع خاصة بها ويتوقف دورها على لعب دور الوكيل لمنتجات الشركات العالمية.

وقال الخبراء ان الوقت قد حان امام الشركات لإعادة ترتيب أولوياتها وإعادة تقييم مشاريعها وأنشطتها، والتخلص من المشاريع والأنشطة ذات العبء على التدفق النقدي، والمشاريع والأنشطة ذات العوائد الضعيفة، وتجميد بعض الأنشطة التي تتسم بفترة نضوج طويلة نسبياً ذات الانكشاف المالي الكبير والعوائد المتدنية.

وشدد الخبراء على ضرورة الاستعانة بالإدارة الرشيدة المحترفة والإعداد الجيد للقيادات الشابة، وكذلك الاندماج بين الشركات العائلية الوطنية لتكوين كيانات أكبر حجماً قادرة على تخفيض تكاليف وزيادة القدرات التنافسية، وأيضاً التحالف مع الشركات الأجنبية للاستفادة من هذه الشركات في تنمية قدراتها التنافسية.

واكد الخبراء ان عمليات الاندماج بين الشركات تؤدي إلى تعزيز وتقوية راس المال وتوطين التكنولوجيا مما يقوي من مركز الشركة للمنافسة وتوسيع نطاق عملياتها واختراق الاسواق الاقليمية والعالمية، مشيرين الى ان التحديات الراهنة تحتم علي الشركات الاندماج فيما بينها وخلق كيانات اقتصادية اكبر خاصة تلك الشركات التي تعمل في نشاط متشابه أو تكاملي.

عوامل جذب

وذكر الخبراء أن قوة ومتانة الاقتصاد القطري رغم الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة والفرص الاستثمارية الكبيرة في السوق المحلي تمثل عوامل جذب حقيقية للشركات العالمية التي تبحث هذا النوع من الفرص في ظل الظروف الراهنة وهو ما يجب استغلاله من أجل الدفع بقدرات شركاتنا المحلية من خلال تشجيع الشراكة مع الشركات العالمية، وهو ما سيمكن هذه الشركات من تطوير أدائها وتعزيز انتشارها محليا وإقليميا وعالميا.

واكدوا على إن عملية الدمج والاستحواذ لا يجب أن تكون متسرعة وإنما يجب أن تبنى على أسس علمية حتى يكتب لها مزيد من الاستمرارية وان لا تكون عملية الدمج او الاستحواذ هي مجرد تقليد فقط ولذلك يجب أن تسبق عملية الاندماج دراسة متأنية لكل من الشركتين ومدى ملاءمة عملية الاندماج لها وان تكون الشركتان متحدتين في الهدف والوسيلة والغاية من الاندماج تكون واحدة.

عوائق وعقبات

وأفاد الخبراء بأن أكبر العوائق التي تواجه عمليات الاندماج يتمثل في عدم وجود مؤسسات مالية متخصصة تقدم الخبرات والاستشارات وحتى التمويل لعمليات الاندماج، بالإضافة إلى غياب وعدم وجود جمعيات رجال الأعمال التي تمثل الحاضنة والراعي لعمليات الاندماج، مشيرين إلى أن الأزمات المالية العالمية المتعاقبة ساهمت الى حد كبير في وتيرة هذه الاندماجات.

واستبعد الخبراء أن يؤدي أي اندماج في دولة قطر إلى نشوء حالة من الاحتكار انما يؤدي إلى رفع الكفاءة في الإنتاج وتقديم المنتجات والخدمات بنوعية أفضل وبسعر أنسب.، نظراً لمبادئ الحرية الاقتصادية المنصوص عليها في الدستور، وللنسق الاقتصادي المعتمد في دولة قطر.

وتوقع الخبراء إن تشهد السنوات المقبلة منافسة قوية على المستويين المحلي والخارجي في قطاعات المقاولات والبنوك والخدمات المالية، ما يتطلب من المؤسسات العاملة في هذا القطاع أن تكون قادرة على المنافسة من ناحية القدرات المالية والفنية وتنوع الخدمات وتكاليفها بما يتناسب مع المستويات العالمية مع التركيز على جانبي الجودة والتكلفة، وإذا تمكنت هذه المؤسسات من تحقيق ذلك ستتمكن من المنافسة محلياً وخارجياً، أما إذا لم تنجح في ذلك فستتعرض لمنافسة قوية من جانب المؤسسات العالمية مستقبلاً.

 

السابق
الولايات المتحدة الوجهة الأولى للاستثمارات القطرية
التالي
سان جيرمان يفتتح الدوري الفرنسي بهزم أميان