أكد سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة أن قطاع الطاقة مازال يشكل قلب الاقتصاد العالمي.. متوقعا أن تواصل الطاقة لعب دور محوري، وأن تكون القوة الداعمة للازدهار الاقتصاد العالمي.
وأضاف سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة في كلمة ألقاها خلال افتتاحه لندوة سياسات الطاقة والتنويع الاقتصادي، التي ينظّمها مركز قطر للقيادات ومعهد بيكر في جامعة رايس بالتعاون مع وزارة الطاقة والصناعة وجامعة قطر، أن الوقود الاحفوري من المحتمل أن يشكل حصة رئيسة من عالم الطاقة في المستقبل المنظور مع وجود قاعدة من الموارد الضخمة الكافية لتلبية المتطلبات العالمية من الوقود الاحفوري لعقود قادمة.
وأوضح أنه من المتوقع أن يواصل الوقود الأحفوري تلبية حوالي 75 بالمائة من احتياجات الطاقة العالمية في 2040، كما أنه من المعلوم لدى العاملين بالقطاع أن النفط سيكون له النصيب الأكبر من قطاع الطاقة للعقود القليلة المقبلة، كما سينمو الطلب على الغاز الطبيعي على نحو أسرع من أنواع الوقود الأخرى.
وأشار إلى أنه خلال تلك الفترة سيتجاوز الغاز الطبيعي الفحم ليشكل ثاني أكبر مصدر للطاقة في العالم، مضيفا أنه بموجب دراسة مستقبلية عن سوق الغاز الطبيعي والتي أصدرها منتدى الدول المصدرة للغاز، فإن حصة الغاز الطبيعي من الطلب العالمي على الطاقة ستزيد من 21 بالمائة خلال عام 2015 إلى 25 بالمائة في 2040.
كما اعتبر أن النفط والغاز يشكلان أهمية كبيرة لاقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي والتي تعتمد بشكل أساسي على الاقتصاد الهيدروكربوني، وهو ما أفاد تلك الاقتصاديات عبر استغلال الموارد الطبيعية لديها من التحول من اقتصاد تقليدي في الأربعينيات من القرن الماضي لتحقيق تنمية اقتصادية ملموسة خلال وقت قصير، وجعلها رائدة في مجالات مثل التعليم والرعاية الصحية وارتفاع متوسط عمر الفرد فيها.
ونوه إلى أنه مع وجود أكبر المنتجين للطاقة في الشرق الأوسط وامتلاك دول مجلس التعاون معا لنحو ثلث احتياطيات العالم من النفط وخمس احتياطيات العالم من الغاز، فإنها تلعب دورا حيويا في أمن الطاقة العالمي وتنشيط الاقتصاد العالمي.
وتابع يقول إنه منذ الأزمة المالية العالمية التي ضربت الاقتصاد العالمي في 2008 بجانب الركود الاقتصادي الذي شهده العالم خلال العامين والنصف الأخيرين، فقد كانت سوق النفط في حالة تغير مستمر نتيجة الإفراط في العرض والنمو الاقتصادي العالمي الهش.
وأوضح أن سوق الطاقة اتسمت بأسعار غير اقتصادية تضر كلا من المنتجين والمستهلكين، كما أنها تعيق الاستثمارات الرئيسية التي يحتاجها قطاع الطاقة، وهو ما يهدد أمن الطاقة لعدة سنوات.
وأوضح أن أمن الطاقة لا يمكن معالجته من جانب واحد بل هو عملية مزدوجة تحتاج إلى معالجة من قبل كل من المنتجين والمستهلكين.. داعيا للمسؤولية المشتركة التي يمكن تحقيقها عن طريق الحوار البناء والشفاف بين الجانبين.
وأكد سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة خلال كلمته بالندوة، أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر نشطة جدا في مثل هذه الحوارات وإنشاء الهيئات التي تحمل على عاتقها القيام بتلك المهمة، ضاربا المثل بمنتدى الطاقة العالمي الذي يتخذ من عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض مقرا له.
كما حذر من أن التخوفات من قبل بعض الدول المستهلكة المتعلقة بتخفيف الآثار البيئية لاستخدام الوقود البيئي وتعزيز كفاءة الطاقة والسعي لزيادة حصة الطاقة المتجددة ينبغي ألا يعرض أمن الطاقة للخطر، وألا يتسبب في تفاقم الاجراءات المتبعة لمواجهة ظاهرة تغير المناخ.
وتساءل سعادة الوزير خلال كلمته بالندوة هل يعتبر انخفاض أسعار النفط نعمة أم نقمة على الاقتصاد العالمي؟.. موضحا أن العامين الماضيين شهدا انخفاضا غير مسبوق في الاستثمار في قطاع الطاقة وهو ما يهدد أمن الامدادات، الأمر الذي سوف تظهر نتائجه خلال عامين أو ثلاث من الآن، وفي الوقت الذي قد يكون هناك أمر إيجابي في خفض فاتورة الطاقة، فإن العالم شهد انخفاضا في إجمالي الناتج المحلي العالمي وزيادة في فقدان الوظائف والانكماش.
واضاف أنه حينما كانت أسعار النفط أكثر من 100 دولار للبرميل فإن الناتج المحلي الإجمالي كان أكثر قوة وسجل نموا بأكثر من 5 بالمائة، أما حاليا فإنه ضعيف وأقل من 3 بالمائة رغم أن أسعار النفط أقل من هذا المستوى.
كما اعتبر أنه ليس هناك منتصر من انخفاض أسعار النفط.. مؤكدا أنه وفقا لآراء الاقتصاديين فإن صناعة نفطية صحية تؤدي لاقتصاد عالمي أفضل حالا.
وأضاف أن النفط كصناعة كبرى لأكثر من قرن ونصف في مختلف أنحاء العالم واجهت الكثير من التحديات والحروب والاضطرابات، وتمكنت من تجاوز العديد من الأزمات في الوقت الذي تعمل فيه على تحقيق استقرار طويل الأمد.
كما استعرض سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة الدور الذي لعبته دولة قطر في عام 2016 كونها ترأست كلا من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ومنتدى الدول المصدرة للغاز، قائلا إنها لعبت دورا مسؤولا في التعامل مع احتياجات الطاقة العالمية والاضطرابات المرتبطة بسوق النفط، كما سعت لإيجاد أفضل السبل لاستعادة التوازن في سوق النفط العالمية الأمر الاكثر احتياجا لعودة انتعاش السوق العالمية معتمدة على ما تتمتع به من علاقات طيبة مع المجتمع الدولي.
وأفاد بأنه على الرغم من الصعوبات والتحديات التي واجهتها قطر فإنها نجحت في مهمتها حيث أدت عملا متماسكا وفعالا ومستمرا لبناء أرضية مشتركة وتفعيل التعاون بين المنتجين داخل وخارج منظمة أوبك والتي بلغت ذروتها في القرارات المحرزة في 30 نوفمبر و10 ديسمبر الماضيين، حينما اتفقت أوبك على خفض انتاجها بنحو 1.2 مليون برميل يوميا كما اتفق 11 منتجا من خارج دولة أوبك على خفض نحو 600 ألف برميل يوميا دعما لجهود أوبك في الإسراع بإعادة التوازن للعرض والطلب وسحب الزيادة في المخزونات التي تصل لمستويات عالية في الوقت الحالي.
وأوضح أن الانخفاض الكبير في أسعار النفط من ذروته في يونيو 2014 حينما بلغ 115 دولارا لبرميل النفط إلى أقل من 30 دولارا للبرميل في يناير 2016 أثر بشكل سلبي على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي والتي تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط.
وأردف يقول برغم ذلك فإن مرونة اقتصاد دول المجلس مكنتها من الخروج من هذا التحدي، حيث فتح انخفاض أسعار النفط والتباطؤ الاقتصادي العالمي نوافذ من الفرص الاستثمارية لدول المجلس، كما أعطى دافعا لها للتنويع الاقتصادي، كما شرعت ايضا في تحسين كفاءة ملاءتها المالية من خلال خفض التكاليف.
وأوضح أنه بالنسبة لقطر فإن استراتيجيتها في قطاع الطاقة تضع في الاعتبار المساهمة في تطوير ونمو الاقتصاد القطري وتلبية جميع احتياجات الطاقة في السوق المحلية.. مشيرا إلى أن الاستثمار الناجح في القطاع الهيدروكربوني شكل المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي والمستدام في قطر .. مؤكدا مواصلة قطر استغلال الموارد الهيدروكربونية لدعم مزيد من التطوير وتحويل اقتصاد البلاد لاقتصاد مستدام ومتنوع.
وأشار إلى أنه في هذا الاطار قامت قطر بتكثيف استخدام جميع الوسائل لزيادة كفاءة الانتاج مع التركيز على خفض التكاليف والحفاظ على سلامة وموثوقية في الوقت نفسه، وبالتالي زيادة القدرة التنافسية على صناعة المحروقات لديها.
من جانبه قال الشيخ مشعل بن جبر آل ثاني مدير إدارة شؤون الطاقة بوزارة الطاقة والصناعة إن الندوة موضوعها هام وحساس، وأن الوزارة تهتم من خلال مثل هذه الفعاليات والندوات والمؤتمرات ببناء الكفاءات والقدرات القطرية والتعاون مع الجهات المختلفة في هذا الاطار.
كما أوضح في تصريحات صحفية على هامش الندوة اليوم أنه سيكون هناك حوار شامل ضمن الندوة للخروج بتوصيات ونتائج لتلك الحوارات المكثفة وإرسالها إلى أصحاب القرار ليتم الاستفادة بها.
وبين مشعل بن جبر أن ورشة العمل اليوم تتضمن العديد من القيادات القطرية في مجال الطاقة لمناقشة مواضيع مهمة وحساسة وتهم الاقتصاد الوطني بشكل مباشر.. مشيرا إلى محور الطاقة ومحور التنوع الاقتصادي وتغير المناخ إلى جانب مناقشة الترابط ما بين الأمن الغذائي والمائي والطاقة.
وأوضح أن كافة المحاور ستتم مناقشتها في ورش العمل المختلقة من قبل المختصين من كافة الجهات ليتم الخروج بتوصيات واضحة الملامح.. مشيرا إلى أنه سيتم متابعتها مع مختلف صناع القرار.
وخلال اليوم الأول، ركزت المحادثات في الندوة على دور السياسات الفعالة في قيادة التحول إلى مجتمع قائم على المعرفة. وقام الحضور في إحدى الجلسات بالاطلاع على دراسات تطبيقية حول إصلاح نظم دعم الطاقة، وناقشوا في جلسة أخرى الجهود الإقليمية الرامية إلى دعم التنويع الاقتصادي.
وفي اليوم الثاني، سيتناول الأكاديميون وخبراء القطاع والقيادات الحكومية مواضيع هامة ضمن الجلسات مثل: التغير المناخي، وثلاثية الطاقة والغذاء والمياه. وسيتم توضيح مسألة الطلب على الوقود الأحفوري على المدى الطويل في إحدى الجلسات، فيما ستتطرق جلسة أخرى إلى الرابط المعقد والحساس بين ثلاثة من أهم الموارد في عالمنا.