في افتتاحية لهيئة التحرير، أمس الاثنين، استبعدت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، نجاح ولي العهد السعودي الجديد “الساحر” محمد بن سلمان، مشيرة إلى عدد من الأسباب التي قد تعجّل فشله على رأس العرش في المملكة.
وقالت الصحيفة، في افتتاحيتها، إنّ محمد بن سلمان (31 عاماً) الذي عُيّن الأسبوع الماضي، ولي عهد المملكة العربية السعودية، لطالما عمل بدأب على كسب الأصدقاء والنفوذ في واشنطن.
ولفتت إلى أنّ الأمير السعودي، حصد الكثير من المعجبين، بمن فيهم شخصيات في فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالبيت الأبيض، من خلال وضع خطط لإصلاح وتحديث الاقتصاد السعودي، وتخفيف الضوابط الاجتماعية في بلاده، وليس أقل من ذلك أهمية، إبرامه صفقات أسلحة بعشرات مليارات الدولارات مع الولايات المتحدة.
غير أنّ الصحيفة أشارت، في افتتاحيتها، إلى عدد من الأسباب التي قد تقود محمد بن سلمان إلى الفشل، وقالت إنّه “وبينما يتسلّم الأمير رسمياً خلافة والده الملك سلمان البالغ من العمر 81 عاماً، هناك سبب متزايد للشك في قدراته”.
وأوضحت في هذا الإطار، أنّ الإصلاحات الاقتصادية الموجهة نحو السوق تبدو متوقفة، مشيرة في الوقت عينه، إلى أنّ “مبادرات محمد بن سلمان العدوانية في الشؤون الخارجية، تثبت هزيمتها الذاتية، وتضرّ بمصالح الولايات المتحدة”.
التدخل العسكري في اليمن
وذكّرت “واشنطن بوست”، بأنّ محمد بن سلمان، وكوزير للدفاع، مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتدخّل العسكري في اليمن، والذي بدأ بعد وقت ليس ببعيد من تسلّم والده العرش بالمملكة، في يناير/ كانون الثاني 2015.
ولفتت الصحيفة، إلى أنّ هذه الحملة في اليمن “فاشلة” من كل الجوانب، إذ إنّها لم تحقق الهدف المعلن المتمثّل بدفع قوات جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) للانسحاب من العاصمة صنعاء، وأسفرت عن وقوع خسائر فادحة، خلال قصف أهداف مدنية.
وأشارت إلى أنّ منظمات حقوق الإنسان، اتهمت السعودية وحلفاءها، بمن فيهم دولة الإمارات، بارتكاب “جرائم حرب” في اليمن.
الأسوأ من ذلك، بحسب “واشنطن بوست”، أنّ التحالف السعودي الذي أوجده الأمير محمد، ساهم بخلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي شهدها العالم منذ عقود، مشيرة إلى أنّ حوالي 17 مليون يمني يواجهون خطر المجاعة، تزامناً مع إصابة وباء الكوليرا أكثر من 200 ألف شخص منذ أبريل/ نيسان الماضي، وفقاً لما أعلنته الأمم المتحدة.
وفي المعدّل، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، يموت طفل كل 10 دقائق في اليمن، بسبب سوء التغذية والإسهال، وغيرها من الأسباب التي تمكن الوقاية منها.
وأشارت الصحيفة، إلى أنّ القيادة السعودية، وعلى الرغم من أنّه أصبح واضحاً أنّ الحرب في اليمن لا يمكن الفوز بها، أصرّت ونجحت في إقناع إدارة ترامب بتجديد دعمها، بما في ذلك تسليمها قنابل، كانت عُلّقت من قبل إدارة الرئيس باراك أوباما.
وتابعت الصحيفة، في افتتاحيتها، أنّ “المسؤولين السعوديين يقولون إنّ أعداءهم الحوثيين هم وكلاء لإيران، لكن العديد من الخبراء يعتقدون أنّهم يبالغون في هذه القضية”، مضيفة “أنّ الحرب في اليمن، تنتقص، في الوقت عينه، من المعركة التي تقودها الولايات المتحدة ضد داعش، والتي سحبت منها دول الخليج مواردها”.
الحملة على قطر
وواصلت “واشنطن بوست” شرحها الأسباب التي ستقود إلى فشل محمد بن سلمان، مشيرة في هذا السياق، إلى فرض الحصار على قطر من قبل أربع دول عربية سنية (السعودية، الإمارات، البحرين ومصر)، وهي مبادرة أخرى بقيادة السعودية، بدأت في 5 يونيو/ حزيران.
وذكّرت الصحيفة، بأنّ ادعاء الزعماء السعوديين أنّ هدفهم من الحملة على قطر هو “إنهاء دعم الإرهاب”، هو مشكوك في صحته، ومع ذلك حصل على تأييد الرئيس ترامب.
وأشارت في هذا السياق، إلى أنّ الدول المحاصرة لقطر، لم تقدّم مطالبها، سوى يوم الجمعة الماضي، وذلك بعد الانتقادات العلنية التي وجهتها وزارة الخارجية الأميركية.
ولفتت “واشنطن بوست”، إلى أنّ القائمة التي قدمتها الدول المحاصرة لقطر، تضمّنت عدداً من المطالب التي لا علاقة لها بالإرهاب، مشيرة، على سبيل المثال، إلى الطلب من الدوحة إغلاق شبكة تلفزيون الجزيرة، و”هي أكبر محطة إخبارية شعبية في العالم العربي، والتي توفر منفذاً لمنتقدي الدكتاتوريات في المنطقة”، بحسب الصحيفة.
بل أبعد من ذلك، وفقاً للصحيفة، فقد طالب السعوديون بإغلاق قاعدة عسكرية في قطر تحتفظ بها تركيا العضو في حلف شمالي الأطلسي “الناتو”، مشيرة أيضاً في هذا السياق، إلى أنّ أكبر قاعدة جوية أميركية بالشرق الأوسط موجودة في قطر، وهي مركز للعمليات ضد تنظيم “داعش“.
ونبّهت افتتاحية الصحيفة، إلى أنّ مقاطعة قطر، تتسبّب بأضرار بالغة بالمصالح الأميركية، على الرغم من التصريحات الداعمة لها من قبل ترامب.
ومثل الحرب في اليمن، فإنّ الحملة على قطر، يجب أن تشكّل سبباً للحذر من احتضان واشنطن لولي العهد السعودي الجديد محمد بن سلمان، “الذي وعلى الرغم من أنّه قد يبدو ساحراً، إلا أنّ مغامراته تجعله حليفاً موضع شك”، تختم “واشنطن بوست” افتتاحيتها.