الدوحة – بزنس كلاس:
نشرت صحيفة ديلي بيست تقريرا يوم أمس الثلاثاء بعنوان يفيد بأن رئيس الإستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل قد أقام حفلا صاخبا لمجموعة من الصحفيين والسياسيين الامريكيين لاقناعهم بالرواية السعودية حول اغتيال جمال خاشقجي والعزف على وتر أن هذه الجريمة يجب الا تؤثر على العلاقات السعودية الامريكية التي يجب أن تكون على ماهي عليه وأن أي خلل في هذه العلاقات سيمهد الطريق لإيران لتنفيذ مخططاتها في المنطقة، وهذا ما لا تريده الدولتين ، واكد الفيصل أن السعودية ستتعاون مع إسرائيل أيضا من أجل إحباط المخطط الإيراني.
وقالت ديلي بيست في تقريرها: بعد شهر من إغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول في الثاني من اكتوبر الماضي، حاول الامير تركي الفيصل الرئيس السابق للإستخبارات السعودية إقناع جموع من الصحفيين والسياسيين في نيويورك بأن العلاقات السعودية الأمريكية تسير على الطريق الصحيح.
وفي شقة في الجانب الشرقي من مدينة نيويورك وقف واحد من أكثر الدبلوماسيين السعوديين شهرة أمام حشد مكون من 50 شخصا وعدد من الضيوف تمت دعوتهم لسهرة صاخبة ومبهجة ، في محاولة لتقليل المخاوف حول القيادة الحاكمة في السعودية.
وكان ذلك الحفل في التاسع من نوفبر أي بعد أكثر من شهر من إختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، حيث واجه تركي الفيصل الرئيس السابق للإستخبارات السعودية خلال الحفل سيلا من الأسئلة حول دور بلاده في عملية إغتيال خاشقجي داخل القنصلية السعودية باسطنبول في الثاني من اكتوبر الماضي، ولكن هذه المرة كان جمهور الفيصل أكثر حميمية نسبة لأنه مكون من مجموعة من الزملاء الكتاب والصحفيين والسياسيين ونشطاء الفكر من الذين كان بعضا منهم قد شارك مع الأمير السعودي في عدد من الحفلات السياسية الرسمية في السابق.
وقال أحد الذين حضروا الحفل لصحيفة الديلي بيست: “لقد زرت شقة الفيصل من قبل وحضرت فيها مناسبة كان الفيصل المتحدث الرئيسي فيها، ولكن هذه المرة لم يكن لدي فكرة عما يمكن توقعه من هذا الاجتماع بكل هذا الترحيب، ومن الواضح جدا أننا جميعا موجودين في هذه الشقة وهذا الحفل لسبب ما، وبالتأكيد لم يكن هذا الحفل فقط من أجل شرب كأس خمر والدخول في نقاشات سطحية.
وذهبت ديلي بيست في تقريرها إلى القول: إنه من الطبيعي ان يعقد الدبلوماسيين السعوديين اجتماعات مع الافراد المؤثرين في وسائل الإعلام والسياسة في ظل الظروف العادية، ولكن هذا الحفل الصاخب “cocktail party” فيما يبدو أنه آخر محاولات الفيصل لتحسين صورة السعودية التي تضررت كثيرا في أعقاب جريمة إغتيال خاشقجي، وقد حاولت الرياض الإلتفاف على التداعيات التي خلفتها قضية خاشقجي بعد تعرضها طيلة الشهر الماضي لإدانة دولية كبيرة ، ومن خلف الكواليس ومن خلال تجنيد شخصيات مرموقة ومحترمة مثل الفيصل لإخراج المملكة من هذا الموقف الصعب.
وتعليقا على مايجري في المملكة مؤخرا قال حسين إيبش الباحث في معهد دول الخليج العربي في واشنطن “إن هناك جهد ملحوظ لتغيير عقول الناس، ولكن المشكلة هي أن الحكومة السعودية ليست لديها المهارة الكافية للقيام بذلك. وسيستغرق هذا الأمر وقتا وفي النهاية الناس لايريدون الإقوال وإنما الأعمال”.
وفي الوقت الحالي من الواضح أن كل ما يمكن ان يقدمه النظام السعودي هي “الأقوال” وفيما يبدو أن الفيصل هو واحد من الذين اختارهم النظام للقيام بهذه المهمة.
قالت ديلي بيست في تقريرها إنه وخلال الإسابيع القليلة الماضية شرع الدبلوماسي السعودي الذي يعيش في فرجينيا ويدرس بجامعة جورجتاون، في تنظيم حملة تستهدف السياسيين ورجال الأعمال والمفكرين في أمريكا لإستعادة العلاقات التي كانت تعتمد عليها السعودية للحفاظ على صوتها حيا في واشنطن ، حيث قام الفيصل بالحديث العلني للقنوات الإخبارية وكان الفيصل قد اقام حفلا مماثلا في الشهر الماضي لذا يعتبر حفل الـ9 من نوفمبر الجاري المحاولة الثانية التي يتحدث فيها الفيصل إلى مجموعة صغيرة وحصرية من الشخصيات الأمريكية.
ومنذ ذلك الحين، تم تزويد عدد من الحكومات الأجنبية بتسريبات لتسجيلات توثق لحظات عملية إغتيال خاشقجي ، وعلى ضوء هذه التسجيلات خلصت وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية والمعروف بـ”MBS”، قد أمر بقتل خاشقجي.
وقال عدد من الذين حضروا الحفل في تصريحات للديلي بيست “إن الحفل أقيم في شقة الفيصل، التي تقع في الجانب الشرقي، ذات الطابع الكلاسيكي المميز والفريد، وقد تم إختيار الأطعمة الراقية والأجبان المتنوعة والمقبلات كما حصل الحاضرون على المشروبات مثل النبيذ والكوكتيلات من البار المفتوح بالشقة وتجمعوا للإستماع إلى الفيصل الذي تحدث لهم لمدة 15 دقيقة قبل أن يبدأوا بطرح الأسئلة عليه.”
وقال ثلاثة من الذين حضروا الحفل : “خلال حديثه أخبر الفيصل الحاضرين إنه وبالرغم من طريقة القتل الوحشية التي تعرض لها خاشقجي على يد فريق أمني مكون من مسؤولين سعوديين، إلا أنه لا يوجد ما يدعو للقلق ، لأن بعد كل ما حدث فأن الرياض كانت تعمل بلا كلل من أجل إجراء تحقيق شامل حول جريمة إغتيال خاشقجي في اسطنبول وستعاقب السلطات السعودية المسؤولين عنها.
وفي اعقاب ذلك الحفل ، قال الفيصل أن الحكومة السعودية لن تقبل إجراء تحقيق حول قتل خاشقجي خارج المملكة، مشبها موقف السعودية بموقف الولايات المتحدة الأمريكية التي رفضت اجراء تحقيق حول ما قامت به القوات الامريكية داخل سجن أبو غريب في العراق، وقد قامت السلطات الأمريكية بإجراء التحقيقات بنفسها.
وتعليقا على مطالب إنشاء لجنة دولية للتحقيق في قضية خاشقجي، قال الفيصل :” لن تقبل المملكة إنشاء محكمة دولية للنظر في قضية سعودية”، مضيفا أن النظام القضائي السعودي سليم وموجود ويعمل”. وقال إن السعودية لن تقبل أبداً تدخلا أجنبيا في نظامها القضائي”.
وقال المشاركين في الحفل إن الفيصل بدلا من أن يحاول التأثير عليهم بشأن ماحدث لجمال خاشقجي، حاول إقناعهم بأنه وعلى الرغم من كل ماحدث فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستستمر في أعمالها مع السعودية كالمعتاد ومثل ما كانت عليه الحال قبل حادثة الإغتيال، وقال الحضور في تصريحات لديلي بيست أن قول الفيصل بأنه لم يتغير أي شيء في العلاقات الامريكية السعودية قد أشعر عدد كبير من الحاضرين بالإنزعاج، وجرت احاديث جانبية عن الفيصل، حيث قال أحد الحضور: ” الحضور كانوا مشتككين بالفعل حول ما قاله الفيصل، ما إذا كان ما قاله صحيحا، ومضيفا لا يوجد شيئا مما قاله الفيصل يجعلني أصدق أن الامور ستكون عما كانت عليه وستسير إلى الأمام”.
ومضي التقرير إلى القول: في الاسبوع الماضي أعلنت إدارة ترامب عن فرض عقوبات على 17 سعوديا متورطين في إغتيال خاشقجي بمن فيهم سعود القحطاني “دليم” وهو احد أكبر مساعدي ولي العهد السعودي بالاضافة إلى محمد العتيبي القنصل السعودي باسطنبول، وقبل إصدار هذه العقوبات بساعات أعلنت السلطات السعودية إدانة 11 شخصًا بتهمة إغتيال خاشقجي وأصدرت أحكاما بالإعدام على خمسة منهم.
وقام النواب الديموقراطيون بالكونغرس الأمريكي منذ اسابيع بالمطالبة برفض عقوبات شديدة على السعودية وتعهدوا بصياغة مشروع قانون في العام الجديد يحد من مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية ووقف الدعم الأمريكي للتحالف السعودي الذي يقود الحرب في اليمن.
من أجل يتحقق ذلك فأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تعيد النظر استراتيجيتها للسياسة الخارجية بالكامل وهذا خطر لا ترغب فيه السعودية.
وأخبر رئيس المخابرات السعودية السابق حضور الحفل بأن الولايات المتحدة والسعودية لا يمكن أن
يفعلا شيئا قد يؤثر على شراكتهما الإستراتيجية، لأن ذلك يجعل أمور كثيرة على المحك، بما في ذلك إحباط مخططات إيران في الشرق الأوسط، وقال الفيصل إن السعودية وسوف تتعاون مع أسرائيل ايضا من أجل ذلك.
وقالت ديلي بيست في تقريرها إنه من بين حضور الحفل كان هناك شخص واحد متحمس بشكل كبير للضغط على الفيصل فيما يتعلق بقضية خاشقجي والحرب التي تقودها المملكة في اليمن ، وسأل هذا الشخص الفيصل حول ما إذا كانت السعودية ستواصل حربها في اليمن أما انها تعرضت لضغوطات أمريكية لتغيير موقفها.
وفي إجابته على السؤال قال الفيصل: لا توجد خطط للتغيير ، على الرغم من أن السعودية بطبيعة الحال لديها قنوات تواصل مفتوحة مع إدارة ترامب، ولا توجد أي دلالات في البيت الأبيض تشير إلى مراجعة العلاقة الوثيقة مع السعودية وولي عهدها “MBS”. وفي مقابلة مع فوكس نيوز في نهاية الاسبوع الماضي، قال ترامب إنه لا يعرف ما إذا كان يمكن أن يثق في تقرير وكالة الإستخبارات الأمريكية الذي خلص إلى أن محمد بن سلمان قد أمر بقتل خاشقجي.
وقال ترامب:” انا لا أعرف ، كما تعلمون، من يستطيع أن يعرف حقا”.. واردف بالقول:” لكن يمكنني أن أقول إن هناك العديد من المسؤولين يقولون إن “MBS” ليس لديه علم بقتل خاشقجي”.
وعليه فإنه من غير الواضح أين ستكون المنصة التي سيخاطبها الفيصل في المرة المقبلة او كم إجتماع سيعقده للحديث حول إغتيال خاشقجي، ولكن في على الأقل فقد سجلت جهات موقفا حيال المسؤولين السعودين بسبب اغتيال خاشقجي، وتم حرمان الدبلوماسي السعودي من الحديث فيها، فقد طلب مركز كنيدي التابع لجامعة هارفرد من الفيصل مؤخرا من عدم حضور الأسبوع كان سيشارك فيها وقد تم الإعداد له قبل فترة طويلة.
وختمت ديلي بيست تقريرها بقراءة لواقع الحال في ظل التداعيات المتواصلة لجريمة إغتيال خاشقجي، حيث قالت: قال مراقبون لا شك في أن السعودية ستستمر في بذل جهودها في حملة علاقات عامة ضخمة من أجل تحسين صورتها، ولكن السؤال هو هل الرياض قادرة على تحقيق ذلك
الوقت الضائع؟.
وقال ايبيش : كيف ستغسل المملكة هذا الدم الذي لطخها؟ فهو ليس دما يمكن إزالته بسهولة، وسوف يصدر الفيصل رواية اخرى لطمس الرواية الحقيقة للقضية، وسيتحدث إلى أشخاص كثيرين للتأثير عليهم ، أشخاص أكثر من الموجودين على القائمة المحدودة التي تمت دعوتها للحفل الصاخب الذي أقامه بشقته في نيويورك”.