الهاجري: الاستمرارية بعد المؤسس وإعادة الهيكلة من أبرز التحديات التي تواجه الشركات العائلية
الخيارين: من المهم أن تستقل الكيانات الاقتصادية عن الذمة المالية للعائلة
بزنس كلاس – أحمد وليد
يتميز المشهد العام للاقتصاد القطري، ولاسيما شقه الخاص بهيمنة الشركات العائلية، التي تعتبر واحدة من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني.. خصوصية -على ما يبدو- لا يتميز بها الاقتصاد القطري والإقليمي فقط بل يتعدها إلى العالمية، فتقريبا يكاد يتطابق المشهد في غالبية دول العالم في سيطرة الشركات العائلية على مفاصل الاقتصاد العالمي.
وبالرغم من توسع أعمال الشركات العائلية في العالم العربي إلا أنه من الخطأ القول أن الشركات العائلية منتشرة أكثر من الولايات المتحدة أو كندا، فحوالي ثلث الشركات المدرجة في قائمة شركات فورتشن هي 500 شركة عائلية وحوالي ثلثي الشركات المدرجة في سوق نيويورك للأسهم هي أيضا شركات عائلية.
واقع الشركات العائلية يختلف من دولة إلى أخرى، وفي العديد من الحالات لا تجوز المقارنة بقدر ما يجوز استلهام التجارب النجاحة خاصة إذا ما وصلت إحدى التجارب إلى مرحلة من النضج تستدعي الدخول في طور جديد من التوسع والنمو، وهي قراءة يمكن سحبها على واقع الشركات العائلية في قطر التي حققت وفق العديد من الملاحظين جملة من الإنجازات تحتم البناء عليها لمراكمة الإيجابيات والابتعاد قدر المستطاع عن النقاط السلبية .
ويؤكد الخبراء أنه من أبرز التحديات التي تواجه الشركات العائلية هو استدامتها بعد مؤسسها الأول فالأرقام تؤكد أن 10 % فقط من الشركات العائلية تتواصل إلى الجيل الثالث وأن 20 % فقط إلى الجيل الثاني وهي أرقام تستدعي المزيد من العناية بهذا الصنف من المؤسسات التي تعتبر مصدرا رئيسيا لخلق الثروة.
بالإضافة إلى مشكلة تواصل الشركة العائلية بعد المؤسس هناك موضوع يتعلق بتحويل هذه الشركات من محلية الاهتمام إلى شركات تطمح للعالمية، حيث أكد رجل الأعمال سعد آل تواه الهاجري أن الشركات العائلية القطرية تهدف إلى بلوغ العالمية في إطار عام يتميز بالمنافسة المحتدمة خاصة من قبل الشركات العالمية التي تتميز بالتركيز التقني والمالي، مضيفا في هذا الصدد: إن المنافسة العالمية باتت تهدد العديد من تلك المؤسسات التي ظلت قائمة طويلا بفعل آليات السوق المحلي دون أن تتعرض لاختبار حقيقي أو منافسة مع نظيراتها من الشركات العالمية.
ودعا الهاجري إلى ضرورة معالجة نقاط الضعف التي تميز الشركات العائلية وإعادة هيكلتها بحيث يمكن تحويلها إلى شركات مساهمة دون أن يفقد ملاك الشركة السيطرة عليها وبالتالي يمكن أن تدار بمعرفة خبراء مختصين من غير أعضاء مجلس إدارتها قد تكون أحد الحلول المطروحة معتبرا أن أنظمة الشركة وقدرتها على التطور مع الإفصاح عن مركزها المالي بوضوح كسبيل من سبل الإدارة الرشيدة قد تكون أحد الحلول أيضا.
مؤكداً أن حوكمة الشركات تعطي ثقة أكبر للمتعاملين مع الشركة وتسهم في المحافظة على رؤوس أموالها وقدرتها على المنافسة محليا وعالميا إلى جانب توسيع أعمالها ونشاطها.
ودعا الهاجري الشركات العائلية إلى العمل على توسيع أعمالها وتحويلها إلى شركات مساهمة من أجل ضمان استمرارها وقدرتها على المنافسة محليا وعالميا.
ولفت إلى أن تطوير نظام للإدارة الرشيدة في الشركات العائلية يكون مستلهما من المعايير والممارسات المحلية والدولية، معتبرا أن تطبيق الشركات القطرية لهذا النظام هو إضافة حقيقية وهامة لتطور الاقتصاد القطري.
ويؤكد الخبراء على أهمية الإدارة الرشيدة التي أصبحت تتصدر أولويات واهتمام الحكومات والمؤسسات في مختلف دول العالم، فعلى سبيل الذكر حرصت دول مجلس التعاون الخليجي على تطبيق مبادئ الحوكمة على الشركات العائلية في سبيل حماية اقتصاداتها من خطر انهيار هذا النوع من الشركات التي تشكل 90 % من إجمالي الشركات الخليجية.
ويشدد الخبراء على أن السبيل الوحيد لنجاح عمل تلك الشركات واستمرارها للأجيال القادمة هو الفصل بين العائلة والشركة في إطار عملها واللجوء إلى خبراء وإخصائيين في المسائل المالية وعند اتخاذ القرارات المهمة وعدم تأثير العواطف على مسار القرارات تلافيا لانهيار الشركة العائلية.
ويؤكد الملاحظون كما أسلف أن حوالي 80 % من الشركات العائلية تفشل ولا تستمر للجيل التالي، وأن حوالي 10 % منها فقط تستمر للجيل الثالث معتبرين أن السبب في ذلك يعود إلى عدم الفصل بين العائلة وبين الإدارة والتنظيم .
ونبه الخبراء على عدم أن يكون الشخص المؤسس محور القرار، لافتين إلى ضرورة اتخاذ القرارات من خلال مجلس إدارة فاعل، وضرورة ابتعاد الشركات العائلية عن منح الرواتب والعلاوات والمناصب لأفراد العائلة دون معايير وإنما أن تكون على أساس الكفاءة وبالتساوي مع باقي الموظفين في الشركة.
من جهته قال رجل الأعمال سعيد الخيارين أن الشركات العائلية تشكل عصب الحياة بالنسبة للاقتصاد وهي من المحركات الأساسية لتنمية القطاع الخاص ومن ورائه التنمية المستدامة لمختلف المجالات، مشيرا إلى أن الشركات العائلية تتميز بمعدلات تقييم مرتفعة وهوامش ربح مرتفعة ومعدلات نمو مبيعات مرتفعة ومعدلات نمو أصول مرتفعة معدلات وعائد على رأس المال مرتفعة.
وأوضح سعيد الخيارين أن أغلبية الشركات العائلية القطرية متوسعة في نشاطاتها التجارية. وتفيد الدراسات أن الجيل الثالث يدير حوالي 10 % فقط مما وصل إليه من إرث الآباء والأجداد، والجيل الثاني يدير حوالي 20 %، بينما يدير المؤسسون باقي الشركات.
وأبرز الخيارين جملة من التجارب الناجحة عند المؤسسات العائلية، لافتا بضرورة الاستفادة من مزايا نظام الشركات المساهمة لضمان تطور واستدامة الشركة بعد المؤسس من خلال إنشاء شركة ذات ذمة مالية مستقلة عن العائلة، والشفافية وعدم قدرة أي شريك الانفراد بالسلطة، واكتساب خبرات جديدة على مستوى القيادة بمشاركة الشركاء الجدد.
وبيّن الخيارين أن من أهم التحديات التي تواجه الشركات العائلية تتمثل في مشكلة انتقال الرئاسة بعد وفاة المؤسس والتقسيم الشرعي لتركة المؤسس، وتغير نمط الملكية العائلية، والصراع على السلطة والإدارة، وضعف التخطيط الاستراتيجي، وعدم الفصل بين الملكية والإدارة، وتعاقب الأجيال، حيث تؤكد دراسة حديثة أن 45 % فقط من الجيل الأول بالشركات الأميركية ينجح في إعداد وتهيئة من يخلفه من الجيل الثاني، وقصر العمر الزمني للشركة العائلية، حيث أثبتت الدراسات أن العمر التقريبي للشركات العائلية نحو 24 سنة.
وأوضح رجل الأعمال أنه من المهم العمل على رسم الإدارة الاستراتيجية التي تتكون من البناء المؤسسي والتخطيط في عصر الغموض والوسطية والتكامل الأفقي والعلاقات الأمامية والخلفية والتركيز على البيئة الخارجية ومتطلبات العميل والتركيز على خفض التكاليف والابتكار والإبداع والاعتماد على التقنية الحديثة.
وشدد الخيارين على أهمية ربط علاقات استراتيجية مع الشركات العالمية من أجل تحقيق مكاسب متعددة منها فتح أسواق دولية لمنتجاته بدون تحمل تكاليف تكوين فروع مما يسهم في تعزيز قدرة الشركة إدارياً وتقنياً .
وقال إن الشركات العائلية في قطر حققت نجاحات كبيرة في السنوات الماضية وأن الخطوات التي قطعتها جعلتها تتبوأ مكانة محورية في النسيج الاقتصادي القطري، مشيرا إلى أن المؤسسة العائلية، والتي هي عبارة عن المنشأة التي تسيطر فيها عائلة واحدة على القوة التصويتية، بحيث تعود فيها القرارات الاستراتيجية بالمؤسسة أو الشركة إلى المؤسس أو المالك، مثل تعيين المدير التنفيذي الجديد والتوجهات العامة للشركة.
وقال إن الشركات العائلية تشكل النسبة الكبرى من إجمالي الشركات العاملة بالاقتصاد، مضيفا: في دول الاتحاد الأوروبي تتراوح نسبة الشركات العائلية ما بين 70-95 % من إجمالي الشركات العاملة بها، وتسهم هذه الشركات بما نسبته 70 % من الناتج القومي في الولايات المتحدة ، ويبلغ عدد الشركات العائلية المسجلة في أميركا حوالي 20 مليون منشأة وتمثل 49 % من الناتج القومي وتوظف 59 % من العمالة وتستحدث حوالي 78 % من فرص العمل الجديدة.