وكالات – بزنس كلاس:
قال سياسيون وأكاديميون فرنسيون: إن حل أزمة الخليج المندلعة منذ عشرة أشهر قد آن أوان حلها، وأن دولاً كبرى أطرافا في هذه الأزمة مثل السعودية ومصر لا تمانعان في الحل وإجراء حوار لوضع حد لهذه الأزمة التي خسر جميع أطرافها منذ اندلاعها، مؤكدين أن دولاً أخرى مثل البحرين والإمارات لا تريد حل الأزمة لأسباب تاريخية وأحقاد شخصية، وهذه المعطيات يعلمها الوسطاء سواء البيت الأبيض أو الوسطاء الغربيون، ومفتاح حل الأزمة هو إطلاع السعودية على نوايا الإمارات والبحرين، وهذه المهمة ربما قام بها الرئيس ترامب خلال زيارة القيادة السعودية مؤخرا إلى واشنطن، فقد أكدت تقارير إعلامية وأكد باحثون أمريكيون وأوروبيون خلال الأسبوع الماضي، أن الرئيس ترامب وقادة كبارا في مراكز الحكم العليا في أمريكا، قد أطلعوا السعودية على أبعاد الأزمة ودوافع الإمارات والبحرين لإشعالها كلما اتجهت نحو التهدئة، وقدم ترامب للرياض معلومات استخباراتية مؤكدة حول الأمر، ويؤكد هذه الرواية عدم حديث النظام السعودي خلال تصريحاته للصحافة الأمريكية عن أزمة الخليج بشكل مباشر ولم يهاجم القيادة القطرية كما كانت نبرة الحديث سابقا، بل دائما كان حديثه مركزا في اتجاهات أخرى.
موقف قوة
وقال برنار راسين، الباحث بالأكاديمية الوطنية للدراسات والبحوث بباريس — مؤسسة حكومية — لـ”الشرق”: إن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لواشنطن حاليا تنبئ بحل قريب لأزمة الخليج، فالدوحة في موقف قوة، واستطاعت أن تثبت خلال العشرة أشهر الأخيرة أنها أكبر من محاولات التركيع والإخضاع التي مارستها دول الحصار، كما أنها لم تخسر من جراء المقاطعة والحصار بقدر ما خسرت دول مثل الإمارات مثلا.
كما أن الأيام الماضية من عمر الأزمة كشفت “المؤامرة” الإماراتية البحرينية لإشعال الأزمة والنفخ فيها لزيادة سعيرها، والسعودية ومصر زجتا في هذه الأزمة أو دفع بهما بتحريض إماراتي بحريني.
وقد تحدث وسطاء سابقون زاروا المنطقة مثل وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، ونظيره الفرنسي، جان إيف لودريان، عن أبعاد الأزمة بعد زيارة المنطقة خلال العام الماضي إبان أوج الأزمة عن الدور الإماراتي البحريني لتأجيج الصراع، وأن السعودية ومصر تم اقتيادهما لمعاداة قطر بناء على معلومات مغلوطة صاغتها وروجتها الإمارات والبحرين.
والآن تكشفت للسعودية عن طريق الوسطاء الأمريكيين والغربيين أبعاد هذه المؤامرة “الإماراتية” بشكل كبير والبحرينية بالتبعية، وبات أمام السعودية تحديدا خيارا واحدا وهو انهاء هذه الأزمة، لذلك بدأت المحادثات الأمريكية الخليجية بالسعودية ثم قطر، لأن حل الأزمة يدور بين الطرفين “القطري السعودي” والإمارات والبحرين ليسوا أطرافا مهمة في النزاع، ولا يهم قطر انهاء الأزمة معهم، فالأزمة ليست وليدة الأمس، أو شهر يونيو الماضي، إنما هي أزمة تاريخية قديمة أساسها الأحقاد والأطماع، لذلك فالحل مع السعودية ومصر يغني عن باقي الأطراف، ومصر عموما ليست طرفا أصيلا في الأزمة، وبمجرد حلها مع السعودية ستنتهي بالنسبة لمصر.
وحل الأزمة مع السعودية يبدأ بإعلام النظام السعودي بتفاصيل الخطة الاماراتية البحرينية التي وقعت السعودية نفسها ضحية لها كما حدث مع قطر، وبالتالي فالحل يجب أن يأتي من السعودية لعدة أسباب أهمها انهاء أزمة لا داعي لها في منطقة الخليج مع طرف قوي وحليف جيد للغرب مثل قطر، ولتقوية وتوحيد المحور السني، ورأب الصدع الذي بات يهدد مجلس التعاون الخليجي كقوة سياسية واقتصادية عربية في مواجهة التهديدات الخارجية، وقطر حليف قوى لمختلف القوى الدولية، وتملك علاقات مهمة تحتاج إليها السعودية أكثر من أي طرف آخر، لذلك فإن نهاية هذه الأزمة تفرض نفسها على السعودية وقطر، وهما الطرفان الأهم في الأزمة، وباقي الأطراف “مصر والامارات والبحرين” مجرد أتباع للسعودية.
خيانة إماراتية
وأشار جورج ديلبك، أستاذ السياسة بجامعة “مرسيليا”، إلى أن أزمة الخليج برمتها قائمة على “خيانة” إماراتية للجميع، مؤامرة حيكت بليل، وتمت قرصنة وكالة الانباء القطرية ودست أخبار منسوبة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبناء عليها صنعت الأزمة بالكامل، وسيقت إليها السعودية دون تحقق، وتبعتها مصر ربما لتبعية رئيسها المباشرة لنظام أبوظبي، لكن كل هذه الأطراف ليست مهمة في الأزمة، لا موريتانيا ولا جزر القمر ولا باقي الدول التي دُفعت دفعا للانضمام للتحالف ضد قطر، أطراف الأزمة الأهم هي قطر والسعودية، لذلك ركزت جميع جهود الوساطة على السعودية وقطر.
وبالنسبة لقطر فقد أشاد المجتمع الدولي وجميع الوسطاء بالتفاهم الكبير الذي أبداه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني منذ بداية الأزمة، واستعداده للحوار الهادئ، وكان يمكن لهذه الأزمة أن تنتهي خلال يومين على الأكثر منذ بداية اندلاعها شهر يونيو الماضي لو تعقلت السعودية وبحثت الأمر مع قطر، لكن الإمارات كانت هي المسيطر انذاك، وقادت الأزمة نحو التصعيد بمعاونة الأتباع “البحرين ومصر”، وبالتالي تبعية السعودية، والآن بعد أن تبين للعالم كذب الادعاءات التي روجت خلال الشهور الماضية.
وتبين أيضا دوافع ونوايا الامارات التي كلما اتجهت الأزمة نحو طريق الحل تبتكر الحيل والتحرشات وتحيك المؤامرات لإشعالها من جديد، كما كشفت الأيام دور الإمارات “المشبوه” في العديد من الدول، وقد بينت تحقيقات المحقق مولر في أمريكا مؤخرا أدوارا مشبوهة للإمارات داخل أمريكا نفسها، كل هذا انعكس على الإمارات الآن وأصبحت طرفا “شريرا” يعلم الجميع أفعاله الخبيثة، كما يقال “انقلب السحر على الساحر” الآن أصبحت الإمارات طرفا “شريرا” مفضوح ومعلوم أفعاله ونواياه، وهذا أهم ما في الأمر، وهذه نقطة بداية الحل التي تلعب عليها الوساطة الأمريكية، ولهذا السبب بدأت الوساطة بين قطر والسعودية، هذه نقطة الانطلاق الصحيحة لحل الأزمة، وأيضا لعب الوقت عاملا مهما في كشف كل شيء، ووصلنا الآن إلى خط النهاية، وأصبح خيار حل الأزمة هو الخيار الوحيد أمام الجميع، ولا خيار آخر.