وكالات:
في أحدث تصريحاته بعد سبات طويل، قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد اللطيف الزياني، إن قمة المجلس التي ستعقد الأحد المقبل في الرياض تناقش تحقيق التكامل الخليجي، في وقت يتعرض فيه مجلس التعاون الخليجي للضياع بفعل سياسات دول الحصار.
ويتساءل المراقبون عن أي تكامل يتحدث عنه الزياني في ظل ما يجري من أحداث تشق الصف الخليجي؟!. تلك النظرة دعمتها أبحاث ودراسات عديدة، حيث نشر موقع “لوب لوك” الأمريكي المهتم بشؤون الشرق الأوسط تقريرا أكد فيه أن الأزمة الخليجية ستؤدي في نهاية المطاف إلى نهاية مجلس التعاون الخليجي، خاصة أن السعودية والإمارات أعلنتا عن مجلس مشترك للتنسيق.
ونقل الموقع عن السفيرة آن باترسون، السكرتيرة المساعدة السابقة لشؤون الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في إدارة باراك أوباما، إن مجلس التعاون انتهى إلى حد كبير، ولن يعود كما كان سابقاً. وتابعت: “هذا أمر مؤسف، الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت تنظر إلى هذه المنطقة على أنها منطقة الاستقرار الوحيدة في الشرق الأوسط”.
وفي تصريحاته أشاد عبداللطيف الزياني، بالقيادة السعودية قائلا إنها حريصة على تعزيز أواصر العلاقات الأخوية بين أبناء دول المجلس، ومضاعفة إنجازات مجلس التعاون نحو مزيد من الترابط والتكامل، وحماية أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية وصيانة مكتسباتها وإنجازاتها المباركة”. لكن الخبراء يرون عكس ذلك، فقد قال كريستيان كوتس أرليتشسين زميل معهد بيكر إن السعودية أماتت مجلس التعاون الخليجي. وبدورها، ذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن تصرفات ولي العهد السعودي وضعت الشرق الأوسط وفي مقدمتها دول الخليج في حالة تصادم. ولفتت إلى الإخفاقات في السياسات السعودية الخارجية مثل الحرب على اليمن وحصار قطر وأزمات مع مختلف الدول ومنها كندا على سبيل المثال، وآخرها جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.
حصار قطر ينسف التعاون
ويتمادى الزياني في تصريحاته بالقول إن لقاءات قادة دول المجلس، هي لقاءات خير وبركة على مسيرة العمل الخليجي المشترك، ودائمًا ما تضيف إلى رصيد هذه المسيرة المباركة إنجازات مهمة تؤكد تصميم قادتها الكرام على المضي قدمًا لترسيخ هذه المنظومة وتعزيز الترابط والتكامل الخليجي لكل ما فيه الخير والنفع لمواطنيها، وفق رؤية أمين عام مجلس التعاون، وهي الرؤية التي تخالف الواقع، فلا المنظومة الخليجية ترسخت، ولا المواطن الخليجي شعر بنتائج التعاون، وخير دليل على ذلك أزمة حصار قطر التي صدمت الموطنين الخليجيين وشتت الأسر وقطعت الأرحام.
واللافت في تصريحات الزياني أنها جاءت إرضاء للبلد المضيف وهي السعودية ومجرد مجاملة ، ولذلك قال إن قادة المجلس سيبحثون خلال قمة الرياض عددًا من الموضوعات المتعلقة بمسيرة العمل الخليجي المشترك في مختلف مجالاتها السياسية والاقتصادية والأمنية والقانونية، كما سيبحثون تطورات الأوضاع في المنطقة والقضايا السياسية الراهنة والمواقف الدولية تجاهها. وأشاد بالإنجازات التكاملية التي حققها مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مختلف المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والاقتصادية والاجتماعية، مؤكدًا اهتمام قادة دول المجلس، وتوجيهاتهم السديدة بمضاعفة الجهود والمساعي الخيرة من أجل زيادة المكتسبات وتعميق التعاون المشترك وتعزيز المكانة المرموقة التي يحتلها مجلس التعاون على الساحتين الإقليمية والدولية.
خدمة مصالح الرياض
عبداللطيف الزياني خرج من عزلته الإجبارية بعد عام ونصف على حصار قطر ليرضي السعودية فقط، ويحاول تبييض صورة المملكة التي تلوثت كثيرا بعد سياساتها الرعناء في الداخل والخارج. لا ينسى أحد أن أمين عام مجلس التعاون الخليجي شارك في حصار قطر بصمته ومواقفه المتخاذلة، ولا ينسى أحد أيضا تجاهل المنظمة التي يترأس أمانتها العامة لوساطة أمير الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي سعى كثيراً ويواصل سعيه لحل الأزمة الخليجية من خلال تحركاته ومسئولين كويتيين كبار.
يتحدث الزياني الآن عن نجاحات مجلس التعاون والمسيرة التكاملية المباركة في موقف يدهش القاصي والداني فالانجاز الذي حققه هو الفشل في حل الأزمات الخليجية . والحقيقة أن مواقف الأمين العام أصبحت مثار انتقاد ، حيث اعتبرها الكثير من المراقبين والخبراء بأنها تعبر فقط عن رغبات الرياض، وليس مصلحة دول وشعوب مجلس التعاون الخليجي.
حرية التنقل
السؤال الذي حار في إجابته المغردون : كيف يتحدث الزياني عن التكامل الخليجي وواحدة من أهم انجازات من سبقوه تمت الإطاحة بها وهي اتفاقية حرية التنقل بين الأفراد حيث ينص قرار المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي على أن يتمتع مواطنو دول المجلس بالمساواة في المعاملة من حيث حق الإقامة والتنقل بين دول المجلس ، ويتم التنقل في أغلب الدول الأعضاء بالبطاقة المدنية ليس هذا فقط ، فلمزيد من تسهيل التنقل : قرر المجلس الأعلى :
” تسهيل التنقل بين دول المجلس لبعض الفئات المقيمة في الدول الأعضاء ، وذلك وفقاً للضوابط الواردة في قرار وزراء الداخلية ، وذلك من خلال منحهم تأشيرات الدخول من المنافذ تمشياً مع متطلبات الاتحاد الجمركي ” . فأين هذا الانجاز اليوم مما تسبب فيه نظام الرياض وتبعه الزياني الذي جمد انجازات وبدد أحلاما على طريق المواطنة الخليجية؟
ليست انجازاتك
الغريب أن الزياني يعدد انجازات ليست انجازاته لكنها انجاز من سبقوه ومنها :
* الاتفاق على مبدأ تنقل المواطنين بين الدول الأعضاء بالبطاقة الشخصية .
* الاتفاق على إصدار الدول الأعضاء الجواز المقروء آلياً لمواطنيها.
* رفع كفاءة العاملين في المنافذ ، والحرص على أن يكونوا على مستوى جيد من التعامل والتأهيل.
* طبقت معظم الدول الأعضاء تسهيل تنقل فئات معينة من المقيمين بين دول المجلس.
* توفير وتطوير الأجهزة الفنية والتقنية في المنافذ تحقيقاً لسـرعة إنهاء الإجراءات.
* زيادة عدد مسارات وسائط نقل الركاب للقدوم والمغادرة في مراكز الحدود .
* منح سائقي الشاحنات الوطنية التي تحمل بضائع من أي من دول المجلس تأشيرات الدخول .
* إلغاء ختم جوازات مواطني دول المجلس عند المغادرة .
* منح المرافقين لمواطني دول المجلس تأشيرات الدخول من المنافذ .
* منح تأشيرات دخول للزيارة من المنافذ للزوجات الأجنبيات القادمات برفقة أزواجهن من مواطني دول المجلس .
* تخصيص ممرات لمواطنـي دول المجلس مزودة بلوحات في جميع المنافذ .
* وضع استبيانات في جميع المنافذ للعابرين لتدوين انطباعاتهم وتقييمهم للتعامل والأداء في المنفذ.
* وضع حوافز مادية ومعنوية للعاملين في المنافذ .
* تكثيف الزيارات الميدانية بين العاملين في المنافذ بين الدول الأعضاء وتبادل الخبرات .
هذه الانجازات وغيرها ليست من صنع الزياني ولكنه عرقلها بسبب صمته ما أدى إلى حالة الموت السريري التي يعاني منها مجلس التعاون الخليجي اليوم .