وكالات – بزنس كلاس:
يعيش الإعلام السعودي وذبانية الديوان الملكي حالة انفصام حادة فيما يخص تناولهم لفضيحة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، فبين إلقاء تهمة قتله على قطر وتركيا في بادئ الأمر، إلى الاعتراف بتورط فريق الاغتيالات السعودي في تصفية الرجل، مروراً بالتخبط الساذج في الروايات المتضاربة والتي تكذب بعضها بعضاً، وصولاً إلى تكذيب تقارير الاستخبارات الأمريكية ثم استجداء البيت الأبيض وتقديم المزيد من التنازلات، إلى أن يصلون في النهاية إلى مرحلة “الردح” لقطر وتركيا مرة أخرى بداعي فشل حملتهما لتشويه سمعة المملكة.
المتابع للرأي العام العربي والعالمي والتقارير الاستخباراتية والإعلامية حول قضية اغتيال خاشقجي، يقف متعجباً ومتسائلاً: عن أي سمعة يتحدث إعلام اليدوان الملكي السعودي؟!! .. عن سمعتهم في المحافل الدولية التي تلطخت بدماء الأبرياء في اليمن، أم سمعتهم التي ارتبطت بالمؤامرات والدسائس في سوريا ومصر وليبيا والعراق، أم يقصدون سمعتهم التي أصبحت مثار سخرية بعد احتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.
يصبح من السذاجة وضرباً من ضروب الغباء أن يتحدث الإعلام السعودي عن سمعة المملكة بعد فصيحة قتل وتقطيع وإذابة خاشقجي داخل قنصلية بلاده ومنزل القنصل السعودي في اسطنبول، فما دخل قطر وتركيا كارثة مثل هذه، هل اتصل مسؤول قطري أو تركي بخاشقجي لحثه على زيارة القنصلية في تركيا أم إنه خالد بن سلمان، سفير المملكة في أمريكا؟!!،، أم أن الدوحة وأنقرة نسقتا دخول فريق الاغتيال السعودي إلى اسطنبول وتواصلتا مع نائب رئيس الاستخبارات السعودية أحمد عسيري، وسعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي لتنفيذ العملية الفاشلة داخل القنصلية؟!! .. أم إن قطر وتركيا طلبتا من ولي العهد السعودي التصريح بأن خاشقجي خرج من القنصلية بعد ساعتين حياً يرزق؟!!
يصر الإعلام السعودي بغباء تنفيذ تعليمات غرفة عمليات أبوظبي بالتعاون مع أذرعها في المملكة ويواصلون محاولاتهم لاستغباء الرأي العام السعودي، والذي بات أكثر وعياً بعد توالي فضائح نظام بلاده بقيادة ولي العهد، لكنهم يقبعون دائماً في المنطقة المظلمة بين مطرقة القمع والفساد وسندان الفقر والبطالة وغلاء المعيشة.
وبالنظر إلى اتجاهات الرأي العام العربي والعالمي بشأن “سمعة” السعودية بعد سلسلة كوارث ولي العهد، فتشير التقارير الحقوقية والإعلامية إلى تدني مصداقية النظام السعودي إلى أدنى مستوياته منذ تولي محمد بن سلمان منصبه، حيث طالبت جمعيات حقوقية ومجموعات نشطة إلى مع استقباله في قمة العشرين المقبلة، وهو ما تناولته صحيفة The Times البريطانية التي قالت إنه من المتوقع أن يتسبب ولي عهد السعودية في إحراج رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي وزعماء العالم الآخرين بمشاركته معهم في قمة مجموعة العشرين الأسبوع القادم، في نهاية جولته الخارجية الأولى منذ مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
وفي سياق متصل أكدت مسؤولة في منظمة هيومن رايتس ووتش أن ولي العهد السعودي لا يتمتع بحصانة لأنه ليس رئيس دولة، فيما أوضحت صحيفة الغارديان البريطانية أن الإنتربول يستطيع إلقاء القبض على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أثناء مشاركته المزمعة بقمة العشرين في الأرجنتين.
وهناك في تونس التي يتوقع ان يزورها بن سلمان بعد يومين، عمّت حالة من الغضب بين أوسطا الشباب والجمعيات الحقوقية التي طالبت برفض زيارته، ودشن نشطاء عبر موقعي فيسبوك وتويتر عدة هاشتاغات للتعبير عن رفضهم لزيارة ولي العهد (#بن_سلمان و #_بن_منشار_يرجع_من_المطار و #لاأهلا_و_لا_مرحبا).
بدورها كشفت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، عن آليات التعامل مع زيارة ولي العهد محمد بن سلمان إلى تونس. وقال عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، محمد اليوسفي، إن النقابة “عبرت عن استهجانها ورفضها لزيارة الأمير السعودي لكونه متهما بارتكاب جرائم حرب، وتلاحقه جرائم حرب في اليمن، وانتهاكات وأفعال مشينة طالت حقوق الإنسان وحرية التعبير ولعل آخرها جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي”.
خلاصة القول.. إن استمرار توظيف إعلام الحصار لقطر كشماعة لفشلهم وتورط حكامهم في فضائح وكوراث متلاحقة، لم ولن يجدي نفعاً، فدولة قطر بقيادتها الحكيمة استطاعت تعزيز مكانتها الدولية كشريك حقيقي للدول والمؤسسات الأممية والمجتمع الدولي وبنت على مر الزمن سمعة طيبة يُضرب بها المثل في الحكمة والاعتدال، وكونت تحالفات وشركات مثمرة مع مختلف القوى الفاعلة إقليميا وعالمياً، وتواصل يوماً بعد يوم وبنجاح كسب المزيد من الأصدقاء والحلفاء في مختلف المجالات.