الدوحة – بزنس كلاس:
انطلقت اليوم أعمال المؤتمر الدولي الرابع عن الترجمة وإشكالات المثاقفة الذي ينظمه منتدى العلاقات العربية والدولية، وذلك في فندق الريتز كارلتون ويستمر على مدى يومين بمشاركة أكثر من 150 من كبار المترجمين والأكاديميين من مختلف دول العالم.
وأكد الدكتور محمد حامد الأحمري، مدير منتدى العلاقات العربية والدولية في كلمته الافتتاحية على أهمية الترجمة والدور المهم للمترجم في نشر العلم والثقافة والمعرفة في إطار من الحياد والتوازن والاختيار الدقيق لما ينقل منه أو إليه .. مشيرا إلى أن الجميع ينتظر المزيد من المعرفة والتثاقف، وأن هناك قضايا تستحق الإشارة إليها في المؤتمر، منها التحيز الإيديولوجي واثره على الترجمة، والاهتمام بالقضايا الفكرية وترجمة العلوم لأن التراث العربي يحوي زخما كبيرا وغنيا من الفكر والمعرفة .. لافتا إلى أن كثيرا من الكتب المترجمة بها تحيز في الترجمة، حيث كانت دعائية وحزبية، داعيا للتخلص من هذه الموجة التي كانت سائدة سابقا، والاهتمام بالقضايا التي تحتاج إلى النقاش التفصيلي بكل موضوعية.
وأضاف “الترجمات المتحيزة خلفت واقعا مغايرا لما نعيشه من خلال مختلف الثقافات والمجتمعات، وبالتالي لا بد للمترجم والمحكم أن يتخلصا من هذه العباءة، والتحلي بالحياد”.. مؤكدا في الوقت ذاته على دور منتدى العلاقات العربية والدولية في القيام بهذا الدور وكذلك تكريم المترجمين من خلال جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي التي ترعاها دولة قطر.
وتناولت أولى جلسات المؤتمر “إشكالات الترجمة العربية / الفرنسية” ، حيث عرض فيها المشاركون أبحاثا أدبية ولغوية ثرية في مجال الترجمة العربية الفرنسية، وقدم نور الدين الشملالي، مدير مدرسة الملك فهد العليا للترجمة في مدينة طنجة بالمغرب، بحثا بعنوان :” تحديات واستراتيجيات ترجمة الفعل القرآني إلى اللغة الفرنسية”، تناول فيه مقاربة للصعوبات التي تطرحها ترجمة الأفعال في القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية، لافتا إلى كثير من الأخطاء التي تمت في ترجمات القرآن بهذا السبب، موضحا كيفية تحقيق مقاربة ترجمية حتى تؤدي الترجمة المعنى المطلوب والغاية الإعجازية المقصودة.
واستعرض المترجم ريشار جاكمون أستاذ اللغة العربية والأدب الحديث في جامعة إيكس- مرسيليا في ورقته “الأدب العربي الحديث المترجم إلى الفرنسية” اتجاهات حركة الترجمة الفرنسية للأدب العربي الحديث، من خلال السياق التاريخي والسياسي والثقافي، في محاولة لإظهار مكتسباتها وجوانب قصورها.
أما فاروق مردم بك، المشرف على سلسلة سندباد بدر نشر اكت سود الفرنسية والتي تعنى بترجمة الأدب العربي إلى اللغة الفرنسية، فقدم ورقة بعنوان “تلقي الأدب العربي المترجم إلى الفرنسية 1970-2017″، عرض فيها نتائج الدراسات المهتمة بالترجمات الأدبية من العربية إلى الفرنسية، وتناول أسباب نجاح ترجمة عمل ما أو فشلها في الوصول إلى أيدي القراء العاديين.. لافتا أن الظروف الخاصة بفرنسا جعلتها أسبق من بقية الدول الأوروبية في التفاعل مع الترجمة من العربية، إذ لقي الأدبان الفلسطيني والمصري اهتماما كبيرا في أوروبا، إلا أن الأوضاع السياسية أثرت على ذلك، خاصة في فرنسا وإيطاليا.
وتحدث فريدريك لاغرانج أستاذ الأدب العربي واللسانيات العربية في جامعة السوربون في بحثه بمؤتمر الترجمة والمثاقفة الرابع عن “ترجمة ما يقوله وما لا يقوله النص: يا مريم أنموذجًا”، وهي رواية للكاتب العراقي سنان أنطون “يا مريم” 2012 وفيه تساءل عن مسؤولية المترجم في إشعار القارئ الأجنبي بما لا يقوله النص إلا تلميحًا وإيحاءً من خلال اللغة.
لتنتهي أعمال الجلسة ببحث “واقع وإشكالية الترجمة بين اللغتين العربية والفرنسية: الرواية الجزائرية نموذجا” لـ محمد ساري، أستاذ النقد الحديث ونظرية الأدب والسميولوجيا بجامعة الجزائر، قدم فيه لمحة تاريخية عن واقع الترجمة الأدبية من الفرنسية إلى العربية والعكس، وتناول الرواية الجزائرية كنموذج، وقدم تجربة المترجم الفرنسي المقيم بالجزائر “ماسل بوا”، صاحب ترجمة روايات عبدالحميد بن هدوقه والطاهر وطار وواسيني الأعرج.
وخلال الجلسة الثانية التي حملت عنوان: إشكالات الترجمة العربية من اللغات الشرقية وإليها (اليابانية والصينية والفارسية والأردية والمالاوية)، تمت مناقشة عدد من الأوراق البحثية المتعلقة بالترجمة من تلك اللغات وإليها ، حيث تحدث فضل الله فضل الأحد، أستاذ اللغة العربية في الجامعة الإسلامية العالمية، بباكستان عن “إشكالات ترجمة المعاني القرآنية الثانية إلى اللغة الأردية .. سورة الضحى نموذجا” من خلال أربع ترجمات أردية، حيث غاص في إشكالات ترجمة المعاني القرآنية الثانية إلى اللغة الأردية.. لافتا أن الموضوع ذو جهتين: الأولى: تتعلق بالمعاني الثانية الموجودة في سورة الضحى وأسرارها البلاغية وإيحاءاتها الدلالية، والثانية: تتعلق بإشكالات ترجمة هذه المعاني الثانية واستيعاب بلاغتها ودلالاتها المعنوية أثناء ترجمتها.
وتحدث الباحث الصيني محمد علي عبدالسلام (ماخه بين)، عن:” قضايا الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الصينية”. أوضح خلاله أن العربية أصبحت من اللغات الرسمية التي تدرس في بعض جامعات الصين، مع وجود حرص كبير لدى الصينيين على تعلم اللغة العربية والاطلاع على ثقافتها، والترجمة منها وإليها، وهو ما أفرز تقاربا ثقافيا بين العربية والصينية.
وجاءت مشاركة محمد جواد غانمي من جامعة آزاد الإسلامية، في إيران بعنوان: “إشکاليات ترجمة الشعر، الترجمة من الفارسية إلي العربية نموذجا” لتتعرض لأهم المشاکل التي تعتري عملية ترجمة الشعر، سواء كانت لغوية أو ثقافية أو تاريخية أو تلك المتعلقة بالجانب الحضاري أو ما يرتبط بالعادات والتقاليد الوطنية والعقائد الدينية وترجمة الإيقاع في الشعر والاستعارة والمحسنات البديعية وغيرها.
بينما عالجت كارو ياماماتو، الأكاديمية والمترجمة اليابانية،” قضايا الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة اليابانية”، حيث ركزت على بعض النقاط الصعبة والمثيرة للجدل عند ترجمة النصوص الأدبية، منها : اختيار ضمير المتكلم وتأثيره على بناء الشخصية الأدبية، واستخدام الحواشي لتجاوز الفروق الثقافية والاجتماعية.
واختتمت الجلسة، بورقة للباحث والمترجم مروان بخاري بن عبدالحميد، المدير التنفيذي لمعهد المقاصد بماليزيا وجاءت بعنوان “علم الاجتماع وترجمته في الملايوية.. مقدمة ابن خلدون أنموذجا”، مؤكدا أهمية الكتاب الذي يعد أول ما كتب في علم الاجتماع.. لافتا إلى أنه استفاد منه كثير من العلماء شرقا وغربا، وقد ترجمته جهة رسمية في ماليزيا.
هذا وتتواصل أعمال المؤتمر يوم غد، حيث تتم مناقشة إشكالات ترجمة المصطلح في الجلسة الثالثة، فيما يتم نقد تجارب ترجمية وإشكالات تحرير الترجمة في الجلسة الرابعة، ليعقد نفاش مفتوح حول إشكالات الترجمة الأدبية من العربية إلى الانجليزية في آخر جلسات المؤتمر.