الرياض – وكالات – بزنس كلاس:
مع تراجع الوضع الاقتصادي فيها نتيجة عوامل كثيرة على رأسها تراجع أسعار النفط إضافة إلى السياسات غير الحكيمة للحكومة خصوصاً لجهة نسبة البطالة التي بلغت أعلى مستوى لها في المملكة الشهرالماضي، تبدو السعودية على صفيح ساخن كأنها على فوهة بركان مع بلوغ غضب الشباب العاطل حداً مقلقاً ما يهدد استقرار المجتمع السعودي.
“لو كان الوطن يمر بأزمة فنحن من سيقف بجانبه ولكن عندما تقوم الحكومة بتوقيع إتفاقيات بأكثر من 450 مليار ريال وتصرف تبرعات ونثريات سفر بقرابة الـ 100 مليون ريال وفي نفس الوقت الشعب يعاني من الفقر والبطالة فهذا أمر لا يمكن السكوت عنه” هكذا عبر الخريجين بالمملكة العربية السعودية عن أحوالهم بعد أن ضربت البطالة بأحلامهم عرض الحائط ..
وتوثيقاً لمعاناتهم بعد ان أقفلت الحكومة الأبواب في وجوههم أطلق مغردون سعوديون هشتاق #انا_خريج_عاطل تناولوا فيه معاناتهم وعبروا فيه عن مأساتهم وإستيائهم من الأوضاع السيئة التي يعيشونها. كما اكدوا أن إنتقادهم للأوضاع الحالية من صميم حبهم للوطن لأن النقد يكشف الأخطاء والسلبيات، مستنكرين إتهامهم بالخيانة لمجرد أنهم طالبوا بحقوقهم الإنسانية.
وفي سياق الهشتاق نشر مغرد مقطع فيديو لمواطن سعودي إشترى دولاب من سوق الحراج وعندما فتحه وجد فيه 500 ملف طلب وظيفة جديدة قدمت لإدارة التعليم بالمملكة وقال المغرد إن هذا دليل من دلائل الفساد المستشري في الوزارات بالمملكة.. وهذه الحادثة تلخص معاناة الخريجيين السعوديين الذي بذلوا الغالي والنفيس في سبيل تأهيل أنفسهم من أجل تحقيق أهدافهم وعيش حياة كريمة ..
وأكثر من ذلك فبالرغم من أن المملكة العربية السعودية من أكبر الدول المصدرة للنفط على مستوى العالم بينما يعمل المهندسين السعوديين خريجي هندسة البترول حراس أمن وبائعين في المحلات التجارية…
وتناول الهشتاق مأساة أخرى لطالب سعودي خريج هندسة مدنية بتفوق مع مرتبة الشرف وتقدير إمتياز أصطدم بواقع البطالة فلم يجد وظيفة يطلق عبرها مقدراته ويخدم وطنه من خلالها فتوجه للعمل كسائق سيارة أجرة ..
كتب المهندس المتفوق على زجاج سيارة الأجرة الخلفي ” خريج هندسة مدنية بتفوق مع مرتبة الشرف وبتقدير إمتياز .. المستقبل سائق أجرة .. المشكلة : مشكلة فكر .. خواطر: كان هناك مبدع”، هذه العبارات لخصت كمية الإحباط الذي عاشه هذه الطالب النابغة كما أنها توضح مدى خطورة أوضاع خريجي الجامعات بالمملكة والذين يعانون من البطالة وضيق الحال ..
مشوار طويل من التعب والأجتهاد والتضحيات بذلته شريحة طلاب الجامعات بالمملكة العربية السعودية بعده أكملوا دراستهم وأقبلوا على الحياة العملية إقبال المتفائلين، ولكن كل الوعود التي قطعتها لهم الدولة بتوفير فرص عمل جيدة عبر برنامج السعودة كانت وعود كاذبة، فاصطدموا بالواقع المرير ولم يجدوا ما كانوا يحلمون به فأصبحوا يعانون من البطالة وصاروا عبئا على أسرهم التي كانت تحلم بأن يعينهم أبنائهم على مواجهة مشقات الحياة..
والسعودي المتعلم المتسلح بالشهادات الجامعية في المملكة يتم توظيفه ككاشير أو بائع تجزئة بالمحلات التجارية براتب لا يتعدى 3000 ريال ، ولايمكن أن يجد وظيفة محترمة لأن الوظائف الكبيرة يحتفظ بها الأجانب وأصحاب الواسطات .. هذا ما أكده الخريجون عبر الهشتاق.
وتعجب عدد من المغردين من الهجمات التي توجهها السعودية ضد قطر بزعم الإصلاح ومكافحة الإرهاب وحماية الشعب القطري .. الشعب القطري الذي يصل معدل دخل الفرد منه 129 الف دولار في العام وهو الاعلى على مستوى العالم، في الوقت الذي يئن فيه المواطن السعودي ويصرخ من الفقر والبطالة والعجز والذل، مؤكدين أنه من باب أولى أن تصلح الحكومة السعودية “حال بيتها” أولاً قبل إصلاح بيوت الأخرين.
وأستنكر المغردون الفساد والممارسات التي تقوم بها الوزارات والمؤسسات الحكومية حيث أنهم يلعبون بقدرات الخريجين ويهدمون طموحاتهم وأحلامهم عبر الوظائف التي يعلنون عنها، فعندما يتقدم الخريج للوظيفة المعنية “المتواضعة والمتوسطة” يأتيه الرد بأن مؤهلاته أعلى من الوظيفة، وبالنسبة للخريجين المتخصصين يأتيهم الرد بأنه لاتوجد وظائف لهم .
وأكد المغردون أن أهداف رؤية السعودية الوطنية 2030 لن تتحقق بدون توفير وظائف للخريجين والعاطلين عن العمل وزيادة الرواتب مع المكافأت والحوافز وحل مشاكل السكن. كم طالبوا حكومتهم بعدم شغل الناس بصراعات وهمية لا طائل منها والتركيز على حل الأزمة الحقيقية التي يعيشها قطاع مهم من قطاعات المجتمع السعودي داعين إلى حل مشكلة البطالة وإيجاد حل جذري لها.
وكشف المغردون أن السلطات السعودية إستغلت أزمة حصار قطر لإلهاء الشعب السعودي وتحويل إنتباهه عن المطالبة بحقوقه المتمثلة في العمل الشريف والسكن المريح وعيش حياة كريمة، وإستهلاك طاقاته وزجه في المشاركة في الحملة الإعلامية ضد قطر والخوض في الشتائم والسب ونشرالأكاذيب.
وخلص المغردون إلى أن برامج وسياسات وزارة العمل وصندوق موارد البشرية كانت قد أشارت إحصائياتها في عام 2010 إلى أن 84% من العاطلين عن العمل يحملون شهادات ثانوية وما فوق، وطيلة هذه الفترة لم تقوم الدولة بوضع سياسات تعالج هذه المشكلة، فكيف يستقيم الحال بوجود أكثر من مليون ونصف سعودي عاطل عن العمل بينما هناك 7 ملايين أجنبي يعملون في المملكة ويمارسون نشاطات الإقتصاد السري والإقتصاد الأسود، مؤكدين أن معدل البطالة في السعودية يتراوح بين 25-26% وهذا نسبة عالية لا تتناسب مع دولة لديها أقتصاد من المفترض أن يكون الأقوى في الشرق الأوسط.
ومن ناحية أخرى.. وبعد إقرار الحكومة السعودية بمشروعية الحراك السلمي بحسب ما جاء على لسان سعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي بدرجة وزير، دعا نشطاء سياسيون سعوديون شريحة الخريجين للمشاركة معهم في حراك 15 سبتمبر السلمي للمطالبة بحقوقهم، ويهدف الحراك السلمي إلى المطالبة بحقوق المواطنة ومحاربة البطالة والفقر وحل مشاكل السكن للمواطنين ومعالجة أسباب الجريمة والمخدرات والتفكك الأسري والإفراج عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي وتحسين مستوى الخدمات الصحية والتعليمية بالمملكة وإنهاء الفساد المالي والإداري وغيرها من القضايا الملحة التي تشغل الشارع السعودي.