الذهب وسوق الدببة!!

منذ مطلع العام الجاري تتخذ أسعار الذهب مسارا صعوديا بعد تولي الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”على الرغم من قوة الدولار والأسهم إلا أن اكتساب الأسعار لزخم الصعود يطرح تساؤولات هامة تتعلق بانتهاء مرحلة “سوق الدببة” التي علق فيها المعدن النفيس لعدة أعوام.

ومنذ مطلع العام الجاري، ارتفعت أسعار الذهب الفوري في بورصة لندن نحو 7.9% عند مستويات 1240 دولار للأوقية.

وفي ثلاثة أعوام مضت، عرف المعدن النفيس أحلك أوقاته مع وقوعه في “سوق الدببة” بعد موجة صعود بفعل مطرقة العوامل الجيوسياسية وسندان رفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي.

(العام الماضي على وجه التحديد، سجل الذهب مكاسب سنويةبسيطة مع ارتفاعه 100 دولار تقريبا، مع تسجيله بالربع الأخيرأسوأ خسارة فصلية منذ2013)

وسوق الدببة مصطلح اقتصادي يطلق على السوق الذي تتأرجح فيه الأسعار هبوطا وصعودا مع غلبة للانخفاض في نهاية الأمر.

ويقول محللون ومديري صناديق استثمارية إن العادات الشرائية للمستثمرين خلال العام الجاري تشير إلى تحول جذري فحينما ترتفع الأسهم  عادة ما يحجم المستثمرين عن شراء الذهب مع الاقبال على المخاطرة.

 

وارتفعت أسواق الأسهم حول العالم بما فيها الأسهم الامريكية التي ينتظر أن تستفيد من حزمة تحفيز اقتصادية ينتظر أن يضخها ترامب في شرايين البنية التحتية.

 

اتجاه الدولار

 

تتخذ العملة الأمريكية اتجاها هابطا منذ مطلع العام الجاري مع تصريحات من “ترامب” بأن ارتفاع العملة الأمريكية يرجع إلى اضعاف بعض الدول لعملاتها من أجل اضفاء ميزة تنافسية على صادراتها.

 

ومنذ مطلع العام تراجع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الخضراء أمام سلة من العملات نحو 1.28% رغم أنه حقق أعلى مستوياته في نحو 13 عاما مع بداية 2017.

 

ويقول “فيفل لي” محلل أسواق السلع لدى بنك باركليز لندن: “بكل تأكيد هبوط الدولار منح الذهب متنفسا خلال الفترة الماضية… الجميع يعلم جيدا بأمر العلاقة العكسية بين كل منهما”.

 

وعادة ما يؤثر الدولار الأميركي على الذهب، لأنه يخفف من حدة جاذبية المعدن كأصل بديل ويجعل السلع المسعرة بالدولار أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى.

 

ويتابع “لي”،”ولكن المثير في الأمر هو أن نسبة هبوط الدولارلا تتناسب مع مكاسب الذهب منذ مطلع العام الجاري… إذا ما عكس الدولار اتجاهه قد يواصل الذهب أيضا تحقيق مكاسب وهي ظاهرة نادرة لا تحدث إلا في أوقات الأزمات”.

 

تاريخيا، تظهر بيانات ارتفاع كل من مؤشر الدولار والذهب سويا في أوقات الأزمات بدءا من العام 2009 إبان الأزمة المالية العالمية حيث ارتفعت أسعار الذهب خلال ذلك العام نحو 16% فيما ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية نحو 12%.

 

وفي المطلق، لم يرتفع المعدن النفيس والدولار معا سوى 5 مرات خلال العقد الماضي ومطلع الماضي الجاري وبالتحديد في أعوام 2001 و2005 و2008 و2010 و2011.

 

ويختتم “لي”،”اعتقد أن الذهب قد يواصل الصعود خلال الفترة المقبلة ويتحرر من جميع العوامل التي كبحت جماح مكاسبه على مدار الأعوام الماضية.

 

السياسة النقدية الأمريكة

 

السياسة النقدية الأمريكية برزت كأهم العوامل في تحديد توجهات المعدن الأصفر على مدار الأعوام الماضية فكلما برز الحديث عن تحريك الفائدة بالرفع تتراجع على الفور أسعار المعدن الأصفر والعكس بالعكس.

 

ويتأثر الذهب بالسياسة النقدية الأمريكية، إذ إن ارتفاع أسعار الفائدة يعزز الدولار المقوم به المعدن الأصفر بينما يزيد من تكلفة حيازة المعدن الذي لا يدر فائدة.

 

يقول “فريد هاونج”، محلل الاقتصاد الكلي لدى دويتشه بنك: “الحديث الدائر عن اقبال الفيدرالي الأمريكي على تحريك أسعار الفائدة بوتيرة أسرع يجد له أرضا صلبة.. اعتقد أن بنك البنوك في أمريكا سيتحرك بقوة هذا العام لرفع الفائدة”.

 

وقالت محافظة الفيدرالي الأمريكي، “جانيت يلين”، في شهادة أمام الكونجرس مطلع الشهر الجاري إن مؤشرات الاقتصاد الكلي القوية للبلاد تتيح للبنك التحرك بقوة لرفع أسعار الفائدة.

 

ويتابع هاونج،”حينما يتم تحريك أسعار الفائدة بوتيرة أعلى في تلك المرة فإن الأصول الاستثمارية الأخرى ستتأثر بكل تأكيد.. ولكن الأصول التي تكتسب صفة الملاذات الآمنة ربما تواصل أدائها الجيد إذا ما تواصلت الاضطرابات التي يحدثها ترامب”.

 

وتقول مذكرة بحثية صادرة عن بنك “يو.بي.إس” في يناير/ كانون الأول  الماضي إن أسعار الذهب خلال العام الجاري ربما تلقى بعد الدعم من اضطرابات الاقتصاد العالمي الأحداث الجيوسياسية”.

 

وتضيف المذكرة،”ربما وجدت أسعار المعدن قاعا لها عند مستوى 1200 دولار للأوقية سيكون ذلك المستوى بمثابة نقطة الدعم الرئيسية للذهب خلال العام الجاري والتي ربما ينطلق بعدها إلى مستويات تحوم حول 1350 دولار للأوقية “.

 

صناديق المؤشرات.. النقاط فوق الحروف

 

بالنسبة إلى “برانيا كولد”، مديرة صندوق استثماري لدى “ويلز فارجو” فإن العام الجاري يشهد تحول جذري في العادات الشرائية للمستثمرين فيما يتعلق بالذهب على وجه التحديد.

 

وتقول “كولد” لـ“أرقام”،”نتلقى طلبات بعمليات شراء في وقت تعلن فيه محافظة الفيدرالي الأمريكي إنها سترفع أسعار الفائدة بوتيرة أعلى خلال العام الجاري.. هذا أمر لم يحدث من قبل”.

 

ورفع صندوق “فيلوستي شيرز” من حيازته للذهب منذ مطلع العام الجاري بنحو 23.8% بحسب بيانات “ايه.تي.اف.دي.بي” لتبلغ القيمة الإجمالية لاصوله من الذهب نحو 78 مليون دولار.

 

وتتابع “كولد”،”رفع الحيازات من قبل صناديق المؤشرات والمستثمرين ربما يعطي دلالة واضحة على أن الذهب قد يتجه نحو الصعود مجددا… في كل الأحوال فهو مخزن للقيمة ضد مخاطر التضخم هي الأخر”.

 

وعادة ما يتحوط المستثمرين من معدلات التضخم وتراجع القوة الشرائية للعملة من خلال ضخ استثماراتهم في الذهب.

 

وتقول مذكرة بحثية صادرة عن “جولدمان ساكس” إن المشتريات القوية لصناديق المؤشرات منذ مطلع العام الجاري ربما تكون بمثابة عامل دعم رئيسي في ارتفاع أسعار المعدن الأصفر في 2017.

 

البنوك المركزية.. عنصر فاعل

 

يتوقع تقرير حديث صادر عن مجلس الذهب العالمي أن تواصل البنوك المركزية رفع حيازتها من الذهب خلال العام الجاري م سيمثل تحول جذري في صعود أسعار المعدن النفيس.

 

ويقول “جوان ارتيجاس”، رئيس وحدة الاستثمار بمجلس الذهب العالمي، لـ“أرقام” إن مشتريات البنوك المركزية ستلعب دورا محوريا في دعم أسعار الذهب خلال العام الجاري على الرغم من تراجعها العام الماضي.

 

وتشير بيانات منشورة على موقع صندوق النقد الدولي إلى أن البنوك المركزية خفضت مشترياتها العام الماضي بنحو 37% على أساس سنوي مقارنة مع العام 2015.

 

ولكن البيانات تشير أيضا إلى أنه العام السابع على التوالي الذي تسجل فيه البنوك المركزية مشتريات صافية.

 

ويتابع ارتيجاس،”ربما خفضت البنوك المركزية مشترياتها من الذهب العام الماضي ولكنها لم تخفض حيازتها.. تخفيض لمشتريات يرجع بالأساس إلى ضغوط على الاحتياطات الأجنبية واتحدث هنا عن وجه التحديد على بنوك مركزية في منطقة الشرق الأوسط على غرار الامارات والسعودية”.

 

ولدى الامارات حيازة من الذهب تقدر بنحو 7.6 طن وهو ما يمثل 0.4% من الاحتياطات الأجنبية فيما تبلغ حيازة السعودية نحو 322.9 طن تمثل نحو 2.2% من اجمالي الاحتياطات لدى المملكة.

 

ويختتم ارتييجاس،”حينما نتحدث عن السعودية على وجه التحديد ففي الوقت الذي خفضت فيه من حيازتها في أداوات الدين الأمريكية فإن الاستثمار بالذهب يبقى خيارا مفضلا لدى صانعي السياسة النقدية بالمملكة”.

 

وتراجعت استثمارات السعودية في سندات الخزانة الأمريكية منمستويات بلغت نحو 118.9 مليار دولار بنهاية ديسمبر كانون الأول 2015 إلى مستويات تبلغ 102.8 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي بهبوط نسبته نحو 13.5 % على أساس سنويبحسب بيانات موقع وزارة الخزانة الأمريكية.

 

والمركزي الصيني لديه اكبر احتياطات من الذهب تقدر بنحو 1842.6 طن بنهاية يناير / كانون الثاني الماضي بحسب بيانات صندوق النقد الدولي.

السابق
بعد غياب 3 سنوات “هيفاء وهبي” تعود للسينما بـ”ثانية واحدة”
التالي
سمراء البادية سميرة توفيق.. واحدث ظهور لها