
الرياض ماضية في عرقلة سفر حجاجنا رغم التحذيرات والانتقادات الدولية
تاريخ المملكة حافل بتسييس المشاعر واستغلالها كورقة ضغط
تاريخ المملكة حافل بتسييس المشاعر واستغلالها كورقة ضغط
بيان جديد من وزارة الحج يمارس الإملاءات وفرض الوصاية
فوجئ المراقبون بالأمس ببيان صادر عن وزارة الحج والعمرة السعودية بخصوص حجاج قطر الذين تعرقل دخولهم الرياض إلى حد المنع من أداء الفريضة للعام الثانى على التوالي، البيان يثير السخرية مجدداً من تصرفات وأداء السلطات السعودية حيال تورطها في جريمة تسييس الحج؛ كسابقة خطيرة في تاريخ الحج والمسلمين، فضلاً عن كونه يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان ومبادئ حرية العبادة. ودعوات فصل الدين عن السياسة. وفي مجمله جاء البيان ليعكس تشديد المملكة من إجراءاتها على سفر الحجاج القطريين إلى الديار المقدسة، في انتهاك جديد لحقوق الإنسان وتسييس الحج الذي ترفضه مؤسسات حقوقية وإسلامية دولية.
ففي البيان اعلنت الوزارة السعودية “انتهاء ترتيبات قدوم حوالي مليوني حاج من مختلف دول العالم لموسم هذا العام. ومن منطلق حفظ ماء الوجه قالت الوزارة إنها ترحب بقدوم “الأشقاء” القطريين الراغبين في أداء مناسك الحج لهذا العام، عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة عن طريق أي من شركات الطيران، ما عدا الخطوط القطرية”. وهو أمر جاء أشبه “بدس السم في العسل”.. فكيف ترحب الوزارة السعودية بحجاج قطر، بينما هي لا تبدي أي تعاون مع سلطات الحج القطرية لترتيب سفر هؤلاء على ناقلتهم الوطنية..؟؟ تحت مزاعم واهية وغير مقنعة وسبق أن ندد بها خبراء القانون الدولي والأمم المتحدة والهيئات الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين الشريفين. المحصلة هنا أن السعودية تمارس بمهارة سياسة التضليل السياسي والإعلامي بشأن حجاج قطر.
سابقة دولية خطيرة
وهكذا يبدو من البيان المثير للسخرية أن السعودية تعتبر مواطني وحجاج قطر مواطنين سعوديين وعليهم تأدية الفريضة تحت السيادة السعودية؛ وذلك في سابقة خطيرة تكرس جريمة تسييس الحج التي طالما حذرت منها قطر ودعت السلطات السعودية إلى تجنبها منذ تفجر فضيحة أزمة الخليج التي ترتبت على جريمة حصار قطر.
وهكذا يبدو من البيان المثير للسخرية أن السعودية تعتبر مواطني وحجاج قطر مواطنين سعوديين وعليهم تأدية الفريضة تحت السيادة السعودية؛ وذلك في سابقة خطيرة تكرس جريمة تسييس الحج التي طالما حذرت منها قطر ودعت السلطات السعودية إلى تجنبها منذ تفجر فضيحة أزمة الخليج التي ترتبت على جريمة حصار قطر.
السلطات السعودية ماضية في تسييسها للحج وفرض المضايقات على الحجاج القطريين وعرقلة سفرهم للعام الثاني على التوالي، بالرغم من مطالب الأمم المتحدة بوقف تلك الانتهاكات من خلال رصد ستة مقررين بمجلس حقوق الإنسان التابع لها لجميع الانتهاكات التي قامت بها دول الحصار بحق قطر. وفي رسالتهم الموجهة للسعودية، طالبوا الحكومة بتزويدهم بمعلومات حول الإجراءات التي اتخذتها داخل أراضيها لضمان حق المواطنين القطريين في ممارسة شعائرهم الدينية دون تمييز.
كما استنكرت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين الشريفين استمرار سلطات المملكة في منع القطريين من أداء فريضة الحج. وقالت الهيئة في بيان لها إن السعودية تمنع السوريين من الحج للسنة السابعة على التوالي، وتمنع القطريين للسنة الثانية؛ وذلك لأسباب سياسية.
ووسط كل هذا يلحظ المراقبون بان إعلام دول الحصار يسعى بقوة إلى تصوير الباطل حقاً والحق باطلاً حتى لو كان الأمر يتعلق بالركن الخامس من أركان الإسلام. مدفوعاً باستمراء الافتراءات والأكاذيب والمغالطات. وفي سوق التضليل والمغالطة لدول الحصار، تغفر الرياض لإيران مثلاً مطالبها القديمة المتجددة بتدويل الحج، بل تتغاضى عن ذكر طهران تماماً مقابل إلصاق هذا المطلب بقطر لمجرد أنها طالبت بإزالة الصعوبات والمعوقات التي وضعت أمام حجاجها.
الأزمة الثالثة خلال 3 سنوات
وتُعدّ أزمة حجاج قطر ثالث أزمة سياسية تفتعلها السعودية في الحج خلال 3 سنوات فقط، إذ تفجّرت أزمة كبرى بين السعودية وإيران على خلفية حادثتي سقوط الرافعة داخل الحرم المكي والتدافع في منى عام 2015 واللتين أدتا إلى مقتل أكثر من 1500 حاج نصفهم من الإيرانيين، الأمر الذي أدى إلى منع الحجاج الإيرانيين من الحج في العام التالي.
وتُعدّ أزمة حجاج قطر ثالث أزمة سياسية تفتعلها السعودية في الحج خلال 3 سنوات فقط، إذ تفجّرت أزمة كبرى بين السعودية وإيران على خلفية حادثتي سقوط الرافعة داخل الحرم المكي والتدافع في منى عام 2015 واللتين أدتا إلى مقتل أكثر من 1500 حاج نصفهم من الإيرانيين، الأمر الذي أدى إلى منع الحجاج الإيرانيين من الحج في العام التالي.
كما منعت السعودية أكثر من 5 آلاف حاج يمني بدعوى انتمائهم لجماعة الحوثيين في العام نفسه وهو ما أدى إلى تهديد إيران باللجوء إلى الأمم المتحدة وطلب تدويل الحرم، قبل أن توافق السعودية على الشروط الإيرانية ومنها مرافقة دبلوماسيين إيرانيين لبعثة الحج والمحافظة على أمن الحجاج. كما منعت السعودية للسنة الثالثة على التوالي الحجاج المنتمين إلى فئة البدون في الكويت الذين يشكلون أكثر من 10 % من سكان الكويت من الحج، وهو ما رأته وزارة الأوقاف الكويتية ظلماً وإجحافاً بحق فئة كبيرة من الشعب الكويتي.
* تاريخ سعودي حافل بتسييس مواسم الحج
إن قراءة في تاريخ السعودية يجده حافلاً بمواقف وجرائم تسييس مواسم الحج؛ فمنذ بداية الحروب التي مهدت لتأسيس الدولة السعودية، انتبه الملك المؤسس وأمير منطقة نجد آنذاك، إلى أهمية السيطرة على مكة والمدينة لتوسيع النفوذ السياسي والديني لدولته الوليدة، فادعى أن حاكم مكة آنذاك الشريف حسين منع الحجاج القادمين من منطقة نجد من الحج، وأعلن الحرب ضد الحجاز للسيطرة على مكة والمدينة بعد أن حصل على فتوى شرعية بذلك.
إن قراءة في تاريخ السعودية يجده حافلاً بمواقف وجرائم تسييس مواسم الحج؛ فمنذ بداية الحروب التي مهدت لتأسيس الدولة السعودية، انتبه الملك المؤسس وأمير منطقة نجد آنذاك، إلى أهمية السيطرة على مكة والمدينة لتوسيع النفوذ السياسي والديني لدولته الوليدة، فادعى أن حاكم مكة آنذاك الشريف حسين منع الحجاج القادمين من منطقة نجد من الحج، وأعلن الحرب ضد الحجاز للسيطرة على مكة والمدينة بعد أن حصل على فتوى شرعية بذلك.
وبعد السيطرة السعودية على شعائر الحج، قُتل عدد من أفراد بعثة الحج المصرية على يد جنود تابعين للملك عبدالعزيز مما أشعل أزمة بين البلدين لم تنته إلا بزيارة عدد من أفراد الأسرة الملكية إلى مصر. ولم تكن حادثة “المحمل المصري” عام 1926 هي الأولى في مسيرة السيطرة السعودية على الحرم المكي والتي تعرضت لهزات عدة بفعل سوء التنظيم، إذ احتلت جماعات بقيادة العسكري في الحرس الوطني جهيمان العتيبي الحرم المكي لمدة 14 يوماً عام 1979. وفشلت القوات السعودية في التدخّل مما حداها على الاستنجاد بكوماندوس فرنسيين وباكستانيين. كما قُتل أكثر من 1500 حاج عام 1990 في حادثة تدافع داخل مكة أثناء الحج عرفت باسم حادثة نفق المعيصم، بالإضافة إلى اشتعال سلسلة الاحتجاجات الإيرانية الضخمة عامي 1987 و1989 وأعدمت السلطات السعودية على أثرها جميع المتورطين فيها.