الرياض تحت نيران الإعلام الأمريكي

وكالات – بزنس كلاس:

شن الإعلام الأمريكي هجوماً عنيفاً على النظام السعودي على خلفية تصاعد الأزمة الدبلوماسية مع كندا؛ واصفاً طرد الرياض للسفير الكندي بأنه تصرف استبدادي غير حضاري ولا يحترم حرية الرأي والتعبير؛ ورأى في هذا التصعيد رسالة لمن يحاول انتقاد السعودية. وانتقدت الصحف الصمت الغربي إزاء ما فعلته السعودية ضدّ كندا، مشيراً إلى أن سياسات الرياض وراء التوتر وتهديد الاستقرار بالمنطقة، متّهماً في هذا السياق السعودية بالتدخّل في شؤون دول عربية كقطر واليمن والبحرين.
وقد وصفت صحيفة “نيويورك تايمز” طرد السعودية لسفير كندا وقطع العلاقات معها بأنه عمل غير حضاري وغير لائق ولا يقوم به إلا “الطغاة”، معتبرة الادّعاءات السعودية بتدخّل كندا في شؤونها “خداعاً”؛ لكون المعتقلة سمر بدوي حاصلة على الجنسية الكندية. وأكّدت الصحيفة أمس أن النظام السعودي عاد ليقوّض مرة أخرى الإصلاحات التي بدأها لتحديث المملكة؛ من خلال العمل بشكل استبدادي مع رجال دين وتجّار وأثرياء ونشطاء حقوق إنسان. وقالت: إنه “ليس غريباً أن ترفض الدول الانتقادات الخارجية، ولكن هذا الانتقام السعودي عدوانيّ وليس له أيّ داعٍ، وهو فعل يهدف بالدرجة الأولى لتخويف من يفكّر بانتقاد السعودية”. وانتقدت الصحيفة الصمت الغربي إزاء ما فعلته السعودية ضدّ كندا. وقالت: إن “مثل هذا الفعل سابقاً كان لا يمرّ بصمتٍ كما يجري الآن، في حين لم نسمع حتى اللحظة سوى تذمّر محدود”.
وبحسب نيويورك تايمز، فإن السعودية لم تقدِّم أيّ تفسير لاحتجاز السيدة سمر بدوي، التي كان زوجها السابق — وهو محامٍ — مسجوناً أيضاً. وصنّفت الصحيفة بدوي بأنها ناشطة في مجال حقوق المرأة، ورفضت ادّعاءات السعودية حول تدخّلها في شؤونها، واصفة ذلك بالخداع؛ وذلك لكون بدوي وعائلتها يقيمون في كندا كلاجئين سياسيين، وتم منحهم الجنسية الكندية.
وبيَّنت أن بدوي أصبحت مواطنة كندية، وكندا من البلدان التي تهتمّ بالحقوق الإنسانية والسياسية، ولها تاريخ طويل في التعبير عن رأيها فردياً أو جماعياً، دفاعاً عن تلك المبادئ والقيم المكرَّسة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وتذكر الصحيفة أن السعودية من إحدى الدول الموقّعة على الميثاق، وعضو في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي تتمثَّل مهمّته في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. واتّهمت الصحيفةُ السعوديةَ بالتدخّل في شؤون دول عربية كاليمن والبحرين وقطر، كذلك سعت إلى التأثيرفي صفقة الرئيس السابق، باراك أوباما، مع إيران بخصوص البرنامج النووي الإيراني.
وانتقدت الصحيفة موقف واشنطن من التصرُّف السعودي ضدّ كندا، مؤكّدة أنه لم يصدر سوى ردّ فعل وحيد من مسؤول في وزارة الخارجية، الذي أكَّد أن حكومته طالبت السعودية بتوفير المزيد من المعلومات حول المعتقلين. وأشارت إلى أن الإدارة الامريكية سبق لها الإذعان لسلوك السعودية الاستبدادي، ويبدو أن الهجوم الذي شنته واشنطن على رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، في يونيو الماضي، جعل الرياض أكثر جرأة في التصرّف بهذا الشكل مع كندا.
* ليست المرة الأولى
أما صحيفة “واشنطن بوست” فقالت إنها هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها المملكة لانتقادات خاصة بانتهاكات حقوق الإنسان، ولا المرة الأولى التي تنتقد فيها كندا الحكومة السعودية منذ اعتقال الناشطات في مايو الماضي. لكنها نقلت عن محللين إن النظام السعودي الذي كان معروفاً في الماضي بموقفه المتباطئ في الشؤون الخارجية، بدأ يتعامل مع التحديات الملحوظة من الخارج بتسرع وغضب، حيث أبرزت الأزمة التصعيد السعودي الحازم والسريع تحت وصاية النظام الجديد.
ففي الوقت الذي نال فيه النظام المديح لتوجهاته بتغيير المملكة محاولاً تنويع اقتصادها وتخفيف بعض القيود الاجتماعية، تسبب أيضاً في إشراك السعودية في صراعات خارجية بما في ذلك حرب أهلية في اليمن وخلاف مع قطر، تكافح المملكة من أجل الخروج منه الآن.
ونقلت الصحيفة عن الباحث “كريستيان أولريتشسين”، بمعهد بيكر التابع لجامعة رايس: “لقد أصبح نمطاً، فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، أصبحت المملكة غير قابلة للتنبؤ، وأكثر تقلبًا، إنها تضخ الكثير من عدم اليقين في وقت يحتاج فيه الناس إلى دخول السعودية والتعامل معها”.
واعتبر أن القرار السعودي بمواجهة كندا لم يكن اعتباطياً، فهو يرسل رسالة إلى الآخرين الذين قد يفكرون في انتقاد السياسة السعودية، كما فعلت العديد من الدول الأوروبية مع ما يحدث في اليمن.
* مطالبات للرياض بوقف الاعتقالات
وذكرت قناة “CBC” الإخبارية الأمريكية، أن منظمة العفو الدولية أصدرت بياناً على خلفية الأزمة بين الرياض وأوتاوا جاء فيه “إن المجتمع الدولي يجب عليه أن يدفع السلطات السعودية لإنهاء القمع الوحشي المتزايد واستهداف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان بالمملكة”، وتابع البيان: “أن الدول التي لديها تأثير كبير على السعودية مثل الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا ربما تبنوا الصمت أمام تلك الانتهاكات السعودية لفترة أطول من اللازم”.

وتابعت القناة إن الخلاف تمادى إلى أبعد من قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين، حيث أعلن التلفزيون السعودي الرسمي أن المملكة ستقوم بإيقاف كافة برامج تبادل الطلاب بين البلدين ونقل السعوديين الذين تلقوا المنح الكندية إلى دول أخرى، وهو ما يضع مستقبل الآلاف من الطلاب السعوديين بكندا في مهب الريح.
كما أجرت القناة الأمريكية حواراً مع إنصاف حيدر زوجة المدون السعودي رائف بدوي المعتقل فى سجون المملكة، والمتواجدة بكندا حيث تعد عائلة بدوي محوراً رئيسياً للخلاف، قالت فيها: “أنني أنتظر منذ 6 سنوات.. 6 سنوات وأطفالي ينتظرون أيضاً، وأنني أرغب ألا تستسلم كندا في موقفها وتواصل جهودها للتركيز حول حالة رائف، وإنني أطالب كندا بذلك منذ ستة سنوات أيضا، وما زلت في الانتظار”.
*النظام السعودى مثير للقلق
إلى ذلك ذكر موقع “VOX” الأمريكي في تقرير حمل عنوان “لماذا تشن السعودية حرباً دبلوماسية ضد كندا”، جاء فيه إن حرباً كلامية نشبت بين السعودية وكندا وتصاعدت لتتحول إلى قطيعة دبلوماسية كاملة. وقالت إن الخلاف يبدو على السطح أنه خلافاً حول الاعتقال الأخير لبعض النشطاء الحقوقيين البارزين بالمملكة، ولكن جوهرالخلاف الحقيقي يتعلق بسياسات الإدارة السعودية الجديدة المثيرة للخوف والقلق للوضع الجديد التي تتبناها والعالم الذي تخلقه، وتكشف نظرة مقلقة لما تقوم به الإدارة السعودية الجديدة بمواصلة النهج القمعي للمملكة الفادح لمجالات حقوق الإنسان، ويكشف الوجه الحقيقي لتلك الإدارة أمام زيف الادعاءات بالصحافة العالمية بمحاولة وصفها بكونها المنقد الإصلاحي للحرية والليبرالية بالمنطقة العربية.
وتابع التقرير إن الإدارة السعودية الجديدة شرعت في تنفيذ عدد من الإصلاحات المتواضعة بالمملكة، ولكن في الواقع فإنها عملت على فرض سلطتها بالقوة وقمع الأصوات المعارضة، ومن بين تلك الاعتقالات كانت الحملة الأخيرة التي تم شنها من قبل النشطاء الذين يطالبون بالإصلاحات نفسها التي دعت إليها.
وأوضح التقرير أن المملكة أقدمت على العديد من التجاوزات الداخلية والخارجية، ففي الداخل شنت حملة تحت زعم كونها حملة تطهير للفساد اعتقل من خلالها المئات من رجال الأعمال والشخصيات البارزة بالمملكة بينهم بعض الأمراء، ومصادرة ملايين الدولارات من حساباتهم وأرصدتهم البنكية، بينما على الصعيد الدولي، قامت الإدارة السعودية الجديدة باتخاذ قرار مندفع ومتهور بخوض حرب كارثية باليمن، كما قامت أيضاً بفرض حصار على دولة قطر.
ويشير التقرير إلى أن العداء الدبلوماسي بين الرياض وأوتاوا ربما يكون قد نشب، من الزاوية المعلنة، إثر “تغريدة” على موقع تويتر، ولكنها تتعلق بشكل أكبر بالسلطة غير المقيدة والطموح غير المحدود للإدارة السعودية الجديدة.
إلى ذلك هاجم كريس هيز أكبر مقدمي البرامج السياسية في شبكة “MSNBC” الأمريكية خلال برنامجه الأخير سياسات النظام السعودي، وقال إن “محاولة تحسين صورة النظام السعودي في الماضي كانت مقززة والآن هذا هو الإثبات”. وأشار في تغريدة أخرى إلى أن “كل الممارسات السابقة للنظام كان تظهر بشكل مريع سابقاً.. لكن الآن؟ شكراً لله”.
فيما نقلت قناة “سيتي نيوز تورنتو” الكندية، بيان منظمة العفو الدولية بكندا، والذي جاء فيه: “إن الانتقام السعودي من كندا هو إشارة واضحة أن المجتمع الدولي يجب عليه زيادة الضغط لإصلاحات حقيقية لحقوق الإنسان بالمملكة”.
السابق
وثائق.. الرياض تساعد كل الحجاج إلى أهل قطر!!
التالي
سيراييفو.. وزير الدولة لشؤون الدفاع يبحث تعزيز العلاقات مع البوسنة