السوق المحلي يتجاوز تداعيات قرار زيادة أسعار الفائدة

الدوحة – بزنس كلاس:

أكد مصرفيون وخبراء مال ورجال أعمال أن السوق المحلي تمكّن من امتصاص تداعيات قرار زيادة أسعار الفائدة، الذي أصدره مصرف قطر المركزي، تزامناً مع قرار «الفيدرالي الأميركي» برفع أسعار الفائدة 25 نقطة أساس.

وأضاف الخبراء أن القرار أدى إلى رفع أسعار الفائدة على عمليات الإقراض، رغم أن «المركزي» ثبّت هذه الأسعار في قراره الأخير؛ حيث تحملت البنوك تكلفة إضافية لرأس المال.

موضحين أن أسعار الفائدة على القروض في السوق المحلي من أدني المعدلات في العالم، مما ساهم في استقرار السوق خلال وقت قياسي.

ودعا عدد من الخبراء إلى فك ارتباط الريال بالدولار، مع التوجه إلى سلة عملات رئيسية، أخذاً بمبدأ «لا تضع البيض كله في سلة واحدة».. في الوقت الذي طالب فيه البعض باستمرار ربط الريال بالدولار لتحقيق حماية إضافية للاقتصاد المحلي.

وضع قوي

الخبير المصرفي والمالي عبد الله الخاطر أكد أن رفع أسعار فائدة الودائع يمثل زيادة في تكلفة رأس المال التي تتحملها البنوك، وبالتالي سترتفع أسعار فائدة الإقراض تلقائياً، رغم أن قطر المركزي ثبّتها في قراره الأخير، ولكن البنوك تلجأ إلى المهمش المتاح لها، والذي من الممكن أن تستخدمه لتعويض هذه الزيادة، مضيفاً أن البنوك المحلية وضعها قوي ومراكزها المالية جيدة، وتتوافر لديها السيولة الكافية لتمويل العمليات بالسوق.

وأضاف الخاطر أن تأثير القرار على السوق يتمثل في رفع تكلفة رأس المال التي تتحملها البنوك على هذه الودائع، وسوف تضطر البنوك على رفع أسعار الإقراض، حتى ولو بطريقة غير مباشرة من خلال المهمش الذي يتحرك فيه، فالنسبة التي تمت زيادتها 25 نقطة تمثل ربع في المئة، وهي في النهاية تكلفة إضافية على البنوك، ستحاول التخفيف منها من خلال تحريك أسعار الفائدة على القروض في إطار المهمش المسموح لها بالتحرك فيه.

ولفت إلى أن القرار له تأثير إيجابي جيد على البنوك من خلال جذب رؤوس الأموال، واعتبار الإيداع منافساً قوياً للاستثمار بالنسبة لعدد كبير من المودعين، خاصة من ليس لديه خبرة في عمليات الاستثمار وتوظيف أمواله؛ حيث سيحصل على فائدة أكبر والوديعة ستكون مجدية إلى حد ما، خاصة أنه مثلما هناك هامش لدى البنوك في الإقراض فإن لديها هامشاً أيضاً في الودائع؛ لذلك فإن أسعار الفوائد على الودائع تختلف وفقاً لقيمة الوديعة ومدتها والاتفاق أو العقد مع البنك.

بازل 3

ويؤكد الخاطر أن القرار يدعم قدرات البنوك المحلية في الوفاء بالتزامات «بازل 3»، وفقاً للمعايير العالمية التي تطبقها البنوك المحلية في الوقت الراهن، خاصة أن هناك رفعاً متكرراً لأسعار الفائدة، خاصة منذ بداية العام الماضي حتى الآن؛ حيث أصبحت الأسعار تراكمية مما يشجع على الإيداع في البنوك المحلية.

ويضيف أن عمليات الإنتاج والتصنيع والتصدير تتأثر بالرفع المتوالي لأسعار الفائدة وليس عملية الرفع لمرة واحدة؛ ولكن بصفة عامة أسعار الفائدة على القروض في قطر ما زالت من أدنى المعدلات، وتعتبر مشجعة للتوسع في المشاريع، خاصة إذا كانت دراسات الجدوى متضمنة توقعات زيادة أسعار الفائدة على القروض.

وأضاف أن رفع أسعار الفائدة على الودائع يساهم في جذب رؤوس الأموال من الأفراد إلى البنوك، واقترابها من العائد على الاستثمار، خاصة للأفراد الذين لا يفضلون المخاطرة.

عملات رئيسية

ودعا الخاطر إلى فك الارتباط بين الاقتصادات الخليجية بالاقتصاد الأميركي والدولار، فهناك اختلاف في طبيعة هذه الاقتصادات والدورات التي تمر بها، وأحياناً لا تتناسب السياسة النقدية للولايات المتحدة مع السياسة النقدية لدول الخليج ومنها قطر؛ لذلك كلما كانت هناك استقلالية أكبر لدى المصرف المركزي كانت هناك استقلالية للاقتصاد المحلي والريال عن الدولار، وهناك دول ابتعدت حالياً عن الدولار، واتبعت سياسة سلة العملات مثل الكويت، رغم أن الناتج القومي لها أقل من قطر، ولكنها فضّلت سياسة تنويع العملات التي ترتبط بعملتها الوطنية.

وأضاف أن الاقتصاد القطري يتجه إلى العالمية في الوقت الراهن، ولا يجب أن يرتبط بعملة واحدة، صعوداً أو هبوطاً؛ حتى تكون هناك استقلالية نقدية وتحرير للريال من خلال فك ربطه بالدولار، فتعاملات الاقتصاد القطري والصادرات تتم حالياً من خلال العملات الرئيسية في العالم سواء الدولار أو اليورو أو الين أو الإسترليني أو حتى العملة الصينية، ومعظم تعاملات قطر مع آسيا؛ لذلك فربط الريال بسلة عملات سوف يعكس التعاملات الخارجية للاقتصاد القطري وتوجهه إلى العالمية في الوقت الراهن.

غير واقعية

من وجهة نظر مختلفة، يرى السيد قاسم محمد قاسم -الخبير المصرفي والرئيس التنفيذي للبنك الأهلي الأسبق- أن «المركزي» استجاب فوراً لقرار «الفيدرالي الأميركي» برفع أسعار الفائدة على الودائع 25 نقطة، بما يعادل ربع في المائة، وذلك حفاظاً على استقرار السوق؛ حيث يرتبط الريال بالدولار كلياً. موضحاً أن الفوائد على الودائع سوف ترتفع بهذه النسبة البسيطة، ولكن هذه النسبة تراكمية أي أنها ارتفعت حوالي 4 مرات خلال عامين، مما يساهم في زيادة العائد لأصحاب المدخرات.

وأضاف أنه في الوقت نفسه سوف ترتفع أسعار الفائدة على القروض، وهو وضع طبيعي لأن تكلفة رأس المال ارتفعت على البنوك، وبالتالي يجب أن تحاول التخفيف من التكاليف التي تتحملها من خلال رفع أسعار الفائدة على الإقراض.

وأكد قاسم أن الدعوات لفك ارتباط الريال بالدولار في الوقت الحالي غير واقعية، لأن معظم صادرات الخليج تعتمد على سلعة واحدة هي الطاقة، ويتم تقويمها في الأسواق العالمية بالدولار، أي أن معظم المبادلات التجارية تتم بالعملة الأميركية، حتى في حالة الكويت ووجود سلة عملات فإن المكون الرئيسي لها هو الدولار الأميركي وليس اليورو أو الين، وبالتالي اقتصاد دول الخليج يرتبط ارتباطاً كاملاً بالدولار، وأي قرار في الوقت الحالي سوف يؤثر على حياة الأفراد دون أسباب جوهرية.

تنويع

وأكد قاسم أن الاقتصاد القطري في وضع جيد رغم الحصار الجائر، وهناك سياسات جيدة يتم تنفيذها للتنويع الاقتصادي وزيادة الصادرات وتنويع الواردات من جميع دول العالم، وأي تغيير في موضوع العملة حالياً سيكون له تأثيرات سلبية على الاقتصاد المحلي. أما موضوع سلة العملات فقد يكون ناجحاً على المدى الطويل وليس حالياً، بعد تنفيذ السياسات الناجحة التي تؤدي إلى هذا الخيار.

ويوضح أن السوق المصرفية من ودائع وعمليات إقراض سوف تستوعب الزيادة الجديدة في أسعار الفائدة، سواء على الودائع أو على القروض، خاصة أن هناك هامشاً تتحرك من خلاله البنوك المحلية، بما يحقق مصالحها في السوق.

تراجع الذهب

المحلل المالي وخبير الأسواق المالية محمد اليافعي أكد أنه في ظل الظروف الطبيعية، فإن رفع أسعار الفائدة يتبعه على الفور زيادة في أسعار الدولار، ونزول أسعار الذهب وأسعار البورصة، ولكن هذا لا يحدث في السوق المحلي؛ حيث تطبق قطر سياسة نقدية مرنة تساهم في استقرار الأسواق.

ويوضح اليافعي أن أسواق الائتمان المحلية سوف تشهد ارتفاعاً، سواء على الودائع أو على الإقراض؛ لأن التكاليف الرأسمالية سوف ترتفع على البنوك، وبالتالي ستلجأ إلى زيادة أسعار الإقراض كما يحدث دائماً في هذه الحالات، ولكن البنوك تستخدم المهمش المتاح لها في التأثير على السوق.

ويؤكد أن عمليات الائتمان في قطر تشهد زيادة ملحوظة على مستوى القطاعين العام والخاص؛ لأن أسعار الفائدة ما زالت منخفضة في قطر، وهناك إقبال على عمليات الإقراض لتمويل المشاريع؛ حيث تتوافر السيولة لدى البنوك لتمويل المشاريع، وبالتالي ليس هناك أية مشكلة تتعلق بالائتمان.

تكلفة المشاريع

وأوضح أنه على المدى البعيد، من الممكن ارتفاع تكلفة المشاريع في السوق إذا كان ارتفاع أسعار الفائدة بشكل متوالٍ، ولكن السياسات المالية والنقدية التي تتبعها الدولة تحاول تفادي ذلك من خلال المزايا والتسهيلات التي توفرها للاستثمارات المحلية والأجنبية.

ويقترح اليافعي دراسة ربط الريال بسلة عملات تدريجياً، بما يحقق مصلحة الاقتصاد القطري على المستويين المتوسط والطويل، وهناك تجربة ناجحة في ذلك وهي الكويت التي ترتبط بسلة عملات رغم أن المكون الرئيسي لها هو الدولار، ولكن في النهاية هي خطوة حتى تكون هناك مرونة في تعاملات الريال القطري بالأسواق الإقليمية والدولية.

وكان مصرف قطر المركزي قد قرر، نهاية الأسبوع الماضي، رفع أسعار الفائدة على الإيداع 25 نقطة ليصبح 1.75%.. كما قرر «المركزي» الإبقاء على سعر الإقراض عند مستواه الحالي 5%، وكذلك الإبقاء على سعر إعادة الشراء (الريبو)عند مستواه الحالي 2.5%.

السابق
الأرصاد تطلب التالي لتجنب الغبار الكثيف والعواصف الرملية
التالي
أسعار صرف الريال القطري مقابل العملات الأجنبية ليوم السبت 31 مارس